Home»Régional»ثافلوث ، او لعبة الحظ ( رابح قاسم واعمر ) : 5 ــ شغفي بالمدرسة

ثافلوث ، او لعبة الحظ ( رابح قاسم واعمر ) : 5 ــ شغفي بالمدرسة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

كانت المدرسة تبعد عنا بحوالي خمس كيلومترات في اتجاه السوق الأسبوعي كما أسلفت أي في نفس المكان الذي كان مقرا للكتاب القرآني والذي كان يجمع عددا لا بأس به من التلاميذ الصغار والكبار،إلا أن هذا الكتاب الذي كان الهدف الأساسي من إقامته هو تعليمنا القرآن الكريم،فإننا مع الأسف لم نتعلم شيئا من ذلك، نظرا لعدم وجود فقيه كفئ ولاختلاف آراء أبناء القبائل، بحيث أمضينا ما يزيد عن سنة كاملة في التردد على هذا الكتاب بدون فائدة تذكر…
إذا،فقد فتحت المدرسة الجديدة أبوابها في وجه كل من يرغب في تعليم أبناءه…، ومن حسن حظي أن بعض الجيران الذين هم في نفس وضعنا المادي قد سمحوا لأبنائهم بالاتحاق بالمدرسة… لست أدري كيف اقتنعوا بذلك… كل ما في الأمر أنه مر حوالي شهر على تردد أصدقاء طفولتي بالقاسم وأحمد و فراجي على المـدرسة ، وكنت ألتقي بهم كل مساء بعد عودتهم من المدرسة، وكانوا يحدثونني عن المدرسة والأصدقاء والكتابة والقراءة وعن الألواح وعن الطباشير والدفاتر والأقلام،… ومما زاد من همومي هي الأناشيد والمحفوظات التي كانوا يتغنون بها والتي لم أكن أفهم شيئا منها ولا أتصور أنهم كانوا يفهمون ما يقولون هم كذلك، إذ أن الأناشيد كانت باللغة العربية في حين كنا لا نفهم الا اللهجة الأمازيغية المحلية. …
أحببت المدرسة وأردت الإلتحاق بها ..وأردت التعلم بل وصرت أحفظ كل ما يردده أصدقائي وأقلدهم في كتابة الأحرف التي كنت أرسمها بالأحجار الصلصالية على صفحات الصخور الملساء أو بقطعة خشب على الأرض الصلبة…
أحسست بالقمع الأبوي وبسلطة والدي التي لا تقهر، كما أحسست بضعفي وبضعف والدتي التي شكوت لها همومي والتي حاولت إقناع والدي عدة مرات، ولكن دون جدوى.
كما أني كرهت تربية المواشي وخاصة رعي الجديان ، وكرهت كل أمر يصدره إلي والدي … فأعلنت العصيان وأنا لا أزال طفلا…
كنت أتألم كثيرا، وخاصة عندما يقع نظري على أصدقائي، وكيف لا أتألم وقد أصبحوا أحسن مني حالا إلى هذه الدرجة ؟! ألم أبرهن لهم مرارا على مقدرتي على ركوب الحمير واجتياز الأودية المظلمة دون أن يأكلني الغول وأن يصرعني جن !.. ألم أؤكد لهم مرارا بأني أسرع جريا من الكثيرين منهم…

***
6: الذعر من المعلم حتى قبل معرفته..

كان المساء خريفيا وكانت الحرارة التي خلفها الصيف بدأت تترك مواقعها شيئا فشيئا للبرودة الجافة ، سقت الجديان إلى الخيمة وأدخلتهم إلى زريبتهم … ثم انصرفت مباشرة إلى ابن عمي بلقاسم كي يسمعني الجـديد مـن الدروس والجديد عن المدرسة… وكان عمي مسعود والد بالقاسم حاضرا … وكنت أخجل من كلامه ومن مزاحه اللاذع .
لاحظت تغييرا على وجه العم… وتأكدت من أنه قلق وتبادر إلى ذهني أول الأمر أن زيارتي لهم كانت في غير محلها.. ولكن بعد أن دعاني إلى الجلوس وناولني كأس شاي ، نظرت إلى بلقاسم فراعني منه وجهه المنتفخ وعينه اليمنى التي كادت تختفي بعد أن أحاطت بها بقعة زرقاء… خيم صمت رهيب على العائلة… وكاد هذا الصمت يستمر لولا أن قاطعته والدة بلقاسم بصوتها الرخو الذي يعلوه حنان الأم ،وهي تمرر قطعة قماش مبللة بزيت الزيتون الذي أدفأتـه في وعاء وضعته فوق جمرات جنب الكانون على المكان المصاب على وجه ابنها .
ـ أرأيت ، ثمن الـمدرسة ، أرأيت ماذا فعل هذا الكلب ،هذا اليهـودي، الخانز ، أرأيت… هل أعجبك هذا العمل؟!
فهمت من كلامها أن المعلم هو الذي ضرب بلقاسم ، وكان أحمد قبل بضعة أيام قد حدثني عن خشونة المدرس ولكن لم أكن أتصور أنه يضرب عيون الأطفال.

(يتبع)

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.