Home»Régional»التكرار: الانعكاسات والآثار – مستوى الثالثة ثانوي إعدادي

التكرار: الانعكاسات والآثار – مستوى الثالثة ثانوي إعدادي

8
Shares
PinterestGoogle+

لتكرار: الانعكاسات والآثار
– مستوى الثالثة ثانوي إعدادي –
بقلم: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.

مقدمة:

يعتبر التكرار أحد مؤشرات الفشل المدرسي، ويتجلى في إعادة التلميذ نفس المستوى الدراسي، مرة أو مرتين، بقرار من مجلس القسم وفق التشريعات المعمول بها، لعدم توفره على شروط النجاح المطلوبة المتمثلة في النتائج المدرسية السنوية العامة، الناتجة عن مجموعة من الامتحانات والفروض المحروسة والواجبات المنزلية والبحوث وغيرها حسب ما تنص عليه المذكرات المنظمة للتقييم التربوي والامتحانات بكل مستوى دراسي.
وحتى نقف واقعيا على التكرار وانعكاساته وآثاره، قمنا بدراسة ميدانية تتبعية لأربعة أفواج من تلاميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي تضم 736 تلميذة وتلميذا، خلال أربع سنوات دراسية، من أجل الإجابة بالملموس على السؤال الإشكالية التالي: ما هي انعكاسات وآثار التكرار على التلاميذ من حيث الجوانب التربوية والمدرسية والاجتماعية؟

ولإنجاز هذه الدراسة، تم جمع المعطيات اللازمة، المتمثلة في إعداد اللوائح الاسمية لعينة التلاميذ المرصودة، ونتائجهم ووضعياتهم المدرسية، من خلال محاضر الأقسام والتوجيه عند نهاية كل موسم دراسي.
وباعتماد استمارتين، موحدتي المحاور والبنود، موجهتين، إحداهما إلى 40 مدرسة ومدرسا، والأخرى إلى 224 تلميذة وتلميذا، جددا ومكررين، من أجل الوقوف على الوضعية التربوية والمدرسية والاجتماعية للتلاميذ الراسبين في آخر السنة الثالثة ثانوي إعدادي، وذلك من حيث وقع الرسوب وصدمته على التلاميذ، ووضعيتهم داخل أفراد أسرهم ومحيطهم الاجتماعي، ووضعيتهم التربوية والمدرسية بالمؤسسة التعليمية من حيث المواظبة والسلوك والمثابرة والمردودية المدرسية، ومدى استقرارهم النفسي وعلاقتهم بمدرسيهم وأصدقائهم…

بعد هذه المرحلة، تم الانتقال إلى معالجة المعطيات المتجمعة باستعمال الحاسوب واعتماد مؤشرين إحصائيين: النسب المئوية واختبار – تاء استودنت-.
وفي ما يلي نعرض، قدر المستطاع، خلاصات الدراسة مرفوقة ببعض الاستنتاجات والملاحظات والتساؤلات والمقترحات، في إطار الإشكالية المدروسة والأهداف المرصودة والحدود المرسومة للدراسة.

I. النجاح والانتقال:

لقد توصلت هذه الدراسة إلى أن:

§ 25 % من تلاميذ العينة المرصودة اجتازوا سلك التعليم الثانوي الإعدادي دون تكرار أي مستوى دراسي؛

§ 18% من تلاميذ نفس العينة، توجهوا إلى سلك الجذوع المشتركة بعد تكرار السنة الأولى أو الثانية إعدادي أو هما معا؛

§ 9 % من تلاميذ نفس العينة، انتقلوا في آخر السنة الثالثة ثانوي إعدادي بعد تكرار هذا المستوى مرة واحدة؛

§ 6 % من تلاميذ نفس العينة، توجهوا إلى سلك الجذوع المشتركة بعد تكرار السنة الثالثة ثانوي إعدادي مرتين.

§ 58 % من تلاميذ العينة المرصودة المتشكلة من أربع مجموعات لأربعة مواسم دراسية الذين نجحوا دون تكرار والذين نجحوا بعد أن كرروا السنة الثالثة ثانوي إعدادي مرة أو مرتين أهدروا ما يفوق في المتوسط أربع سنوات تمدرس، الشيء يسبب إهدارا على جميع المستويات الاجتماعية منها والاقتصادية والبشرية.

II. إعادة التسجيل والانقطاع عن الدراسة:

لقد أفضت الدراسة، من ناحية أخرى، وبشكل مجمل، إلى النتائج التالية:

§ إن 34 % من تلاميذ العينة المرصودة، سمح لهم، في إطار التشريعات المعمول بها، بتكرار السنة الثالثة ثانوي إعدادي للمرة الأولى؛

§ كما أن 13 % من تلاميذ نفس العينة سمح لهم بتكرار هذا المستوى للمرة الثانية؛

§ ونظرا لأسباب مختلفة، كما صرح بذلك التلاميذ المستجوبون، منها كلفة التمدرس، كثرة الأطفال بالأسر وكثرة متطلباتهم، كبر سن بعض التلاميذ المكررين، اعتقاد بعض التلاميذ المكررين عدم تحقيق نتيجة مؤهلة بعد التكرار، نزاعات بعض التلاميذ المكررين مع المدرسين والإداريين…فإن %35 من التلاميذ المسموح لهم بالتكرار مرة أو مرتين انقطعوا عن الدراسة وشطب عليهم من سجلات التمدرس ليقذف بهم نحو وجهة مجهولة، دون أي تأهيل معرفي ولا مهني لمواجهة متطلبات الحياة؛

§ إن 65 % من التلاميذ المسموح لهم بالتكرار مرة أو مرتين هم الذين يتابعون دراستهم بالسنة الثالثة ثانوي إعدادي آملين في تحقيق نتيجة إيجابية في آخر السنة الدراسية.

III. تغيير التلاميذ المكررين المؤسسة الأصلية:

وقد تبين من خلال السجلات المدرسية أن 26 % من بين التلاميذ، المسموح لهم بالتكرار للمرة الأولى أو الثانية، يغيرون مؤسستهم الأصلية بمجرد تسجيل أنفسهم، محاولة منهم محو آثار التكرار، وهروبا من وضعية عدم الاستقرار نحو استرجاع الثقة في أنفسهم وتحقيق نتائج مؤهلة. لكن هذا القرار رغم تخفيفه هول الصدمة النفسية، فإن مفعول آثاره المادية، ينضاف إلى أعباء الآباء لأجل التنقل خصوصا إذا كانت المؤسسة التي وقع عليها اختيار ولدهم بعيدة عن محل سكناهم، كما تنتاب الوالدين هواجس المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها أبناؤهم لتنضاف إلى همومهم اليومية.
أما دوافع تغيير المؤسسة فقد أجملها التلاميذ المستجوبون في العوامل التالية:

§ كبر السن؛

§ طول القامة؛

§ ظهور علامات البلوغ؛

§ تدني النتائج المدرسية؛

§ سوء العلاقات مع المدرسين والإداريين؛

§ المعاملات السيئة لبعض زملائهم لهم؛
IV.

الفصل والانقطاع عن الدراسة:

لقد توصلت الدراسة إلى أن 13 % فقط من التلاميذ المسموح لهم بالتكرار للمرة الثانية هم الذين يلتحقون بالمؤسسة التعليمية ويعيدون تسجيل أنفسهم لتثليث القسم. كما تبين من خلال الدراسة أن 52 % من التلاميذ المثلثين يفصلون عن الدراسة بعد سنة من التعب والعناء والمواظبة، ويجدون أنفسهم خارج أسلاك الدراسة دون تأهيل معرفي ولا مهني، والحالة هذه أن عمرهم تجاوز 18 سنة.

V. النجاح بعد التكرار:

لقد الدراسة إلى النتائج التالية:

§ إن 9 % من تلاميذ العينة المرصودة ) 736تلميذة وتلميذا (، انتقلوا في آخر السنة الثالثة ثانوي إعدادي بعد تكرار هذا المستوى مرة واحدة؛

§ إن 6 % من تلاميذ نفس العينة )736تلميذة وتلميذا( ، توجهوا إلى سلك الجذوع المشتركة بعد تكرار السنة الثالثة ثانوي إعدادي مرتين؛

§ إن 48 % من بين التلاميذ المكررين مرتين الملتحقين بالمؤسسة التعليمية هم الذين حققوا نتائج مدرسية إيجابية وانتقلوا إلى سلك الجذوع المشتركة؛

§ وقد تبين، باعتماد – اختبار تاء استودنت- أن نتائج التلاميذ الناجحين، بعد التكرار، لم ترق إلى مستوى نتائج التلاميذ الناجحين دون تكرار أي مستوى دراسي؛
إن النتائج أعلاه لا تعكس معاناة التلميذ خلال سنتين بنفس القسم، كما لا تعكس معاناة أولياء أمره، ولا تعكس طبعا معاناة الطاقم الإداري والتربوي، بل تسهم في إهدار جميع الطاقات.

VI. الوضعية الاجتماعية للتلاميذ المكررين:

لقد اعتمدت الدراسة استمارتين متطابقتي المحاور والبنود، وجهتا إلى الأساتذة والتلاميذ للاستفسار حول الوضعية الاجتماعية للتلاميذ المكررين. وبعد تجميع المعلومات وتفريغ الاستمارتين تم التوصل إلى النتائج التالية:

§ لقد اعتبر 80 % من المدرسين المستجوبين، من موقعهم كآباء ومربين، التكرار خسارة مادية تصيب أسر التلاميذ الراسبين؛

§ ولقد أكد التصريح أعلاه 76 % من التلاميذ المكررين الذين يلمسون كذلك كلفة التمدرس ووقعها على ميزانية أولياء أمورهم، التي تتأثر بفعل نفقات إضافية لمدة سنة أو سنتين إضافيتين، خصوصا إذا كانت النتيجة سلبية بعد هذا العناء وهذه الخسارة المادية؛

§ لقد أكد جميع التلاميذ المستجوبين أن الأسر الأكثر تضررا ماديا هي الأسر ذات الدخل المحدود والتي يفوق عدد الأطفال بها ثلاثة خصوصا إذا كان جميعهم متمدرسين ويتعثرون دراسيا؛

§ أكد جميع التلاميذ أن كلفة التمدرس باهضة تنزل بثقلها على الأعباء اليومية للآباء ومتطلبات الحياة المتزايدة، الشيء الذي يثير غضبهم اتجاه أبنائهم عند سماع خبر الرسوب، لعدم استعدادهم وعدم قدرتهم مواجهة أعباء سنة دراسية أخرى وفي نفس القسم.

VII. الوضعية التربوية للتلاميذ المكررين:

وبخصوص هذه الفقرة توصلت الدراسة إلى ما يلي:

§ صرح 80 % من الأساتذة و 82 % من التلاميذ المكررين المستجوبين أن ألآباء يواجهون أبناءهم الراسبين بالغضب فيبالغون في التوبيخ والتأنيب والصراخ المزعج الذي يزيد الطفل نفورا من المدرسة والتمدرس؛

§ إلا أنه لاحظ 92 % من المدرسين و71 % من التلاميذ المكررين المستجوبين، أن الآباء، ولتجنب الأسوأ، فغالبا ما يلجئون إلى التمويه، وسرعان ما يمزجون الغضب بالمواساة والتظاهر بعدم إيلاء الحدث أهمية كبرى؛

§ لقد أكد 81 % من المدرسين و 95 % من التلاميذ المكررين المستجوبين، أن أغلب التلاميذ لم يكونوا يتوقعون الرسوب، وأن الخبر يفاجئهم وينزل عليهم كالصاعقة؛

§ إن مفاجأة خبر الرسوب، من شأنه أن يترك وقعا سلبيا على التلاميذ وأولياء أمورهم، لعدم استعدادهم النفسي لتلقي صدمة الفشل، حيث إن معاناة التلاميذ المكررين تبدأ منذ تلقيهم خبر الرسوب، فهم، من جهة، يواجهون ضغطا نفسيا داخل أسرهم ووسطهم الاجتماعي، ويواجهون وضعية نفسية عصيبة بعد التحاقهم بالمؤسسة التعليمية وخلال السنة الدراسية، من جهة أخرى.

§ ومن حيث علاقة التلاميذ المكررين بمدرسيهم، فقد صرح 54 % من هؤلاء التلاميذ المستجوبين أن هذه العلاقة ليست على أحسن حال خلال السنة الدراسية؛

§ وأكد 83 % من المدرسين المستجوبين أن أغلب التلاميذ المكررين مشاغبون وعنيفون وغير مقتنعين بتكرار القسم؛

§ إن انتهاج التلاميذ السلوكات، الموصوفة أعلاه، من طرف المدرسين ، له، في نظر التلاميذ، ما يبرره. لقد صرح التلاميذ المستجوبون في هذا الموضوع، وبنسبة 86 %، أن أغلب التلاميذ المكررين يشعرون بالملل والاحتقار والإحباط والحرج، ويخجلون أمام الأطر الإدارية ومدرسيهم وزملائهم في المؤسسة والقسم؛

§ وبما أن المدرسين يعايشون التلاميذ ويلاحظون سلوكاتهم، فقد صرح 84 % من المستجوبين منهم، أن التلاميذ المكررين تظهر عليهم علامات الأسى والحزن والاكتئاب وغير مستقرين نفسيا، وفاقدين الثقة في أنفسهم، الشيء الذي يؤثر سلبا على معاملاتهم ووضعيتهم النفسية والتربوية بشكل عام؛
إن الاستقرار النفسي يعد أحد الشروط الأساسية للعمل والإنتاج، فأغلب التلاميذ صرحوا أنهم يخجلون أمام مدرسيهم وزملائهم في المدرسة والفصل، الشيء الذي أكده المدرسون المستجوبون. في ظل هذه الوضعيات النفسية العصيبة، فهل يواظب التلاميذ المكررون على الدراسة وهم يعانون من حواجز وعراقيل نفسية محبطة؟ وهل يستطيعون العمل والمثابرة وتنمية رصيدهم المعرفي وتحقيق نتائج مدرسية مؤهلة للنجاح؟

VIII. الوضعية المدرسية للتلاميذ المكررين:

§ وبخصوص الوضعية المدرسية، صرح53 % من المدرسين المستجوبين، أن أغلب التلاميذ المكررين غير مواظبين على الدراسة، ولا يهتمون بواجباتهم المدرسية، وأن مجهوداتهم محدودة ويسجلون نتائج مدرسية هزيلة ولا يبدون رغبة في الدراسة والتحصيل؛

§ وعلاقة بالموضوع، أكد ذلك 65 % من التلاميذ المستجوبين، حيث أقروا بانتهاج التلاميذ المكررين سلوكا غير مقبول وأن نتائجهم المدرسية ضعيفة نتيجة لعدم مثابرتهم ومواظبتهم على الدراسة؛
إن التخلف عن الحصص الدراسية وعدم الاهتمام بالدروس والواجبات المنزلية عاملان كافيان للتساؤل حول مدى مساهمة التلاميذ المكررين في بلورة الدروس والمشاركة في إنجاز مختلف الأنشطة المدرسية الرئيسية والموازية من أجل تثبيت وترسيخ المضامين الدراسية المقررة؛
إن التلاميذ المكررين يعيشون وضعية تربوية خاصة ويعانون من ضعف التحصيل الدراسي. فهل يوليهم المدرسون اهتماما متميزا ويساعدونهم على تجاوز الصعوبات والمشاكل التي تعترضهم لتحقيق نتائج مؤهلة؟
وفي إجابة على السؤال الأخير، صرح84 % من المدرسين المستجوبين أنه يتم التعامل مع التلاميذ المكررين بشكل عاد ويؤطرون جميع تلاميذ الفصل سواسية ودون تخصيص مساعدة إضافية لهؤلاء المتعثرين. فهل يعيش أو يستمر، سنة أخرى، أولائك التلاميذ المتعثرون على نفس الأوضاع والأحوال التي ساهمت في النقص المعرفي لديهم وأدت إلى الفشل والتكرار؟
إن وضعية الفشل لم تتغير في شيء، فالتلميذ المكرر، وهو جالس أمام مدرسه، يلقنه نفس المعلومات التي لقنه إياها السنة الماضية، وبنفس الطريقة والوسائل، ونفس الخطاب وفي نفس الظروف التي أدت به إلى الرسوب، غالبا ما يخونه عنصر الانتباه والتركيز، فيشرد وترجع به الذاكرة إلى استحضار أحداث سنة خلت، ليتصور شبح الفشل الناجم عن نفس الوضعية التي يعيشها، والتي سبق أن عاشها ولم يحقق نتيجة النجاح.
إن جلوس التلميذ، ربما، في نفس الطاولة، وأمام نفس المدرس، واستماعه لنفس الخطاب والمفردات، وإنجازه نفس التمارين وبنفس الأدوات، وتدوينه نفس الملخصات بنفس الطرق البيداغوجية، أو نقلها مباشرة من دفتر السنة الماضية، كلها مؤشرات تجعل التلميذ يعيش باستمرار ظروف الفشل ويتخيل في كل لحظة شبح التكرار.

IX. تساؤلات ومقترحات:

بالرغم من أن الدراسة شملت 736 تلميذة وتلميذا، فإننا لا ندعي تعميم النتائج المتوصل إليها، بقدر ما يمكن اعتمادها لإجراء بحوث واسعة على الصعيد الإقليمي أو الجهوي والوطني، تكون أكثر تعمقا وتمحيصا للظاهرة المدروسة للتوصل إلى نتائج أكثر شمولية وموضوعية، تلامس، عن قرب وبدقة، واقع التلميذ المكرر من الجوانب النفسية والتربوية والمدرسية والاجتماعية.
إلا أننا، وانطلاقا من النتائج المتوصل إليها أعلاه، واعتماد دراسات سابقة، وتجربتنا المتواضعة في الميدان التربوي، يمكن أن نتقدم ببعض الملاحظات مصحوبة ببعض التساؤلات تشكل منطلقات للتفكير في الإشكالية التي أصبحت تؤرق الفاعلين التربويين والقائمين على شؤون المنظومة التربوية، للانكباب على بحوث معمقة تشخص الظاهرة وتحللها متناولة جميع جوانبها، للتوصل إلى حلول واقعية وناجعة تجعل من التلميذ المكرر المحبط تلميذا متحفزا منتجا، أو وبشكل أكثر تفاؤلا، تجعل من منظومة التربية التكوين التي على ما هي عليه حاليا، منظومة تربوية بدون تكرار ولا تسرب، وبالتالي دون هدر يثقل كاهل الأسر والمؤسسة التعليمية والوزارة الوصية ويعفي مجتمعنا من نفقات إضافية تذهب سدى.
إن تكرار نفس القسم مرة أو مرتين، من جهة، صدمة نفسية تترك، لا محالة، بصماتها السلبية على التلميذ الذي يمكن أن يفشل، في ظل وضعية التكرار عير المحفزة، في محو آثارها لعدة سنوات، وهدر للموارد المادية والبشرية على جميع الأصعدة، من جهة أخرى. لذا، ومن أجل تحضير التلميذ نفسيا، ألا يمكن استدعاء الإدارة التربوية التلميذ وأولياء أمره ومناقشتهم، بمشاركة مدرسي القسم، قرار التكرار، وآثاره المحتملة على التلميذ ومحيطه الأسري والمدرسي، حتى لا يعتقد التلميذ أن التكرار عقوبة له ومحاولة لإقصائه من الدراسة؟
فكم تلميذا، اختار وأولياء أمره التكرار، ولم يحقق نتيجة إيجابية، فما مصير من لم يستشر في الأمر؟

إن أغلب التلاميذ يفاجئهم قرار التكرار فيجدون أنفسهم يعيدون القسم فهل تقوم الأطراف المعنية بتشخيص لوضعيتهم النفسية والمدرسية لتحديد أغراضهم والحاجيات التي يجب توفيرها لمساعدتهم على تخطي الصعوبات التي أدت بهم إلى الرسوب؟
وبناء على ما تقدم، كيف يمكن أن نفسر قضاء التلاميذ بالسلك الثانوي الإعدادي ما يفوق، بشكل عام، أربع سنوات كي ينتقلوا إلى سلك الجذوع المشتركة، أو يغادروا الأسلاك الدراسية دون تأهيل معرفي ولا مهني؟
وما هي الأسباب الكامنة وراء تكرار تلميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي مرتين ولم يحقق نتيجة إيجابية: لا تحصيلا معرفيا ولا تأهيلا مهنيا؟
إن المدرس، بحكم تكوينه المهني والأكاديمي، وكفاءته السيكوبيداغوجية، ألا يمكنه تطبيق بيداغوجية ناجعة تلائم وضعية التلاميذ المتعثرين لمساعدتهم نفسيا ودعم تحصيلهم المعرفي لتجاوز حالة التأخر الدراسي، التي غالبا ما تكون عابرة إذا تمت محاصرتها، ومعالجتها باعتماد منهجية تهتم بالفوارق الحاصلة بين التلاميذ؟

وإذا تعذر ذلك بسبب كثرة التلاميذ المكررين، ألا يمكن تشكيل أقسام خاصة بالمتعثرين دراسيا، وانتهاج أساليب تربوية ناجعة مع العمل باستمرار على زرع روح الثقة في نفوسهم، وإقناعهم بوضعهم الذي يمكن تجاوزه باعتماد برامج ومناهج مكيفة تهتم أولا بالجوانب النفسية، بتنسيق مع متخصصين في المجال، ثم تتوجه نحو دعم معارفهم وتقويتها في حدود قدراتهم الجسمية والعقلية؟
فأي نتيجة ننتظر من التلميذ المكرر، والحال، أنه يعيد القسم في ظروف نفسية متأزمة، وفي ظروف تعليمية لم تشعره بأي تغيير: لا من حيث التلقين، ولا من حيث الخطاب والمصطلحات، ولا من حيث مناخ القسم وأدوات العمل والاشتغال؟
المراجع:

1- المراجع بالعربية:

v دراسات أنجزتها في الموضوع، وقدمت ملخصاتها في ندوات تربوية؛
v بيداغوجية التقييم والدعم- أساليب كشف تعثر التلاميذ وأنشطة العدم، سلسلة علوم التربية 6، دار الخطابي للطباعة والنشر.
v عبد الكريم غريب، المنهل التربوي، الجزءان الأول والثاني 2006، منشورات عالم التربية.
v تقرير الخمسينية، المغرب الممكن، مطبعة دار النشر، 2006 ، الدار البيضاء، المغرب.
v عبد النبي وجواني، حول إصلاح التعليم، منشورات الزمن،2007، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
v عبد الباقي داود، سلسلة التكوين التربوي، المدرسة المغربية والمنتوج القيمي والأخلاقي، 1999، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
2- المراجع بالفرنسية:
v Michaela Baobasch , guide pratique de l’orientation, le monde de l’éducation, édition Marabout ,1996.
v Louis –Pierre Jouvenet, échec à l’échec scolaire, Privat.
v Site web, www.rdh50.ma

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *