Home»International»تغيير حكُومي في الجزائر لتغيير ملامح المُفسدين

تغيير حكُومي في الجزائر لتغيير ملامح المُفسدين

0
Shares
PinterestGoogle+

زكرياء حبيبي
على عكس العادة، تمّ الإعلان في الجزائر عن التعديل الحكومي الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في حدود الساعة الرابعة بعد زوال يوم الأربعاء 11 سبتمبر، وقد جرت العادة في التعديلات السابقة، أن يتمّ الإعلان عنها في نشرة الثامنة للتلفزيون الرسمي الجزائري، وعلى غير العادة، تمّ تسريب أسماء التشكيلة الحكومية الجديدة « القديمة » في العديد من مواقع الأنترنيت، وهذا ما لم نألفه أبدا، خاصة وأنّ التشكيلة نفسها التي تمّ تسريبها كانت هي بالتمام والكمال التشكيلة الرسمية التي أعلن عنها بيان صادر عن رئاسة الجمهورية

برأيي أن الطريقة التي تمّ من خلالها تسريب أسماء وزراء الحكومة الجديدة، تعكس مدى الإنفلات الحاصل في رئاسة الجمهورية، ففي السابق، كنّا فعلا نسمع عن تعيين فُلان أو فلان على رأس وزارة معينة، وكان أن يصدُق الخبر أو يثبت خطأه، لكّننا هذه المرّة، تفاجأنا، بأنّ نفس تشكيلة أعضاء الحكومة المُسرّبة، هي التي أعلن عنها بيان رئاسة الجمهورية، وهو الأمر الذي يستدعي طرح أكثر من سؤال، عن هوية الجهة التي سرّبت الخبر، وعمّا إذا لم تكن هي من أجرى التعديل الحُكومي. وكما قُلنا في البداية، فإن انفلاتا ما حصل في مؤسسة الرئاسة، خاصة مع مرض الرئيس بوتفليقة، الذي بدأ مؤخرا في الظهور، في جلسات إستقبال، لا جلسات عمل، وأقول ذلك، لأنه ولأول مرة كذلك، يسبق التعديل الحكومي، حديث قوي عن سحب صلاحيات كبيرة من جهاز المُخابرات الجزائرية، وإلحاقها بقيادة الأركان، علما هنا أن جهاز المُخابرات الجزائرية، هو من كان وراء كشف العديد من ملفات الفساد، التي اهتزت لها العديد من العواصم العالمية، والتي تورّط فيها أقرب المُقربين من الرئيس بوتفليقة، إضافة إلى بعض الوزراء والشخصيات النافدة والمحسوبة على الرئيس، فكلّ ذلك يستدعي النظر بعُمق في أهداف هذا التعديل، وتوقيته، والجهات التي تقف وراءه، فالتعديل في مجمله، انصبّ على الوزارات السيادية، وبخاصة وزارة الداخلية التي ستُشرف على الإنتخابات الرئاسية القادمة، بحيث أسندها الرئيس لأحد أقرب مُقرّبيه، الطيب بلعيز، الذي شغل منصب وزير العدل، وبعدها منصب رئيس المجلس الدّستوري، رغم أنه لا يتوفر على المُؤهلات الأكاديمية التي يشترطها القانون الأساسي للمجلس الدستوري لترؤسه، وهي القضية التي أثارت جدالا وصخبا كبيرين، وغالبية المُراقبين ينتظرون معرفة إسم الشخصية التي ستخلف الطيب بلعيز، لأن المجلس الدستوري، له الكلمة الأخيرة والفصل، في ترسيم نتائج الإنتخابات

أما عن وزارة العدل، التي أسندت للطيب لوح، فيرى البعض، أن تعيينه خلفا لمحمد شرفي، إنّما كان بهدف إزاحة أحد المحسوبين على رئيس الحكومة الأسبق والمرشح المُحتمل لرئاسيات 2014، السيد علي بن فليس، فوزير العدل محمد شرفي، تحرّكت في عهده العدالة الجزائرية، وأصدرت أوامر دولية بالقبض على وزير الطاقة السابق شكيب خليل، وعدد من الشخصيات المحسوبة على حاشية الرئيس بوتفليقة، فالوزير محمد شرفي، يشهد الجميع أنه بكى على المُباشر أمام القضاة، عند حديثه عن الفساد في قطاع العدالة، واليوم يتم استخلافه بالوزير الطيب لوح، الذي كان رئيسا للنقابة الوطنية للقُضاة، والذي بفضل رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، تمّ ترشيحه للإنتخابات التشريعية، على رأس قائمة حزب الأفالان بتلمسان، رغم مُعارضة قاعدة الحزب بتلمسان، وهذا ما أكده علي بن فليس لبعض المقربين منه، والذين تربطني بهم صلة وثيقة، فالسيد بن فليس قال لمُقرّبيه، أنه راهن على الطيب لوح، لأنه كان رئيسا للنقابة الوطنية للقضاة، التي طالبت باستقلالية القضاء، والتي كان رئيسها لُوح يُردّد دائما عبارة « العدالة والصحافة وجهان لعُملة واحدة » في إشارة إلى إيمانه بحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان

وبحسب مُقرّبي بن فليس، أنه بعد أول اجتماع لمجلس الوزراء، بعد تعيين الطيب لوح وزيرا للعمل، قدم الأخير إلى رئيس الحكومة آنذاك السيد علي بن فليس استقالته من الحكومة، لأنّ الرئيس بوتفليقة غسله أمام الجميع، لكن السيد علي بن فليس طلب منه أن يهدأ، وأنه سيتدبر أمره مع الرئيس،  ولم يشأ حتى أن يستلم خطاب الإستقالة منه، والذي حدث، هو أن الطّيب لُوح وزير العدل الحالي في حكومة سلال، كان من الأوائل الذين إنقلبوا على علي بن فليس، وجاهر بمُساندته للرئيس بوتفليقة، بل وصل به الأمر وهو وزير للعمل، إلى حدّ التدخل المُباشر في انتخاب خليفته على رأس النقابة الوطنية للقضاة، السيد رأس العين، الذي ما فتئ أن إنقلب عليه عندما عارض تحرّك العدالة بالليل، لتنحية علي بن فليس من على رأس حزب الأفالان.لن أتحدّث عن باقي الحالات في الحكومة الجديدة، باستثناء الإستغناء عن وزيري النقل عمار تو، والصحة زياري، واللذين عارضا ترشيح عمار سعيداني، لتولّي منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني « الأفالان »، ما يبعث برسائل واضحة لكُلّ « المشتغلين » في الأحزاب، بأنه من المُحرّمات مُعارضة من يرضى عنه الرئيس وحاشيته، والأمر نفسه سينسحب على حزب التجمع الوطني « الأرندي »، الذي يتحضّر لانتخاب خليفة لأحمد أويحيى، والذي سوف لن يكون برأيي، سوى الأمين العام المؤقت عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، والرجل الثاني في هرم الدولة، والذي يُجاهر بولائه للرئيس بوتفليقة

برأيي أن هذا التعديل الحكومي، وبحسب المُعطيات الأولية، قامت به جهات من خارج رئاسة الجمهورية، لا تحمل أي صفة رسمية، وهدفها الأول والأخير، قطع الطريق أمام فوز أي مُرشّح قد يُعيد فتح ملفات الفساد، وإحالة المتورطين فيها أمام العدالة للاقتصاص منهم، والتعديل يصبو إلى تهيأة الظروف لعهدة رابعة للرئيس بوتفليقة، وفي حال الإستحالة، لدعم مُرشّح ترضى عنه حاشية الرئيس بوتفليقة، وجماعة وجدة، التي حكمت الجزائر منذ الإستقلال وإلى يومنا هذا، والتي ترفض وتصرّ دائما على رفض تسليم السلطة للأجيال الجديدة في الجزائر، بالتستّر دائما وراء ستار الشرعية الثورية، وهي أبعد ما تكون عن الثورة، ومبادئها، وإنني اليوم أتذكّر ما كتبه والدي رحمه الله المُجاهد والمُناضل جمال الدين حبيبي، يوم 28 ماي 2010، في موضوع تحت عنوان: « لا لتعديل الحكومة في الجزائر » حيث قال بصريح العبارة: « السلطة نجحت في تحويل النقاش من الفساد إلى تغيير الحكومة » .. لكنّ وللأسف اليوم، أقول أنهم حوّلوا النقاش من مُحاربة الفساد إلى دعمه وضمان إستمراريته، لكنّني من موقعي كمُراقب للأوضاع أُبشّر من يقفون وراء هذه الحركات البهلوانية، أنّ « فجر الجزائر » قادم، ولن أقول « الربيع » لأنّني أكفر به، لأنه هو من دعّم المُفسدين في الوطن العربي، وتحرّش بشُرفاء العرب، فالجزائريون لن ينخدعوا بتبديل الفاسدين لبدلاتهم ومساحيقهم التجميلية للتمويه على وجههم القبيح.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *