Home»Régional»سلام عليك يا تويست 22

سلام عليك يا تويست 22

2
Shares
PinterestGoogle+

ونحن صغار,كنا نصعد الى جبل غيران الفيجل,نقتفي اثار الرعاة الذين كلفهم اهل الدوار برعي قطعانهم من الشياه والماعز,فنظل بين الاحجار الكبيرة وشجيرات الطاكة والعرعار والضرو,نبحث تارة عن الارانب التي كانت تكثر هناك,وتارة اخرى نبحث في الجحور عن اليرابيع,بينما يظل الرعاة يعزفون نغمات على الة الناي,والتي تسمى حينذاك بلغة الدوار :الكصبة,

لا زلت اذكر,من طرائف هاته الرحلات,ان احد الاصدقاء,ادخل يده في جحر بحثا عن يربوع,وامسك شيئا من ذيله داخل الجحر,,وهويصيح فرحا بهذا الصيد الذي كنا نفلح فيه على مرات قليلة,تجمهرنا حوله لنشاهد الفريسة التي وقعت في قبضة الصديق,وكانت المفاجاة حين سحب الصديق الفريسة خارج الجحر,فتبين انه كان يمسك بذيل ثعبان,ولولا الطاف الرحمان لكان هذا الصديق في عداد الاموات,ومن حسن حظه ايضا ان ذيل الثعبان كان باتجاه فوهة الجحر,

ومن الطرائف التي لا تنسى ايضا,انني وجدت في احد الاخاديد سكينا من الحجم المتوسط,كتب على احد جنباته كلمة:الجندي,اخذته باتجاه بيتنا لاطلع امره على اهل الدوار,فكانت الحكايات متعددة حول هذا السكين,ولكن اقربها الى الحقيقة تلك التي مفادها ان السكين من بقايا جيش التحرير الجزائري,الذي كان يلتجئ الى جبال قرية تويسيت هروبا من الطيران الفرنسي في وقت الاستعمار,

انه دليل قاطع على ان الاجداد في هاته القرية الخالدة,كانوا يساعدون الشعب الجزائري في حربه من اجل الاستقلال,هذه المساعدة التي قوبلت للاسف الكبير من حكومة الجزائر بشر لا يطاق,ودعمها للانفصاليين ضد الوحدة الترابية,وصدق قول الشاعر فيها,اذا اكرمت اللئيم تمردا,

ومن الطرائف ايضا,فوق جبل غيران الفيجل,ان الرعاة كانوا يحلبون العنزات,ويضعون حلبيها اللذيذ في علب الزيتون الحديدية,ويضيفون اليها نبتتة كانت تسمى بلغة الدوار:الحكة,ثم يعرضون الخليط الى اشعة الشمس الدافئة,وبعد مضي زمن ليس بالكثير يصير الخليط جبنا,فنتناوله على جنبات تلك الاخاديد المكونة من الصخور المترامية على الاطراف,تحت ظلال شجيرات العرعار او الطاكة,وفي احيان اخرى كان الرعاة يفلحون في قنص بعض الارانب الصغيرة التي كانت تختبئ في جحور تحت الصخور,فيتكلف احدهم بذبحها وسلخها,وغسلها,بينما نحن ننتشر لجمع الحطب اليابس واشعاله,ثم يتكلف الكبار بشي الارانب,ونتناول جميعا وجبة لذيذة,في اعالي جبل غيران الفيجل,ونحن نشاهد تلك المروج الخضراء اليانعة,على مشارف الدوار,ونشاهد قرية تويسيت الهادئة,تنبعث من مناجمها ادخنة,بفعل غسل المعادن وطحنها,ليتم شحنها ونقلها الى وجهة لم نكن نعلم وجهتها في ذلك الوقت,

نظل طول اليوم في نشاط فياض,ولا نعود باتجاه الدوار الا والشمس قد رسمت لوحة رائعة نحو المغيب,نعود والقطعان تسير امامنا,محدثة اصواتا كانها اصوات المطر المتهاطل على سقوف الزنك,ثغاء لا ينقطع,وصياح العنزات متواصل,وكانها تخبر اهل الدوار بالعودة,او لعل السر من وراء هذا الثغاء والصياح هو اخبار الخراف الصغار بعودة الامهات,حيث كانت النسوة تحرر الخراف وتخرجها لاستقبال امهاتها,فكنا حقا نتملى بصور رائعة ونحن نرى الشياه تسرع باتجاه صغارها ,ونرى الخراف تسرع هي الاخرى باتجاه امهاتها,لترشف حليبا دافئا من ضرعها,

انها صور جميلة من ايام الصبا,قدر الله لنا عيشها,على قمة جبل غيران الفيجل,وعلى بساط تلك الخمائل الجميلة الوانها,وعلى مقربة من القرية التي سكن بين الجوانح حبها,شامخة تحت خصر جبل يفصل بلدنا عن دولة الجزائر,انه جبل راس عصفور,وانها قرية الاجداد والاسلاف التي تربى في حضنها الاف من ابنائها,فمنهم من قضى ومنهم من ينتظر,

سيبقى حبها خالدا في قلب من عاش بها صغيرا,بين احيائها التي لا زالت شامخة محافظة عن تاريخها الغابر,الحي القديم والحي الجديد وحي طوطو,والحي الاوروبي الراقي,حيث كان ابناء الاغنياء يعيشون ,يمرجون ويرتعون على ملاعبه المعشوشبة,ومسبحه النقي,بينما كانت ملاعبنا نحن على المروج الخضراء,ومسبحنا على وادي سيدي لخضر,ترافقنا فيه السلاحف والضفادع,

انها قرية تويسيت,قرية الفرسان الابطال,قرية الطفولة الخالدة.قرية الاخاء والحب والمودة,قرية المعلمين الاجلاء الذين تربينا على ايديهم,ورشفنا من علمهم ما شاء الله وقدر,رغم قنينات الشاي البارد,وارغفة الخبز اليابس,

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *