Home»National»تكريس غياب الضمير المهني هو سر فشل المنظومة التربوية

تكريس غياب الضمير المهني هو سر فشل المنظومة التربوية

0
Shares
PinterestGoogle+

لم يقع إجماع بين مختلف أطراف حقل من الحقول حول فشله الذريع والمحقق كما وقع في الحقل التربوي ذلك أن الجهات الرسمية وغير الرسمية أقرت جميعها بفشل المنظومة التربوية و أعلنت عن ذلك رسميا، واقترح بديل لإصلاحها يتمثل في خطة استعجالية يعتقد أنه بإمكانها إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وتتعدد تحليلات أزمة المنظومة وتخريجاتها بتعدد الأطراف ، ولكن القاسم المشترك بين هذه الأطراف هو البحث عن الشماعة لتبرئة الذمة من فشل المنظومة ـ والحالة أنه لا براءة لأحد الأطراف ما دام الفشل يهم الجميع ـ وكذلك البحث عن كبش ضحية كما يقال لينسب إليه ما حل بالمنظومة من آفة . والحقيقة التي قد تنكرها بعض الأطراف في الظاهر مع إقرارها في الباطن رغما عنها هو قسطها من المسؤولية عن تردي أوضاع المنظومة .

وفي اعتقادي أنه بعد لم شتات العوامل المؤثرة في فشل المنظومة نجدها تصب في قضية جوهرية أسميها غياب الضمير المهني. والضمير المهني هو تلك السلطة المضمرة الخفية التي تحكم عمل وأداء كل الأطراف ذات العلاقة بالمنظومة التربوية من قريب أو من بعيد. والمؤشر على غياب هذا الضمير هو الاستسلام أمام وضعية فشل المنظومة واعتبارها قدرا لا مفر منه ومن ثم تكييف العمل حسب هذه القناعة أي العمل بالوتيرة المناسبة للفشل وليس بالوتيرة الناهضة بالمنظومة. وكل طرف يحاول كسر طوق هذه القناعة السلبية يعتبر نشازا بين الأطراف المعنية بالمنظومة مما يعني تكريس حالة تغييب الضمير المهني الحي بشتى الطرق والوسائل . وخلافا للمعهود وهو وجود قاعدة ضيقة لتكريس هذه الحالة في الماضي ـ وعزلتها داخل أسرة المنظومة ـ صرنا اليوم أمام قاعدة طويلة عريضة تمارس هذا التكريس ليس بالصمات كما جرت العادة بل بالجهر به والدفاع عنه باستماتة تثير الاستغراب وفي شكل جماعات ضغط أو لوبيات. وتقف وراء هذا التكريس فلسفة ذرائعية تبرر تعطيل الضمير المهني بسبب تنامي ظاهرة غيابه بعدما كان الأمر لا يتجاوز قناعة حالات تعد على رؤوس الأصابع . ولقد أثر غياب الضمير المهني الحي ـ وهو رقابة داخلية عتيدة ـ على رقابة القانون الخارجية ـ وهي رقابة تظل بلا مفعول أمام فتور الرقابة الداخلية ـ . والغريب في الأمر أن الأطراف التي لا زالت على قناعتها بفعالية رقابة الضمير المهني أصبحت تعيش غربة بين الأغلبية المنساقة بسبب عدوى اليأس وراء معطلي الضمير المهني وهي أغلبية أقرت بنهاية عهد الضمير المهني حامي المصلحة العامة وبداية عهد سيادة غياب الضمير المهني من أجل تحقيق المصالح الخاصة.

ولقد أصبح المتشبث بقناعة الضمير المهني الحي موضوع تندر وسخرية عند من يعدمون هذا الضمير لأنه في نظرهم يحوم خارج سربهم ، ويغرد خارج لحنهم ، بل ويسبح ضد تيارهم الجارف. ولا زلت أذكر قولة قائل حاول إقناعي بنهاية عهد الضمير المهني الحي في حقل المنظومة التربوية :  » شأنك ـ وأنت تتحدث عن الضمير المهني الحي ـ كشأن من يريد تنظيف مزبلة كبرى » وكان جوابي عليه :  » صدقت في تمثيلك للوضعية الفاسدة للمنظومة ، ولكنني أخالفك الرأي لأنني مقتنع بجدوى تنظيف بقعة صغيرة من المزبلة أجدني مضطرا للجلوس فيها ، ولو حذا حذوي غيري لكانت النتيجة نظافة المزبلة برمتها بعد مرور وقت معين  »
إن الخطة الاستعجالية التي لا تراهن على عودة الثقة بالضمير المهني الحي مآلها الفشل الذريع . فقد تكون نتائج أصحاب الضمائر المهنية الحية متواضعة في البداية لقلة خبرتهم ولكنها ستكون عبارة عن بداية سليمة لانطلاق قاطرة المنظومة انطلاقة موفقة تتنكب مسارات الانحرافات المؤدية إلى الهاوية كما هي الوضعية الحالية والتي لن تبقي للمنظومة من باقية في ظروف تكريس غياب الضمير المهني.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

5 Comments

  1. طالب
    18/05/2009 at 13:21

    تماما غياب الضمير هو السر في الفشل وهو يخص كل الاطراف ذات العلاقة بالمنظومة التربوية وعلى راسها الجهات المكلفة بوضع الا ستراتيجيات و الخطط التعليمية اي المكلفة بتسيير القطاع التعليمي على المستوى الوطني

  2. استاذ
    18/05/2009 at 13:21

    اشكر السيد الشركي على كتاباته واشترك معك في الكثير مما جاء في اطروحتك ولكن لي تساؤلات من قتل الضمير المهني اليس الفساد و الزبونية و غياب الديمقراطية والتمييز ؟ ان الغبن والاحباط يقتل كل مقاومة كيف نقنع استاذ يشتغل نفس الساعات التي يشتغلها 3اساتذة وكونك مفتش تعرف هذا اكثر مني بالاضافة الى الحركة الانتقالية و الملفات و الاسنادات والرخص وكل هذا بمباركة المسؤولين في اكاديميتنا و نياباتها و القابات

  3. un simple observateur
    20/05/2009 at 13:25

    persoone ne serait contre ce que vous avez developpé.mais j aimerais attiré votre attention que c est le systeme qui a tué cette conscience professionnelle dont vs parlez.de plus ce systeme ne cherche pas vraiment a in staurer une educative saine et dans l interet de l elève mais au contraire il ne cherhce qu a realiser un profil d eleve qui ne lui pose aucun probleme d ordre securitaire.c est a dire peu importe pour lui qu il apprend ou non .pire encore la politique educative cherhce a eduquer un citoyen loin de sa religion .loin de son moi socioculturel ….bref une personne conformiste qui ne dit pas NON .et cela vs le savez en tant qu inspecteur;la preuve remarquez les programmes de l education islamique.le nombre d heure par opposition a la philosophie.remarquez egalement les oeuvres proposées que ca soit en arabe ou en français.elles encouragent l adultere.l atheisme.la decadence morale..etc.DONC si on s applique les instructions du systeme a l aveuglette comme vs le faites vous et au nom de la conscience professionnelle nous deviendrons responsables nous aussi et notre erreur serait fatale sur nos eleves.voila la problematique.ainsi bcp de personnes voient qu il ne faut pas etre rigide dans l application des instructions.il faut comprendre les visées latentes de l institution pour savoir comment gerer ce qu on nous oblige a inculquer aux eleves .monsieur on vs demande pas de vs debarasser de votre conscience mais de gerer les choses avec souplesse.les instructions officelles ne sont pas du texte sacré.meme le coran est apte a etre contemplé analysé …sayoudana omar n a pas coupé la main au voleur quand il y avait la famine.ceci dit que la chose la plus facile qu on peut faire face a quelqu un qui ne fait pas correctement son travail c est le sanctionner or ce qui est difficile c est de l amener a se changer et a travailler correctemnt.vs avez choisi le chemin le plus facile.vs passez directement a la sanction.mais croyez vs que cela va changer les choses??je ne pense pas .par consequent le dialogue entre vs et le sanctionné deviendra un dialogue de sourds .a mon sens si vous voulez vraiment rectifier les choses il faut le faire au niveau de la source.les concepteurs des programmes.par exple dites le a haute voix que les oeuvres des programmes contiennent des scenes qui nuisent a nos valeurs morales. et apres quand vs serez vs meme convaincus que les choses sont bonnes dans ce cas nous serons tous avec vous pour l application des instructions et le travail strict .a bon entendeur salut

  4. استاذ متقاعد
    20/05/2009 at 13:26

    تزكية لما جاء في المقال اريد -ودون مزايدة على احد -ان اقول لاخواني وابنائي رجال التعليم الذين لا يزالون قيد الخدمة انهم محظوظون اكثر من الجيل السابق ويستحقون ذلك،فالراتب قد تحسن والوضعية الاجتماعية والمهنية قد تحسنت ايضا ومع ذلك فان الضمير المهني قد خفت وميضه او كاد ان ينعدم لدى البعض سامحهم الله علما ان الساحة لازالت حافلة بمن يتحلى بذلك الضمير ويستفتيه في عمله.اننا في حاجة الى اذكاء الروح الوطنية في نفوسنا وفي نفوس ناشئتنا.وللحقيقة -وانا اتحدث عن جيلي طبعا ويجب الا يساء فهمي -اقول بان جيل ما بعد الاستقلال والذي يليه كان يفتقر الى الكثير من الامكانيات والوسائل ويعيش في شبه فقرولكنه لم يكن يخلط بين ما يخص وضعيته وما يتعلق بأدائه المهني،ولم يكن في الساحة تكالب على المنافع الخاصة والذاتية ،اما اليوم فاننا نسمع ونرى العجب العجاب مما لا صلة له بحقل التربية والتعليم.ان الكثير في وقتنا هذا يبارك المنصب الذي هو فيه ويفتح من خلاله المنافذ للحصول على الدرجات والتعويضات والامتيازات،وهو في قرارة نفسه غير مقتنع البتة بما هو فاعل.ماذا ننتظر من نظام يمرر المتعلمين في الاقسام الابتدائية من القسم الى الذي يليه وكيفما اتفق ثم يتوج المرحلة بامتحانات القسم السادس التي يمكن ان تسمى اي شيئ ولا تسمى امتحانات اذ يقوم المعلمون باملاء الاجابات على المتعلمين ويتنافسون بعد ذلك في من حصل على اعلى المعدلات وهذا على » عينك ابن عدي » وما ننتظر من مدرس -مع احترامي للكثيرين ممن لا يفعلون -يشعر تلامذته في اول اسبوع من الموسم الدراسي انه ضعيف ويحتاج الى دعم وتقوية ليوقعه في شراكه ويغره باعلى العلام&#1575
    ;ت والنقط المضخمة…الخ

  5. متتبع
    28/02/2016 at 20:02

    إنّ أصل المشكلة بدأت منذ أن تحول المعلم من مربي إلى موظف وبعد ذلك جاءت كل المشاكل الأخرى تباعا وأصبحت مهنة الأشراف صكا بريديا فقط ،لقد أفرغت أشرف المهن وأقدمها على الإطلاق إذ بدات في السماء حين علم الله آدم الأسماء كلها من روحها الطاهرة وأصبح ينظر لها من جانبها المادي فقط ومن فعل ذلك ؟ حسني الله ونعم الوكيل .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *