Home»Régional»تاريخ مسجد في جبل

تاريخ مسجد في جبل

1
Shares
PinterestGoogle+
 

تاريخ مسجد في جبل

لا أحد ينكر أهمية المسجد في المناطق النائية والمعزولة، كما هو الحال في أولاد موسى بن امحمد من بني يزناسن بالربوع الشرقية للمغرب، فهو يشكل عنصر استئناس روحي، ومنبعا للطمأنينة والأمان، ومصدرا من مصادر المعرفة والتشبع بالقيم الإسلامية المناسبة.

وحضور الفقيه يكسب المسجد فاعلية، ويخول له القيام بمختلف الوظائف التي يناط بها، كما يكسبه الضمانات الأساس لتقويم السلوك وعدم السقوط في المحضور.

لقد أسس مسجد أولاد موسى بن امحمد قبل 1750، وكان يطلع بدور مهم سواء على مستوى الشعائر الدينية، أو على المستوى الاجتماعي والتربوي، فقد كان عبر عقود موضعا للصلاة، واللقاءات، والاجتماعات، ومكانا لتبادل التهاني، وفك المنازعات وغيرها.. ومكانا لحفظ الوثائق، وباحة مفضلة لاحتساء كؤوس الشاي جماعة، وتبادل أطراف الحديث، والتندر.

·       الوظيفة الدينية:

فمن الوظيفة الدينية إقامة الصلوات، وذكر كلام الله في الدوار، وتقوية الروابط بين الساكنة ودينيهم، ومساعدتهم على القيام بشعائرهم، والتشبث بالقيم الإسلامية.

·       الوظيفة التعليمية:

أما الوظيفة التعليمية، فتتجلى في كونه يضطلع بالتعليم غير النظامي للصغار والكبار، وفيه يقوم الفقيه بالإجابة عن تساؤلات السكان، وانشغالاتهم الدينية والعقائدية، ويحل بعض المشكلات الدنيوية المرتبطة بالعقيدة، ويرسم لهم الطرق السليمة لإقامة الشعائر، وقد مر من مسجد أولاد موسى بن امحمد عدد كثير من الطلبة و الفقهاء.

·       وأما الوظيفة الاجتماعية:

فإن الفقيه كان منذ القديم يقوم بدور أساسي في تأطير أفراد المجتمع، وملء فراغهم في الجانب الديني، وهو يعتبر المستشار والمعلم والقاضي، والعدل، يحضر عمليات البيع والشراء، والأعراس، والمنازعات.. وغيرها، وهو الكاتب والموثق لكل العقود والاتفاقات.

·       الوظيفة التربوية:

إن الفقيه إذا ما أحسن اختياره يُشكِّل قدوة للساكنة، ويسهل عليه تقويم السلوك وتعليم الأطفال، ليقوم مقام المدرسة الغائبة، في تحفيظ القرآن، وتكريس القيم الإسلامية، دون تطرف، ولا مغالاة، من أجل خلق المواطن الصالح.

·       الوظيفة السياسية:

لعب المجسد دورا مهما في تأطير الشباب وتأليبه ضد المستعمر الفرنسي، وعلاوة على أنه كان موضع لقاءات لتبادل الآراء والأفكار، وكذا التفكير في تحقيق آمالهم، وإثبات ذواتهم، بالتحرك ضد المستعمر على غرار ما يفعله الشباب في ربوع بني يزناسن، كان الزعماء بلتقون بالشباب في مسجد أولاد موسى بن امحمد، وعلى رأسهم السيد أحمد بن التهامي بن اعمر، الذي جمع الشبابن وابلغهم باهداف المقاومة، وحثهم على القيام بعمليات ضد المعمرين، بطريقة منفردة لا مركزية.

وفوق هذا كله زيادة على الوظائف الأخلاقية، والاجتماعية، والسياسية، كان المسجد المكان المفضل لخزن وثائق الجماعة، أو الأفراد، سواء منها، التي تتضمن زمام شرط الفقيه، أو المساعدات المادية، التي كان يقدمها بعضهم لبعض في المناسبات الخاصة، أو الوثائق، التي يفضل صاحبها حفظها بعيدا عن أسباب التلف والإهمال، أو خطر القوارض، وعلى سبيل المثال، فأثناء تجديد بناء المسجد، عثر البناؤون على مجموعة من الوثائق، في هذا الشأن، تعود إلى بداية الثلاثينيات من القرن العشرين، وقد سلمت للأستاذ المحترم السيد مصطفى الرمضاني، والذي سلمها الي مشكورا.

·       الفقيه:

أما ما يخص الفقيه، فقد كانت له مكانة رفيعة، وكان له دور أساسي، في تدبير كثير من الأمور الدينية، والاجتماعية والاقتصادية، كالمساهمة في الإشراف على الصلح، وتقسيم الميراث، والبث في المنازعات إلى جانب الحكماء ذوي الرأي السّديد، ممن تُسْمع كلمتهم من أهل الدوار، أو من الدواوير المجاورة، وفي تقييد المعاملات، والدّيون، أو في كتابة العقود بمختلف أنواعها.

 وكان الفقيه مقدَّما، محترما يُجمع له ما يسمى بالشرط عينا أو نقدا، وكانت تؤدى أجرة الفقيه من المحصول الزراعي، ومن مساهمة السكان جميعا، وكان ذلك يُقَيَّد ويثبت، ويعتبر واجبا، فأجرته تخصم مما هو مشترك أو موروث قبل التوزيع أو القسمة.

وعَمِل الأخيار من هذا الدوار منذ القديم على تَدبّر أمْر الفقيه، بمسكنه، وبأجرته، وحاجياته، بل بزواجه، حتى أن بعضهم صاهروهم، واستقروا بالمكان ونسبوا إليه.

 وتوفير الفقيه كان دائما الشغل الشاغل لكثير من أهل المدشر، سواء منهم القاطنين فيه، أوغير القاطنين، ولكن ذلك عرف تعثرات في السنوات الأخيرة لأسباب متعددة منها الهجرة، التي يعرفها السكان نحو المدن، وجازى الله عنا خيرا كل من سد هذا الفراغ، وجعل السكان في مقربة من التفكر في كلمة الله.

إن أول فقيه ذكر في أولاد موسى بن امحمد هو اعمر بن ملوك، وهو من بني وكلان، وصف في وثيقة يعود تاريخها إلى 1798 بالطالب الأجل السيد اعمر الوكلاني، والثاني هو محمد بن الماحي وكان قبل 1813 ميلادية، وهو طالب وفقيه، تقول الرواية الشفوية أن الماحي من أهل تنيسان، وهو أمر غير صحيح، فهو من أوائل من سكنوا المدشر، واستقر فيه طويلا، وهو في الحقيقة من أبناء أولاد موسى بن امحمد كما سنرى فيما سياتي.

وفي 1813 تكلف محمد بن علي، وهو من أولاد يحي بإمامة مسجد أولاد موسى بن امحمد، وجاء بعده محمد بن موسى بن يحي بن محمد الشرقي[1] … وهو من أولاد موسى بن محمد أيضا، ومحمد بن يحي من أولاد موسى بن امحمد ايضا، وفي 1849 عين محمد بن المختار المشرقي إمام مسجد أولاد موسى بن محمد.

  •       دور الفقهاء:

ومن الفقهاء والكتاب، الذين كان لهم دور في المدشر حسب ما وصلني من الوثائق، العدل الأرضى محمد بن الماحي، ومحمد بن أحمد بن يحي 1851، وهم من أولاد موسى بن امحمد، وموسى بن المصطفى بن بوزيان بن البشير بن اعمر من ذرية سيدي يحي 1881، وهو من ساكنة أغبال، ومحمد بن امبارك البرحيلي1896، ومحمد بن الحاج رابح البرحيل 1898، وهما مدشر إبرحيلن نسبا، والفقيه الوقور التهامي بن اعمر، ورابح بن الحاج أحمد البرحيل1933، وأحمد بن الحاج التهامي، وأحمد بن أحمد بن امبارك البرحيلي، وغيرهم.

وحتى يستمر الوضع ويرفع الآذان في المدشر عمل المعاصرون من أبنائه على التشبث بهذه السّنّة، وتعيين الفقيه، وتدبر أمره، ويتولى أمره حاليا بعد إصلاحه، وترميمه، السيد عبد الاله حميش، وهو متزوج وله ولد وبنت، يؤمّ بالناس، و يعلم الأطفال، وقد تطوع السيد محمد أعقاب بأداء أجرته نيابة عن الجميع، و في يوم الجمعة 17 مارس من سنة 2017 اسست مندوبية وزارة الأوقاف لخطبة ايام الجمعة، بحضور السيد المندوب، والعالمين الجليلين السيد مصطفى بن حمزة، ورمضان يحياوي.

وهذه بوادر إعمار الدوار، وتحول هندسته بعد ربطه بشبكات الماء والكهرباء، ومن هنا سيتغير كل شيئ، وأتمنى أن يدرك الجميع الجمال، والراحة من غير القضاء على كثير من مميزات المدشر وتراثه.

[1] ـ كانت تطلق صفة الرقي على كل من جاء من الشرق أي من تلمسان، وكل من جاء من فاس وما بعدها تطلق علي صفة الغربي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. محمد مكتوب
    30/03/2017 at 08:12

    النص من كتاب « أولاد موسى بن امحمد من الظل إلى الضوء » لمحمد مكتوب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.