Home»Régional»رسالة مفتوحة إلى المجلس العلمي المحلي بوجدة، في شأن تحري استقبال القبلة بمساجد وجدة

رسالة مفتوحة إلى المجلس العلمي المحلي بوجدة، في شأن تحري استقبال القبلة بمساجد وجدة

3
Shares
PinterestGoogle+

السيد رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، السادة أعضاء المجلس العلمي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ونسأل الله تعالى أن يبارك جهودكم وأن يسدد أعمالكم، ونبارك لكم حلول شهر رمضان المبارك، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

وبعد، فإنه من فضل الله على أهل مدينة وجدة أن وفقهم لبناء المساجد، والتعاون في تكثيرها وتهييئها للعبادة والذكر، حتى لا يخلو حي صغير من مسجد جامع أو أكثر، فغدت بحق مدينة المساجد؛ فتلك نعمة تستوجب الشكر، ومفخرة تستحق أن تسجل وتذكر، فجزى الله خيرا كل صاحب معروف، وأخلص نيات المحسنين، وجعل ما بنوا من الجوامع صدقات جارية، ومنارات هدى وصلاح لعموم الأمة.

غير أن الناظر في أحوال بعض المساجد بوجدة، يلحظ نوعا من الارتباك الحاصل في مسألة استقبال القبلة، من ذلك:

أن ترى المسجدين المتجاورين في الحي الواحد بينهما اختلاف كبير في قبلة الصلاة، قد تزيد عن السبعين درجة مائوية (°70).
أن ترى الاختلاف البيّن في قبلة الصلاة في المسجد الواحد بين الإمام والمأمومين.
أن ترى في المسجد الواحد الاختلاف في قبلة الصلاة بين مصلى الرجال ومصلى النساء، أو بين من يصلى من الرجال داخل المسجد ومن يصلي منهم خارجه.
أما إن قمت بقليل من التحري والاجتهاد في قبلة الصلاة -باعتماد الأدلة القديمة أو الوسائل الحديثة- فستجد الكثير من المساجد منحرفا عن القبلة انحرافا غير يسير.

وحيث إن استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة لقول الله تعالى: [وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ] (البقرة، 143)، وأن أقوال الفقهاء المالكية في المسألة توجب الاجتهاد في معرفة جهة القبلة، والتحري في إدراك سمتها، فإنه ينبغي تصحيح هذه الاختلالات، وإرجاع الناس إلى الوجهة السليمة التي تطمئن إليها نفوسهم، وتحسن بها عبادتهم.

وقد لاحظنا أنه قد فشا في الناس الاستسهال في أمر استقبال القبلة، إما جهلا أو اعتمادا على القول بأن المطلوب هو جهة القبلة وليس عينها لقوله صلى الله عليه وسلم (ما بين المشرق والمغرب قبلة) [أخرجه الترمذي عن أبي هريرة]، والحقيقة أن ذلك القول – وهو المعتمد في المذهب- لا يقتضي كل هذا الترخّص والتساهل، بل يوجب الاجتهاد قدر الإمكان، ويمنع العدول عن الاجتهاد في أدلة القبلة إلى مجرد التقليد، وأقوال العلماء في هذا الشأن دقيقة جدا، إلى درجة إيجاب التصحيح على المنحرف يسيرا عن القبلة وهو في الصلاة إذا أداه اجتهاده إلى إدراكها؛ وغاية التيسير الذي يدل عليه القول بأن المطلوب هو الجهة عموما، أن لا إعادة على من صلى إلى الجهة، أما أن يكون التيسير بأن يصلي الناس دون تحر أو اجتهاد ما داموا مستقبلين الجهة وإن انحرفوا يمينا أو يسارا، فلم يقل بذلك أحد، ولذلك كان يقع التصحيح المستمر كلما استجدت للناس أدلة أو أدوات، كما وقع في القرويين وفي غيرها.

وفي هذا الصدد، فإنني أرجو من المجلس العلمي الموقر أن يقوم بواجب تبيين الأحكام الشرعية في مسألة استقبال القبلة، وأن يدعو القيمين الدينيين ولجان المساجد إلى تحري القبلة والتزامها، خصوصا وأن التصحيح متيسر ولا يحمل أي عنت أو مشقة، كما أن الوسائل والأدوات الدقيقة المبينة للقبلة متوفرة.

وأشير هنا إلى طريقة ميسورة وتحقق العلم اليقيني أو ما يقاربه في تحديد القبلة؛ وذلك باعتماد دلالة الظل حين تكون الشمس عمودية على الكعبة المشرفة، وهو حدث فلكي يحدث مرتين في السنة، واحدة في نهاية ماي، والأخرى في منتصف يوليوز من كل سنة.

وسيكون تعامد أشعة الشمس على الكعبة المشرفة هذه السنة إن شاء الله، يوم الأحد 27 ماي 2018 الساعة التاسعة وسبع عشرة دقيقة بتوقيت غرينتش (9h17) ، الثانية عشرة وسبع عشرة دقيقة بتوقيت السعودية، وحينها يمكن تحديد اتجاه القبلة بدقة، حيث يكون هو الشمس نفسها، أو أي ظل ممتد في اتجاه الشرق.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا للخير ويعيننا عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. مصطفى صاقي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *