Home»Correspondants»حكايا استاد متقاعد ـ الحلقة 6 ـ : الوصول الى فاس

حكايا استاد متقاعد ـ الحلقة 6 ـ : الوصول الى فاس

0
Shares
PinterestGoogle+

لم يكن القطار الذي يقطع ألمسافة بين وجدة وفاس هو كل ما شغل بالي،بل إن طبيعة الأرض من مدخل تازة الى حيث كنا متوجهين،هي طبيعة تختلف عما خلفناه وراء ظهورنا.
لقد لاحظنا وفرة الخيرات الزراعية وتنوعها،حيث لم تغب عن أعيننا مؤشرات محصول زراعي قوي تؤكده أكوام التبن المتناثرة عبر الحقول الفسيحة ناهيك عن البطيخ الأصفر الذي كان يؤثث جنبات الطريق يؤمئذ وبدون سقي!
كانت هذه المناظر تذكرنا بموطن التقشف الشامل الذي خرجنا من تلابيبه للتو،وحينئذ فقط فهمت مغزى مقولة الأجداد: ،،الغرب خيمة كبيرة،،!
ظل انتباهنا مشدودا لما يمتد اليه بصرنا والقطار يقربنا تدريجيا نحو المدينة التي سبقتها شهرتها،وكنا متلهفين للوصول اليها بالرغم من كل التوجسات التي خالجتنا،والتحذيرات التي تلقيناها من جهات عديدة!
ما إن غادرنا بلدة،،رأس تبودة،،حتى استقبلتنا منحدرات ترغم كل المراكب على الدوران كلمترات عديدة وكأنه إيذان بأن مكاسب فاس لابد لها من ثمن يؤديه كل مقبل على التسوق منها،وكل حسب عدته!
لابد لزائر فاس أن يتعمد بمياه سبو وسيدي حرازم قبل أن ينعم بالدخول في أحضان المدينة التي تتلخص فيها حضارة أمة بأكملها!
يكفيها فخرا أن الأمجاد هناك صنعهما الرجل والمرأة معا:فالمولى إدريس بنى المدينة،وفاطمة الفهرية بنت العقول بجامعتها!
إنها مدينة المعالم الضاربة في القدم التي سنكتشف بعضا من أسرارها بعدما طال المقام.
حين تراءت لنا المدينة مسندة ظهرها الى جبل،،زلاغ،،كنا على مقربة من محطة،،باب فتوح،،الذي سمعنا عنه في أغنية شعبية شهيرة فقط:( اذوك الواقفات في باب فتوح… والعهدة على،،بناصر أوخويا،،) وها نحن الان نرسم فيه أولى خطواتنا خوفا من مغبة الضياع في المحطة المقبلة!
حملنا أمتعتنا التي تضمها حقائب تشي بتراتبيتنا كاملة،فما بالك حين بدأنا استفساراتنا؟
لقد كان أول دليل على أننا غرباء هو اصرارنا على قطع المسافة بين المحطة وحي،،الملاح،،راجلين،وهناك شاءت الصدف أن نستوضح المكان من خلال شاب تبين أنه من مدينة،،دبدو،،!
لقد شملنا المولى إدريس ببركته،فبعث الى طريقنا،،ريحة البلاد،حتى لا نتيه في محروسته!
قادنا الشاب الى حيث تتوزع الفنادق غير المصنفة فنزلنا بأحدها مقابل ثمن زهيد.
تناولنا ما يشبه عشاء،ثم كان علينا أن نبحث عن النوم الذي طرده جلال المكان ومظاهر الحياة الجديدة التي دخلناها فجأة.
كنت على موعد مع أول مشهد سوريالي أدشن به الاقامة بفاس:قمت من النوم في ساعة متأخرة من الليل بحثا عن الماء لأفاجأ بالشاب المسؤول عن الفندق يحتضن سائحة أجنبية والاثنان نائمان بعدما لعب تدخين،،القنب الهندي،،بلبيهما،حيث كان الدخان الذي نفثاه يدور في حلقة مغلقة،وصار يقتحم علينا حجرتنا!
كان ذلك المشهد أول إشارة إلى العوالم والدهاليز التي تزخر بها هذه المدينة التي تقدم لزوارها طابقا لذيذا ولكنه ملغوم!
يتبع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *