Home»Enseignement»كلام في :  » الفلسفة و السياسة »

كلام في :  » الفلسفة و السياسة »

2
Shares
PinterestGoogle+

  إن الحديث عن السياسة هو حديث يوناني بامتياز..خصوصا لدى الأثيني الحر و المسؤول عن المدينة (الدولة)..  فقد كانت الفلسفة التي خصص لها أفلاطون مكانة مرموقة، أهم مجال لبحث هذا الموضوع، و الذي يجمع بين ما هو نظري و ما هو عملي.. و يعود ذلك للحادث المتميز في تاريخ الفلسفة و المتمثل في الحكم الجائر الذي كلف حياة سقراط.. » الحكم بالإعدام » و هو الفيلسوف الحق الوحيد الذي عرفه العالم.. إن إدانة سقراط و الحكم عليه بالإعدام سيجعل التفكير الفلسفي ينشغل أكثر بالسياسة.. من حكم على من؟ ذلك أن الفيلسوف سقراط لم يطرح أسئلة من مثل هل أهرب؟ أم أنزوي و أنعزل؟ هل أرضخ؟؟؟ بل حسم أمره عندما عرض عليه الهرب، فرفض، لقد كان عليه أن يختار الموت لأنه فيلسوف اقتنع أن لا مكان بقي له في المدينة..بمعنى أنه لم يلتمس العزلة للدراسة و التأمل، كما سيفعل من سيأتي بعده.. سيعيش إذن الفيلسوف غريبا عن المدينة عن الموطن الأرضي، لكنه سيسكن موطنا عقليا..فالمدينة أصبحت رمز القوة الجائرة، غير أن العيش خارجها مستحيل، فإذا كان الإله قادر على الاعتزال فإن الفيلسوف لا يقوى على ذلك….هكذا قدم سقراط درسا حين لم يعترض على  القانون الذي زج به في السجن و حكم عليه بالإعدام…
مفارقة الفيلسوف إذن، أنه لا يقوى على الانعزال عن المدينة و لا أن يعيش تحت قوانينها، أين الحل إذن؟ هنا بدأ الخطاب  الفلسفي السياسي،  إن الحل يكمن في إصلاح المدينة، لأن المدينة التي أدانت رجلا مثل سقراط هي مدينة فاسدة ظالمة..و التاريخ يشهد أن المدن حين تفسد و تصبح جائرة تعدم فلاسفتها أولا..و السؤال السياسي الملح ، هو من يستطيع إصلاح المدينة الظالمة؟ ألم يخصص أفلاطون المكانة المرموقة في « جمهوريته » للفلاسفة ؟ هم أهل الرياسة .. فالحاكم يجب أن يكون فيلسوفا قادرا على التمييز بين الشر و الخير، و الباطل و الحق، و الوهم عن الحقيقي…لكن هل يقوى الفيلسوف على قيادة السفينة ؟ هذا السؤال حير الفيلسوف ذاته.. إن إصلاح المدينة الفاسدة لا يمكن أن يتحقق فقط بقيادة الفيلسوف بل بمواطن متعلم خير..و المدينة تحتوي على الخير و الشرير..و لذلك لا تقوى أية سلطة سياسية على تغيير المدينة إلا بتغيير البشر الذين تمت صياغتهم من قبل، و الذين أفسدتهم المدينة الجائرة،و التربية الفاسدة التي تلقوها …إن إصلاح المدينة يجب أن يمر عبر إصلاح التعليم، إصلاح المواطن الذي سيتولى قيادة المدينة..لهذا السبب انطلق سقراط ليصلح الشباب و يعلمه … إلا أنه وجد أمامه من يحكم عليه بالإعدام ..و هو إعدام للمستقبل .
يحي بوسليمان 04/04/2014

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *