Home»National»المقاييس الجديدة للشهامة ببلدتي

المقاييس الجديدة للشهامة ببلدتي

2
Shares
PinterestGoogle+

المقاييس الجديدة للشهامة ببلدتي
لا تزخر بلدة،،سيدي لحسن،،بثروات تذكر ،إذا استثنينا قطعان الماشية، والفلاحة غير المنتظمة ،والغطاء النباتي المنحسر باستمرار،ومع ذلك،فإن الأهالي ظلوا أوفياء لخصلة الكرم المتوارثة.
كان الكرم فيما مضى خالصا واستجابة لنداء داخلي لا يروم أهله غير الاستجابة لفضيلة الشهامة والمروءة كما وزعها،،حاتم الطائي،، وأحفاده عبر كثير من البلاد في المشرق والمغرب.
كان الإنسان،،العمراوي،،يسعى إلى إرضاء الضيف بأجود ما يملك في غير تكلف ،رغبة في توطيد العلاقات الإنسانية وكفى.
كبرنا في هذه الأجواء التي كانت تنسي في المثالب الأخرى التي تتميز بها القبيلة،إلى أن وجدنا أنفسنا أمام تحولات مفاجئة،قلبت الموازين،وغيرت المقاييس التي كان يحتكم إليها الناس فيما مضى حتى غدت شبه ثوابت لا يتنصل من حكمها إلا العاق لجماعته !
لقد كان لتحسن الأحوال المادية بعد الهجرة نحو أروبا ،تأثير قوي على مسار العادات والأعراف، أحدث خللا كبيرا في المفاهيم وخلط كل الأوراق.
وهكذا،وبحكم أن العديد ممن تحسنت أحوالهم المادية ،هم في الغالب أميون أو في حكمهم،فإنهم لا يدخرون جهدا في انتزاع مكانة متميزة يضاهون بها المثقفين والموظفين الذين لا يملكون إلا سلاح المعرفة !
لقد تعلمنا في علم النفس أن كل ذي نقص ،يسعى إلى التعويض عنه بوسائل مختلفة،ولذلك وجد الميسورون الجدد عندنا ضالتهم في ابتداع صور غير مألوفة في الكرم.
ولعل أولى هذه الصور،هي المبالغة في التبذير عند إقامة الحفلات،ولاسيما الأعراس،حيث أصبح المدعوون البسطاء يجدون أنفسهم أمام أطباق تعج بكم هائل من المأكولات، لايصدقون أنفسهم حين يجدونها رهن إشارتهم ليكرموا بطونا اعتادت حياة التقشف التي لا تترقى إلا بالمناسبات !
أما إذا دعي الأغنياء الجدد إلى حفلات،،البراني،،فإنهم يحملون هدايا مبالغ فيها سرعان ما تتحول إلى تنافس فج يتعاظم مع توالي الأيام،فترى صاحب الحفل يصفف أكوام السكر المثيرة.
إن هذا ،،الجيل الجديد،،من الكرم قد نجمت عنه تداعيات سلبية لا حصر لها. وهكذا فإن البسطاء من الناس ،قد أصيبوا بانبهار كبير وهم يضيعون بين أطباق اللحم المشوي ويتزودون بما فضل بإيعاز من أهل البيت،مما يحول هؤلاء البسطاء إلى ،،مريدين،، لهذا الحزب الذي صنعه رعاة الأمس !
وبما أن المصائب لا تأتي منفردة،فإن مصيبة قبيلتنا مع هذه الطغمة الجديدة أنها اقتحمت مجال السياسة من خلال الانتخابات الجماعية فتكمنت من مزاحمة المثقفين ،بل ومن إزاحتهم بعدما رسخوا في الأذهان بأن من لا يستطيع تنظيم،،الزرود،، الفاحشة،لا يستحق أن يشارك في الاستحقاقات !
لا ينكر أحد أنه كلما تقدم موظف من أبناء البلدة للانتخابات ،إلا وشاعت اللازمة الجديدة:(والو يستشى أغروم !)بمعنى أن المعني بخيل.
لقد تمكن حزب،،الرعاة السابقين،،من فرض واقع في البلدة،واستطاعوا توظيف المال في تقزيم دور المثقفين من خلال استمالة الفقراء عبر مساعدات محسوبة النتائج،حيث يستغلون حلول الطوارىء لتقديم العون من أجل رهن اختياراتهم،حتى أصبح من الصعب على هؤلاء الضحايا الانعتاق من التحكم في الرقاب.
وربما يشعر المرء بالمرارة حين يجد بين صفوف المنصاعين لحكم الرعاة،موظفين قد أجهزوا على آخر ذرة من الكرامة ليكون لهم موقع بين الجوعى على مائدة الأسياد الجدد !
لم يكتف حزب الرعاة القدامى بقتل السياسة،بل تجدهم يسعون إلى تجريد المثقفين الذين لا يلينون لرغبتهم، من أقوى سلاحهم المتمثل في المعرفة، وذلك من خلال حفظ بعض المصطلحات التي ينطقونها خطأ وتوظيفها حيثما اتفق ليظلوا أوفياء لجهلهم المركب.
وهكذا،يفاجئك هذا بالقول: (كنت فواحد الزلشة مغلقة…)بينما يحتج الآخر بالقول:(بنادم خصو ابعد عل العنانية-يقصد الأنانية)!
إن هؤلاء الناس الذين سعدنا ذات يوم حينما تخلصوا من الجراب و،،قورح،،وامتلكوا السيارة وتعسفوا على السيجارة،كما تعسفوا على خلط الملابس وتوظيف خليط مقرف من اللغات(تزويج الأمازيغية والدارجة والفرنسية ،ثم الاسبانية)حتى تحولوا إلى كائنات نشاز في بلدة لا يجدي فيها إلا ما كان فطريا،هؤلاء إنما يثيرون الشفقة في النهاية،ذلك أنه يكفي أن تشغل الهاتف الذكي أمامهم، أو تستعمل تطبيقا تحت أعينهم،حتى يقر بحقيقته دون طلب من أحد،حيث يبادر إلى القول:خوك ماقاريش !(إيوا اطف ثامورث أصاحبي ثذهنيذ )!
إن أكبر ضحية لهذه السلوكات الجديدة،هي بلدتنا التي تعيش في دوامة من الصراعات المتوالية،التي يؤججها هذا النموذج البشري، الذي تحول إلى طفيليات تعوق كل محاولة للانعتاق،ويساهم فيها بعض عديمي الضمائر من رجال السلطة الذين يستسلمون للإغراءات فينحازون لذوي السخاء العفن على حساب هيبتهم ،حيث ينسيهم العمل في المغرب العميق في القسم والظهير والوطنية.
ولم يعد خافيا على أحد أن بعض هؤلاء المسؤولين يعودون في نهاية السوق الأسبوعي إلى حال سبيلهم بعدما شحنت سيارة الخدمة بما يكفي من لحم الماعز ومرفقاته، وكأني بهم قد تهيأ لهم بأنهم قد أصبحوا خارج الرقابة !
في الختام، أما آن لأهلنا أن يدركوا عواقب مجاراة السفهاء على الأرض والعباد ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Yahya
    03/09/2019 at 01:56

    حبذا لو رافق سي الحسين مدير الجريدة هذا المقال الشيق بأغنية  » ابقاي على خير با هاد الدشرة  » للفنان الجزائري الشيخ  » عطا الله « 

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *