Home»Régional»جرادة: كيف سيتواصل تدبير ساحة المعركة؟

جرادة: كيف سيتواصل تدبير ساحة المعركة؟

2
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

عود على بدء:
اعتبار تدبير مفاحم جرادة،بمثابة تدبير ساحة للمعركة- على الأقل من طرف الإعلام الوطني- يعود الى سنة 1993؛وهي السنة التي تم فيها تكليف الإطار البنكي الكبير،ذي التكوين الأمريكي،السيد عمر الإدريسي، إما بإعادة هيكلة هذا القطاع ألمنجمي المشرف على الإفلاس؛أو إغلاقه نهائيا إن تأكد اليأس من حالته.
في إطار تجميع وثائق هذا الموضوع ،مساهمة مني في انجاز تصور للبديل الاقتصادي الفعال- بمدينة جرادة – على المديين القصير والطويل، عثرت بالخزانة الفرنسية الرقمية،على دراسة /شهادة منشورة بعدد 5مارس1995،من مجلة: Gérer et comprendre
في هذه الدراسة يقدم السيد عمر الإدريسي وصفا دقيقا للوضعية الكارثية التي وجد عليها مناجم جرادة؛من حيث تدني الإنتاج ،صعوبة المسالك الباطنية وهشاشتها:(1000م تحت الأرض) تراخي التاطير الهندسي ، والعمر الزمني القصير الذي قدرته الدراسات الجيولوجية لتواصل الإنتاج :إلى حدود2005.

يضاف الى كل هذه المثبطات العمل النقابي اليساري الأهوج،الذي كان يستبد بجهود 5700عامل ،75 منهم مهندسون؛دون أدنى اعتبار لتدني الإنتاجية،وجهود إعادة الهيكلة التي انخرط فيها المدير الجديد.
أما مصير المدينة،الاقتصادي والاجتماعي ، فقد ألغاه العمل السياسي النقابي كلية من اهتمامه.
لم يكن السيد الإدريسي مهندس مناجم- كما يقول في دراسته – حتى وان كان ابن عامل منجمي بشمال فرنسا؛أما تكوينه فقد كان اقتصاديا صرفا ؛وخول له مراكمة تجربة تقويمية بنكية في عدد من الأبناك الأمريكية عبر العالم؛آخرها « سيتي بنك » بالبيضاء الذي انتقل منه الى مهامه الجديدة بجرادة.
رغم هذا البعد عن قطاع المناجم انطلق في مهمته من قناعة مفارقة :
« المهمة مستحيلة؛إذن هناك فرص للنجاح« :
منذ البداية حدثت أمور أقنعته بأنه غير مرحب به بجرادة،حتى من سائقه الذي نسيه في الخلاء ذات مرة،كما يذكر.
تطورت الأمور،لتنهال عليه المكالمات المهددة ؛كلما اخترق قلعة من قلاع الفساد المنجمي .لم يجد بدا من تقريب المنبوذين من الأطر ،والاعتماد عليهم في إجراءاته التقويمية.
ثم وقف على وضعية غريبة : لم يكن المهندسون ينزلون الى أعماق المناجم لتتبع ظروف الإنتاج ومشاكل العمال؛بل انصرمت العديد من السنين وهم لا يفعلون.
كان عليه أن يحرجهم بنزوله المتكرر ،رغم جهله بالمناجم،واقترابه الميداني من رؤساء العمال ليتعلم منهم.
انتهى الأمر بهذا الإطار المتميز إلى مواجهة كل العراقيل والمثبطات ؛محققا فعلا نقلة نوعية انعكست على الإنتاج والعمال والمدينة ؛لكن يبدو أن كل هذا حصل في الوقت الميت لأن العد العكسي ليلفظ المنجم أنفاسه ، وبالتالي المدينة كلها ،كان قد بدأ.
حقق فعلا نجاحات كثيرة ،مما جعل الجهات المركزية المعنية تعترف بجهوده ؛كما أن الإعلام الوطني اعترف بنجاحه في إدارة  » ساحة معركة  » وليس مناجم فقط.
تم وَضعُ حد لمهمته الناجحة،وفي نفس الوقت كلف بقطاع آخر حساس كان يعاني من مشاكل كثيرة:المكتب الوطني للكهرباء.
اليوم ؛وقد وصلتْ جرادة الى ما وصلت إليه ؛حتى ضاقت « الساندريات » ذرعا بشباب تدفعه الفاقة الى التهور ؛على كل السياسيين النقابين – المغرضين- الذين ذبحوا جرادة من فرط أنانيتهم ،أن يخجلوا ؛إذ لولاهم ،ولولا الجسم النقابي المريض الذي صيروه مسخا ،مصاص دماء،لكانت جرادة،اليوم، في وضعية أخرى؛ولو على هامش تاريخها المنجمي الذي انطلق سنة1927.
أقول هذا لأن هذا الجسم النقابي المريض ،بعد أن أناخ مناجم جرادة،قبل الأوان ،وسعى في تسريح العمال باستعجال مفرط؛لم يهتم للتفاوض على البديل الاقتصادي للمدينة ، لأنه أحرق كل أوراقه ،إن كانت له أوراق خالصة للنضال المنتج.
لولا هذه الدراسة الشهادة لعمر الإدريسي ،لما عرفنا حقيقة الوضع في فجر النهاية.
ويتواصل تدبير ساحة المعركة:
تتواصل المدينة ساحة للمعركة،لأنها لا يمكن أن تكون إلا كذلك؛في غياب أي جهد ضخم لجعلها ساحة للتنمية،يكبر فيها الأمل ،ويتلاشى الإحباط.
إن جرادة المخيال هي الحادي والهادي لجرادة الواقع،اليوم؛ و ستفشل كل مقاربة لا تستحضر خصوصيتها كمدينة ،بإرث عمالي يذكرها دائما بأيام العز والنشاط والوفرة والثقة في المستقبل.
إن همة شبابها اليوم عالية،وهذا ما يفسر حرصهم على اقتلاع خبزهم الأسود بالأظافر ،من باطن أرض لا ترحم.
إن مدينة جرادة هي مدينة الكعبة التي لا يصلي نحوها أحد. إنها مدينة الجبل الأسود الذي يرتفع شاهدا على قوة سواعد مرت من هنا؛سواعد اخترقت الأرض وبلغت الجبال طولا.
فهل نستكثر اليوم على شبابها المطالبة ،ليس بالصدقة،بل بخلق شروط الكرامة التي تحققت – وان قاسية – لآبائهم وأجدادهم.
انظروا الى الجبل الأسود ،انه جدنا الكبير ،الذي نحاججكم اليوم بقوته وعنفوانه:هذا هو لسان حال شباب جرادة اليوم.
ليس لنا أمير سبق أن أسس جمهورية ،حتى تفزع قلوبكم منا ؛جدنا لم يزد على امتلاك عضلات مفتولة خلقت الثروة للوطن على مدى عشرات السنين .
جدنا لم يكن أسود،بل سودته التضحية من أجل الوطن .
إن جرادة المتحركة اليوم ليست مجرد تجل لحراك ينضاف الى حراكات الوطن ؛بل هي الأصل في أغلب النضال العمالي بالمغرب ؛ولا تتواصل اليوم إلا نضالا عماليا ؛لأنها لا يمكن أن تتخلص من جلدها.
توقف قلب المنجم ،وسكت شخير الآلات ،ودوي  » الدَّبُّو » المرعب ،على مدى الليل والنهار؛ولم يصمد غير النضال العمالي ،وان بدون نشاط عمالي.
ليس بين أياديهم اليوم إلا أسمال عمال « الساندريات »،وخوذاتهم ؛يرتدونها وينزلون الى الشوارع.
ألم أقل لكم إنهم عمال وان مات العمل؟
هل تفرط دولة نامية في كل هذه الطاقة العمالية التي تنتسب للجبل الأسود؟
مقدمات لتصور البديل الاقتصادي: يتبع
https://www.facebook.com/groups/mestferkiculture51

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *