Home»National»عندما تغيب الرغبة الجادة في الدراسة يكون البديل عنها هو العبث الذي يصل حد الإجرام

عندما تغيب الرغبة الجادة في الدراسة يكون البديل عنها هو العبث الذي يصل حد الإجرام

0
Shares
PinterestGoogle+

عندما تغيب الرغبة الجادة في الدراسة يكون البديل عنها هو العبث الذي يصل حد الإجرام

محمد شركي

يوم الاثنين 25 فبراير 2013 ،وأثناء خروج  تلاميذ الثانوية التأهيلية الزرقطوني بجرادة عند منتصف النهار، هاجم تلميذ من مستوى البكالوريا بعض التلاميذ والتلميذات بمادة الحمض الحارقة ، وأصاب منهم ستة تلاميذ ، اثنان منهم تأثروا بحروق  على مستوى الوجه  استدعت نقلهما إلى مستشفى الفارابي بوجدة  ،بينما لاذ التلميذ الجاني بالفرار ، ولا زال مطلوبا لدى شرطة مدينة جرادة إلى غاية يوم أمس الأربعاء مساء . ولقد أبلغ السيد النائب وزير التربية  بالحادثة  عبر مراسلة تضمنت  حيثيات هذه الحادثة لتصحيح إشاعة نسبة الحادثة لشخص من خارج المؤسسة  . ولا أريد أن أخوض في الحادثة في حد ذاتها ولا في المسؤولية عنها لأن حوادث العنف أو ظاهرة الإجرام أصبحت  لافتة للنظر في قطاع التربية . ولم تفتح التحقيقات ،ولا أنجزت  البحوث الجادة لمعرفة انتشار هذه الظاهرة السلبية في قطاع  تربوي يفترض فيه ألا يحدث فيه  إجرام بحكم طبيعته . وعندما نتأمل ظاهرة الاعتداء داخل محيط المؤسسات التربوية نجدها مرتبطة بوضعية  المتعلمين الحالية ، وهي وضعية معقدة للغاية بسبب تراكمات تربوية واجتماعية ونفسية  وثقافية . فالتلميذ الذي يغرر به ، فينقل من مستوى إلى آخر بمعدلات منحطة حتى يبلغ  المحطة الأخيرة في مستوى الباكلوريا  ، ويوضع أمام الأمر الواقع وهو الأفق  المسدود  بنقطة دون المعدل بدرجات معتبرة في الامتحان الجهوي المتعلق بالمواد الثانوية ، وهو يستعد لخوض امتحان وطني في المواد الأساسية ،لا شك أنه سيفقد شهية الدراسة والرغبة فيها  ، ويدخل في دائرة العزوف عن الدراسة  ، ويعاني من فراغ التحصيل ، وهو فراغ  يفسح المجال للعبث، وربما صار العبث المتكرر والمملول بعد ذلك إجراما . وليست تراكمات النتائج الهزيلة  وحدها المسؤولة عن تحول المؤسسات التربوية إلى أماكن عبث  واعتداء بل هناك أمور أخرى متشابكة  ومتفاعلة جدليا  اجتماعية ونفسية وثقافية وما علمه عند الله عز وجل. فعندما تسود ثقافة  إلقاء الآباء والأولياء  وزر التربية  على المؤسسات التربوية وحدها ،علما بأن هذه المؤسسات تتولى تربية الناشئة عن طريق التعليم   باعتبار التربية  نموا عقليا ووجدانيا وحسيا ، بينما  تتولى الأسرة مسؤولية التربية أيضا  من جوانب  أخرى إلى جانب مؤسسات اجتماعية أخرى هي في حكم الغائبة أو المنعدمة ، لا بد أن تصير هذه المؤسسات التربوية مرتعا لجنوح الناشئة  التي  يتولى الشارع  الموبوء تربيتها التربية الفاسدة والمنحلة ـ إن صح أن نسمي انحرافه تربية ـ  ، فيغزو انحراف  هذا الشارع الموبوء المؤسسات التربوية ، وينسب الانحراف حينئذ لهذه المؤسسات ويلعنها الآباء والأولياء  والرأي العام عدوا وظلما . ولقد جاء حادث مؤسسة الزرقطوني  مباشرة  بعد معاينتي  يومين قبل ذلك ظاهرة  حضور تلاميذ مستوى  السنة الثانية باكلوريا شعبة الأدب  بالثانوية التأهيلية جابر بن حيان  بحاسي بلال حصة  مادة اللغة العربية الأساسية في هذه الشعبة  دون كتب مدرسية حيث بلغ عدد التلاميذ والتلميذات الذين حضروا دون كتب في قسم واحد 28 تلميذا وتلميذة من مجموع 42 تلميذا . ولقد اضطررت إلى توجيههم إلى إدارة المؤسسة دون أن يصدر عنها رد فعل، لأنني عندما  دخلت المؤسسة وجدت مجموعة من التلاميذ في تلاسن مع إدارة المؤسسة  بوقاحة تتحدى القوانين الداخلية للمؤسسة . فماذا عسى 28 تلميذا وتلميذة يحضرون حصة بدون كتب مدرسية أن يفعلوا ؟  لا شك أن  غياب الوسيلة  الضرورية سيجعلهم على هامش الدرس ، وفي فراغ أو في  حالة بطالة دراسية  ، وهذه الحالة  ستؤدي بالضرورة إلى ما تؤدي إليه البطالة المعروفة من  التفكير في العبث  وقتل الوقت ، وهو أمر عندما يتكرر أو يواجه بشكل من الأشكال يولد التفكير في العدوان والإجرام. وإن الوزارة الوصية على الشأن التربوي  غائبة كل الغياب  عن البحث في ظاهرة العزوف عن الدراسة  التي تأخذ أشكال  متعددة منها  التلكؤ اليومي في الالتحاق بالمؤسسات التربوية في الموعد ،وهو ما يتسبب في  هدر الزمن المدرسي وزمن التعلم  بشكل فظيع  ومهول ، إلى جانب  الاستخفاف بالدراسة عن طريق رفض إحضار اللوازم المدرسية بما فيها الضرورية كالكتب المدرسية ، فضلا عن ممارسة كل السلوكات المشينة التي لا تشرف المؤسسات التربوية ، والتي تجعل كل من مر بها  يعقب  على هذه السلوكات المشينة  بعبارة :  » الله يلعن لي رباكم « . ولقد بلغ الاستخفاف  بالدراسة لدى التلميذ المغربي  أن توفر له الوزارة الكتب المدرسية ، ولا  يكلف نفسه مجرد اقتنائها من خزانة المؤسسة ، لأنه  أصلا عازف عن الدراسة ولا يرغب فيها ، بل يضطر للحضور إلى هذه المؤسسة  من أجل تكسير وجوده الممل  في الشارع الموبوء الذي لا يعلمه إلا المزيد من الانحراف. ومن الغريب  أن يتذرع بعض هؤلاء التلاميذ ومعهم أولياؤهم وآباؤهم   مع شديد الأسف  والحسرة بعدم القدرة على اقتناء الكتب المدرسية ،علما بأن هؤلاء التلاميذ يتنافسون في اقتناء  آخر جيل من الهواتف الخلوية التي تحرك شاشتها الأنامل ،والتي  إذا ما فحصت كشفت عن تردي الأخلاق لما فيها من تسجيلات  تخجل منها القردة التي لا تعرف الخجل ، وهي وسائل غش في الفروض والامتحانات بامتياز. وقد يقضي  هؤلاء التلاميذ الساعات الطوال في مقاهي الأنترنيت للخوض في  النقاش الساخن والحميمي الخليع والتافه على المواقع العنكبوتية بكلفة  يومية قد تفوق  كلفة استعارة عدة كتب مدرسية لمدة سنة دراسية كاملة . وقد أصيبت ناشئتنا بداء الهوس الكروي خصوصا ما يتعلق  ببطولة الأندية  الإسبانية حيث  انقسمت هذه الناشئة  إلى معسكرين متعصبين لناديي البارسا والريال ، وصار لناشئتنا انتماء فوق انتمائها الديني والوطني ، وهو الانتماء الكروي. وعلى الوزارة أن تضيف ضمن أهداف وغابات المنهاج الدراسي إلى جانب التشبع بالوطنية، والعقيدة السنية الأشعرية ،والمذهب المالكي، والطريقة الجندية ، العقيدة الكروية البارسوية  والريالية لتتضح معالم شخصية رجال ونساء الغد المعول عليهم لنقل الوطن من خانة العالم الثالث إلى خانة الدول المتقدمة. ويبدو لي الصراع بين الناشئة الريالية والبارساوية كالصراع بين أصحاب النقائض في الشعر العربي القديم في عهد بني أمية  حيث  انقسم الشعراء إلى أخطليين وجريريين وفرزدقيين لتعاطي الهجاء . وإذا كان  أصحاب  القدماء لم يتجاوزوا حد القول  في هجائهم ، فإن الناشئة البارسوية والريالية اليوم تصل بالصراع بينها إلى حد العنف والإجرام ، ومن يدري  قد يكشف التحقيق مع التلميذ الذي رمى زملاءه بالحمض الحارق أنه ربما  جرح في كرامته البارسوية أو الريالية ، وكان الله في عونه، لأن الكرامة الكروية صارت اليوم أغلى من كرامة العرض الذي استبيح استباحة غير مسبوقة في وطن الشمم والنخوة والإباء يا حسرتاه . فماذا  عسى  أن نقول  عن الجاني المستعمل للحمض الحارق ، ولضحاياه  سوى اعتبارهم جميعا ضحايا منظومة تربوية مهترئة لأن أمرها آل إلى غير أهلها ، فكثر فسادها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

8 Comments

  1. Mohammed ELouchi
    28/02/2013 at 13:30

    M.Chergui vous avez bien fait de soulever ce phénomène, ce mauvais comportement caractérisés par le désintéressement,le manque d’intérêt,l’absence de motivation chez les apprenants ces dernières années. vous avez diagnostiqué la démotivation qui s’accentue et prend du volume dans les établissements scolaires ce qui devient inquiétant et alarmant.Il est du devoir du ministère de l’éducation de prendre ce phénomène en considération et d’entreprendre des études pour déterminer toutes les causes et prévoir les mesures adéquates à prendre pour lutter contre la démotivation et ses conséquences fâcheuses et néfastes.Nous sommes tous concernés par ce désintéressent ce penchant vers la déscolarisation,le décrochage scolaire,l’agressivité et la violence au sein des établissements scolaires et nous devons assumer nos responsabilités pleinement gouvernement en particulier le ministère de l’Education nationale ,éducateurs,parents et société civile.

  2. اب تلميذ
    28/02/2013 at 13:43

    لايخفى عليك مواطن الخلل في المنظومة التربويةالسيد الشركي:توجد مذكرات نيابية ومراسلات تمنع اخراج التلاميذ من الفصل اذا لم يحضروا الكتب والدفاتر واذا لم ينجزوا التمارين والتحاضير القبلية والتي لا يعرفون مدى اهميتها في اكتساب المعرفة بشكل ذاتي.

  3. واحد بنادم
    28/02/2013 at 13:48

    هل يحق للمفتش اخراج التلاميذ من الفصل الدراسي عند حضوره حصة لدى الاستاذ ؟هل وضع تقرير في الموضوع لدى الادارة ؟لنفترض ان احد التلاميذ الذين اخرجوا من القسم اصابه مكروه خارج المؤسسة لاقدر الله ما العمل ؟من يتحمل المسؤولية؟

  4. متتبع
    28/02/2013 at 15:42

    الاصبع يشير الى القمر والمعتوه ينظر الى الاصبع .حتى لااوصف يهذا الوصف .لنفرض ان تلميذا تم اخراجه من الفصل لانه لم يحضر كتابا او دفترا او لم ينجز تمرينا منزليا او لم يقم بالتحضير للدرس المقبل وخرج هذا التلميذ واصابه مكروه لاقدر الله من المسؤول ؟لنفرص ان مؤسسة لها نظامها الداخلي – ونحن نعلم ان النظام الداخلي ليسا قانونا .والدستور الذي يفرض حق التعليم اسمى من النظام الداخلي ،وتوصلت بتلميذ مطرود من الفصل وحرر بشانه تقريرا لعرضه على المجلس الانضباطي واتخذت بحقه عقوبة وطعن والده في العقوبة لدى النيابة او لدى المحكمة الادارية وارسلت النيابة لجنة وكنت فيها انت السيد الشركي ماذا عساك فاعل او مقرر ؟.لقد ضجر الاساتذة ومن زمان من عدم احضار التلاميذ للكتب ونظرا لحرصهم على الامن العام وتوجسهم من ان يكونوا السبب في انطلاق الشرارةلمكروه ما فقد اصبح كل واحد منهم يجتهد في حلول شبه تربوية-ولسان حالهم يقول عدي ابن عدي ،او دارهم ما دمت بدارهم وارضهم ما دمت بارضهم.ان الذي يده في الماء ليس كمن يده في النار .

  5. محمد شركي
    28/02/2013 at 15:54

    للرد على واحد بنادم أقول المفتش يعتمد على النصوص التشريعية والتنظيمية في قراراته فالقانون الداخلي للمؤسسات التربوية يمنع حضور التلاميذ الحصص الدراسية دون لوازم مدرسية ولكن الله يجيب اللي يطبق هذا القانون والتلاميذ الذين يخرجون بسبب عدم إحضار اللوازم يتحملون مسؤوليتهم وحدهم لأنهم لو أحضروا لوازمهم لم يحرموا من الدراسة فلا نحاول أن نحجب الشمس بالغربال كما يقال . وأنا سائلك يا واحد بنادم من يتحمل مسؤولية فشل الدرس وفشل التلاميذ الذين يحضرون دون لوزام مدرسية ؟ ولهذا عليك يا واحد بنادم أن تكون بالفعل بني آدم فتفكر في أنه سيسألك غيرك كما سألته مع فرق بينك وبينه أن معه دليل ولا دليل لك سوى طول اللسان وقلة الحياء

  6. مستكمار
    28/02/2013 at 19:02

    الى الاخ الدي يتحدث عن مسؤولية المفتش في اخراج التلاميد اقول لك انك في حالة شرود فالاستاد الفاضل يطرح موضوعا اكبر واخطر ويلزمنا جميعا ان نجد حلولا للمعضلة او الافة التي تجتاح مؤسساتنا لا ان ندخل في مناقشات ثنائية

  7. مهتم بالشان التربوي
    28/02/2013 at 20:53

    شكرا للاستاذ الشركي على هذا المقال ، لقد احطت بعدة جوانب هامة مرتبطة بمعضلة المراهقين والشباب ، خصوصا فئة المتمدرسين ، وبحكم احتكاكي اليومي بهذه الفئة داخل المؤسسة، فمن واجبي ان ادلي برايي في الموضوع دعما لما جاء في مقالكم.
    يجب ان نتفق أولا ان تلامذتنا هم ضحية المجتمع برمته ، وهذا العنف الممارس هو نتيجة ازمة مجتمع متعددة الابعاد والاوجه، وحلها لا يقبل التجزيئ، بل يتطلب مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار كل هذه الابعاد والاوجه، والكل مطالب بتحمل مسؤوليته حسب اختصاصه، ولا باس ان اشبه هذا الوضع بحلبة السباق لها نقطة انطلاقة ونقطة وصول ،ومسافة يجب قطعها، وللفوز بالسباق او احتلال مراتب متقدمة، لابد من تهييئ المتسابق وتعريفه بنوع المسابقة، وقوانينها، لتلي بعدها اشارة الانطلاق وهي اهم مرحلة لان اي انطلاقة خاطئة او متأخرة تكلف المتسابق اما الاقصاء او التعويض وكلاهما ليس لصالحه، لتليها المراحل الاخرى مثل الظروف اللوجستية والتنظيمية هذا هو واقع تلامذتنا في هذا السباق، ولا باس ان اقف عند مرحلة التهييئ والانطلاق للتلميذ المتسابق والتي اعتبرها حاسمة ، وهي مسؤولية الاباء والاولياء، والدليل على ذلك رغم العوائق التي تشوب منظومتنا التربوية ، نجد تلاميذ يحصلون على احسن المراتب، في كل الشعب، وعلى راسها الشعب العلمية، ولم نشهد ابدا انهم دخلوا في عنف اللهم مطالبتهم بحقوقهم والحاحهم بالمزيد في جودة التعلمات، فهذه الفئة تدرس هي الاخرى مع الفئة العنيفة في نفس المؤسسة وبنفس الاساتدة، وبنفس الادارة التربوية ، والكثير منها تعيش وضعية اجتماعية صعبة ، لاكن وجدت في ابائها واولياء امروها السند والمواكبة ،فغياب الاباء والاولياء ورميهم للمنشفة هو سبب رئيسي في هذه المعضلة، فكيف لكثير من الاباء لا يعرفون حتى مستوى تمدرس ابنائهم ولا استعمال الزمن المدرسي، ولا رفقة اصدقائهم، ولا يكلفون انفسهم ولو مرة واحدة في الشهر لمراقبة وضعية ابنائهم بالمؤسسة، بحجج واهية، ناهيك عن اوقات فراغهم خارج المؤسسة، فكيف إذا ننتظر من تلاميذ هؤلاء الاباء واوليائهم تحصيل نتائج دراسية وتربوية جيدة، رغم الجهود التي تبذلها المؤسسة لترميم ما يمكن ترميمه.
    واعتقد أن المهمة الاولى هي الاهتمام بالاباء واولياء الامور قبل الابناء ، وهوما يجب الانكباب عليه في هذه المرحلة الاستعجالية، ولن تكون الحاضنة لهذا المشروع سوى المؤسسة التربوية وعلى راسها جمعية اباء والوياء التلاميذ بحكم بحكم ارتباطها الوثيق بالاباء والاولياء، رفقة مختلف المتدخلين في الشأن التربوي، وبالطبع تواكبها الحلول الاخرى لمختلف الاختلالات التي تعرفها منظومة التربية

  8. aziz najmi
    28/02/2013 at 22:17

    صدقت أيها الأستاذ الجليل..وضعت يدك على الجرح .. وبعنف..فهل هناك من يتعظ؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *