لعل الجهة الشرقية من اهم باقي جهات المملكة التي تبرز فيها العديد من الظواهر الاجتماعية المفجعة والمؤلمة ،حيث ظاهرة الفقر المدقع التي تتنوع وتدفع الى السطح بالكثير من الامراض والعاهات الاجتماعية التي لاتشرف وجه البلاد،ومن ذلك يظهر هذا التصاعد المثير لظاهرتي التسول والتشرد،وما ينشأ عنهما او يرتبط بهما من سلوكات شاذة …وهكذا يلاحظ انتشارا متزايدا لجيوش من المتسولين والنعتوهين الذين لا يكاد يخلو مكان منهم سواء بالاحياء ، او الشوارع او الاسواق ، او المرافق العمومية ، او المقاهي والحافلات ، بل وامام الادارات العمومية ، واغلب المحطات الطرقية التي اصبحت مسرحا لعاهات الفقر بشتى انواعه …حتى ان الوضع اصبح مألوفا بمدن الجهة الشرقية …ولا شك ان سنوات الجفاف المتتالية على الجهة الشرقية ساهمت في تأزيم الوضع وتفقير العديد من الاسر القروية التي شدت رحالها الى المدن المجاورة لتمتهن بعد ذلك التسول …

ترتيب مستوى الفقر بالجهة الشرقية :

حسب دراسة انجزتهاالمندوبية السامية للتخطيط حول الفقر بمختلف جهات واقاليم المملكة ، رتبت هذه الدراسة مستوى الفقر بالمناطق القروية والحضرية بمختلف عمالات واقاليم الجهة الشرقية وخلصت الدراسة الى ما يلي :

– نسبة الفقر بالمناطق القروية لعمالة وجدة انكاد : 25,59 ./° وباقليم جرادة 25,7 ./° ، وباقليو فيجيج 25,09 ./° ، اقليم تاوريرت 20,12 ./° الناظور 20,08 ./° ، وبركان 8,52 ./° …

اما بالنسبة للمناطق الحضرية : اقليم تاوريرت 22,09 ./° ، اقليم جرادة 17,15 ./° ، اقليم بركان 7,33 ./° ، اقليم الناظور 8,49 ./° ، عمالة وجدة انكاد 9,81 ./° ، واقليم فيجيج 3,57 ./° … ومن خلال هذه الارقام يمكن القول ان نسبة الفقر ارتفعت بالجهة الشرقية من 7,6 ./° الى 12 ./° في الوسط الحضري ومن 18 ./° الى 27,2 ./°في الوسط القروي مما يدل ان الفقر زاد في الصعود خلال الفترة ما بين سنة 1994 وسنة 1999…وما بين هاتين السنتين تبين ان الفقر لم يتطور بالعالم القروي بالجهة ، بل تراجع بشكل ملحوظ بفعل هجرة عدد من القرويين الذين لم يتكيفوا مع الجفاف الذي ضرب المنطقة على مدى 8 سنوات … في حين ارتفع الفقر بشكل ملحوظ منذ سنة 1994 ليقفز من 10,8 ./° الى 16 ./° وهي نسبة تبين ارتفاع وتيرة الظاهرة مقارة مع باقي جهات المملكة ، حيث نجد الفرق شاسعا لعدة عوامل : كالجفاف ، والامية ، والهجرة القروية ، والبطالة ، واغلاق مناجم الفحم بجرادة ، وتسريح حوالي 350 عاملا بمسابك زليجة …الخ

البطالة وليدة اشكالية عدم انتظام الساكنة :

قدر احصاء 1994الساكنة النشيطة بحوالي 506000نسمة منها حوالي 291000نسمة بالوسط الحضري ، بمعدل النشاط 32 ./° على المستوى الجهوي ، اي 30 ./° في الوسط الحضري و 28 ./° في الوسط القروي ، وهو اكبر بسبع مرات عند الرجال مقارنة بالنساء ، ونجد من بين الساكنة النشيطة حوالي 26,4 ./° كانت عاطلة سنة 1994 تفوق المعدل الوطني الذي كان انذاك 16 ./° ب 65./° مما يدل على الصعوبات الاقتصادية التي تعرفها هذه المنطقة والتي استفحلت بفعل المشاكل التي خلفها اغلاق منجم الفحم بجرادة وتدني السياحة …وحسب وثيقة للحوار الوطني حول اعداد التراب انجزت بمديرية اعداد التراب الوطني سنة 2000 يتبين ان البطالة تمس النساء مرتين اكثر من الرجال بمعدل 23,8 ./° مقابل 43,2 ./°

بعض العوامل الاساسية لارتفاع وتيرة الفقر بالجهة :

تعد الجهة الشرقية ضمن الجهات التي تعرف معدلات فقر مرتفعة تفوق المعدل الوطني ( 16,5 ./° مقابل 13,11 ./° في مجموع البلاد ) وعلاوة على ذلك فالجهةالشرقية تعرف اقوى معدل للفقر في الوسط الحضري حيث يبلغ 10,1 ./°مقابل 7,6 في باقي المملكة … ويعتبر اغلاق مناجم الفحم بجرادة من بين اهم العوامل التي ادت الى ارتفاع وثيرة الفقر بالجهة الشرقية حيث اعتبرت هذه المناجم المشغل الرئيسي لحوالي 7915شخصا سنة 1985 اما سنة 1996فسجلت نقصا بلغ حوالي 4968منصب شغل فقط وكانت تشكل اجور هذه الشغيلة انذاك المصدر الوحيد تقريبا لحوالي 80000 نسمة … وبعد اغلاق المنجم ترتب عن ذلك انعكاسات جد سلبية على مدينة جرادة ، ومدينة وجدة نتيجة الهجرة …

ويكمن العامل الثاني في مشكل التشغيل حيث يقدر عدد السكان غير النشيطين بالوسط الحضري حوالي 388665نسمة اما السكان النشيطون الذين تفوق اعمارهم 15سنة فعددهم يفدر ب 330267منهم 70461عاطلين وهو عدد مرشح للارتفاع خلال احصاء 2004… من هنا نستنتج معدلا جهويا للبطالة يقدر ب 21,3 ./° في الوسط الحضري … والاشارة فان مشكل البطالة هو الذي جعل ظاهرة الهجرة مرتفعة في الجهة الشرقية سواء نحو الداخل او الخارج ، كما يفسر ايضا تقشي ظاهرة التهريب واتخاذه كمورد للعيش ولمواجهة كابوس الفقر …

كما ان هناك عوامل اخرى نوجزها فيما يلي : كون الجهة الشرقية هي جهة ندرة وهشاشة الموارد والثروات ،

ما المطلوب اذن ؟

تتطلب هذه المشاكل تعبئة للوسائل ولادوت التدخل الملائمة ، كما تتطلب تبني منهجية تدخلية محددة من اجل خلق تماسك وظيفي ومجالي ضروريين لضمان شروط تنمية واعداد جهويين .وهذا يستدعي تدخل الدولة والجهة والجماعات المحلية المكونة لها كل حسب اختصاصات وحسب مؤسساته ومصادره التمويلية ، ويمكن لهذه المستويات التدخلية ان تنتظم لجلب الاستثمارات الوطنية والجهوية والخارجية نحو الجهة الشرقية بمختلف مكوناتها في اطار وحدات سوسيو اقتصادية مجالية : هي مجالات الاستمار في مشاريع تنموية .

انجاز:محمدبالبشير – جريدة الحياةالمغربية – بوجدة