Home»Régional»نص قصصي/ اللص الصغير4

نص قصصي/ اللص الصغير4

0
Shares
PinterestGoogle+
 

اللص الصغير 4
عزيز باكوش

من غير أن يتناول فطوره ,أو يغسل اطرافه ,التجأ محسن الى قسمه بالطابق الأول , يوما واحدا بعد اقترافه فعلته , كان يتسلق الأدراج المغبرة مجرجرا محفظته , رغم انفه كل صباح . دونما ارتباك أو قلق. كانت ذاكرته تعتمل بأشياء غريبة, أحلام كبيرة يرسمها أمام عينيه , كاي مراهق ,ويسابق عقارب الزمن ليصل إليها.
" لن اعترف…يكون لي بغا يكون ….سأقول "انه سرق مني…. لكن …لست وحدي …لست الوحيد من يسرق..في هذا العالم ….هناك لصوص كبار أيضا.."
شغب حقيقي أضحى يشكل خطرا على مستقبله , كما بات مصدر قلق لأقرانه ولأساتذته على حد سواء .
ومع انه ليس من طينة الأطفال الذين يعانون من اكتئاب أو قلق نفسي او أزمة نفسية شديدة جداً،قال استاذ ه وهو يمسح لحيته بباطن كفه وتابع مستدركا"
وان كان ينتسب الى فئة لها مواصفات محددة.. تشكِّل حالة مرضية حقيقية بل وخطرة أحيانا , فئة تحتاج إلى تدخل وعلاج سريعين … بكل أسف ,علاج من هذا النوع , لاتوفره المدرسة , ولا اقرب مستشفى إليها .

ومثلما كانت والدته تفعل , او بالأحرى مثلما كان يعتقد أنها تفعل , احضر محسن ذيل حمار, ينش به جزارو الحي الذباب و الحشرات عن أرداف العجول المتدلية والمعروضة طوال الأسبوع , من مطرح مجاور, يرتادون غرباء , ويستغلونه مجازر, يومية للذبح السري , ويغمرون أسواق المنطقة بلحوم شياه هرمة , يشحنونها في عربات مكشوفة , دون مواصفات صحية , احكم إمساك الذيل,أزاح عنه فضلات عالقة, مشى قليلا, ثم التفت يمينا , ولما عاين أن الظرف أصبح ملائما, فرش الذيل بإهمال على عتبة باب القسم , وانقذف مسرعا الى مقعده .
أن يخطو المدرس فوق ذيل الحمار, مع الساعة الثامنة صباحا اليوم, معناه في مخيلة محسن , ان الأستاذ لن يحضر غدا, وهي مناسبة رائقة له كي يتفادى أسئلة المدير, واستفزازات بعض الأساتذة النكديين , حول ما اقترفه البارحة, أما لأمثاله من مشاغبي الأقسام , الامر فرصة حقيقية ,كي يصرفوا النظر الى جهة أخرى غير هذه الحفرة اللعينة.
قال بجرأة مخاطبا تلاميذ الفصل "
سأريحكم غدا من وجع القسم. ..لن يحضر "عبد الله" غدا. لن تتملوا بصلعته المشرقة ..إنه يوم عطلة…. .".
لثوان معدودة… اهتز الفصل وعلت الفضاء قهقهات وصيحات …
أن ينقل محسن سلوكا ظلت تمارسه والدته زمنا طويلا, منذ أن ارتبطت بوالده عن طريق حكم قضائي.كان أمرا عاديا بالنسبة إليه.
من وجهة نظر تربوية يرتبط سلوك الطفل في مراحله الأولى بمكان النشأة حيث يطغى التقليد كسلوك نموذجي محمول , إن تقليد الوالدين في الحركات وردود الأفعال يعتبر أمرا طبيعيا , إنها الخميرة البيتية الأولى , التي يتم تصريفها ببراءة وعلى مستوى عال من الكفاءة .
ومع ان نقل التجربة الى المدرسة , يشبه صنع كرة من لفافات وكبب ومتلاشيات, يقذفها محسن في وجه المارة , فان مجلس التربوي لا يعتبر مثل هذه الممارسات من اختصاصه .
كانت والدته تخفي ذيل البقرة العجوز تحت منشفة الأرجل عند العتبة , كل مرة سولت لها نفسها أن يبقى والده خارج البيت ,لأسباب لا يفهمها.
أما استاذنا الجليل , فبمجرد أن وطأت قدماه عتبة الفصل , مسح الحضور بعينين واسعتين ثم قال بصوت أجش :
من سمع اسمه ,يقول حاضر.
حتى انه لم يسال كعادته حينما يلقي احدهم بقشور الليمون أو لفافة بيمو على أرضية الفصل ," من أقدم على فعل ذلك, انه سلوك غير مقبول …
ابعدوا هذه النفايات من هنا…
مدرسة "سيبويه" سائبة هي الأخرى , ومهملة, لم تغتسل ,ولم تغير هندامها منذ حوالي عقد من الزمن . شقوق هنا, تصدعات هناك…مع أنها تحمل اسما لااحد اكبر أعلام النحو العربي , انه أبو بشر عمر بن قنبر , أما اللقب الذي اشتهر به وغطى على اسمه وكنيته , فقد كانت والدته تحب أن تراقصه و تدلـله ب "سيبويه" وهي كلمة فارسية مركبة وتعني " رائحة التفاح ".
في باحة الادارة ودون ان يساله المدير , وضع محفظته ارضا , ثم ابتلع ريقه وصمت وبدى وكانه يريد ان يقاوم شبح الكذب الذي يسيطر على مخيلته ويقاومه في عناد ظاهر..
— مااسم والدك ؟
— محمد ر
— والدتك
— حليمة
طيب سأكون صبورا , وأستاذك أيضا سيكون كذلك
لم تأت الى المدرسة نهار أمس ..
—نعم
نريد جوابا مقنعا..لماذا لم تات الى المدرسة ؟
ادخل محسن شفتيه في فمه ثم أخرجهما لا معتين وقال فجأة
توفيت عمة والدي…..
صديقك حكى لنا…لكننا نريد ان نعرف منك .. ماذا حدث بالضبط صباح امس حوالي العاشرة صباحا وأثناء حصة الاستراحة.
عزيز باكوش4

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.