Home»International»وسقط قناع الديمقراطية عن الوزير الشوباني !!

وسقط قناع الديمقراطية عن الوزير الشوباني !!

0
Shares
PinterestGoogle+

     وحدها مشيئة الله، تأبى إلا أن تتصدى لدعاة الطهرانية، المتلفعين بعباءة المظلومية، وتكذب مزاعمهم الخاوية، بإسقاط أقنعتهم الاصطناعية تباعا والكشف عن وجوههم الحقيقية. إنهم أولئك المنتسبون إلى الحزب الحاكم، الذي جاء أمينه العام الأستاذ بنكيران إلى رئاسة الحكومة، رافعا شعار « الإصلاح في ظل الاستقرار »، يقسم بأغلظ الأيمان على تحرير العباد، من أغلال القهر والاستعباد، قطع دابر الفساد ودك قلاع الاستبداد، والقضاء على أوكار الريع والمحسوبية والزبونية والاتكالية…
ففي وقت سابق، أقدم وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الأستاذ: لحسن الداودي، الذي طالما شنف أسماعنا بتطهير الجامعة المغربية، واعتماد حكامة جيدة في تدبير شؤونها، على تسهيل انتقال « أخيه » القيادي في نفس الحزب الأغلبي، والعضو البارز في أمانته العامة، الأستاذ: عبد العالي حامي الدين، من جامعته الأصلية بطنجة عبد المالك السعدي، إلى كلية الحقوق أكدال التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، خارج الضوابط القانونية المنصوص عليها في الحركة الوطنية والجهوية، ومن غير مصادقة اللجنة العلمية للشعبة. وقد كنت أشرت إلى الواقعة في حينها عبر مقال تحت عنوان:        » وأين ضمير الأستاذ يا.. أستاذ؟ ! »، صادر في جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد: 10730 بتاريخ: 14 يونيو 2014، وفي مجموعة من المواقع الإلكترونية، دون أن يمتلك المعني بالأمر ومعه الوزارة الوصية الشجاعة الأدبية، لإصدار بيان حقيقة وتنوير الرأي العامة.
لم يكن بمقدورنا آنذاك التكهن بأبعاد ذلك الانتقال غير القانوني، إلى أن فوجئنا كغيرنا بفضيحة أخرى تنضاف إلى سجل فضائح حكومة الأستاذ بنكيران، بطلها هذه المرة عضو الأمانة العامة لنفس الحزب « العدالة والتنمية »، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني السيد: حبيب الشوباني، تداولتها على نطاق واسع العديد من صفحات التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الوطنية.
ذلك أنه في إطار الامتحانات الشفوية، لانتقاء الطلبة المقبولين لولوج سلك الدكتوراة بكلية الحقوق أكدال، انكشف سر انتقال الأستاذ حامي الدين إلى العاصمة الإدارية، واتضح جليا أن رجالات الإصلاح المفترى عليه، لا يشغلهم في المقام الأول عدا اقتناص الفرص، بغية نيل الشهادات العليا تحسبا للقادم من الأيام، وتمهيد السبل للاستيلاء على المناصب السامية والتحكم في مفاصل الدولة، ما يجعلهم يفقدون أبصارهم وبصائرهم ويسقطون في شرك البدع، وهم يدركون أن البدعة ضلالة، وأن كل ضلالة في النار. فما الذي حدث؟
في الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس: 8 يناير 2015، كان لمجموعة من الطلبة الباحثين، موعد لإجراء مقابلة شفوية لانتقاء المقبولين منهم في سلك الدكتوراة شعبة: القانون العام والعلوم السياسية بكلية أكدال. وبالفعل توافد الطلبة على القاعة المخصصة قبل حتى حلول الوقت المحدد، يعلوهم حماس الشباب المتفائل بالمستقبل، وكلهم إيمان راسخ بقدراتهم العلمية في تحقيق حلمهم الكبير. بيد أنه سرعان ما بدأت غيوم الشؤم تلبد فضاءهم، والقلق يستبد بأطرافهم، نازعا البسمة عن شفاههم، حين تم إبعادهم في مرحلة أولى من أمام القاعة المخصصة للمقابلة، ليباغتوا فيما بعد بمن يطالبهم بضرورة إحضار مشاريع الدكتوراة، التي سبق لهم تقديمها ضمن ملفات الترشيح، باعتبارها أحد أهم المعايير المعتمدة في قبول ترشيحاتهم. ساعتها أدركوا ببداهتهم أن شيئا ما يطبخ في الخفاء، دون أن يستبينوا طبيعته. ولسوء حظهم، تزامن إجراء تلك المقابلة مع اجتماع المجلس الحكومي، ليتضح جليا أن مماطلتهم حتى الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال دون طعام، كانت بغرض تأخير لحظة الانطلاق إلى غاية نهاية الاجتماع، وحتى يتسنى ل »سعادة » الوزير الشوباني ضرب عصفورين بحجرة واحدة…
وبعيدا عن تداعيات ذلك الانتظار المقيت، ارتأيت التطرق المباشر إلى الطريقة المريبة، التي تم اعتمادها في دراسة ملفات حوالي 700 مترشحا، حيث اختير لها لغرض في نفس صاحب البرمجة، وقت كان فيه معظم الأساتذة يتمتعون بعطلة، وهكذا تكفل بالمهمة ثلاثة أساتذة فقط ! فضلا عما عرفه إجراء تلك المقابلة/المهزلة، من خرق سافر للقوانين المعمول بها في واضحة النهار، من طرف أولئك الذين ائتمنهم الشعب على مستقبل الطلبة وإدارة الشأن العام بالبلاد.
ذلك أنه لإجراء المقابلة الشفوية مع الوزير/ الطالب: حبيب الشوباني، تم تخصيص لجنة صورية، لعب دور « الناخب » في تشكيلها الأستاذ عبد العالي حامي الدين، دون حرمان نفسه من شرف العضوية ولا مراعاة مشاعر الطلبة. ومما زاد في منسوب السخط والاستياء وإثارة موجة عارمة من الغضب في صفوفهم، هو الانسحاب الفوري لتلك اللجنة بعد أداء مهمتها التي لم تكن أبدا مستحيلة، وحلت مكانها لجنة أخرى لإجراء مقابلات الانتقاء مع باقي المترشحين وسط وجوم واستغراب الجميع. والأفظع من ذلك كله، ما تعرضت له طالبة باحثة تدعى: شريفة لومير من إقليم زاكورة، والتي رغم ما سجلته من تجاوزات لم ترد لجذوة الأمل المشتعلة في أعماقها أن تخبو، سيما أنها قضت سنة كاملة من عمرها في تحضير مشروع الدكتوراة، معتمدة على إمكاناتها المادية البسيطة، المقتطعة من راتب والدها المنتسب إلى أسرة التعليم. إذ دخلت لاجتياز المقابلة بعزيمة قوية، وبدل أن تنصب الأسئلة على موضوع مشروعها، الذي اختارت له عنوان: « الديمقراطية التشاركية من أجل تكريس الخيار الديمقراطي » والمتمحور حول الأدوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني، أصر أحد أعضاء اللجنة على استدراجها خارج مشروعها، وما إن علم بانتمائها إلى حزب « الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية » حتى ثارت ثائرته ورمى ببطاقتها الوطنية في وجهها، متهما الطلبة الاتحاديين بالعمل على تسييس الجامعة بدل طلب العلم والمعرفة…
بالله عليكم، أبهكذا سلوك يتم تشجيع طلبتنا على البحث والتحصيل، ودفعهم إلى الانخراط في الحياة السياسية، للمشاركة في إدارة الشأن العام والنهوض بأوضاع المجتمع؟ ثم ما ذنب طالبة جاء مشروع بحثها مشابها لمشروع السيد الوزير؟ فأين نحن من تكافؤ الفرص، النزاهة، الشفافية وحياد الإدارة؟ وما إلى ذلك من الأسئلة، التي لا تستدعي فقط تدخل السيدين وزير التعليم العالي ورئيس المجلس الأعلى للتعليم، كما طالب بذلك المتضررون وعلى رأسهم الطالبة: شريفة لومير، التي قررت الدخول في اعتصام مفتوح بالكلية وإضراب عن الطعام، بل وقوف السيد رئيس الحكومة بنفسه على ملابسات الفضيحة، خاصة أن أبطالها من حزبه، الذي عارضنا بشدة نعته ب »لا عدالة لا تنمية » من لدن الإماراتي « ضاحي خلفان ».
نحن لا نشكك في قدرات السيد الوزير، سيما أنه استفاد جيدا من خلاصات الحوار الوطني للمجتمع المدني، الذي استنزف ميزانية ضخمة من أموال الشعب، ولكننا نستغرب لهذا الإصرار المتواصل على سياسة الكيل بمكيالين وانتهاك الحقوق. وعلى كافة القوى الحية بالبلاد مساندة هذه الطالبة في محنتها، والتي كان حريا ب »المصلحين الجدد » احتضانها، عوض الإقصاء الممنهج الذي ذهبت ضحيته…
اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. master chef
    13/01/2015 at 15:05

    هي في الحقيقة كما قالت الفنانة العربية سهير البابلي  » الدكتوراه بئت بتتوزع » و خاصة الدكتوراه في  » البلابلا وكثرة الهدرة و لكلام فالبرلمان والانتخابات والتجمعات والتلفزات و الراديو… » ولكن رغم ذلك لابد من تكافؤ الفرص والتصدي للانتهازيين و الوصوليين و »لبلاعطية والمخروضين ».

  2. عبد العزيز الحتيا
    15/01/2015 at 01:23

    الأستاذ عبد العلي حامي الدين و إساءة استعمال النسخ واللصق
    بقلم: عبد العزيز الحتيا
    تزامن الانتهاء من كتابة هذا المقال مع الصراع الذي نشب بين حزب العدالة والتنمية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد وفاة أحمد الزايدي رحمه الله، والذي ساهم عبد العلي حامي الدين في تأجيجه بعد دعوته إلى تقديم ادريس لشكر لاستقالته وعقد مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة. وقد أحجمنا عن نشر هذا المقال في ذلك الإبان لتجنب أي تأويل يخرجه عن إطاره العلمي. ولكن بعد أن تناقلت بعض المنابر الإعلامية خبر احتمال وجود شبهة حول قبول الحبيب الشوباني بسلك الدكتوراه ودور عبد العلي حامي الدين فيها، أصبح الواجب يفرض علينا إخراج هذا المقال إلى العلن. فالطلبة المستبعدون يستعدون للدفاع عما يرونه حقا لهم، وقد يستند الأستاذ عبد العلي حامي الدين وباقي أعضاء اللجنة إلى المعيار العلمي لتبرير إقصائهم، مما يجعلنا في موقع الشيطان الأخرس إن سكتنا عما وقفنا عليه من ابتعاد الأستاذ حامي الدين عن الضوابط العلمية. وأهدي هذه السطور إلى هؤلاء الطلبة عسى أن يستعينوا بها إذا ما تشبث أعضاء اللجنة بالاعتبار العلمي في مواجهتهم. وفيما يلي نص المقال:
    نشر الأستاذ عبد العلي حامي الدين مقالا بعنوان:  » حلم الخلافة الإسلامية « . وما أثارني في هذا المقال هو أن الأستاذ حامي الدين عمد إلى اختيار أجزاء من متن سابق كتبه منذ اثنتي عشرة سنة على الأقل، ونسخها ولصقها بشكل لا يخلو من تعسف وضرب بالأمانة العلمية عرض الحائط لتبدو على شكل مقال حائز لصفة الجدة ومناسب لسياق كتابته. وسيلاحظ القارئ الكريم أن هذا المقال المتكون من حوالي 496 كلمة مفتقد لطابع الجدة بعد أن يعرف أنه لا يقدم إلا ما يقرب من 193 كلمة كتبت بمناسبة المقال، في حين أن باقي متن المقال يضم 303 كلمة (أي أكثر من نصف المقال) دبجت ما قبل سنة 2002 (سنة حصول الأستاذ حامي الدين على الدكتوراه). كما سيقف على خلو صنيع الأستاذ من الأمانة العلمية. والتفصيل كالآتي:
    1) ورد في المقال « الجديد » ما يلي: ( المرحوم عبد السلام ياسين كان يعتبر «الخلافة على منهاج النبوة»، هي الهدف الاستراتيجي الرابع والأخير بعد إقامة الجماعة القطرية، وإقامة الدولة الإسلامية القطرية، وتوحيد الأقطار الإسلامية. ويعتمد في التبشير بهذا الهدف على حديث نبوي شريف، يكرره في معظم كتبه، والذي يخبر فيه الرسول الكريم بمراحل تطور أشكال الحكم، حين يقول: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة، ثم سكت)، ومازال التصور نفسه قائما لدى الجماعة إلى إشعار آخر..). ونضع القارئ الكريم أمام ما قاله الطالب حامي الدين سنة 2002 (أو ما قبلها): ( يعتبر عبد السلام ياسين « الخلافة على منهاج النبوة » هي الهدف الاستراتيجي الرابع والأخير بعد إقامة الجماعة القطرية وإقامة الدولة الإسلامية القطرية وتوحيد الأقطار الإسلامية، ويعتمد في التبشير بهذا الهدف على حديث نبوي شريف، يكرره في معظم كتبه، والذي يخبر فيه الرسول الكريم بمراحل تطور أشكال الحكم، حين يقول: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة، ثم سكت) (الصفحة 209 من كتاب « الدستور المغربي ورهان موازين القوى »، وسنكتفي بإيراد أرقام الصفحات في ما سيأتي لأن هذا الكتاب هو المرجع المعتمد). فالملاحظ، إذن، أن الأستاذ حامي الدين لم يضف شيئا جديدا ما عدا جملة: « ومازال التصور نفسه قائما لدى الجماعة إلى إشعار آخر ». ويمكن القول بأنه لا يزال لم يجد عبارات بديلة عما كتبه قبل أكثر من عقد حتى إشعار آخر. كما نلاحظ عدم إشارته إلى سبق تناوله لنفس الفقرة (وللفقرات الموالية) في أطروحته.
    2) يؤكد الأستاذ عبد العلي حامي الدين في مقاله « الجديد » على أنه « لا نعثر على تعريف دقيق لمفهوم الخلافة في كتابات الإسلاميين، بالرغم من حضور هذا المفهوم بشكل مركزي في تصوراتهم السياسية، غير أن السياقات التي يستعمل فيها هذا المفهوم، تُحيل إلى النموذج السياسي الذي نهجه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعده الخلفاء الأربعة، والذي لم يُعمِّر أزيد من ثلاثين سنة.. ». وفي دراسته التي توج بها دكتورا في القانون العام نجده مقررا ما يلي:  » لا نعثر على تعريف دقيق لمفهوم الخلافة في كتابات عبد السلام ياسين، بالرغم من حضور هذا المفهوم بشكل مركزي في تصوره السياسي، غير أن السياقات التي استعمل فيها هذا المفهوم، تُحيل إلى النموذج السياسي الذي نهجه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعده الخلفاء الأربعة والذي لم يُعمِّر أزيد من ثلاثين سنة.. » (ص 209). وبعد أن يقتبس من عبد السلام ياسين ما كان يعتبره الأخير انحرافا عن النموذج المذكور يخلص إلى القول:  » بمعنى أن المرحلة التي كان يسود فيها نموذج الخلافة تميزت بمشروعية وشرعية الحكم المستند إلى الانتخاب (الخلفاء الأربعة المنتخبون) الذي يعكس إرادة المجتمع الإسلامي. كما تميز برشد الأداء السياسي للخلفاء الأربعة، ولذلك سُميّت «بالخلافة الراشدة» (ص 210). وفي مقاله « الجديد » نجد هذه الفقرة بحذافيرها، إذ يكتب: « بمعنى أن المرحلة التي كان يسود فيها نموذج الخلافة، تميزت بمشروعية وشرعية الحكم المستند إلى الانتخاب (الخلفاء الأربعة المنتخبون)، الذي يعكس إرادة المجتمع الإسلامي. كما تميز برشد الأداء السياسي للخلفاء الأربعة، ولذلك سُميّت «بالخلافة الراشدة».
    نرى أن فكرة الأستاذ عن غياب تعريف دقيق لمفهوم الخلافة في كتابات الإسلاميين كانت ستستقيم لو استعرض مثلا أفكارهم. أما أن يستهل مقاله « الجديد » برؤية عبد السلام ياسين لوحده، ويقفز إلى الحديث عن الكتاب الإسلاميين بصيغة الجمع، فهو تعميم يخدش العلمية. وإذا كان حامي الدين الطالب لم يعثر على تعريف دقيق لمفهوم الخلافة عند ياسين، فقد كان حريا بحامي الدين الأستاذ أن ينير القارئ بكيفية استنتاجه لعدم تدقيق الكتاب الإسلاميين لمفهوم الخلافة. ثم إن اعتماد ما استنتجه عن ياسين كمنطلق لتعميم فكرة عدم تدقيق مفهوم الخلافة سيكون مقبولا إذا كان الاعتراف من قبل الإسلاميين بقبولهم واعتمادهم للرؤية السياسية الياسينية. والحال أن هذا الاعتراف غير حاصل، ويقدم الإسلامي حامي الدين مثالا ساطعا عند محاولته تفنيد فكرة ياسين. ومن أجل الخروج من مأزق عدم توضيح كيفية تمحيصه للكتابات المدافعة عن الخلافة، التجأ إلى استبدال « كتابات الإسلاميين » ب »كتابات عبد السلام ياسين »، مع الإبقاء على نفس ما كتبه في أطروحته للدكتوراه. وأكثر من ذلك، إذا كان الأستاذ لم يجد بديلا عن إعادة صياغة جمل سابقة له بأسلوب آخر، وإذا كان غير مكترث بقارئه من خلال عدم تنويره ب »أصل » أفكاره « الجديدة »، فإخباره باطلاعه على كتابات كل الإسلاميين وتوصله إلى عدم تدقيقهم يطرح علامة استفهام.
    3) يستخلص الأستاذ حامي الدين في مقاله « الجديد » النتيجة الآتية:  » الظاهر أن بعض الجماعات لازالت متمسكة بالمفهوم الظاهري لهذا النموذج، معرضة في ذلك عن جميع التحولات العميقة التي حصلت داخل المجتمعات المعاصرة، واختلاف واقع المؤسسات السياسية الحالية، التي لم يعد يشكل فيها موقع الفرد إلا جزءا من النظام السياسي الحاكم، فإذا كان يتصور في العهد الأموي دور كبير للحاكم وأثر أكبر لرأس السلطة في القرار السياسي، فإن هذا الدور قد تضاءل اليوم بشكل كبير، نتيجة تشعب مؤسسات النظام السياسي وتعقد العلاقات بين مكوناتها ودخول مؤثرات متعددة في صنع توازناتها، منها على الخصوص المؤثرات وتشابك المصالح الداخلية والخارجية ». وقبل اثنتي عشرة سنة علق على عبد السلام ياسين قائلا:  » هكذا يظهر عبد السلام ياسين متمسكا بهذا النموذج، ومعرضا عن جميع التحولات العميقة التي حصلت داخل المجتمعات المعاصرة، واختلاف واقع المؤسسات السياسية الحالية التي لم يعد يشكل فيها موقع الفرد إلا جزءا من النظام السياسي الحاكم، « فإذا كان يتصور في العهد الأموي دور كبير للحاكم وأثر أكبر لرأس السلطة في القرار السياسي، فإن هذا الدور قد تضاءل اليوم بشكل كبير، نتيجة تشعب مؤسسات النظام السياسي وتعقد العلاقات بين مكوناتها ودخول مؤثرات متعددة في صنع توازناتها، منها على الخصوص المؤثرات الدولية الخارجية في سياق العولمة وتشابك المصالح الدولية » (ص 211). هنا أيضا نجد النسخ واللصق مع استبدال « بعض الجماعات » ب »عبد السلام ياسين ». والأدهى من هذا هو سطو الأستاذ حامي الدين على فكرة ليست من بنات أفكاره. ففكرة تضاؤل دور الحاكم عما كان عليه الأمر في العهد الأموي هي فكرة محمد يتيم. وإذا كان حامي الدين قد التزم عندما كان طالبا بتوثيق هذه الفكرة المقتبسة من غيره، فإنه لم يجد حرجا عندما أصبح أستاذا بنسبتها إليه. وأكثر من ذلك نجده يعمد إلى التصرف في قول محمد يتيم بشكل يجعل فكرة هذا الأخير تفقد وضوحها: فيتيم يتحدث عن المؤثرات الدولية الخارجية وعن سياق العولمة، بينما يتحدث الأستاذ حامي الدين عن المؤثرات بشكل مبهم ويتجاهل سياق العولمة. ويتحدث يتيم عن تشابك المصالح الدولية بوضوح، في حين يقفز الأستاذ حامي الدين إلى تشابك المصالح الداخلية والخارجية بدون تحديد الرقعة الجغرافية المعنية بتشابك المصالح المتحدث عنه.
    4) يتساءل الأستاذ في خاتمة مقاله « الجديد » قائلا:  » لكن ما شكل هذه الخلافة التي يحلم بها بعض الإسلاميين من غير داعش؟ وما هي خصائصها؟ وما الذي يميزها عن أنظمة الحكم المعاصر؟ »، ليجيب بتأكيد قاطع:  » لا يكلف المدافعون عن أطروحة الخلافة أنفسهم عناء الخوض في التفاصيل، ولكنهم يكتفون بإعلان التمايز الحاصل بين مفهوم الخلافة وبين الدولة القومية الحديثة ». وصيغتا السؤال والجواب طرحتا بهذا الشكل تقريبا عندما تحدث الطالب حامي الدين عن تصور عبد السلام ياسين:  » ولكن ما شكل هذه الخلافة؟ وما هي خصائصها؟ وما الذي يميزها عن أنظمة الحكم المعاصر؟ » (ص 212)، و » لا يكلف ياسين نفسه عناء الخوض في التفاصيل، ولكنه يكتفي بإعلان التمايز الحاصل بين مفهوم الخلافة وبين الدولة القومية الحديثة » (ص 213). وإذن، يبرهن الأستاذ حامي الدين على قدرته الفائقة على النسخ واللصق بشكل يخرج بهما عن الإطار العلمي.
    وبعد أن وقف معنا القارئ الكريم على أن مقال الأستاذ حامي الدين ليس جديدا وعلى أنه مفتقر إلى الأمانة العلمية، بقي علينا أن نوضح أيضا ما يتضمنه تعسفه في استعمال النسخ واللصق من خطورة. إن هذه الخطورة تتضح إذا استحضرنا أنه يوهم القارئ بأن حديثه ينصب على خلو ردود الفعل المنتقدة من مناقشة مفهوم الخلافة نفسه ومن تحديد معناه في السياق السياسي المعاصر، مما يجعل القارئ يتهيأ لاستقبال ما ستجود به قريحة الأستاذ حامي الدين من عرض لضعف تناول منتقدين بارزين لداعش لمفهوم الخلافة ومعناه السياسي الحالي. وكان من الممكن في هذا السياق مثلا أن يوضح للقارئ ما إذا كان انتقاد أحمد الريسوني لداعش قد أفلح في توضيح مفهوم الخلافة وتحديد معناه أم لا. إلا أنه عمد إلى دفاتره القديمة ليخبرنا عن موقف ياسين من الخلافة، مع أن ياسين غيبه الموت ولم يحضر النقاش المثار حاليا بشأن الخلافة. ومضى الأستاذ حامي الدين جاعلا من انتقاده السابق لياسين العمود الفقري لمقاله « الجديد »/القديم، بشكل يفهم منه الاستمرار في نقده لجماعة العدل والإحسان، وفي التحيز لحركته. فالطالب حامي الدين لم يتورع في أطروحته عن وصف حركة التوحيد والإصلاح ب »تيار التوحيد » أربع مرات (الصفحات 172-178-183-187) بدون تحديد للمعنى الذي يمنحه للتوحيد، مما يجعل الباب مشرعا أمام استنتاجات خطيرة إذا استحضرنا قيمة التوحيد عند المسلمين. فهل كان يضمر بهذا الوصف تفوق حركته على غيرها من تنظيمات الإسلام السياسي من حيث الإيمان؟ وإذا كان لم يخجل من إضافة قيمة التوحيد إلى حركته، ووصف جماعة العدل والإحسان ب »الظاهرة » (ص 197) والتي هي صنوة حركته فيما يعتبره « الدعوة » إلى الله تعالى، فالتساؤل يبقى مشروعا عما إذا كان أيام دراسته الجامعية يستبطن نفي التوحيد عن المغاربة المسلمين الذين لا علاقة لهم بتلك التنظيمات. وإذا كان لا يزال متمسكا بفكرة « تيار التوحيد » إلى الآن، أفلا يقترب من « منطق » داعش التكفيري الذي يدعي محاربته؟ (انظر مقاله « عصيد ومنطق داعش » المنشور على موقع شبكة الأندلس الإخبارية). قد يستنكر الأستاذ حامي الدين مثل هذه الاستنتاجات، ولكنها نتيجة منطقية لما أسبغه على حركته من تميز بالتوحيد. وإذا لم يستسغها، فليس له بد من الاعتراف بأنه كان يطلق الكلام على عواهنه في مقام يفرض عليه الصرامة العلمية. وللتأكد من هذا المعطى نقدم مثالا آخر عن عدم تثبته: فبينما نص الفصل 23 من دستور 1996 على أن: » شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته »، نجد حامي الدين طالب الدكتوراه يقول في الصفحة 234: « ينص الدستور المغربي على أن « الملك شخص مقدس » (الفصل ( 23″. ونجده يتمم في نفس الصفحة قائلا: وأنه « لا يجوز مناقشة مضمون خطبه سواء من طرف الأمة أو ممثليها » (الفصل .( 28 « ، بينما ورد في الفصل 28 من دستور 1996: « للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش ». فطالب الدكتوراه حامي الدين لم يقدم النص الدستوري كما ورد في الأصل، وعمد إلى حشوه برأيه الشخصي. وكان عليه من باب الأمانة العلمية أن يقدم المتن الدستوري كما هو، وله بعد ذلك أن يعلق أكاديميا بما شاء. أما أن يقحم عبارات في المتن الدستوري ويقدمها على أساس أنها منطوق الدستور، فهو عمل غير أكاديمي ولا يتصور صدوره عن طالب الدكتوراه. وحتى يقطع الشك باليقين حول عدم دقته نخبره بأن هذا الصنيع لم يسلم منه أيضا نص محمد يتيم: فبعد أن رجعنا إلى كتاب  » الحركة الإسلامية بين الثقافي والسياسي » وجدنا محمد يتيم يتحدث في الصفحة 55 عن « دور كبير للحاكم الفرد وأثر أكبر للحاكم في القرار السياسي »، بينما نقل الطالب حامي الدين عن يتيم ما يلي: « دور كبير للحاكم وأثر أكبر لرأس السلطة في القرار السياسي » (ص 211). وبالرغم من قربه من محمد يتيم، فهو لم يضبط تاريخ إصدار يتيم لكتابه، بحيث وضع سنة الإيداع القانوني لسلسلة « منشورات الزمن » والتي هي سنة 1999 (ص 236)، مع أن الصفحة الأولى من كتاب محمد يتيم الصادر عن هذه السلسلة تؤرخ للكتاب ب »دسمبر 2000″، ومع أن تقديم يتيم لكتابه مؤرخ له بيوم « الجمعة 21 جمادى الثانية 1421 موافق 22 شتنبر 2000 ».
    وبعد ما تم تسطيره، ألا يمكن توجيه الأسئلة الآتية: ما شكل مقال الأستاذ حامي الدين « الجديد »/القديم هذا؟ وما جدته؟ وما الذي يميزه عن إساءة طريقة النسخ واللصق أو « كوبي – كولي »؟
    ملحوظة أولى: تشديد بعض الكلمات والعبارات تم من قبل كاتب هذه السطور.
    ملحوظة ثانية: موضوع أطروحة عبد العلي حامي الدين هو: « المسألة الدستورية في الفكر السياسي المغربي المعاصر »، وقد ناقشها بتاريخ 7/6/2002. وقد نشرت « دفاتر وجهة نظر »الطبعة الأولى من هذه الأطروحة سنة 2005 تحت عنوان: الدستور المغربي ورهان موازين القوى (الملكية. الأحزاب. الحركات الإسلامية). ومقال « حلم الخلافة الإسلامية » نشره حامي الدين على الموقع الإلكتروني « اليوم 24 » يوم 9/7/2014. كما نشر نفس المقال مع إضافات قليلة تحت عنوان (« داعش » بين الخلافة والخرافة ») على الموقع الإلكتروني لجريدة « القدس العربي » بتاريخ 10/7/2014. والملفت للنظر هو استعمال عنوانين مختلفين لنفس المتن. وتلك مسألة أخرى.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *