Home»Correspondants»لماذا وقف حمار الشيخ في العقبة؟ حلل وناقش؟

لماذا وقف حمار الشيخ في العقبة؟ حلل وناقش؟

4
Shares
PinterestGoogle+
 

تلك حكاية من حكايات كليلة ودمنة بالطريقة المغربية،كانت متدوالة يوما في المدرسة العمومية،و بالضبط في المراحل الإعدادية لتلك السنوات الجمرية و الرصاصية التي كانت تبيح للمدرس أن يعلق التلميذ من قفاه و ان اقتضى الحال من أذنيه، أو يضربه في أي منطقة من جسمه، فكل المناطق مستباحة من الرأس و العينين و شد الأذنين و الصفعات على الوجه بلا رحمة و لا شفقة.و سيادة المدرس في منتصف القرن الماضي، غير واع بالنتائج الصحية و لا النفسية لهذه الأعمال الوحشية بالمنظور المعاصر(منظور حقوق الإنسان و حقوق الطفل ونتائج البحوث في علم النفس). و كأن معاملة  تلميذ الأمس كانت تشبه في ملامحها و صورها معاملة الإنسان في هذه المنطقة الشرقية(للحمار و البغل و حتى الأحصنة التي تجر العربات في كثير من الحالات و في المنطقة الشرقية بالذات).إنسان شرق  المغرب ،كان يتميز بسخونة الرأس و حرارته  الملتهبة ،كلما زادت درجات مقياس (النرفزة)عنده.فنذكر أننا نشبه جيراننا العرب على الحدود الشرقية.هم أيضا شعب  من فصيلة الرأس يغلي من الحرارة. و قد اعترف لهم بهذه الميزة السيد رئيس الجمهورية المقعد حاليا.

و لهذا لا نلجأ هنا في منطقتنا الشرقية إلى الحوار و المفاوضات و مناقشة الأمور بهدوء كما يفعل أهل فاس مثلا ،التي دفعتني الظروف التعليمية  (أنا وجيلي) للدراسة في  جامعتهم(جامعة محمد بن عبد الله).و دفعتني وغيري، الى رصد ومعاينة كيف يتصرفون في أوقات الضغط المرتفعة: إنهم يسبون و يلعنون  و يهددون و… يسكتون…و كفى.. وكفى المؤمنين شر القتال…كأن شيئا لم يكن…و يتصالحون في الحين عندما يتدخل أهل الخير و الإحسان، و يقبلون بعضهم بعضا و يتصافحون…  وكل واحد ينصرف صامتا إلى حال سبيله(جنان السبيل لهم و مولاي ادريس… شي الله آ مولاي إدريس).و كل واحد  يشق طريقه إلى منزله سالما غانما ،لا يحمل جسمه أية علامة للجرح أو الدم أو الإغماء أو  بملابس ممزقة… أهل فاس الطيبين وهم أهل الطرب الأندلسي، يعرفون كيف  يدبرون صراعاتهم ،و تنتهي دائما بالتعادل 0 ل0 (لا غالب و لا مغلوب ، الكل مرتاح وفرح للنتائج …كان اهل فاس على هذا الشكل في تلك الفترة التاريخية، وكنا ايضا نحن أهل المشرق و إخواننا على الحدود  الشرقية نختلف عن أهل فاس الطيبين،كل المشاكل لا تحل بالكلام و لا بالزعيق و الصعيق و الشتم و السب، فتلك من توابل المخاصمات،ومن مقدمات المصارعات.فسرعان –وفي سرعة الضوء- ما يختلط الحابل بالنابل و تستعمل كل الوسائل(كما في الاقتصاد الميكيافيلي: كل الوسائل مشروعة لبلوغ الغاية(الغاية تبرر الوسيلة)، منها اللكمات و الركلات و العصي و الحجارة و الخناجر و السيوف و الآن تستعمل الأحزمة الناسفة.فرائحة الدماء تجلب الشياطين…

 ليس المهم أن تتم المنازلة بالسلامة للجميع و بالتعادل الذي يحفظ الكرامة للجميع، بل الأهم من هو المنتصر و من هو المنهزم و من هو الغالب و من هو  المغلوب؟ ومن يبكي كامرأة لقنها الزمن الرديء دروسا في البؤس و التشرد، و من يضحك كالبطل؟  حتى لو كان المنهزم يرحل إلى دار البقاء  و الخلود،لا يهم ، أو  يسقط ببطن مفتوحة،لا يهم ،أو بفتحة على المحيى أو… المهم أن يكون هناك منتصر و منهزم،و ان مات يجب أن يموت رجلا واقفا لا حثالة؟؟؟

 في مشروعات المنازلة عند أقوياء هذا العصر في العالم الثالث،وعند فقراء عصر العولمة و الانفتاح على كل أشكال المخدرات، لا حلول هناك إلا بالخناجر؟

هو مجتمع كان و لا زال يؤمن بالعنف…حتى أسرة زمان، حيث كان الصغار في ذلك الوقت و في الاحياء الشعبية، يسمعون صراخ، و عويل، و نحيب النساء، و هن يضربن من أزواجهن(وتلك كانت علامة تجارية للرجولة الحقيقية و ليست المزيفة وطبعا هذا بالمفهوم البدوي للرجولة).حتى أن الأب الذي لا يضرب بناته وأولاده و زوجته لا يسمى رجلا حقيقيا بل رجلا مزيفا.

كان المدرس المغربي في الماضي_في المراحل الاعدادية- يطرح سؤالا على جميع التلاميذ ،وهم يرفعون أصابعهم  للإجابة.و عندما يختار المدرس واحدا منهم، و يبدأ هذا الأخير في تقديم نصف الإجابة الأولى و يتلعثم في النصف الثاني،  من شدة الخوف.وينتظر المدرس النصف الآخر من الجواب…وغالبا ما يعلق على نصف الجواب المحذوف عندما ينفذ صبره في انتظار بقية الجواب… قائلا  » وقف حمار الشيخ في العقبة »…

و  كل سالك سبيل في العقبة يعرف أن لا بد له من التوقف لاسترجاع الأنفاس… حتى يستمر في المسير…لأنها  بكل بساطة، العقبة و ما أدراك ما العقبة؟.

و يظل التلاميذ بعفوية ينتظرون نهاية  قصة الحمار الذي وقف في العقبة. لكن حضرة المدرس المغربي لا يعلن و لا يكمل القصة: كيف تصرف   الشيخ مع حماره في العقبة؟هل ضربه ضربات موجعة توقظه من  غفلة شدة  الإعياء و الإغماء، و تنشطه من  تعب الدنيا و مصائبها ؟أم هل  سبه وشتمه؟هل انتظر و صبر على تعب حماره حتى يسترجع أنفاسه و يكمل المسيرة؟

دائما يوقف المدرس الحكاية في نصفها أي في وسط الطريق على انغام سيدة الطرب الاصيل نجاة الصغيرة(في وسط الطريق وقفنا…)،أما شطرها الثاني فيترك للسباحة العقلية و للتعليقات و التأويلات و التفسيرات.كل شخص و كل انسان له الحق الطبيعي في التخيل و التفسيرليتم الحكاية(فغير معقول أن أن تكون الحكاية بلا نهاية).

  تخيل منذ الان  أنك تريد ان تخوض تجربة الكتابة و تحاول أن تتخيل النصف الباقي من الحكاية (وقف حمار الشيخ في العقبة…أكمل)  وتحاول أن تنجز هذا التمرين  في الذكاء التخيلي  كتابيا.و يكون السؤال  على الشكل التالي  : أكمل القصة التالية:  وقف حمار الشيخ في العقبة…حلل و ناقش…؟؟؟

علاقتنا بحميرنا هي شبيهة بعلاقة الإنسان العربي بالإنسان العربي الآخر في  هذا الوطن العربي العزيز. في وطننا  سمعنا باحتجاجات الطلبة في كلية الطب بجميع المدن التي تتوفر فيها هذه الكليات،و صورت مشاهد فيديو لطلبة كلية الطب بالرباط وهم في حالة احتجاج سلمي على القرارات المجحفة في حقهم من طرف وزير الصحة التقدمي الاشتراكي، ومن طرف الحكومة و رئيسها ووزير التعليم العالي و الذي فرض عليهم أن يعملوا (ببلاش)لأنهم ليسوا أولاده بل اولاد الفقراء و متوسطي الدخل…و لانه قرار حكومي بامتياز…

كانت الاحتجاجات سلمية و مسالمة.و لكن صدر الأمر من الأعلى، إلى رجال الهراوات الصلبة للتدخل، لإنهاء الاحتجاج بأية نتيجة(الضرب و الجرح و الاعتقالات، وهي موجودة و مثبتة و موثقة بالصوت و الصورة في بعض المنابر الإعلامية الرقمية أو الالكترونية).و نفس الأمر حدث للسكان في مدينة طنجة  وكانت  تلقب بعروسة الشمال في أغاني  المطربة المتالقة مريم بلمير،عندما خرجوا للاحتجاج من غلاء فواتير الماء و الكهرباء. يا حسرتاه على العباد؟             خرج السكان محتجين ليلا على الفاتورات العالية و الغالية في أثمان استهلاك الماء. السكان اتفقوا على إطفاء المصابيح الكهربائية في الطرقات و المنازل كوسيلة من وسائل الاحتجاج و اشعال الشموع، و طالبوا برحيل الشركة المستغلة (أمانديس).و تمركزت الحشود وسط المدينة رافعة شعارات منددة بارتفاع أثمان الفاتورات الخيالية.

 تصرف رجال الهراوات من قوات التدخل السريع بنفس الطريقة التي استعملت مع طلبة كلية الطب بالرباط  و الطلبة الاساتذة بمراكز التكوين التربوية الجهوية :اقتحام الحشود باستعمال الضرب  بالهراوات . ويمكن أن تستعمل خراطيم الماء لفك ارتباط المحتجين.أو القنابل المسيلة للدموع. لكن يبقى للهراوات الأولوية و الأسبقية في الاستعمال،نظرا لنتائجها المرضية السريعة …

حمار الشيخ وقف في العقبة عاجزا أن يكمل المسير.والسكان  و الطلبة أيضا وقفوا مذهولين كيف يواجهون الركلات و الضربات بالهراوات و وابل من الشتائم، و هم المسالمون؟

كان من الممكن أن تأخذ الحكومة احتجاجات السكان بعين الاعتبار و تدرس المشكل بجدية،لأجل الوصول إلى حل، كما تفعل كل الدول التي تتخذ سبيل الحوار وسيلة ، لا أن تلجأ في كل مناسبة إلى الهراوات .

(العصا لمن عصى) … العصا ليست من الجنة  دائما وكما يعتقد بعض الناس. بل العصا تولد العصيان… و لهذا حبذت الشعوب حتى العربية منها و على مر التاريخ، الحاكم العادل ولو كان كافرا ، و فضلته على الحاكم الظالم ولو كان متدينا…

و الظن أن هذه الطريقة (العصا لمن عصى)هي الحل الوحيد و الممكن  لا توجد الا في اعتقاد  العاجزين  و الفاشلين . وهي تبين العجز و الفشل في إيجاد حلول مرضية يرضى عنها الجميع. و …لكن … الى متى سنظل نعامل المواطنين كما يعامل الشيخ الذي وقف حماره في العقبة؟…                                   أليست حقوق الإنسان في الدول وهي في طريقها الى النمو و التحضر(بتفاؤل) سوى عباءة تستر بها عوراتها في وقت السلم و السلام؟؟ ،بينما في وقت الحرج، فلا حرج أن تخرج الهراوات من قمقمها، لتنزل بردا وسلاما  على الرؤوس الساخنة؟

 تلك رؤوس ساخنة تحتج على واقعها المزري أو على مشاكلها، والمسؤولون لا يبذلون أي جهد لحلها بالحوار و النقاش البناء.

نعم . لسنا أهل نقاش و حوار، و لا نمارسه  بيننا في الأمور المستعصيةخاصة في وقت الشدة، لا في بيوتنا، و لا في مدارسنا، و لا في شوارعنا، و لا في أسواقنا .فهل ناقش الشيخ حماره: لماذا وقف  في العقبة؟

 قد نتساءل في نهاية الموضوع :هل  نحن أهل الحوار أم أهل  الهراوات المحترمة؟حلل و ناقش؟

نحمد الله  أن في هذا البلد  جلالة الملك  الذي الذي كان متابعا للأمور، و أيقظ رئيس الحكومة في الصباح الباكر(6صباحا) من أجل التوجه إلى عين المكان، و البحث عن حلول  للفاتورات العالية المغشوشة، التي جعلت الناس تنزل إلى الشارع…

أليس شعار الحكومة الموقرة هو:الهراوة هي الحل الديمقراطي لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ؟.أليست الهراوات  هي الحل السريع و السحري، في كل مناسبة  يسخن رأس الإنسان و يحتج على واقعه المزري؟…

فلترفع الشعارات المكتوبة من الآن فصاعدا: لا احتجاجات إلا  مع الهراوات… ولا هراوات الا على ومع  الرؤوس الساخنة…

إنها الديمقراطية  الجديدة(هراوة على كل راس ساخنة)و التي لا تمارس الا  بالعالم الثالث في العهد الجديد(القرن21)… حلل بدون مناقشة؟

أو من الأحسن قد صدر قرار باعفائك من المناقشة و التحليل و كل أشكال التفكير  أنت يا غفير وأنت يا وزير، فلا تناقش و لا تحلل و لا تفكر؟ مادام  الشيخ لا يناقش حماره الذي لا زال  لحد الآن واقفا بالعقبة…

انجاز:صايم  نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.