Home»National»من « درر » بنكيران

من « درر » بنكيران

0
Shares
PinterestGoogle+

من « درر » بنكيران: خوتي المغاربة، بشراكم اليوم إصلاحات بشائرها الأولى بعد 30 سنة

محمد إنفي

يقدم العنوان أعلاه – وهو مقتبس من كلام رئيس حكومتنا ولم يتدخل كاتب هذه السطور إلا في الصياغة لتناسب المقام- خلاصة التجربة الحكومية لـ »بنكيران »(و »عصارة تفكيره » السياسي والتدبيري وكذا تصوره للإصلاح ومفهومه للتخطيط، الخ) بعد حوالي سنتين ونصف من تدبير الشأن العام. وهكذا، بشرنا، نحن  المغاربة، من خلال الكلمة التي ألقاها (حسب ما تداولته بعض الصحف) أمام برلمانيي حزب العدالة والتنمية، الذي يرأسه ويرأس الحكومة باسمه، بظهور البشائر الأولى لإصلاحات حكومته بعد 30 سنة. وتأتي هذه « البشرى »، بعد أن فطن، وقد قضى نصف ولايته في الحديث عن العفاريت والتماسيح، إلى أن مسألة الإصلاحات المبشر بها تحتاج إلى وقت طويل. وما كنا لنظن أنها ستحتاج إلى كل هذا الوقت، لو لم يقل ذلك هو بنفسه وبعظمة لسانه وأمام الفريق البرلماني لحزبه.   

وبهذا، يمكن  أن نجزم بأن « بنكيران » يشكل ، في مجال التخطيط والإستراتيجيات (إن جاز لنا أن نتحدث عن رؤية إستراتيجية لـ »عبد الإله بنكيران ») استثناء مغربيا من نوع آخر؛ بحيث سيكون الوحيد  بين كل رؤساء حكومات العالم، الذي ينتظر البشائر الأولى لإصلاحاته بعد ثلاثين سنة بالتمام والكمال (أي بعد أن يطفئ شمعته 90 إن شاء الله ويكون الحفيد الذي راقصه قد تجاوز سن الشباب « القانوني »).

إننا لا نعتقد أن هناك رجل دولة قمين بهذه الصفة (ونحن لم يسبق لنا، أبدا، أن قلنا بأنه يتوفر على هذه الصفة) وأهل للمسؤولية، يحترم مواطنيه وتطلعاتهم ويشعر بمعاناتهم،  يمكن أن يعد بثمرة إصلاحاته بعد ثلاثين سنة. لقد ألغى رئيس حكومتنا من حسابه المدى القصير والمدى المتوسط واحتفظ، فقط، بالمدى الطويل (والأصح البعيد). وحتى في هذا، فهو يشكل استثناء؛ ذلك أنه تجاوز ما هو متعارف عليه في تحديد المدد الضرورية لتنفيذ البرامج والمخططات أو لإنجاز الإصلاحات. فلم تعد مدة 15 إلى 20 سنة كافية بالنسبة لـ »بنكيران » ليرى بواكر إصلاحاته. فهو يحتاج إلى 30 سنة قبل أن يجني المغاربة أوائل ثمار منجزاته. وكان الأجدر به أن يمددها إلى 40 سنة حتى ينسجم مع ما تنبأ له به الشيخ « محمد بن عبد الرحمان المغراوي » خلال زيارته له بمراكش بعد أن تم تعينه رئيسا للحكومة: فهل نسي بأن الشيخ تنبأ له بالبقاء على رأس هذه الحكومة 40 سنة؟  

لكن، خارج « الطنز » وبعيدا عن السخرية التي يفرضها الموقف، هل من المعقول ومن المقبول أن يقْدم من بوأته صناديق الاقتراع مهمة تدبير شؤون المواطنين لولاية مدتها 5 سنوات، على وعد هؤلاء الذين وضعوا ثقتهم فيه واغتروا بخطابه عن الإصلاح وما يستتبع ذلك من محاربة للفساد والفقر والهشاشة، الخ، وما يعنيه ذلك من تأثير إيجابي ومباشر على وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، بأنهم سوف لن يروا البشائر الأولى لإصلاحاته إلا بعد 30 سنة، وهو الذي وعد بالكثير الكثير، سواء خلال الحملة الانتخابية في نونبر 2011 أو خلال تقديم برنامجه الحكومي أمام البرلمان في مطلع سنة 2012؟ وهل يستسيغ المنطق والواقع أن يُقدِّم مسؤول (يحترم نفسه ويعي مسؤولياته ويقدر ما التزم به أمام المواطنين) وعودا مثل تلك التي تفتقت عنها « عبقرية » « بنكيران »، ليجعلها تحتاج إلى 30 سنة كي تبدأ بشائرها الأولى في الظهور؟  فإذا كان المغاربة (ونقصد المصوتين منهم على حزب العدالة والتنمية) قد وثقوا فيه وفي حزبه ومكنوه من تدبير شؤونهم، فإنه، بكل بساطة، كانوا ينتظرون تحسين أوضاعهم، أو على الأقل حماية هذه الأوضاع من التدهور؛ بينما هو اليوم يبدو أنه يسير بالجميع، بحكم الثقة التي وضعت فيه وفي حزبه، إلى المجهول؛ ذلك أننا نسير القهقرى في كل المجالات. وتكفي الإشارة، هنا، إلى التراجعات الخطيرة في تصنيف بلادنا في التقارير الدولية.     

أما داخليا، فنحن لا نحتاج إلى التقارير الدولية لكي نعرف حجم التراجع عن المكتسبات. إننا نعيش ذلك يوميا، سواء تعلق الأمر بالهجوم على جيوبنا من خلال ضرب قدرتنا الشرائية، أو تعلق الأمر بالنكوص السياسي والحقوقي من خلال قمع الاحتجاجات وضرب المكتسبات في مجال الحريات الفردية والجماعية والتنكر لإيجابيات دستور فاتح يوليوز 2011، الذي يبدو أن « بنكيران » وضعه جانبا ويعمل هو وفريقه الحكومي على تعطيل إيجابياته، رغم تصويت حزبه عليه بنعم. لذلك، فنحن لسنا في حاجة إلى الانتظار ثلاثين سنة لكي نرى بواكر إصلاحات حكومة بنكيران. إننا نراها يوميا فيما نعيشه من تراجعات على كل المستويات. وعلى كل، فكثير من المواطنين لن يمهلهم القدر حتى يروا بشائر إصلاحات حكومته. وهو نفسه (أطال الله في عمره) سيكون قد دخل أرذل العمر.

ثم كيف سنرى هذه الإصلاحات (ما عدا إن كان يقصد بها الإفساد الذي يتم باسم الإصلاح) وهو يرفض ممارسة اختصاصاته الدستورية ويعتبر الدعوات إلى ممارستها « كلام أطفال في السياسة »؟ وكيف سنثق في كلامه، وهو لا يفتأ يعد بأشياء ويأتي بعكسها من خلال قراراته المجحفة؟ 

وبما أنه يحب المعارضة كثيرا، فقد خصها بحيز كبير في تدخله أمام برلمانيي حزبه وأمام مؤتمر الفضاء المغربي للمهنيين المقرب من حزب العدالة والتنمية، المنعقد ببوزنيقة يوم السبت 12 أبريل 2014. فانتشاؤه بنجاح مرشح الأغلبية (وكأنه كان ينتظر نتيجة غير تلك المتوقعة بحكم الواقع والأرقام)  والسخرية من هزيمة مرشح المعارضة (وكأنه استكثر عليها أن تمارس حقها الدستوري والديمقراطي)، يقدمان الدليل على أن الرجل يفتقد إلى النضج السياسي (رغم بلوغه سن الستين) ويجهل قواعد اللعبة الديمقراطية؛ بل ويحتقر الدستور الذي أفرد للمعارضة حيزا مهما في مواده ومقتضياه.

ودائما، في علاقة « بنكيران » بالمعارضة التي يحبها حبا جما، نشير إلى أنه هاجمها في اجتماعه ببرلمانيي حزبه، حيث اتهم أحزابها ببيع الأوهام للمواطنين. ويكفي، هنا، أن نذكر « بنكيران » بأنه قد وعد بجعل الحد الأدنى للأجور 3000 درهم؛ ووعد الأرامل والمعوزين بالدعم المباشر، قدره 1000 درهم شهريا؛ ووعد بمحاربة الفساد واقتصاد الريع، وغير ذلك من الوعود التي تنكر لها ولم تعد تدخل في اهتماماته. فمن باع ويبيع الأوهام للمواطنين؟ هل المعارضة أم الحزب الأغلبي ورئيس الحكومة؟

خلاصة القول، إن أسلوب الحلقة في السياسة، مثله مثل الكذب، حبلهما قصير. وبما أن « بنكيران » وحزبه، استغفلوا ويستغفلون المواطنين باسم الدين، نقول لهم: تذكروا ما قاله الباري عز وجل في من يقولون ما لا يفعلون. فاتقوا الله في دينكم ونزهوه عن الحسابات الضيقة؛ واتقوا الله في مواطنيكم (خصوصا الضعفاء والبسطاء منهم)، فلا تستغلوا جهلهم وفقرهم لتحقيق مكاسب سياسية آنية باستغفالهم  وخداعهم؛ فإن ذلك قد يكون من الكبائر.       

     

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *