Home»Régional»اللص الصغير1

اللص الصغير1

0
Shares
PinterestGoogle+

ا للص الصغير

لم يكن يخطر ببال "محسن رشاشي" انه يسرق أستاذه, لكن, هذا ما حدث بالفعل, فصباح الجمعة الثاني من شهر جمادى الثانية 1427 من الهجرة , حوالي العاشرة صباحا و بضع دقائق , جر مصراع باب شقته وراءه بقوة , ثم أنقذف بسرعة جنونية منزلقا صوب مدرسته , كان يحمل محفظة متهدلة , ثقوبها تسمح لأشعة شمس صباح خريفي رطب بالولوج , وخلفه بدت أكياس القمامة السامة التي مضى زمن طويل دون تجميعها , روائحها تزكم أنوف السابلة , و دخان احتراق نفايات مصانع الاحدية التي تشغل أطفالا في عمر المدرسة لا يتوقف نحو السماء . نفايات, تتكدس هنا وهناك حتى باب المدرسة,هياكل وعظام ذبائح سرية , وجلود حيوانات عفنة , تعفط عليها حوافر بغال مريضة, تخلى عنه مالكوها بعد أن أصبحت عاجزة عن القيام بحمل الأثقال عبر دروب فاس وأزقتها الضيقة , حيث تقاعدت بعد عشرين سنة أشغال شاقة

المرور بهذا الفضاء فضلا عن كونه جريمة في حق العين, وحاسة الشم , يرتكبها الكائن رغم انفه , ويتجرعها عن سابق إصرار وترصد,مرور يضفي على الصباح طعما بلون الرتابة والتقزز, ما بالك اذا كان المعني معلما, والصباح, العاشر من رمضان المبارك.

ها هو محسن الآن يلج بوابة المؤسسة كالعادة , متأخرا بحوالي ربع ساعة, والدته التي وفت للتو من منطقة لحياينة المجاورة لفاس , لا تعرف شيئا عن ورقة اسمها استعمال الزمن , أما والده , فهو بالكاد يميز اتجاه المدرسة عن تفرعات تفضي اغلبها الى منطقة الجنانات, وجنان القادري الذي يعرف عند العامة بجنان القرود نظرا , لعقوق شبابه, يركض محسن بجهد مفتعل نحو ساحة المدرسة كل صباح متأخرا بحوالي 20دقيقة ,يقف , ويردد مقاطع من النشيد الوطني الى جانب 60تلميذا من اصلب 644 مسجلا بالفوج.

ومحسن لمن لا يعرفه , تلميذ لم يستوف عقد ه الثامن بعد , يذهب الى مدرسته بالصدفة, ويعود الى منزله كذلك, لكن ما حدث صبيحة ذلك اليوم , كان مميزا, ليس في واقعيته , وإنما في أسلوب الجرأة وبراعة التنفيذ اللذان طبعا سلوك صاحبه .

شاهد "محسن " مثل ما شاهد زملاؤه الثلاثون بالقسم الثاني , داخل مدرسة ابتدائية في حزام المدينة العتيقة بفاس , هاتفا محمولا, وضعه أستاذ مادة اللغة العربية "ع الصديق" فوق مكتبه .

والأطفال هم أكثر الكائنات انجذابا نحو التقنيات واللعب المتحركة, والهاتف المحمول احد هذه الأشياء المرغوب من قبل كل أطفال العالم, لأسباب واضحة, الرنات , النغمات المثيرة للفضول الألعاب, وربما التصوير…. لحظتها , تناهى الى سمع أستاذه صوتا يناديه , وضع الأستاذ محموله بعنف خفيف فوق مكتبه المغشي بغطاء عليه خربشات أقلام وصباغة ,ثم غادر الفصل لدقائق , هكذا يفعل كلما داهمه انشغال طارئ .

.رأى محسن بعينين هوائيتين , زائغتين , أستاذه ينصرف خارج الفصل , كان صوت الحارسة "صفية" يتردد في ردهات المدرسة بشكل مستفز,"عبد اله…اعبدالله, بغاك المدير"

في هذه الاثناء , سمع محسن صوت حارسة المدرسة بوضوح ,وهي تنادي مدرسات أخريات, كانت تتجول مثل مقدم الحومة, كي تخبر كل على حدة بضرورة الالتحاق بإدارة المؤسسة لغرض عاجل.

لحظات مثل هذه تروقه , كما تسيل لعاب زملاء كثر من مشاغبي الأقسام ,إنها فرص لا تعوض كي يمرر أنشطة محددة , في الصف الأول على اليمين شرع تلميذ في لي ذراع خصم له, على الجانب الآخر, موجة استنبات عداءات مجانية طفت على السطح تحت طائلة التهديد بالعقاب خارج القسم.

قال محسن لزميل له رفض أن يعيره ورقة مزدوجة وردية اللون :

"حتى نخرجوا لمك ونوريك".

تزامن جرس الاستراحة, واصطفاق باب الفصل بقوة بفعل رياح الشرقي العاتية , أبواب المؤسسة جميعها كذلك , وعبث المدرسين لا يوصف , أذكى حماس محسن بشيء ما ,لذلك , ظل محسن يراقب زملاؤه يرتبون أدواتهم , ويقومون بطي أغلفة أو تسريحها, كما شاهد أيضا تلاميذ قسم مقابل وهم يتقاذفون عبر باب القسم الى الخارج في احتقان مثل اسماك في زجاجة , ينزلقون , ويتدافعون , دونما نظام أو انضباط , في لحظة, فكر أن يتأخر قليلا , ثم رآى نفسه وحيدا في القسم, فسولت له نفسه أول وهلة ,أن يكتشف , جهازا موضوعا فوق مكتب أستاذه, هاهو يتلمسه بلذة , هاتفا محمولا من الجيل الأول , يسميه البعض "قشاوش عاشوراء" .

عزيز باكوش1

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. مجرد رأي
    25/10/2006 at 19:02

    محسن بريء براءة الذئب من دم يوسف, فاللص هو من داس براءة طفولته بقدميه الهمجيتين, واغتال أحلامه, وأقحمه في متاهة الضياع, وألقى به في غيبات بئر الحرمان.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *