Home»Régional»استراحة مع الشيخ،، مبارك،، رحمه الله

استراحة مع الشيخ،، مبارك،، رحمه الله

0
Shares
PinterestGoogle+
 

تعتز بلدة،،سيدي لحسن،،كغيرها من البلدات بصناع الفرجة الذين أنتجتهم عبر التاريخ،ومنهم وجوه قدر لنا أن نواكب بعضا من مسيرتها،وصاحب الصورة واحد منهم.
كانت وسائل الطرب محدودة في القديم، ولا تخرج عن أربعة عناصر:
الناي ،المزمار،الدف ثم الصوت المميز الذي كان يغني عن ،،المرفقات،، إذا كان رخيما من قبيل بعض الأشخاص الذين بصموا الساحة في فترات معينة.
كانت قيمة العرس إلى عهد قريب تقاس بالطقوس التي رافقته،وكان غياب،،الشيوخ،، حجة كافية ليصدر الحكم بفشل العرس ولو قدمت فيه أشهى الأطباق !
وحرصا على أن تجري وقائع العرس بما يضمن له الخلود،فقد كان جل الناس يعدون العدة ليكون ،،الشيوخ،،على رأس الحضور،وهو ما كان يتطلب الحصول على موعد في فصل الصيف الذي تتزاحم فيه مواسم الأفراح.
أذكر أنه كثيرا ماتمت الاستعانة بخدمات شيوخ من،، بني شبل،، على سبيل المثال بسبب عدم اتساع،،أجندة،،الشيوخ المحليين لمواعيد إضافية!
فتح جيلنا عينيه على صناع فرجة محليين معدودين ،مما جعل فاتورة دعوتهم تتصاعد مع الأيام ،حيث صاروا في فترة من الفترات يفضلون الدعوات التي ترد عليهم من المدينة،حيث يضمنون دخلا أكبر لكثرة،،المبليين،،الذين لا يقاومون مزمار،،بويلفان،،-رحمه الله-وهو يشق آذان المعاقرين للنبيذ قبل اقتحام حرمة الأعراس لتبديد مافضل معهم من دريمات بسخاء على الشيوخ ،مقابل سرد بعض من بطولاتهم الوهمية !
لقد تعرفت على مجموعة،،بويلفان والشيخ مبارك والأخوين غشوا والأخوين إعامرن،،ثم الصديق العزيز أحمد السامحي،،خلال الزيارات السنوية لضريح الولي،،سيدي علي بن سامح،،حيث كان حضور الشيوخ والبارود على رأس برنامج الزيارة، اذ لا ترفع الأكف تضرعا إلى الله حتى يستنزف الحضور قواهم في الرقص وإطلاق البارود !
كان العازف على الناي والمزمار من النماذج التي شكلت قدوة للشباب يومئذ، حيث بذلت بدوري ما في وسعي لتعلم العزف لكن دون جدوى،وكنت أشعر بمرارة لأنني عجزت أن أكون مثل الأخوين السامحي وبنعالية اللذين تعلما العزف ونحن مازلنا في فصول الدراسة الابتدائية !
كان علي أن أنتظر سنوات عديدة قبل أن يسمح لأمثالي بأداء أول محاولة في الرقص على الأنغام التي يصدح بها مزمار ،،بويلفان أو الشيخ مبارك-رحمهما الله-ﻷن للتقاليد والأعراف كامل سلطتهما يومئذ،إلى درجة أن قائد الراقصين(لمقدم)هو من كان يحدد من يرقص تحت إشرافه،بل كان كان يحدد مكان رقص كل شخص إسوة بمدرب فريق كرة القدم الذي يقرر مجال اللعب !
كان الشيوخ يلبسون زيا مميزا خاصة ماتعلق بالعمامات التي يتفنون في إرسائها على هاماتهم متعمدين أن تنفلت بعض خصلات
من،،المونيو،،على جباههم لتوزيع رسائل مختلفة !
لم يكن بالوسع الاقتراب كثيرا من الشيوخ إلا بعدما أصبح الطريق سالكا لحصول تطورات ،وفي مقدمتها شروعنا في التدخين الذي كان على رأس هوايات الشيوخ.
كنت أعرف والد الشيخ محمد الكيحل(بويلفان)رحمه الله،لأنه كان رجلا مرحا،ظل يتردد على مدرستي الأولى ليدخل المعلمين في هيستيريا من الضحك،ثم مالبثت أن ربطت علاقة تواصل مع ابنه،ثم مع باقي أفراد المجموعة الذين لم نعد نبغي بديلا عن خدماتهم إلى أن طلقوا هوايتهم التي لم تعد مناسبة لسنهم.
ينتمي الشيخ،،مبارك،،لدوار أولاد يعقوب، ويعتبر من أقدم العازفين، وكان يعشق التدخين رغم بنيته المتواضعة،وكنت استغل الفترات التي تسبق الحفل لأطلب منه إتحافي ببعض،،التقاسيم،،بعدما ينتشي بجرعات من القنب الهندي الذي لا يفارقه،فيشرع في استنطاق الناي بالتناوب على الأنواع المخصصة لكل مقام !
لقد كان -رحمه الله-عازفا ماهرا وعارفا بصنعته بأسلوب يحيلني على المرحوم،،محنحليمة،،بالعيون الشرقية،والذي كان من معارفه، لأن هؤلاء يتبادلون الخبرات !
انفضت مجموعة الشيوخ التاريخيين ببلدتنا،ورحل بعضهم نحو أماكن أخرى بحثا عن مصادر بديلة للرزق، بينما استقر الشيخ،،مبارك،،بجوار السوق الأسبوعي ليقضي ما بقي من أيام عمره يعيش على الكفاف كحال جل الفنانين الذين أطربوا الناس وصنعوا أفراحهم،لكن الحياة قلبت لهم ظهر المجن لينتهوا نهاية تثير الشفقة !
ولعل خطأنا-نحن أبناء البلدة-أننا لم نحتفظ لهؤلاء الوجوه بتسجيلات تخلد ذكرهم ،لا سيما وأن المسار الذي بنوه ،قد تعرض للمسخ وتحولت مجالس الشيوخ لاستعراض كل ما يؤلم النفوس ويشجع على إشاعة الرذيلة.
رحم الله الشيخ مبارك وزميليه الآخرين، وبارك في عمر الباقين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.