Home»Enseignement»إشكالات تثيرها مذكرة نور الدين عيوش بخصوص اصلاح التعليم بالمغرب(تدريس اللغات نموذجا)

إشكالات تثيرها مذكرة نور الدين عيوش بخصوص اصلاح التعليم بالمغرب(تدريس اللغات نموذجا)

0
Shares
PinterestGoogle+

إن تنظيم مؤسسة « زاكورة للتربية » لندوة دولية تناقش قضايا التربية و التعليم و الخروج بتوصيات و اقتراحات إصلاحية زلزلت الكثير من المسلمات، معطيات ينبغي تحليلها بكثير من العمق و التروي، بعيدا عن خطاب التخوين و إظهار البطولة في غير محلها مع تجنب التطبيل المجاني لأية بادرة تخدم أجندات إيديولوجية لهذا الطرف أو ذاك.

إن مساهمة منظمة مستقلة في النقاش العمومي ليس جريمة، فمن حق كل مواطن مغربي أن يعبر عن رأيه بخصوص السياسة التربوية التي تحكم تعليم و تربية بناته و أبنائه، خصوصا و أن المؤسسات التي من المفروض أن تضطلع بهذا الدور تعيش في حالة شلل رهيب يفقدها القدرة على الإبداع و التجديد، لأن الإبداع يحتاج إلى عقول حرة و التجديد تعوزه الإرادة المستقلة، و هي أمور تفتقدها الكثير من مؤسساتنا المسكونة بمنطلق التدبير اليومي و ردود الأفعال اتجاه أي مستجد من أجل تبرير الوجود الإسمتني لبناياتها و الوجود الجسدي لأشخاصها و مسؤوليها.

إن الإشكالات التي تطرحها مذكرة نور الدين عيوش تتجاوز الاقتراحات التي قدمها، و بالخصوص في الجزء المتعلق بتدريس اللغة المغربية، و التي يمكن أن تكون موضع خلاف بين المهتمين و المتدخلين في الشأن التربوي، ذلك أن الاختلالات التي تعاني منها السياسية اللغوية ببلادنا تفتح الباب أمام كل القراءات و التأويلات، خصوصا و أن المسار الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب ما زال متعثرا، مما أثر بشكل سلبي على كل المحاولات الساعية لخلق توافق مجتمعي حول اختياراتنا اللغوية بشكل يراعي واقع المغرب اللغوي و تعدديته الثقافية مع الانفتاح على اللغات الحية الأكثر تأثيرا في عالم اليوم.
فأين هو موقع البرلمان المغربي بغرفتيه في النقاش الدائر حول السياسة اللغوية ببلادنا؟ أين هو موقع المجلس الأعلى للتعليم كمؤسسة دستورية تساهم في الارتقاء بمنظومة التربية و التكوين؟ هل يتوفر السيدين بلمختار و الكروج على تصور واضح بخصوص إشكالية اللغة المعتمدة في المؤسسات التعليمية المغربية؟ ثم كيف لنا أن نغفل دور الجامعات المغربية و مؤسسات تكوين أطر وزارة التربية الوطنية كمركز تكوين مفتشي التعليم و مركز التوجيه و التخطيط التربوي و المراكز الجهوية للتربية و التكوين، و التي من المفروض أن تساهم في تطوير أداء الممارسة التربوية و معالجة إشكالياتها المختلفة،و التي تشكل لغة التدريس أكثرها خطورة و راهنية.

من أهم ما تثيره المذكرة التي بعثها نور الدين عيوش للملك هو جدوى وجود مؤسسات رسمية تدبر الشأن العام التعليمي و التربوي حتى تلجأ منظمة مستقلة لرفع مذكرة لملك البلاد من أجل تقديم مقترحاتها، فإما أن هذه المنظمة تعتبر نفسها أكبر من كل المؤسسات المعنية بالتربية و التكوين بما في ذلك وزارة التربية الوطنية و المجلس الأعلى للتعليم، و إما أن أصحاب المبادرة يعتقدون أن هذه المؤسسات لا تتمتع بصلاحيات حقيقية تسمح لها بتحريك مسار الإصلاح.

أما فيما يتعلق بالاقتراحات و التوصيات التي خرجت بها ندوة »سبيل النجاح »، فتستحق تسجيل مجموعة من الملاحظات:

أولا: أن النقاش العمومي اختزلها في التوصيات المتعلقة بورشة »اللغات الوطنية:لغات المستقبل »، في حين أن المذكرة الاقتراحية تتضمن مجموعة من التوصيات التي لا تقل أهمية أو خطورة من قبيل تلك المتعلقة بتمويل المدرسة المغربية من خلال التآزر بين التعليم الخصوصي و التعليم العمومي من خلال نموذج تعليمي غير ربحي بالمغرب، حيث تم اقتراح عدد من الآليات لتفعيل هذا النموذج من قبيل تقاسم تمويل التعليم الأولي بين الأسر و الدولة و الجماعات المحلية و القطاع وفق التوزيع التالي:( 20% الآباء،50% الدولة، 20% الجماعة، 10% القطاع الخاص، مع اقتراح نظام للمعادلة النسبية من اجل الإعفاء التام للفئات المعوزة).

ثانيا:عدم تدقيق مفهوم اللغة المغربية التي سينطلق بها المسار التعليمي للتلميذ المغربي قبل فتح جسور مع اللغة العربية، أين موقع اللغة الأمازيغية؟ أليست هي اللغة الأم بالنسبة للكثير من التلميذات و التلاميذ المغاربة، خصوصا في المناطق القروية الناطقة بالأمازيغية؟
إن تقديم مفهوم »اللغة المغربية » كشيء بديهي لا يحتاج إلى التدقيق العلمي و البيداغوجي يشكل خطورة حقيقية في ظل التعدد اللغوي الذي يميز المغرب، أم تراها محاولة أخرى لتنميط المغاربة في ظل دستور ينص على رسمية اللغة الأمازيغية و حماية و صيانة اللغة الحسانية و مختلف اللهجات و التعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب.
ثالثا:استعمال اللهجات المحلية المغربية بالفصول الدراسية أمر واقع لا يحتاج إلى مذكرة مؤسسة زاكورة، و هو أمر يضعف القدرات التعبيرية الشفوية للتلميذ/ الطالب المغربي سواء تعلق الأمر بالعربية أو غيرها من اللغات،فالمكتوب فصيح و الشفوي دارج، و لهذا ارتأت المذكرة الخروج من هذه الازدواجية بالعمل على ترسيم استعمال اللغة الدارجة مع فتح الجسور مع اللغة العربية الفصيحة، إلا أن الاقتراح سيزيد من تعقيد المسألة لأن المدرسة المغربية ستجد نفسها مضطرة لضبط كتابة اللهجات و تقعيدها بالإضافة إلى بلورة رؤية ديداكتيكية فعالة تسمح بالتدريس الفعال للهجات ثم خلق جسور بينها و بين باللغة العربية الفصيحة.

رابعا: لا أحد ينكر أن تعلم اللغة الأم من أهم مداخل تطوير منظومة تعلم اللغات و تقدم التعليم عموما، و هو ما دفع منظمة اليونسكو إلى دعوة مختلف الدول إلى العناية بها و اعتمادها في التعليم، لكن هل سيقتصر استعمالها على مرحلة معينة من مراحل التعليم(الأولى،الابتدائي) كلغة للتعليم و لاكتساب المعرفة الأساسية، أم أنها ستصبح في وقت لاحق لغة للتدريس بكل الأسلاك؟ كيف سيكون موقع اللغة العربية المنصوص عليها دستوريا كلغة رسمية بأولى؟ هل سينعكس هذا التحول على اللغة المستعملة من طرف مؤسسات الإدارة؟ أم أن « اللغة المغربية » ستكون فقط لغة مدرسية لا علاقة لها بالمعاملات الإدارية و الاقتصادية؟

خامسا:دعت المذكرة إلى الاستمرارية اللغوية بين الثانوي و الجامعي، و ذلك بالتوقف عن تدريس المواد العلمية باللغة العربية بالسلك الثانوي، و هذا يعني أن اللغة الفرنسية ستكون هي لغة تدريس المواد العلمية و التقنية بالسلك الثانوي من التعليم المدرسي و بالتعليم العالي، لكن ما هو موقع اللغة الانجليزية التي دعت المذكرة إلى جعلها اللغة الأساسية للتعليم التقني والعلمي؟ و كيف سندمج اللغات الأخرى التي دعت المذكرة إلى الانفتاح عليها(الاسبانية،البرتغالية،الصينية..)، في ظل الاختلالات التي تعاني منها تجارب تدريس اللغات الألمانية و الايطالية و الاسبانية بالتعليم الثانوي.
إن الاختيارات اللغوية للمدرسة المغربية ينبغي أن تتأسس على رؤية واضحة يحكمها البعد التربوي بالدرجة الأولى مع استحضار البعد التنموي و ما يفرضه من انفتاح على أكثر اللغات إشعاعا و أهمية على المستويين العلمي و الاقتصادي، وذلك في إطار سياسة لغوية شجاعة تقطع مع التدبير السياسوي الضيق الذي يجعل المدرسة المغربية فضاء ممسوخا تحكمه التوافقات الهجينة.من أجل تحقيق ذلك لابد من تسريع المسار الديموقراطي لبلادنا عبر تقوية دولة المؤسسات و الحق و القانون، و توسيع دائرة النقاش العمومي المتعلق بالسياسة اللغوية ببلادنا، و العمل على بلورة ميثاق وطني جديد للتربية و التكوين يستحضر مختلف التغيرات التي شهدها المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة،خصوصا فيما يتعلق بالمكانة الدستورية التي أصبحت تتمتع بها اللغة الأمازيغية و اللهجات المحلية إلى جانب اللغة العربية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. karim
    27/11/2013 at 20:43

    السلام عليكم
    أريد أن أطرح سؤال:
    لماذا تتكم المذكرة عن اللغة المغربية و ليست اللغة المغاربية ؟
    هل هناك لغة مغربية، جزائرية وتونسية….؟
    أنا من وجدة، لهجتي لهجة سكان مدينة وهران الجزائرية بعلمنا أن الفلكرون وجدة وهران فلكرور واحد.

    إقتراحي في هذه المسألة هل
    ما دام أن التلميذ يدرس لغتين في آن واحد، أظن أن التساؤل لم يطرح في هذه الاونة.
    أظن أن اللغة الفرنسية عائق لتقدم البلاد.

    شكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *