Home»National»سوء تدبير وزارة التربية الوطنية لما يسمى عملية إعادة انتشار أطرها

سوء تدبير وزارة التربية الوطنية لما يسمى عملية إعادة انتشار أطرها

0
Shares
PinterestGoogle+

لعل اللامركزية واللاتركيز صيغة من صيغ التدبير المعتمدة في الدول الراقية والتي أثبتت فعاليتها، ولكنها عندنا في قطاع التربية والتعليم لم تجاوز مستوى الشعار، ولم تلامس الواقع إلا ملامسة شكلية.فعملية توزيع أطر وزارة التربية الوطنية على كل أرجاء الوطن لا يمكن أن تكون خارج تدبير اللامركزية واللاتركيز بحيث يوفر المركز للجهات اللازم لها من الأطر بناء على دراسات إحصائية دقيقة للحاجيات ثم تتولى الجهات توزيع هذه الأطر وقف اللازم لا وفق الفائض.
قد يقول قائل إن ما ذكرته هو ما يحصل بالضبط وأنا أقول إن هذا الكلام من قبيل الحق الذي يراد له الباطل. فلو كانت العملية تتم بالشكل الذي ذكرنا لما كنا سنويا أمام ما أصبح يسمى إعادة الانتشار، وهي ظاهرة تعزى لسوء تدبير الموارد البشرية.

أجل سنويا يهدر الوقت الكثير بين مديري الأكاديميات ونواب الوزارة من جهة والنقابات من جهة أخرى لمناقشة موضوع إعادة الانتشار، المسئولون تحت ضغط الخصاص في بعض المناطق ، والنقابات تحت ضغط المنخرطين الذين تتضارب رغباتهم. والغريب أن نسمع بجهات تعاني من خصاص في الأطر وعندما نسأل مديري الجهات ونوابهم يجيبون إن المركز أو الوزارة قد زودتنا باللازم ولكن مشكلتنا في إعادة الانتشار.فالمشكلة إذن في تعطيل اللامركزية واللاتركيز أو في عجزها عن القيام بدور المركزية الذي أنيط بها.
وسبب استفحال ظاهرة إعادة الانتشار هو طبيعة الجهات ومناطقها حيث توجد مدن كبرى بها هوامش و تحيط بها مدن صغرى وقرى وبواد وأرياف وفياف وهنا يطرح مشكل إعادة الانتشار حيث تتفاوت الحظوظ بين أطر الوزارة . فلو أن هذه الأطر تتحرك من الفيافي والأرياف والبوادي والقرى والمدن الصغرى والأحياء الهامشية نحو المدن الكبرى والعكس صحيح لما وجد مشكل ما يسمى إعادة الانتشار. أما إذا كانت الحركة أحادية الوجهة نحو المدن الكبرى فقط فالقضية فيها خلل كبير.

وما أشبه الحركة الانتقالية في قطاع التعليم عندنا بأصفاد رجال الشرطة تتحرك فقط في اتجاه التضييق على أيدي المعتقلين ، فكذلك ما يسمى عندنا بالحركة الانتقالية أو إعادة الانتشار فهل سهلة مرنة من المدن الكبرى نحو أحيائها الهامشية أو نحو المدن الصغرى أو نحو القرى والبوادي والأرياف والفيافي ولكنها متعذرة في الاتجاه المعاكس، مع وجود فوارق شاسعة بين ظروف العمل في هذه المدن الكبرى وفي ما يحيط بها. فليس حال من يخرج من بيته راجلا نحو مقر عمله وسط المدينة كحال المسافر يوميا لمسافات تفوق مسافة القصر كما يقول الفقهاء. وليس العامل في هوامش المدينة اللاهث وراء مختلف الحافلات التي تتقاذفه منذ ساعات الصباح الباكر كالذي يتناول طعام فطوره بهدوء وينزل إلى مقر عمله الذي يوجد على مرمى حجر منه في دقائق. وليس الذي أفنى زهرة شبابه في ضواحي المدينة الكبرى أوقراها أو بواديها أو أريافها أو فيافيها في الفرعيات النائية ينتظر تحقيق حلمه في الانتقال إلى هذه المدينة التي نشأ وتربى فيه ولكنها أنكرته لغيابه الطويل وحركته الدائبة كالذي لم يمر مجرد المرور ببادية أو ريف.
إن عملية إعادة الانتشار لا تعدو ما يسمى بقسمة ضيزى حيث لا تتساوى الفرص بين أطر وزارة التربية الوطنية. والمسئولون لا يتجاوز هاجسهم سد النقص أوالفراغ أو الخصاص من أطر الوزارة في الجهات غير المرغوب فيها نظرا لوضعياتها غير السوية بالمقارنة مع وضعيات المدن الكبرى وذلك من أجل تنكب غضب ساكنة الجهات النائية الذين لا يتحملون الحشف وسوء الكيلة كما يقال أي الحرمان الشامل من متطلبات الحياة و الإهمال ونقص الأطر.
إ

ن المسئولين جهويا ومحليا تنتهي في نظرهم عملية إعادة الانتشار بمجرد إرغام بعض الأطر على الالتحاق بمناطق لا يرغبون فيها إما عن طريق أساليب الزجر والتهديد أو أساليب الصفقات مع النقابات مع سد الممرات إلى المدن الكبرى ومداراتها الحضارية ، وفتحها واسعة نحو الهوامش ونحو الخارج بحيث لا يتم التصرف في الفائض من خارج المدن الكبرى إليها لأن ذلك يعني المحطة النهائية والحق المقدس الذي لا يناقش بحيث إذا ما ظفر أحد بمنصب في المدن الكبرى صار ذلك حقا من حقوقه التي لا تمس حتى لو عرفت هذه المدن تقلصا في مناصب الشغل أو في المرافق المستوعبة للشيغلة مما يعني اسنفحال ما يسمى الفائض عن الحاجة في الأطر. ولا أحد يفكر في المردودية عند الذين أرغموا على العمل في أماكن لا يرغبون فيها ، وفي ظروف لا تليق بهم ، حيث تلقى الكرة في شباك المراقبين لهم الذين يتحملون وزر أخطاء الوزارة الوصية ، فإن هم غضوا الطرف عن تهاون المنقولين قسرا اعتبر ذلك تقصير منهم في الواجب ، وإن هم قاموا بواجبهم عيب عليهم ذلك أيضا ونعت واجبهم بأبشع النعوت من قبيل الشطط والظلم وهلم جرا ، ورفعت ضدهم الشكاوى لدى المحاكم الإدارية والتظلمات لدى الوزارة الوصية ،وتفرج عليهم المسئولون في الجهة والإقليم إما شامتين أو متسلين وكـأن الأمر لا يعنيهم وكأنهم ليسوا وراء المشكل بطريقة مباشرة بسبب عملية إعادة الانتشار التي كل همها توفير الأطر ولا تبالي بمردودية المنقلين قسرا ، أوقيامهم بواجبهم على الوجه المطلوب.

وأنا أتحدى هؤلاء المسئولين أن يحضروا يوميا لمراقبة من أرغموهم على الالتحاق بمناطق لا يرغبون فيها للوقوف على حقيقة عملية إعادة الانتشار. وإني لأستغرب من بعض المسئولين قولهم ما يهمني هو التحاق من أعيد انتشاره بمقر عمله ليقال إن المسئولين قد وفروا الأطر ولا دخل لي بطريقة عمله ومردوديته.
ولقد كرس العرف الفاسد معايير تصنيف الأطر من أجل إعادة نشرهم فصارت الأقدمية شرطا مقدسا لا يجزي عنها غيره ولو كان جدية ومردودية مما يجعل الأطر يحتقرون معاير الجدية والمردودية أمام معيار الأقدمية خلاصهم الوحيد من شبح عملية إعادة الانتشار.
ولقد كرست عملية إعادة الانتشار ظواهر سلبية من قبيل ما يمكن نعته بالزبونية حيث تكون العملية ضمن صفقات بين المسئولين والتمثيليات النقابية لتحقيق المكاسب عند هذا الطرف أو ذاك تحت شعار
الأخذ والعطاء ، أو غض الطرف هنا ليغض الطرف هناك ، وما أدراك ما هنا وما هناك على حساب الحق والحقيقة والصالح العام.
لقد آن الأوان للوزارة أن تقر بأن الفائض من الأطر سوء تدبير وسوء تخطيط ، ولهذا لا يعالج السيئ بالأسوأ إذ لا بد من معالجة علمية موضوعية للظاهرة بعيدة عن أساليب التهديد سواء من المسئولين أم من غيرهم إذ لا يولد العنف إلا عنفوانا ، ولا تواجه التهديد إلا الحيلة حيث يقابل النقل المتعسف للموظف التفريط في الواجب ، والخاسر هو الأمة والمصلحة العامة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

7 Comments

  1. متتبع
    24/09/2008 at 23:45

    لا مؤدودية ولاجودة إلا مع الاستقرار أما التلويح بالعصا والتهديد بقطع الأرزاق فلايؤدي إلا إلى الحقد والكره والانتقام من المجتع كما أن عملية تدبير الفائض ولدت عند الموظف الخوف الرهيب حتى في مجرد التفكير في الحركة الانتقالية حتى وإن كانت في صالحه خوفا من أن يصبح فائضا .وهذا في حد ذاته عرقلة لإعادة الانتشار .إن أخطاء الوزارة الوصية والمسؤولين بصفة عامة بها،إلى جانب أخطاء (كنينت الهلال) ألقيت على كاهل رجل التربيةوأصبح يشنق يوميابالاتهامات التنوعة أقلها التهاون وعدم القيام بالواجب ويهدد بقطع رزقه فاليعلم كل من نصب نفسه مدافعا عن التعليم وهو في الواقع يبحث عن الترقي في المناصب على حساب المرضى والمظلومين أن كل شيء يمكن أن يتغير من الخارج إلا الإنسان فلا يتغير إلا من الداخل واليعلم هؤلاء أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب .وبدن شك أن المظلوم لن يتوقف عن الدعاء على من ظلمه

  2. عبد الحميد الرياحي
    24/09/2008 at 23:45

    تحية طيبة إلى الأح الشركَي:
    أرى أن المقال تطرق إلى لب مشكلة الانتقال عند المدرسين وباقي الفئات المشابهة.
    إلا أن إدراج مفهومي اللامركزية واللاتمركز لا ينسجم مع السياق.
    قمفهوم اللاتمركز يعني تفويض جزء من سلطات المركز إلى توابعه في مختلف الجهات. وهو أمر تم بشكل صوري وتدريجي في المغرب منذ بداية استقلاله.
    أما مفهوم اللامركزية فلم يطبق في المغرب إلى حد الآن. لأنه يشترط في السلطات المخولة إلى الجهات أن تكون « كلها منتخبة » وأن لا تفرض عليها وصاية من أي جهة كانت. وتأملوا معي نماذج مثل لامركزية اسبانيا أو اليابان أو كندا(وهي لامركزيات نسبية غير مكتملة أو في طريقها إلى التبلور)، ثم قارنوا مع حالة المغرب…

  3. فرحان بوشتى
    25/09/2008 at 17:01

    سلام تام ورمضان كريم عليك بكلاماتك المحقة وبهزم المنافقين بكلامك هذا لنصر حق رجال التعليم فالنساء في البوادي والرجال في المدن أليس هذا بالمنكر يا أستاذنا الموقر والله إنك في حناجرهم وهم لا يشعرون صم بكم عمي لا يفقهون فالنصر والنجاح والصبر مع مع الرجال وليس المنافقين تحية السلام اليوم أصبحت كلها نفاقا واستفزازا وكأنهم لا يشعرون والله المخلص من أفكارهم ونفوذهم وسلطتهم التي لا تسمن ولا تغني وإنما تهدم

  4. استاذ
    26/09/2008 at 00:05

    لا يتحدث السيد الشركي عن نيابة جرادة وعن ما تعرفه من مشاكل ويركز كثيرا على نيابة وجدة ربما تعاطفا مع نقابة معينة . وكثيرا ما ينتظر منه اساتذة جرادة ان يشمل صوته الجهور وجراته في مناقشة المشاكل العريضة . فلا يمكن للسيد الشركي أن يلتزم الصمت امام العديد من التجاوزات غير المخفية اذ ليس كل الذي يكتب موضوعا عن نيابة جرادة يكرهها بل قد يكون من الغيرة على هذه النيابة مناقشة مشاكلها . السيد الشركي يكتب مقالات نقدية عن الوزارة وعن الاكاديمية ولا يكتب عن النيابة التي هي اقرب اليه من غيرها . من خقنا ان ننتظر من السيد الشركي ان مقالات عن هذه النيابة ولو من ياب النصيحة …اليس لجرادة نصيب وحظ مما يقدمه لقراء هذا المنبر …

  5. متتبع
    26/09/2008 at 00:05

    يتكلمون عن الجودة ويضربون صانعيها في الصميم,ويكسرون نفسيتهم بالإنتقالات التعسفية وكانهم يعاقبونهم على اخطاء لم يرتكبوها بل ارتكبها غيرهم(المسؤولون) نقتل في المدرس نشاطه وحيويته ونطلب منه المردودية,نكسر للطائر جناحه و نقول له طر

  6. تعليق
    26/09/2008 at 16:15

    عملية إعادة الإنتشار فشلت الوزارة في تفعيلها وستفشل أكثر فيما حققته من خلال اجراة جزئية لها هنا وهناك ، لسبب بسيط وهو أنها بدعة تم ابتداعها عساها تغطي الفشل الذريع في تدبير وتسيير الموارد البشرية بقطاع التعليم خصوصا وقطاعات عمومية أخرى بشكل عام.
    صحيح أن هناك نقص في الأطر بمناطق عديدة يقابله تكدس لها في مناطق أخرى ، لكن الأصح أن أغلبية هذه الأطر حصلت على تعييناتها من قبل الوزارة الوصية أو الأكاديميات او النيابات الإقليمية إما في إطار الحركات المختلفة أو من خلا تعيينات جديدة ، وبالتالي فإن من يتحمل مسؤولية واقع الحال فهم أولائك المسؤولين الذين افتقدوا إلى أبسط أليات التخطيط أو أصروا على تغييبها.
    ومهما يكن الحال ، فإن الوضع الحالي لم يكن يحتاج لجعجعة لن تؤتي نتائج مرضية في حدها الأدنى ، بل كان من الممكن التعامل مع الواقع بحكمة والتخطيط لعدم السقوط في وضع أكثر تأزما في المستقبل ، إذ كان من الممكن اعتماد توظيفات جديدة توجه بشكل كلي لسد الخصاص في المناطق الأكثر تضررا فيما الفائض من الأطر سيتم التخلص من جزء مهم منه في السنوات الثلاثة المقبلة على اعتبار أن الأفواج المهمة التي ساهمت في مغربة الأطر أشرفت على التقاعد.

  7. Lahcen
    26/09/2008 at 21:44

    Les syndicas doivent jouer un role dans tout cela,et prendre leurs travail et responsabilité au sérieux

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *