Home»International»إشكالية التحول لدى الدبلوماسية الاقتصادية المغربية

إشكالية التحول لدى الدبلوماسية الاقتصادية المغربية

1
Shares
PinterestGoogle+
 

إشكالية التحول لدى الدبلوماسية الاقتصادية المغربية

الصدقي يوسف:

باحث في مجال الدبلوماسية الاقتصادية

مركز الدكتوراه جامعة محمد الأول وجدة


يعتبر يوم السابع من شهر أبريل 2014 علامة فارقة في مسار الدبلوماسية الاقتصادية المغربية، فلا يمكن أن تمر مرور الكرام دون أن يقف عليها الباحث ويتناولها بالتفحص والتحليل.

موقف لجنة الفلاحة في البرلمان الأوروبي فرض قيود جمركية على ولوج المنتوجات الفلاحية للأسواق الأوروبية، موقف أحادي وقرار مخالف لالتزامات المجموعة الأوروبية اتجاه المغرب، القرار الأوروبي يحيل إلى الاستنتاجين أساسين سنصبرهما بالدرس والتحليل:

 

أولا: لا توجد علاقة حسن نية في الدبلوماسية الاقتصادية

ثمة ثلاثة عوامل تحرك الدول في علاقاتها الخارجية وتصرفاتها على المسرح العالمي. عدد هانز جي مورجنتاو (1904-1980) هذه العوامل في كتابه « السياسة بين الامم » (الذي صدرت طبعته الاولى عام 1947) على الشكل التالي: المصالح، توازن القوى، والمهابة . تلك هي طبيعة العلاقة الدولية كانت ولا زالت مع اختلاف المسميات لكن المصلحة في ظل توازن للقوى وفي ظل مهابة متبادلة تلك ركائز العلاقة المتوازنة والمنضبطة.

الغريب أنه وقبل انهاء الجولة الرابعة من المفاوضات المراطونية ببروكسيل / 11 ابريل 2014 والهادفة لإنشاء اتفاق للتبادل الحر معمق وشامل بين المغرب والمجموعة الأوروبية كخطوة متقدمة تعتبر بمثابة جيل جديد من الاتفاقات التجارية، سيتم وبشكل احادي فرض رسوم على المنتوجات المغربية. الإشكال أن الاجراء يخالف مبادئ منظمة التجارة العالمية التي تنص على مبدأ التبادلية، وهذا يعني أن كل تخفيف للحواجز الجمركية أو غير الجمركية لدولة ما لا بد وأن يقالبه تخفيف معادل في القيمة من الجانب الأخر حتى تتعادل الفوائد التي تحصل عليها كل دولة وما تصل له المفاوضات في هذا الصدد يصبح ملزم لكل دولة، ولا يجوز بعده اجراء أي تعديل إلا بمفاوضات جديدة[1].

قبل انهيار المعسكر الشرقي ونهاية الحرب الباردة وقبل دخول العالم في مسلسل العولمة، كانت تقوم القوة على دعائم عسكرية لكن الحرب اليوم هي حرب اقتصادية بامتياز، وتوازن القوى يقوم على قوة الدخل القومي للأطراف المجتمع الدولي، بينما مهابة الدول فهي سيطرتها على الأسواق العالمية. قد تختلف الحقب وتنتهي أيديولوجيات وتسقط معسكرات لكن عناصر الضبط الدولي لم تتغير من حيث المبادئ هي شكل الصراع فقط تحول من العسكري للاقتصادي.

المغرب هو الطرف الأضعف في علاقة الشراكة المتقدمة مع أوروبا فالفوارق الاقتصادية شاسعة والميزان التجاري يميل بوضوح للشركاء الأوروبيين، وعلى الدبلوماسيين المغاربة والمفاوضين تحصين المصلحة الوطنية بإجراءات استباقية أثناء ابرام الاتفاقيات وبعد الاتفاق وخلال مراحل المواكبة والتطبيق، وسلاح المغرب يبقى تموقعه الدولي الذي يسمح له بتنويع اسواقه الدولية وقدرته على لعب دور الوسيط بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وفرض نفسه كشريك استراتيجي.

 

ثانيا: ضرورة الاعتماد على الذكاء الاقتصادي

يمكن أن نعرف الذكاء على أنه « مجموعة الأعمال المرتبطة بالبحث، معالجة وبث المعلومة المفيدة للأعوان والمتدخلين الاقتصاديين لصياغة استراتيجياتهم ».

ففي مجال الدبلوماسية الاقتصادية المحيط الدولي يتسع ويتعقد باستمرار. وفي هذا الإطار تعتبر المعلومة مادة أولية أساسية للإدارة الجيدة للدولة.

  فالذكاء الاقتصادي إذن يعمل على إيجاد المعلومة المفيدة بأفضل تكلفة، يحللها ويضعها تحت تصرف المقررين في المجال الدبلوماسي في الوقت المناسب، وبالتالي فهو عامل أساسي للمنافسة[2].

  ولقد تم إختيار مصطلح الذكاء لأنه يحمل معاني أكثر من مصطلح اليقظة، فهو يعنى القدرة على التأقلم مع المحيط، الإشكال أن الدبلوماسية الاقتصادية المغربية لازالت تعتمد اليقظة الاقتصادية.

على العموم حاليايوجدمدخلانيتنازعانفيتحديدطبيعةالعلاقةبينالذكاءالاقتصاديواليقظة.

المدخلالأول: وهويعتبراليقظةكمرحلةمنمراحلالذكاءالاقتصاديوهيتهتمفيمضمونهابرصدالمحيط) المحيطالتنافسي،التكنولوجي،التجاري،القانوني) وهيعمليةمنظمةومستمرة (متكررة) بغرضالبقاءعلىعلمبكلالمستجدات المحيطة بالدولة،وتنتهيهذهالعمليةبتحصيلوتحليلونشرالمعلومات،أماالذكاءالاقتصاديفهوأشملإذيتضمنإضافةإلىنتائجالعمليةالسابقة (اليقظة) القيامبترجمةهذهالمعلوماتكمؤشراتلاتخاذالقراراتالإستراتيجيةوالمناوراتالتكتيكيةبمايخدمأهدافومصاح الدولة.

المدخلالثاني: وهوعكسالاتجاهالأولحيثيتبنىالتعارضبينالمفهومين ويعتبرأناليقظةالاقتصاديةهيردالفعلأماالذكاءالاقتصاديفهوالفعل.

كل الوقائع تأكد صحة الاتجاه الثاني حيت نرى أن اليقظة تفرض فعلا سابقا نتلقاه ونتحرك بموجبه أما الذكاء الاقتصادي فهو تغير المحيط عبر الفعل والتأثير التلقائي.

الفعل والتأثير يفرض الحصول على المعلومة وهي عصب الذكاء الاقتصادي، وقد عرفه Alain Juillet   المسئول الأعلى للذكاء الاقتصادي بفرنسا سنة 2005 أنه« يشتمل على السيطرة وحماية المعلومة الإستراتيجية لجميع الأعوان الاقتصاديين من أجل الوصول إلى: المنافسة في المجال الاقتصادي، الأمن الاقتصادي أمن المؤسسات، تعزيز سياسة التأثير »[3].

 

من الواضح أن المعلومة غائبة في الدبلوماسية الاقتصادية المغربية وبالتالي تكتفي بردود فعل متأخرة عبارة عن شجب وتظلم، والمفروض أن تكون عيون الدبلوماسية الاقتصادية الوطنية في كوليس لجان المجموعة الأوروبية ومراكز المصالح الوطنية لاستقاء المعلومة وتحليلها بسرعة واتخاد التدابير الكافية لتجنب الأزمات.

كيف يعقل أن نكون آخر من يعلم بإجراء الرفع من الرسوم الجمركية في الوقت الذي تتوقف فيه مصلحة الدولة على اجتماع لجنة الفلاحة الأوروبية، هذا يعني أن شبكة الصداقات منعدمة، تماما كانعدام وكالة مختصة في جلب المعلومات الاستراتيجية، أي المعلومات المفتاحية التي من المفروض أن نصل لها قبل الآخرين لضمان القدرة على المنافسة وتحصين مصالحنا الحيوية.

المحيط الدولي يتغير واختيار المغرب الانفتاح على هذا المحيط يفرض عليه التأقلم مع آلياته، جيراننا شمال المتوسط إسبانيا بالخصوص نهجت مسلك الاستخبارات الاقتصادية في إطار الحفاظ على مصالحها الاقتصادية، تماما كما فعلت الجزائر. المغرب أحد وقتا كبيرا قبل التفكير في وضع خلية مكلفة بالذكاء الاقتصادي »[4] دجنبر2013″، في الوقت الذي فكرت في ذلك اليابان منذ 1950، أمريكا 1980، فرنسا 1990 والأمر مشابه للعديد من البلدان المتقدمة التي عَلِمت أن خروج العالم من الحرب الباردة يستوجب تقوية الذكاء الاقتصادي، فالحرب القادمة هي حرب المعلومات الاقتصادية، هي الرِدَّة الابستمولوجية إذن لمفاهيم هانز جي مورجنتاو فالعالم غير شكل الصراع ولم يغير طرق الضبط الدولي.

 


[1]ـ عبد الحليم عبد المطلب 2003 الجات وأليات منطمة التجارة العالمية من الآروجواي لسايتل وحتى الدوحة، الدار الجامعية، الإسكندرية.

[2] – F .Bournois , P.J. Romani , L’intelligence économique et stratégique dans les entreprise Française , Economica , Paris , 2000, P.2

[3] – L’intelligence économique consiste en la maîtrise et la protection de l’information stratégique pour tout acteur économique. Elle a pour triple finalité la compétitivité du tissu industriel, la sécurité de l’économie et des entreprises et le renforcement de l’influence de notre pays »: http://www.ege.fr/download/referentielie.pdf

[4] ـ تصريح السيد صلاح الدين مزوار لجريدة الأخبار المغربية: « إحداث خلية للذكاء الاقتصادي وكذا لجنة عمل استراتيجية ستضم الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومجموع الوزارات المعنية« .الرئيسيةسياسة 20/ 12/ 2013

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.