Home»Régional»عن الحراك الثاني لجرادة: ثراء زكراوي « من الذهب »

عن الحراك الثاني لجرادة: ثراء زكراوي « من الذهب »

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الادريسي

توطئة:

 » لعل مناجم جرادة لم تصل،عبر عشرات السنين ، إلا الى الرأس الأسود للعملاق المعدني الكبير المستلقي – باطنا – بين جرادة وجبال الزكارة ؛ولعل صدره وبطنه ورجليه ،مما يُثري الوطن كله ؛وليس حراك جرادة فقط. »

في الطريق الى عقل الحراك:
تصادف وجودي بقريتي مستفركي ، عشرون كلم شمال جرادة- في هذه الأيام ،باكورة الربيع؛حيث الزفرات الأخيرة لبرد الشتاء القارس – ( تصادف) مع بداية المرحلة الثانية من الحراك،التي يبدو أنها ستُفضي، لا قدر الله، الى مواجهات عضلية بين الشباب المدني ،وشباب الأمن ؛ ان لم تحزم حكومة السيد العثماني أمرها وتتدبر الملف – موسعة خيالها – من أوجهه المختلفة.
قلت بيني وبين نفسي لأوقِف ،الى حين،اشتغالي على أوراق الحلقة الثانية من مساهمتي المتواضعة في بناء نموذج تنموي جديد – استجابة للنداء الملكي الأخير- وأيمم شطر جرادة ،لأن الجوار يلزم بالنصرة للجانبين (الشباب والأمن)؛حتى وان كنت قد قاربت موضوع الحراك سابقا،لكن دون نتيجة تذكر؛وبصفة خاصة في موضوعي:
« السيد العثماني: التيمم في جرادة أفضل من الوضوء بوجدة » ؛ رابطه:
https://www.hespress.com/writers/381189.html
لأتقرى الوضع عن قرب، قبل الكتابة، ركبت سيارتي واتجهت صوب مدينة « الهرم الأسود »؛مخترقا شِعاب جبال الزكارة وبني يعلا: « مَرَّاش » ، »خنوسة » ،سهب أحمد ؛ثم قمة عقبة « الركادة » التي تُسلس لك الانحدار ،وان خطيرا، صوب « لَعْوِينات » ،وها أنت في قلب الحراك.
لا يا سادة ،لا حديث لي اليوم مع القلوب،أنا جئت باحثا عن عقل الحراك أين هو؟ وباحثا أيضا عن عقل الحكومة؛هل يوجد في أرتال الأمن فقط؟
أين عقل الحكومة؟
رغم زيارتَيْ « العزيزين  » السيدين الرباح،وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة وأخنوش ؛وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات؛ الى جرادة: الأول بتاريخ 3يناير2018؛والثاني بتاريخ:19 يناير 2018؛ ورغم الجهود التواصلية الجهوية والولائية والإقليمية – سلطة ومنتخبين – فان عقل الحكومة الذي حزم أمره للتعاطي مع المطالب الحراكية لساكنة جرادة ،الاقتصادية والاجتماعية، نتلمسه في الملتقى التواصلي الذي عقده السيد رئيس الحكومة ،العثماني، بوجدة يوم 10فبراير2018.
يبدو لي أنه من الضروري ،لتقويم مسار الحكومة في البحث عن الحلول،فهم آليات اشتغال هذا العقل لنُقيم الحجة على أنه المسؤول – وان غير مباشر – عن اندلاع هذه المرحلة الثانية من الحراك .
آلية الاقصاء اللامبرر:
منذ مستهل الملتقى التواصلي ،وجه رئيس الحكومة رسالة تحقيرية – تؤكد مظلومية الحكرة- الى حرا ك جرادة مفادها: أنا هنا ،مع الوفد المرافق لي ، ليس من أجل فورة حراككم ،بل لتنزيل برنامج زيارات الى جهات المملكة،معدا سلفا:أي قبل حراك جرادة.
اذا سلمنا بحق السيد رئيس الحكومة في تنظيم زمكانية برنامجه ،كما يشاء ؛ففي أي خانة ندرج زيارة السيد عزيز الرباح؛وهل لها حضور ما في فقرة « الجهة الشرقية » من برنامج الحكومة الوطني.
ان محاضر زيارة عزيز الرباح تؤكد أنه التقى ب: المجلس الجماعي لجرادة،رؤساء الجماعات بالإقليم،الكتاب الاقليميين للأحزاب السياسية، ممثلي النقابات، وأعضاء اللجن الشعبية الممثلة للأحياء،وأخيرا فعاليات المجتمع المدني.(لقاءات متتالية،وعلى مراحل طبعا)
هل نفهم أن عزيز الرباح ،بعد عودته الى الرباط،نسي الموضوع كلية؛ولم يقدم لرئيس الحكومة ،ولو تقريرا شفويا مقتضبا؟
لا أعتقد، لأن هناك بروتوكولات صارمة تضبط عمل الوزراء.
هل نجانب الصواب حينما نقول بالإقصاء المزدوج لرئيس الحكومة:اقصاء للحراك وممثليه؛وإقصاء لمحاضر اشتغال وزيره ،ومُتَحَزِّبه، بجرادة.
كنت أنتظر أن ينطلق رئيس الحكومة – وهو بجرادة لزوما،وليس بوجدة – من خلاصات هذه المحاضر؛بعد أن تكون « قُتلت » درسا من طرف خبراء وتقنيي المديريات والأقسام المختصة؛على مستوى كل الوزارات المعنية بالتنمية.
كأن يقول: أنا هنا تجاوبا مع حراككم ؛وهو في الحقيقة حراكنا جميعا:نحن منكم وأنتم منا. لنبدأ،كسبا للوقت،وتثمينا لجهودكم السابقة، من حيث انتهيتم مع عضو الحكومة الذي زاركم.
من شأن خطاب كهذا ،أن يزرع الثقة في النفوس ،ويكرس العمل الحكومي العقلاني .
ان ألاستصغار ، الانطلاق من بياض دائما، و لازمة  » ان شاء الله » ؛ليست من مواد بناء الدول الديمقراطية الفاعلة في الميدان؛ بل هي تصرفات تجانب العقل ،ولا تستدعي غير الارتجال ،وتَوَقُّع الصدمات للانتقال الى غيرها ،لكن من جنسها دائما.
مع الأسف لا يتم الاعتراف الضمني بالتقصير الحكومي ،إلا حينما تصدر أوامر ملكية تقويمية.
وأقصيت ،أيضا،محاضر عزيز أخنوش:
لن أتوقف عند الدواعي ،الذاتية أو الموضوعية،لعدم حضور السيد أخنوش ،ضمن الوفد الوزاري المرافق للسيد رئيس الحكومة؛لأن ما يهمني هنا هو غياب محضر اشتغاله السابق بجرادة،في مجال تخصصه: الفلاحة؛ساعيا الى التجاوب مع مطالب الحراك التنموية.
لقد تتبعت زيارة أخنوش هذه،بل راهنت عليها كثيرا ،لأنني ،في مقال لي سابق لها،اقترحت أن البديل الاقتصادي الذي يمكن أن يحل جانبا من عطالة اليد العاملة ،التي لم تجد غير حفر الموت السوداء ،تنتحر فيها؛هو البديل الفلاحي.
هذا الاقتراح ينبع من معرفتي بالإمكانات الضخمة التي توفرها منطقة « الظهراء » أو النجود العليا؛سواء من حيث وفرة الأراضي والمياه الجوفية،أو تأصل ثقافة الفلاحة وتربية الماشية.
رغم الظرف الاستعجالي،استطاع السيد أخنوش – وأنا هنا لا أتقرب اليه ،كما قد يتوهم البعض- أن يقارب رافعات تنموية فلاحية مهمة: تأسيس التعاونيات،غرس الزتون،زراعة الشعير..
ومن خلال تتبعي لأثر الزيارة في وسائل الاعلام ،وفي المحيط القريب مني ،تبين لي أن وزن الرجل الرسمي والسياسي،اضافة الى حيازته لصندوق تنمية العالم القروي – وحتى درايته في مجال المال والأعمال- كل هذا أكسبه ثقة الناس فيه ،وفي جدية الدولة في التعاطي مع مطالب الحراك.
لكن،و مع كامل الأسف ،فزيارة رئيس الحكومة ،التي كان يجب أن تستثمر وهج زيارة الوزيرين – وبصفة خاصة الوزير « اللي ذراعو طويلة » – قلبت الطاولة وما عليها؛لكي لا تتحدث غير أحاديث ،كانت ستُقبل لو سبقت الزيارتين،واشتغلت كمقدمة لعمل حكومي في الميدان.
في وجدة ابعدنا السيد العثماني عن صلب الموضوع ،وعاد بنا سنوات الى الوراء،ليتحدث عن انجازات ملكية سابقة،خارج تخوم حكومته. ثم قفز بنا الى خرائط التسويف ،التي تجاوزت جرادة الى أقاليم أخرى.
لقد تحدث الرجل أحاديث المقدمات ،وبين يديه محاضر وزيرين ،تُحرِّضه على حديث الخواتم،والقرارت النهائية.
ألا يقوم هذا حجة على أن للسيد رئيس الحكومة مسؤولية في اندلاع محتمل للمواجهات بين شباب العنف الرسمي –الأمن – وشباب المطالب المشروعة؟
هل تقدم جبال الزكارة بعض الحل؟:
لم أذكر ،ترفا فقط ،بعض المواقع الجبلية والغابوية التي عبرتها في طريقي الى جرادة؛بل تعمدت ذلك لأتوقف عندها الآن موضحا ؛ما دامت قد غابت عن كل جلسات التواصل ،بجرادة وغيرها.
ان « سهب أحمد » ،لوحده، لا يتركك تعبر ،وأنت لا تُثمن شساعة منبسطه،وخصوبة تربته ؛اعتبارا للترسبات الغابوية القديمة،يضاف الى هذا استواؤه على خزان مائي جوفي هائل.
هذا المنبسط السهلي تحيط به ،وتحميه من الرياح الجنوبية والشرقية، سلاسل جبلية وغابوية رائعة(جبال الزكارة وجبني يعلا)،من جميع الجهات تقريبا ؛مما يؤهله ليكون مصدرا لأنواع شتى من الفواكه والخضر. هذا دون ذكر امكانياته الهائلة لتربية الخيول؛خصوصا وقد عاشت به الجمال ردحا من الزمن.
ثم ماذا عن خطوط  » التِّلفريك » التي أقامتها فرنسا –عابرة للغابات ،وصولا الى « كنفودة » ؛لتزويد منشآت فحمية كانت هناك:تصنيع كرات الفحم للاستعمال المنزلي.
يمكن احياء هذا الخط ،لأغراض سياحية ،من خلال انشاء محطات واقامات استقبال. أعتقد أن الاستثمار في هذا الخط سيكون مربحا ؛وزبناؤه المفترضون هم عشاق السياحة الجبلية،وتلاميذ المؤسسات التعليمية ،في كل الجهة.
أما منتجع « تسوريين » ،في قمم جبل بويعلا،فقد أصبح ،بعد عز،قاعا صفصفا أو يكاد.
ما أن استوطنت فرنسا الفحمية مدينة جرادة حتى انتبهت الى سحر المكان ومياهه وهوائه العليل.
ثم منطقة « ثالوين » بجماعة مستفركي؛ومنها منابع واد مستفركي ،الدائم الجريان.
انها شعبة خضراء على الدوام تحف بها البساتين. هذه المنطقة لا تنتظر غير رؤوس الأموال ،وسعة الخيال لتحويلها الى منتجع جهوي كبير .
هذا عن السياحة التي غاب وزيرها كلية عن موضوع جرادة؛وكأن السياحة والفحم لا يلتقيان.
وذهب الزكارة،من يتحقق من أمره؟
على أيِّ معدن الحديد موجود بكثرة،في منطقتي « ملول » وأزغوغ » ؛وكلما عبرت قرب بقايا مقلع سطحي قديم لخام الحديد،في سافلة جبل « ثامنارث »؛وهو من مخلفات ألاستعمار إلا أثارت انتباهي كل التلال المحيطة به،والتي تنم ألوانها عن باطنها الثقيل؛بالحديد أو غيره.
والمرويات عن منطقة « المعدن » كثيرة،وهي مضطردة الذكر حتى في الكتابات الكولونالة التي اهتمت بالمنطقة. سألت وقيل لي انه معدن الرصاص؛وقد كنا قديما نصنع منه ما نواجه به العدوان. ويتحدث بعض من حفر الآبار عن المنغنيز في بعض المناطق .
أما الذهب بالقبيلة فقد كثر الحديث عنه ،في السنين الأخيرة،ويسمون أمكنة بعينها قد يكون جوفها تبرا خالصا. أما الفضة فقد أراني بعضهم أحجارا مرقشة،قال انها خام الفضة ،عثر عليه وهو يحفر ثقب ماء..
وتتوالى المرئيات والروايات ؛فهل ستنهض وزارة المعادن للأمر؟ أم أنها تعرف وترجئ؟
وعلى أي ،ورغم عدم خبرتي المعدنية،أحَكِّم نوعا من الحدس المُؤَسس والمتفائل لأقول: لعل مناجم جرادة لم تصل،عبر عشرات السنين ، إلا الى الرأس الأسود للعملاق المعدني الكبير المستلقي – باطنا – بين جرادة وجبال الزكارة ؛ولعل صدره وبطنه ورجليه ،مما يثري الوطن كله ؛وليس حراك جرادة فقط.
ان الحكومة مدعوة لسعة الخيال ،وقوة العضل ،وإرادة الفولاذ،لتكسب رهان النموذج التنموي الجديد.
ان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة:
وحتى لو أمطرت بهذا، لكُنا بحاجة الى سنين للسَّبْك والتسويق.
أقول هذا لشباب الحراك حتى يعقل أمره ، ويفسح المجال ،ويتيح الوقت الكافي، لتراجع الحكومة ترتيباتها.
ليس الحراك من أجل الحراك فقط؛بل للتنمية. وليس شريطا سينمائيا تتوالى حلقاته ،ثم ينفض المتحمسون والمتفرجون ؛ويعود الشقي الى شقائه.
انكم تطالبون بالبديل الاقتصادي؛فأي سمعة تترسخ في أذهان المستثمرين المحتملين؛ان لم تكن سمعة الاندفاع ،التهور،التحدي؛وكل هذا لا يزيد رأس المال إلا جبنا ؛وهو الجبان كما يقول عنه رجال الاقتصاد.
لقد برهنتم عن النضج والتنظيم ،والولاء للوطن ،فلا تهدموا المعبد لإقامة صلاة الخوف في العراء المتوحش.
انظروا حولكم ،فمن ترون شباب مثلكم ؛ شاءت الصدف أن يكونوا من رجال الأمن ؛وكان يمكن أن يكونوا حيث أنتم .انها القوة العمومية،وهي منا ونحن منها.
ان الدولة تحتكر العنف لتحفظ منه الجميع.
تتبعت أشرطتكم فهالني التلاحم والتداني؛ولم أر في عين شباب الأمن إلا كارهين لموقعهم وموقعكم.
تذكروا أيام الثلج ،وكيف اصطكت ركب الجميع لساعات . من يحب أن يكون حيث أنتما.
وأختم بالقول للسيد رئيس الحكومة: انهض جادا للأمر ؛ولَمَسؤول وزاري واحد، جاد ،يقيم بجرادة،مرابطا عاملا بالثغر، خير من ألف رجل أمن،يُكلفون الكثير ،مما يمكن أن تفتح به أوراش كثيرة.
وحفظ الله الوطن ..
https://web.facebook.com/groups/1391761470921582/?pnref=story

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *