Home»Correspondants»VIDEOS هشام الصغير… نقطة التقاطع بين الرياضيات والمقاولة والسياسة

VIDEOS هشام الصغير… نقطة التقاطع بين الرياضيات والمقاولة والسياسة

3
Shares
PinterestGoogle+

عبد السلام المساوي

بترشيحه هشام وكيلا للائحة الجرار ( التراكتور ) في الانتخابات المحلية لرابع شتنبر 2015، يكون حزب الأصالة والمعاصرة قد استقبل بوعي ومسؤولية الرسائل الملكية التي حملتها خطابات صاحب الجلالة بدءا من الخطاب التاريخي في 9 مارس 2011… خطابات حث فيها جلالة الملك الأحزاب السياسية على تجديد نخبها؛ وتجديد النخب يستلزم البحث عن أطر شابة وفاعلة، أطر مقتدرة ومؤهلة لكسب رهانات المرحلة، أطر منتجة ومبدعة، أطر فعالة وقادرة على تقديم أجوبة جديدة لأسئلة جديدة. إن المغرب تغير وعلى الجميع أن يكون في الموعد.

هشام الصغير شاب في عمر الزهور، من هنا يستمد  بريقه وديناميته، فعاليته وألقه، فالرجل الذي تمرس بالعمل المقاولاتي ومسؤوليات العمل الجمعوي متمسك بوهج الحياة.. أنيق ومتألق… صفة الشباب تلازمه أينما حل وارتحل، ديناميكي، دأب على الممارسة والحركة، طموح يعانق هموم وجدة، هذه المدينة التي ولد فيها سيظل عاشقا لدروبها ووفيا لأهاليها… إنه كالنهر الذي لا ينسى نبعه والماء الذي لا ينسى مصبه الأصلي. فمن المعروف عليه اعتزازه بأصوله الشعبية وعاداتها، وترجيحه للفئات الشعبية الفقيرة وتفضيلها على علية القوم. ورغم أنه أصبح مقاولا وازنا فإنه ظل مرتبطا بهذه الفئات الشعبية المقهورة، وظل وفيا لثقافتها وطقوسها، بل إنه يعمل جاهدا على مؤازرتها وإسعادها… إن نجاحه كرجل أعمال لم يسلبه إنسانيته، ولم ينسه الفئات الاجتماعية التي تعيش مختلف أشكال الخصاص، عطفه وحبه لهذه الفئات جعله ينخرط بقناعة مبدئية وإيمان صادق في جميع المبادرات التي تروم الخير والإحسان، ويدعم كل الجمعيات التي تهدف إلى روح التضامن الإنساني والتماسك الاجتماعي.

إن تؤمن وتعمل، فذلك هو المثل الأعلى، الاختيار الصحيح والنهج السليم، القناعة المبدئية والممارسة الصادقة… هشام الصغير، آمن وعمل، يؤمن ويعمل، هكذا كان وهكذا سيبقى… فالسلام عليه يوم اختار ويوم آمن ويوم عمل… آمن بالله واحدا أحدا، رب العالمين لا شريك له. وآمن بالمغرب وطنا عزيزا وبلدا أمينا، وآمن بجلالة الملك  محمد السادس ملكا للبلاد وأميرا للمؤمنين، رمز السيادة والوحدة، رائد النمو والتنمية، قائد المشروع التنموي الديموقراطي الحداثي الذي انخرط فيه المغرب بقوة وبدون رجعة،  من هنا كان التمييز وكان الاستثناء المغربي الذي لم ولن تمسه عواصف الغضب الشعبي التي أطاحت بأكثر من حاكم عربي… بلد آمن محصن بملك شاب ديموقراطي وبشعب ملتف حول ملكه، والجميع يروم بناء مغرب قوي ومتماسك.

آمن هشام الصغير وعمل، تلبية لنداء صاحب الجلالة محمد السادس أيده الله ونصره، تلقى الرسالة واستوعب الخطاب الملكي التاريخي بوجدة، الخطاب الذي يعتبر خارطة طريق بناء الجهة الشرقية، الخطاب الذي رسم معالم جهة جديدة، جهة نامية ومتقدمة. من هنا كان القطع مع التقسيم الاستعماري  » مغرب نافع ومغرب غير نافع  » فالمغرب في عهد محمد السادس بلد واحد وموحد، وهو كله نافع بجهاته ومدنه، ببواديه وقراه… المغرب لا يمكنه أن يتقدم إلا بالنهوض بجميع جهاته و أقاليمه، وعلى الجميع أن يؤمن بمستقبل المغرب ويساهم في إقلاعه وتنميته.

انخرط هشام الصغير بكل إيمان وحماس، بكل ثقة وجدية في المشروع الملكي الطموح، وكان الانخراط في العمل الجمعوي الجاد. إن فعاليته في المجتمع المدني لا مست مختلف القضايا التي تهم ساكنة وجدة… فرض حضوره القوي في العمل الاجتماعي التضامني من خلال الاهتمام بالطفل والمرأة، ومقاربة قضايا الصحة والتعليم، محاربة الأمية ومساعدة الفقراء والمحتاجين والمعوزين… يحركه الوعي بأن الأمية والفقر يتهددان أي مشروع تنموي ديموقراطي يروم النهوض ببلادنا.

في أحضان مدينة وجدة بمشاكلها وتعقيداتها، تعاني أحياء وجدة من كل أشكال البؤس و الفقر… والانخراط في العمل الجمعوي في ظل شروط صعبة واكراهات اجتماعية واختلالات بنيوية، يقتضي الالتزام والتضحية… ويعتبر هشام الصغير نموذج المقاول الذي التزم فضحى، آمن فعمل… اختار هشام العمل الجمعوي لا يهدف الارتزاق المادي أو الارتقاء الاجتماعي… لم يلج العمل الجمعوي بحثا عن الأضواء أو الشهرة، لم يلج العمل الجمعوي من باب الاتجار أو الانتهازية… بل ولج العمل الجمعوي لخدمة وجدة وأهاليها الطيبين عن قناعة واختيار. و  » المتتبع لمسارات الموجود من الحياة الجمعوية لهشام الصغير يدرك أنه تربى على قيم التضامن والتعاون منذ كان عوده يسير نحو الاشتداد بذلكم الحي الشعبي « مولاي الميلود » الذي أنهكه الفقر وضعف التجهيز، لذلك اليوم هو مرتبط أيما ارتباط بهذه الأحياء التي تؤثث جانبا مهما من مساحة مدينة وجدة، ولذلك أيضا رحلت معه هذه الشحن الخيرية إلى وسط المغرب أين بنى مسجدا ببوسكورة وأسس جمعيات بالدار البيضاء و انخرط بجمعيات دولية حتى يستفيد من تجاربهم التنظيمية والتسييرية على حد تصريحاته. لقد كان هشام حاضرا مع « مؤسسة بسمة للأعمال الخيرية » التي باتت تعرف التألق في تدخلاتها ونوعية انجازاتها، فقبل حوالي سنتين سيتربع على رئاستها. ومع هذا الانعطاف ستعرف الجمعية على عهده تغييرا في الهيكلة وتنوعا في مجالات التدخل « .[1]

خطوات هشام الصغير تتجاوز وتتعدى الظهور المجاني في الساحة الجمعوية. إن له إستراتيجية واضحة الأهداف على المدى المتوسط والبعيد لإيقاف نزيف البؤس الذي تعاني منه الأسر الوجدية الفقيرة… ويسجل الرأي العام المحلي إن الجمعية التي يترأسها هذا المقاول الشاب هي  » بسمة  » اسما ومسمى، دالا ومدلولا، أهدافا وبرامج، تدخلات وانجازات… هي عنوان المعذبين في وجدة.. الواقع يسجل أنها أدخلت البسمة إلى قلوب مكلومة ومغبونة… أدخلت البسمة إلى أسر وجدية فقيرة في الأعياد والمناسبات، في رمضان والدخول المدرسي… ورفعت الحرج عن الكثير في المحن  والمآتم… أفرحت المريض وأسعدت المحتاج… وأعمالها الخيرية تنشدها كل يوم وتذكرها،بل وتغنيها وتتصاعد في مسيرة تنمية وجدة ومساعدة أبنائها المحتاجين… بسمة جمعية تؤسس لكرامة الإنسان… هي في مبناها ومعناها تشكلت ونمت ضد البؤس والفقر… إنها تشكل لوحدها ونوعها جمعية مختلفة، ولن تكبح تمددها تضاريس نتأت في جغرافية العمل الجمعوي.

فمن هو هذا الشاب الهادئ الذي كان أقرب من الوثوق بتربعه على رئاسة بلدية وجدة دون حاجة للتحالف مع الاستقلال. والذي تخرج من مخارج صوته آهات عن مآلات عاصمة جهة الشرق بعدما فعلت عوامل متضافرة فعلها في اقتصادها وتنميتها؟ من هو هذا الشاب الذي يتحدث ببراغماتية المقاول، ومنطق الرياضي، واستعارات المثقف، القريب من تعاسة الفقراء وأحيائها والبعيد عن سقف التسويات والتنازلات؟ [2]

كعادة الأنهار تنزل من القمم بإصرار لتسقي السهول، عانق هشام الوجود سنة 1980 بوجدة الشامخة بتاريخها وأمجادها، وبحي شعبي هو حي مولاي الميلود بلازاري، خطا خطواته الأولى ونما في دروبه شاهدا على معاناته… ليصبح منذ طفولته ونعومة أظافره رجلا ممسكا بزمام مسار حياته، حمل في صدره كبرياء القمم وإصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك، تشق مجراها بصبر وثبات، إذ لم يكن على يافع مثله أن يلتحف أحلامه وينتعل طموحه، ويتعطر بإرادته، ويثب إلى المستقبل في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب.

بعد طفولة هادئة باللون الأبيض والأسود، بالجدية وشيء من الشغب، يصطحب ظله لمواجهة المجهول… لمجابهة المثبطات، لعناق الآمال، ودائما يحمل في كفه دفاتر وأقلاما، وفي ذهنه أفكار ومعادلات، وعلى كتفه موادا وسلعا، فهو يكره الفراغ…

إن الزمان الفارغ يعدي الناس بفراغه… وحين يكون الشعور هامدا والإحساس ثابتا، يكون الوعي متحركا… وعي بأن الحياة خير وشر.. مد وجزر.. مجد وانحطاط… ولكن هناك حيث توجد الإرادة ويكون الطموح.. تكون المبادرة ويكون التحدي… تكون الطريق المؤدية إلى النتائج المتوخاة.. ويقول هشام: « لا تهمني الحفر ولا أعيرها أي انتباه ». منذ بداية البدايات كشف عن موهبة تمتلك قدرة النجاح، في الدراسة والتجارة، ويظل دائما ودوما متمسكا بطموح النجاح في الثالوث الذي يؤثث مساره؛ الاقتصاد، العمل الجمعوي، السياسة.. لا يزاحم أحدا، يكفيه ما يتوفر عليه من كفاءات ومؤهلات لكي ينسج بألوان الجدية والمسؤولية نسيجه المميز.

يكره اللغة السوداوية والنزعة العدمية، يكره المناورات والتسويات.. يكره الأسلوب المتشائم ولغة اليأس والتيئيس… لا… هو إنسان جد متفائل، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل… وهذا الطموح… وهذا الحب اللامشروط لمدينة وجدة رغم الكآبة في السماء والأسى لدى الآخرين… قد يكون الماضي حلوا، إنما المستقبل أحلى.. هذه فلسفته في حياته اليومية… إنسان بشوش في طيبوبته، وطيب ببشاشته، قوي في هدوئه، وهادئ في قوته… هكذا كما نعرفه، اسمه هشام ، اسم أنجبته وجدة من عمق أحيائها ومعاناة أهاليها ولطافة سكانها… اجتماعي بطبعه.. وما أسهل تأقلمه في المجال إذا أراد بمحض إرادته، دون أن يخضع لأي أمر أو قرار… يحب الأعمال الخيرية استجابة لأخلاقه الإنسانية النبيلة.. ويقول « لا »  لإعطاء الدروس بالمجان.. مستعد ليخسر كل شيء إلا كرامته، مستعد ليتنازل عن كل شيء إلا الانتماء الذي يعتز به ويفتخر به  » وجدي من أصول فقيرة « .

كانت مدرسة عثمان بن عفان، مدرسة مولاي الميلود  سابقا، هي المؤسسة التي فتحت أبوابها لتحتضن الطفل هشام الصغير التواق إلى التعلم، ومنذ البداية أبان التلميذ النجيب عن ذكاء لفت انتابه معلميه، ذكاء أكسبه التفوق والنجاح في كل المجالات التي اقتحمها. وبإعدادية الرياض سيتلقى هشام تعليمه الإعدادي، لينتقل بعد ذلك إلى ثانوية وادي الذهب  التي حصل فيها على شهادة البكالوريا مسلك العلوم الرياضياية وبمعدل جد عال مما أهله لولوج الأقسام التحضيرية بثانوية عمر بن عبد العزيز لمدة سنتين.

ومعروف أن تلاميذ العلوم الرياضية يشكلون النخبة، اجتهادا وذكاء، سلوكا وأخلاقا، إنهم تلاميذ التميز والامتياز، التفوق والتألق.. ومعروف كذلك،أن الأقسام التحضيرية لا تستقبل إلا القليل منهم، إلا من احتل المراتب الأولى على مستوى نتائج الباكالوريا. وهكذا يمكن اعتبار طلبة الأقسام التحضيرية هم نخبة النخبة، وهشام الصغير كان أحدهم.. والآتي من الأيام سيكشف أهمية توظيف الرياضيات في عالم الأعمال والمقاولات.. هشام، اذن، صاحب عقل علمي ومنطق رياضي، وهذا استثناء وتميز… فلم يسبق أن عرفت وجدة وجهة الشرق كلها مقاولا أو سياسيا تكون تكوينا علميا في تخصص الرياضيات. هذه ميزة أخرى تحسب لهشام الصغير، لقد دخل السياسة من باب الرياضيات، أساس كل المعارف والعلوم.

هنا تعلم التفكير السليم، التماسك المنطقي بين المقدمات والنتائج.. وتعلم حل المشاكل الصعبة والمعادلات المعقدة… تعلم إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهه في الحياة والمجتمع.

إن تفوق هشام الصغير في الرياضيات أهله للاتصاف بكل خصال الفاعل الاقتصادي، الجمعوي والسياسي التواق إلى النجاح، بخصال نظرية وسلوكية كاليقظة العالية والاحتراز، والتقدم بخطوات محسوبة، دون تسرع ودون تهور، وتجنب السقوط في الاستفزاز ورد الفعل، ورفض الانسياق وراء العواطف والأهواء مهما كانت نبيلة، وتأهب دائم للمبادرة والفعل مسلحا برؤية واضحة، وبمنهجية علمية واقتراح حلول ومخارج ناجعة، وامتلاك الحدس الذي يتجاوز ما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون.

هشام الصغير عقلاني فكرا وبرغماتي سلوكا، يمقت الانفعالات والانسياق وراء الشعارات والوقوع سجين الحماس الزائد.

من هنا كان النجاح في الدراسة وكان النجاح في المقاولة. ومعلوم أن هشام الصغير، ومنذ البداية، وهو طفل، وهو تلميذ زاوج بين الرياضيات والتجارة، فهو لم يعزل الرياضيات عن الواقع، شأن الكثير من التلاميذ، بل أنه جسد الرياضيات كعلوم عقلية مجردة في الواقع الميداني، بل إنه وظفها لفهم إلتباسات الحقل الاجتماعي والسياسي.

فالذي يقرأ هذه المحطات من الحياة الدراسية لرئيس مجلس العمالة، يخال أن ابن حي مولاي الميلود ظل كامنا للحظ الدراسي بكل التفوق الذي عرف عنه، لكن دليل الفكرة الاقتصادية تقول إن هشام تعاطي للأنشطة الاقتصادية منذ نعومة أظافره، فهو سليل عائلة فقيرة وهو جار للسوق الأسبوعي بلازاري. لذلك لا غرو أن يجد الطفل هشام ضالته في تجارته البسيطة التي بدأت تكبر داخل أسوار هذا السوق. لقد انتمى هشام الصغير إلى أفق شعبي صاخب بعقل منطقي يجد للمعادلة حلا حين تنضج عناصرها؛ فخلافا للطابع الذهني الصرف للرياضيات، لم يكن عالم المقاولة مجرد حسابات ودراسة جدوى المشاريع، بل كانت رهانا حيويا للخروج من ذلك الانسداد الاقتصادي لعائلة هشام الصغير، لذلك سيتوجه هشام سنة 1999 إلى مدينة الدار البيضاء للاستثمار في شركة للتوزيع في مجال الاتصالات، وستكون تلك هي البداية الثانية لهشام المقاول بعد البداية الأولى للتلميذ والطالب هشام الصغير المتفوق في دراسته ونبوغه في الرياضيات على الخصوص ».[3]

وهكذا يمكن القول، اذن، إن سنة 1999 وبالدار البيضاء شهدت ميلاد مقاول شاب طموح… ميلاد مقاول ناجح لم يرث مالا ولاجاها، بل مقاول وعى الوجود في حي شعبي ومن أصول اجتماعية فقيرة، إنه نموذج الشاب الذي صنع نفسه بنفسه، معتمدا على كفاءاته وطاقاته الذاتية تحذوه العزيمة القوية والإرادة الصلبة. يؤمن بأن المستقبل يصنع ولا ينتظر المنتظرين والمتفرجين، فإما أن ننخرط فيه وتدقق طريقة وكيفية الانخراط وإلا أصبحنا متجاوزين، سلبيين وفاشلين، يؤمن بأن ضبط الوقت المناسب، مسألة حاسمة في الحياة، وإن ضياع الفرصة يكون مكلفا في المستقبل.

هشام الصغير، ومنذ الطفولة، لم ينتظر ولم ييأس، بل لم يستسلم لواقع الفقر، بل ارتمى في عالم التجارة ليتحدى قساوة الوجود الاجتماعي الموروث. وكان نبوغه في الرياضيات مقدمة المسار ومفتاح النجاح، تعلم معنى ضبط الوقت المناسب واستثمار الفرصة، وفي كل مرة كان في الموعد، ومحطة الرابع من شتنبر 2015 بينت ان هشام الصغير هو الرجل المناسب في المكان والزمان المناسبين. انه الجمع في صيغة مفرد، فريد، وليس أحد غيره… هشام الصغير الذي يحمل أحزان وجدة على ظهره.

عقلاني ومنطقي، يكره الثرثرة ولغو الكلام، يعلم بأن الاستثمار لا يتحقق بفصاحة اللسان وسحر البيان، بل بالعمل الدؤوب المؤسس على التخطيط الذكي، يتكلم قليلا ويشتغل كثيرا ، يعلم أن الاستثمار يتطلب العمل والمبادرة، الصدق والشفافية.. ويتطلب اعتماد خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف. ما إن ولج عالم المقاولة حتى استطاع أن يفرض اسمه بقوة.. مصداقيته أكسبته احترام الجميع وثقة كل من يتعامل معه… وهكذا، وفي ظرف وجيز، تألق بشكل مذهل وأصبح مقاولا من العيار الثقيل وتبوأ مكانه وازنة في المجتمع الوجدي… إنه مثال الشاب الذي استطاع أن يرسم لنفسه مسارا مهنيا يؤثثه النجاح والتألق. حيث استطاع أن يرتقي إلى مراتب مهمة في مجال الأعمال واستطاع أن يتفوق على الكثير من زملائه الذين مارسوا الاستثمار لعشرات السنين… وإيمانا منه بالمشروع الملكي الطموح، وتلبية لنداء صاحب الجلالة انخرط هشام الصغير بصدق وإخلاص، بجد وفعالية، بمسؤولية والتزام… انخرط مساهما في تنمية وجدة ومساعدة أبنائها المحتاجين. هشام الصغير يؤمن بأن تنمية وجدة هي مسؤولية أبنائها القادرين فكريا وتقنيا وماديا على إخراج مدينتهم من العطالة والتأخر والقادرين على تأهيل الفئات الشعبية العاجزة لأسباب أو لأخرى، وتمكينها من الاندماج والتطور. فوجدة عاصمة جهة الشرق في حاجة إلى جميع أبنائها بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الفكرية والاجتماعية .

دخل هشام الصغير السياسة من باب عالم الأعمال ومن العمل الجمعوي. نجاحه في المجال المقاولات وتجربته في المجتمع المدني أهلاه ليدخل عالم السياسة وكان حزب الأصالة والمعاصرة هو الفضاء الذي يتناغم مع طموحاته وأحلامه.

ان ما يجمع الحقل الجمعوي/ المجتمع المدني والحقل الحزبي/ المجتمع السياسي هو التكامل والتفاعل، فلا مجتمع مدني بدون مجتمع سياسي، ولا يمكن للأول تجاوز الثاني أو لاستغناء عنه. وإذا كانت حدود التمييز بين السياسي والمدني صعبة جدا، فإن الحزب السياسي والجمعية المدنية يتكاملان ولا يتقاطعان، وان استعمل أحدهما الآخر للوصول إلى أهدافه، وهو شيء إيجابي في حد ذاته، لأن كليهما يحسب على التأطير المجتمعي دونما تنافر وتعارض. إيمانا منه بهذا التكامل والتفاعل بين العمل الجمعوي والعمل السياسي، قرر هشام الصغير أن يدعم نشاطه الاجتماعي الإنساني بنشاط حزبي سياسي. فالعمل الجمعوي الجاد والهادف ركيزة من الركائز الأساسية لتحقيق الديموقراطية والتنمية.

و  » المتتبع أيضا للمسار السياسي لهشام الصغير  لا بد وأن يلاحظ تلك العذرية من أي تجربة سابقة إلا ما كان من تعاطفه مع حزب الأصالة والمعاصرة منذ تأسيسه سنة 2008 واقتناعه ببرنامجه وطموحاته. فهو بذلك دخل هذه التجربة الانتخابية بكر من أي تجربة سابقة شأنه في ذلك شأن رفيقه في الدرب عبد النبي بعيوي وربما كانت هذه العذرية سبب اختيارهما من قيادة  الأصالة والمعاصرة ليكونا على رأس اللائحتين المحلية والجهوية « .[4]

يقول الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر  » الأمر العظيم يبدأ عظيما « ، وأمر هشام الصغير قد بدأ عظيما؛ عظيما يوم اختار بمشواره الدراسي شعبة الرياضيات؛ عظيما يوم اقتحم مجال المقاولات فاتحا ناجحا؛ عظيما يوم انخرط في العمل الجمعوي الخيري وفاء لأصوله الاجتماعية الشعبية؛ وعظيما يوم اقتنع بممارسة العمل السياسي في حزب ديموقراطي حداثي. وما يسجل لهشام الصغير أنه انخرط في حزب الأصالة والمعاصرة بسيرة سياسية نظيفة، فلم يسبق له أن انتمى إلى حزب فغير الانتماء، ولم يسبق له أن شارك في استحقاقات انتخابية مترشحا حاملا لرمز من الرموز الحزبية التي تعج بها حياتنا الحزبية. فهو إذن مختلف، إنه استثناء في زمن الكائنات الانتخابية التي احترفت الترحال الحزبي من محطة انتخابية إلى أخرى، واحترفت الانتخابات سبيلا للارتزاق وخدمة المصالح الخاصة جدا وربط العلاقات مع أصحاب السلطة والقرار. هشام الصغير استثناء يختلف عن كل هؤلاء الذين أساؤوا إلى الانتخابات و إلى العملية الديموقراطية برمتها، أولئك الذين بممارساتهم الانتهازية ميعوا الممارسة السياسية فساهموا في العزوف الانتخابي وتنفير المواطنين من الأحزاب السياسية. لذلك لم يكن صدفة أن يستبشر المواطنون والمواطنات خيرا بهذا القادم الجديد، بهذا الاسم الجديد، بهذا الشاب المقاول والمثقف والجمعوي.

إنه الأمل في زمن الرداءة، إنها بداية تجديد النخبة السياسية بوجدة وانهيار الأسماء القديمة التي أزعجت ساكنة وجدة في أزمنة انتخابية متعاقبة.

بسرعة فائقة، وفي زمن وجيز، بزغ نجم هشام الصغير وفرض حضوره بقوة في الشارع الوجدي… بدفئه الإنساني، بنجاحه في مجال الأعمال… استطاع أن يكسب احترام الوجديين والوجديات ويكسب تعاطفهم وحبهم…استطاع أن ينسج علاقات غنية مع مختلف الناس… وهذا ما حفزه على الترشيح لاستحقاقات الرابع من شتنبر 2015 وكيلا للائحة الجرار على المستوى المحلي، وهو يحمل كل مواصفات رجل المرحلة، شاب حداثي، مقاول ناجح، سياسي جديد.. قاد حملة انتخابية منظمة وموجهة.. تواصل مع الناخبين والناخبات وكل المؤشرات كانت تدل على أنه ناجح وبامتياز شعبي واستحقاق جماهيري، بل إن الملاحظين توقعوا حصول لائحته على المرتبة الأولى وبمقاعد لم يسبق لأي حزب بوجدة أن فاز بها… وصدقت توقعات الجميع، تفوقت لائحة الجرار وبمقاعد مريحة، إذن، هشام الصغير رئيس للجماعة الحضرية لوجدة، على الأقل كان هذا رهان هشام الصغير، ورهان الناخبين والناخبات الذين صوتوا له.

فساكنة وجدة كانت تتطلع إلى تجربة محلية جديدة، وطريقة جديدة في التسيير والتدبير، إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهيه السفن. المواطنون والمواطنات بوجدة كانوا يريدون التغيير، التغيير على مستوى تسيير الشأن المحلي، وكان الأمل في هشام الصغير رئيسا جديدا ورمزا للتغيير والتجديد والحكامة الديموقراطية.

 » ولعل الضربات والإحباطات في الحياة السياسية لهشام الصغير قد بدأت مع انتخابات الرابع من شتنبر 2105. وبالخصوص عندما أجبر وكيل لائحة الجرار على عدم الترشح لرئاسة الجماعة الحضرية لوجدة بالرغم من حصول لائحته على الرتبة الأولى. وفي اعتقاد الكثير من المتتبعين ان أكبر وهم حاول رفاق إلياس العمري تصريفه على أساس أنه عين الحكمة، هو هذا المنع الممنهج الذي زهدهم في بلدية وجدة لتقايض بجهات أخرى.

…. كان حلم هشام الصغير كبيرا لأن يترأس بلدية وجدة وكانت آماله عظيمة في أن يحقق برنامجه الانتخابي الذي تغنى به وأبدع في اختيار مضامينه. أو هكذا على الأقل كان يبدو. لكن للأحزاب مصالح وأجندة مجنونة ولدت كصيرا من الحماقات على حد تعبير ألان عند ما قال  » كل سلطة لا تضبط تنتهي بحماقات « .[5]

 » نعم للسياسة منطق آخر وللسياسة حساب آخر يختلفان بكل تأكيد عن الحساب و المنطق الذي برع فيهما  ذات يوم هشام الصغير عندما كان طالبا  بالأقسام التحضيرية، لذلك سيحرم من رئاسة البلدية بكل الذي شاع عن هذا الحرمان الذي تدخلت فيه الحسابات الحزبية ومنطق  » أعطني هنا أعطيك هنالك ». وهذا ما حدا بالمتتبعين إلى الاعتقاد بأن إسناد رئاسة بلدية وجدة للائحة التي حصلت على آخر الرتب في هذه الاستحقاقات سبعة مقاعد منتصرة بذلك على اللائحتين الفائزتين بالرتبتين الأولى والثانية، فيه ضرب فاضح لمبادئ الديموقراطية والقيم الكونية في ضمان حق الاختيار وتكافؤ الفرص. »[6]

ان ما حدث هو خروج عن المنهجية الديموقراطية، فسحب رئاسة البلدية من وكيل لائحة الجرار إلى وكيل لائحة الميزان هو قرصنة وعبث، ويمكن القول بأن إرادة الناخبين والناخبات لم تحترم، وصوتهم تم تجاوزه.

لقد تعلم هشام الصغير من الرياضيات الصبر والحكمة، وإن السياسة هي فن المواكبة الصبورة وتحضير الطفرات النوعية بالعمل الطويل النفس الخاضع للتقييم الدوري، لا الأستاذية المتعالية على واقع السياسة المعطى تاريخيا، هنا والآن، وعبرة السياسة الحقيقية هي بنتائجها، والنتائج تتكلم لغة هشام الصغير.

هشام الذي اقتحم الوجود بدعم كبير من الإرادة، وعاش الخيبات ولم يعرف الفشل.. فالخيبات، كما تعلمون، ليست فشلا؟ حين يعلوه الشك، يتساءل ماذا لو تركت المجال؟ لم يصحو من رماد القرار.. ها أنذا باق صامد متحدي.. اطمئن ياهشام، فساكنة وجدة تكن لك الحب الصافي الصريح.. فخلف صورته الإنسانية ينتصب إطار مقتدر يفيض حيوية وتستحيل مجاراته في عشق مدينة وجدة.

[1]  – عبد المنعم السبعي، « ملامح من تميز نخب الجهة الشرقية » المطبعة « ANTEPRIMA » ص من 117 الى 124 بتصرف، طبعة 2016.

[2]  – نفس المرجع

[3]  – نفس المرجع

[4]  – نفس المرجع

[5]  – نفس المرجع

[6]  – نفس المرجع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *