الكرم الحاتمي للسيد مدير وكالة تنمية الأقاليم الشرقية على الهيئات الافتراضية

ما هكذا تؤكل الكتف يا سيد المباركي ؟

شيء جميل أن تتحرك وكالة تنمية الأقاليم الشرقية مشفقة على المشهد الإعلامي الجهوي و حاملة لهمه.و تنخرط في نشاط ما من الأنشطة و تضخه بعشرات الملايين من السنتيمات.و لكن الأجمل منه ،هو أن يدرك السيد محمد المباركي مدير الوكالة أين يضع قدمه قبل أن أية خطوة يخطوها ، و أن يأتي البيوت من أبوابها لا من …خاصة إذا كان من طينة الأستاذ المباركي رجل السلطة و الوزير المنتدب المحنك… و عوض بعثرة تلك الملايين من السنتيمات على هيئات افتراضية . أن يجول ببصره باحثا عن الممثلين الشرعيين للقطاع.اللهم إذا كان السيد مدير الوكالة لا يعترف بالهياكل القائمة. فهذا شيء آخر.

و لكن الأجمل منه ،هو أن يدرك السيد محمد المباركي مدير الوكالة أن يضع قدمه قبل أن أية خطوة يخطوها
بادئ بذي بدء ،من حق من شاء أن يؤسس ما شاء من المنظمات و الجمعيات، و يخلع عليها ما شاء من الألقاب و المسميات.و لكن ليس من باب المهنية و الاحترافية و الموضوعية أن تنصب جهة ما نفسها متحدثة باسم الإعلام الجهوي. وقد فضلت أن أستعمل كلمة هيئة افتراضيةvirtuel عوض هيئة وهمية لأنها تشبه عمل الشبكة العنكبوتية حيث لا توجد للمواقع حيز مادي ملموس .بل حتى جريدة السيد رئيس الهيئة الافتراضية التي كانت ستمدها الوكالة بتلك الملايين.لا تتوفر على مقر مادي اللهم صندوق بريد. بل الأمر يتعدى المقر إلى المقالات المنشورة على صفحات الجريدة نفسها. فلأول مرة أرى مقالات كثيرة من دون كتاب . ربما تتعلق المسألة بنظرة جديدة للإعلام الجهوي و من يدري ؟!. هذه الهيئة تفترض و تتخيل أنها تتحدث باسم الإعلام الجهوي.و الحقيقة أن هذا محض تخيل و افتراض.حتى لا أصف الواقعة بالكذب والافتراء.وأقترح تغيير كلمة جهوي بكلمة هي أكثر واقعية بالإعلام العائلي أو الإعلام الافتراضي . و بهذا الصدد أقترح على السيد المباركي قراءة آخر عدد لجريدة الهيئة الافتراضية – أي التي تفترض كما قلنا سلفا الحديث باسم الإعلام الجهوي –خاصة ذلك البيان الصحفي الذي لا لون و لا طعم له.حيث تعلن الهيئة الافتراضية أنه تم تأجيل اللقاء المتوسطي الأول حول الإعلام الجهوي.. إلى أجل غير ما سمى – و الواقع أنه تم إيقاف تلك المهزلة الممولة من جيوب دافعي الضرائب .أو قل تم نسفه من أساسه.و إمعانا في الافتراضية فالبيان الصحفي العظيم الذي يزف التأجيل إلى أجل غير مسمى لا يحمل توقيعا. فقط في آخر البيان، توجد كلمة هلامية اسمها عن الرئيس .وهنا نطرح سؤالا و استفسارا بسيطا :كيف تسمح هيئة تدعي أنها رائدة الإعلام الجهوي و جارة قاطرته أن ينسف نشاطها الدولي الكبير. نتيجة بلاغ صحفي وقعه ثلة من المنابر الإعلامية الورقية و الإلكترونية –الغيورة أو الحقودة حسب التصنيف – .فلماذا لم تقم الدنيا ولا تقعدها . غريب أمر هذه الهيئة التي كان سيضخها السيد المباركي بهذا الدعم السخي ؟! أقف عند الحد فيكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. و ما كنت لأذكر هذه الهيئة الافتراضية لولا أنها تعدت حدود اللباقة و الأدب و نصبت نفسها في رمشة عين وصيا شرعيا عن القطاع الإعلامي الجهوي.و أعلنت نفسها طرفا وشريكا رئيسا في ما حدث من مهزلة الإعلام الجهوي . و الأهم من هذا و ذاك. تلك الملايين العمومية التي كانت ستصرف للهيئة الافتراضية. و التي مصدرها أولا دافعي الضرائب .

و أعود للوكالة التي هي حجر الزاوية في ما حدث. إن إقدام السيد مدير الوكالة الأستاذ المباركي بتجاهل الإطار الشرعي المنتخب والناطق الرسمي باسم الصحافة الوطنية و الجهوية.الذي هو النقابة الوطنية للصحافة المغربية.و الذي ينضوي تحت لوائه الجهوي فقط ما مجموعه 130صحفي و صحفية بين مهني و منتسب و رؤساء تحرير و محررين و مراسلين محليين و وطنيين.. ، بمقراتها الجهوية و الوطنية .و ليس صناديق بريد.فضلا عن الصحافة الإلكترونية التي بدأت تشق طريقها مؤخرا .أن يدع السيد المباركي كل هذا الإطار الكبير و يذهب إلى آخر افتراضي . هو سبة حقيقية للنقابة و للجسم الصحفي العامل تحت لوائها.! و إقصاء صارخ يصعب تأويل غيره .مهما كانت الحيثيات. ثم بعد ذلك نحاول أن نضع قراءة موضوعية قدر الإمكان. علنا نعثر على الأسباب أو محاولة تفسير ما حدث. و التي أرى أنها لا تعدو أحد الأمرين لا ثالث لهما.

فإما أن السيد المباركي يعلم كل هذا ولكنه و لسبب من الأسباب اتجه إلى هذه الهيئة الافتراضية عن قصد وعمد متجاهلا الإطار الشرعي . و هذا يطرح سؤال المصداقية و الشفافية في صرف المال العام. وعليه فليس من حق أي مسؤول كيف ما كان أن يعتبر المال العام ضيعة عائلية يتصرف فيها كيف شاء.

أن يدع السيد المباركي كل هذا الإطار الكبير و يذهب إلى آخر افتراضي . هو سبة حقيقية للنقابة و للجسم الصحفي العامل تحت لوائها
و إما أن السيد محمد المباركي مدير وكالة تنمية الأقاليم الجهة الشرقية لا يفقه شيئا في الإعلام خاصة الإعلام الجوي.بحيث أنه يختلط عليه الحابل بالنابل، والإطار الشرعي بإطار افتراضي و هلم جرة . و هذا لعمري عذر أقبح من الزلة.لأن المفروض في مدير الوكالة لتنمية الأقاليم الشرقية أن يلم بأبجديات الحقل الإعلامي الجهوي. وإلا فكيف سوف تكون هذه التنمية الجهوية التي يغيب عنها الحقل الإعلامي . و هنا سوف أفتح قوسا أعوذ بذاكرتي للوراء.حيث سبق و أن سألت السيد المباركي هذا السؤال على مضض أثناء انعقاد اللقاء الأورومتوسطي للشباب المغاربي في الشهر الفارط بمدينة وجدة .و السبب كانت مداخلة الصحفي الاقتصادي فرانسيس جيلي . و الخبير بشؤون المغرب الذي تجشم عناء السفر من القارة العجوز إلى مدينة وجدة ليعطينا دروسا في الوحدة المغاربية و تاريخ المنطقة. حيث لاحظ غياب التواصل المغاربي على مستوى المناهج الدراسية . و هذه نظرة صائبة و ثاقبة .و استطرد قائلا بأنه كتب مقالا أثناء مكوثة بالمغرب لسنوات عديدة .فنشر ذات مرة طبعا بالفرنسة أن المولى إدريس الأول مؤسس الدولة الإدريسية كان شيعيا. مما جعل السلطات المغربية تنزعج مما كتب و تستدعيه. و يبدو أن هذا كتب في عهد الحسن الثاني حيث كان النظام المغربي لا يطيق الخمينية .و لكنه أقنعهم بأن المولى إدريس كان فعلا شيعيا و ما عليهم إلا قراءة تاريخهم .و يحكي أنه بعد ذلك بمدة استضافه مسؤول أظنه والي فاس أو عاملها . ليعترف له بجهله للتاريخ و لكن بدبلوماسية فاسية رقيقة لطيفة محشوة بكوب من الشاي و الشهيوات الفاسية التي تنسيك أصلك و فصلك.و أثناء سرد هذه القصة استدار السيد المباركي الذي كان جالسا على المنصة بوجهه إلى الخبير فرنسيس و قال و أنا كذلك لم أكن أعرف بأن المولى إدريس كان شيعيا ؟!.و هنا قامت حافظتي و اعتبرت أن الإهانة مضاعفة.فكيف يصدق مسؤول مغربي بسذاجة هذه الطروحات، و كيف نسمح لغيرنا بأن يمطرنا بدروس في تاريخنا!.و مباشرة بعد انتهاء الجلسة هرولت نحو السيد المباركي من أجل تصحيح ذلك المعطى التاريخي . فقلت له بأن المولى إدريس لم يكن شيعيا بالمعنى العقدي المذهبي كما هو منتشر الآن. و لكن كان يطلق لقب شيعي على آل البيت و مناصريهم المعارضين للحكم الأموي العباسي بعد ذلك .بمعنى أنه كان لقب سياسي يطلق على المعارضين السياسيين للنظام القائم من دون أن يعني ذلك تميزا مذهبيا أو حمولة عقدية. و قد كان من شيوخ الإمام مالك بن أنس الذي يعتمد مذهبه بالمغرب الإمام جعفر الصادق أحد أقطاب آل البيت. فهل يقال مثلا بأن الإمام مالك كان شيعيا .كما أن الإمام أبو حنيفة النعمان قتل في سجنه مسموما لأنه كان مواليا لقومة محمد النفس الزكية و أخيه إبراهيم، و هما من آل البيت.فهل يقال بأن الإمام أبو حنيفة كان شيعيا أيضا.؟ ولن أنسى أنه طلب مني أن أشرح للسيد فرنسي الأمر فرفضت لأنني ما جئت هذا الملتقى من أجل الاستدراك و التصحيح التاريخي، و لكن كان هذا من أجل تنبيه السيد المباركي فقط. وهنا اغتنمت الفرصة لأسأل السيد المباركي عن دور الإعلام في تنمية الجهة بوصفها بوابة مغاربية،فابتسم ثم قال لي أن هذا كلام طويل و انصرف بهدوء !.و الحقيقة أنني لامست غياب مقاربة إعلامية عند السيد محمد المباركي الذي لم يكلف نفسه كلمة أو كلمتين دبلوماسيتين تعبران عن اهتمام مدير الوكالة بالإعلام. أو هذا على الأقل ما يمكن أن أستنتجه من كلامه .مع العلم أنه أفاض في ذكر المبادرة الوطنية للتنمية أثناء تناوله الكلمة .على الرغم من أن فضاء النقاش كان هو الحديث عن المشروع المغاربي المتعثر.أكثر من ذلك لامست انزعاجا من طرف أحد الإخوة التونسيين الذين حضروا أشغال اللقاء . فما كان مني إلا أنني جاملته قائلا: من حقك أن تأخذ الكلمة و تحدثا عن منجزات الحكومة التونسية!.و الآن بعد هذه الخرجة غير الموفقة للسيد المباركي و استجماعا لخيوط ما سبق . يمكن تزكية الطرح الثاني، الذي هو القصور الكبير في الإلمام بالمشهد الإعلامي الجهوي فضلا عن وجود رؤية إعلامية من أجل المساهمة الفاعلة و الفعالة في تنمية الجهة الشرقية .

و عليه و حتى تكون هذه الكلمات ذات جدوى. و مساهمة منا في إحاطة السيد المباركي مدير وكالة التنمية للأقاليم الشرقية بأبجديات الوضع الإعلامي الجهوي. و انطلاقا من واجب أمانة الكلمة والمسؤولية المهنية ، و الحال على ما ذكرت، أهمس في أذن السيد المدير همسا لطيفا ظريفا لن يكلفه سنتيما واحدا من كل تلك الملايين من المبعثرة على الهيئة الافتراضية :

أولا :التنمية هي كل متكامل لا يمكن فصل بعضه عن بعض .فلا يمكن أن نجد دولة متقدمة صناعيا و لكنها متعثرة تعليميا أو الإعلاميا.و إلا كيف لنا أن نحقق تنمية أو قل مشروع تنمية في ظل غياب المشاركة الفعالة للإعلام . و قبل ذلك وجب تأهيل هذا الإعلام .وضخه بالدعم المادي المدروس و الهادف، و آخر معنوي في إطار الأجهزة الشرعية و الوصية على القطاع الإعلامي.و هذا يستوجب الإلمام بالمعطى الإعلامي العام على المستويين المغربي و الجهوي المحلي الخاص بالجهة الشرقية .هذا الإلمام لن يتأتى إلا بالجلوس و متابعة القطاع عن كثب .الشيء الذي يحيلنا إلى النقطة الثانية .
التنمية هي كل متكامل لا يمكن فصل بعضه عن بعض .فلا يمكن أن نجد دولة متقدمة صناعيا و لكنها متعثرة تعليميا أو الإعلاميا.

ثانيا : التواصل هو شرط أساسي للنهوض بالجهة .و الحقيقة أنه يصعب التواصل مع السيد محمد المباركي مدير وكالة تنمية الأقاليم الشرقية . و لعلمي أنه لا يتوفر على مكتب مستقل للتواصل اللهم مكتب الرباط .الشيء الذي يفرض على الوكالة أن يكون لها مكتبا بالجهة و سكرتارية دائمة .و أقترح على السيد المباركي .بعد استرجاع ما تبقى من الدعم المالي السخي لتلك الهيئة الافتراضية التي كانت سوف تجلب لنا عددا معتبرا من ضيوف الضفة المتوسطية الأخرى .والذين كانوا سوف ينعمون بالمقام الطيب و الشمس الناعمة و بالأكل المغربي اللذيذ….و لكن من دون أن يكون في مقدمهم كبير فائدة تذكر للتنمية بالجهة.فأهل مكة أدرى بشعابها .اللهم صرف أموال طائلة في تذاكر السفر و الإقامة و بروتوكولات فارغة…و بعد استرجاع ما تبقى من الدعم المباركي السخي ، أقترح عليه اقتناء شقة في وسط المدينة، و جعلها مكتبا قارا للسيد مدير الوكالة على أرض الجهة .طبعا بسكرتيرة أنيقة.و لكن المرجو أن تكون تحسن اللغة العربية بفصيحها و دراجتها . فالجهة لا تحتاج إلى سكرتيرات ذوات القوام الرشيق يتشدقن بلغة موليير.و يجهلن لغة المتنبي .

و إذا حدث و فكر السيد مدير الوكالة في النهوض بالقطاع الإعلامي الجهوي من أجل المساهمة في جر قاطرة أو عربة الجهة – حسب إرادة و جدية القائمين – فما عليه إلا البحث الحثيث عن مستشار أو مستشارين إعلامين .و لا أنصحه بأشباه الإعلاميين و ما أكثر هم .فالأمر أكبر من مقال هنا أو هناك .إذ يتعداه إلى رؤية و منظور و مهنية و إلمام كلي ….و إذا لم يجد .فما عليه إلا الاستعانة بمجموعة من الإعلاميين.على شكل خدمات فريق من الإعلاميين يسهرون على إعداد دراسات أو تقارير حقيقية …طبعا في إطار تعاقدي نظيف و نزيه.

و أخيرا أدعو السيد المباركي إلى الاهتمام بالجرائد المحلية على الرغم من تواضعها الكبير محاولا الاطلاع عليها ، و كذا المواقع الإلكترونية الصادرة و المتابعة لشؤون الجهة . و لا أقول الصحف الإلكترونية لأنها لم ترق بعد إلى هذا المستوى، و لكن هذا لا يمنعنا من التنويه ببعضها الذي بدأ يشق طريق المهنية رويدا رويدا . من أجل الوقوف عن قرب على المستجدات .و إن أمكن العمل في نطاق الرؤية المغاربية .حتى يمكن استغلال الموقع المتميز لمدينة وجدة بوصفها بوابة مغاربية .و لما لا الاطلاع على تجربة الجارة الجزائر التي و من دون مجاملة تعد من الدول العربية و المتوسطية المتطورة

على مستوى الإعلام الجهوي .
و يكفي أنها تتوفر على 60 يومية .

و أخيرا أدعو السيد المباركي إلى الاطلاع و الاهتمام بالجرائد المحلية على الرغم من تواضعها الكبير .
و من هذه اليوميات ما هو محلي .أذكر على سبيل المثال يومية وهران . أما عن عدد النسخ المطبوعة فيكفي أن يومية الخبر الجزائرية تطبع لوحدها يوميا 600 ألف عدد. بمعنى أن هناك تفوق ما تطبعه الجرائد و اليوميات المغربية مجتمعة عن بكرة أبيها و على اختلاف تلاوينها و توجهاتها و التي بلغ عددها مجموعا و بشق الأنفس وصل رقم 400 ألف نسخة .

و أن يحاول قدر الإمكان أن يقوم بذلك شخصيا . حتى يستدرك ما فاته .و عفا الله عما سلف.كما لا يفوتني أن أتمنى التوفيق لكل منبر من المنابر الجهوية الجادة التي تقاوم العزلة و عزوف القارئ . و الإكراهات المادية و المعنوية .و أتمنى خالصا غير متشف لتلك الهيئة الافتراضية أن تعقد ملتقاها في أقرب أجل مسمى، شريطة الابتعاد عن أموال دافعي الضرائب !

ذ: رشيد شريت

Cherriet.presse@gmail.com