Home»National»يبدو أن عالم الصليب قد نجح في صنع طوابيره الخامسة في عالم الهلال

يبدو أن عالم الصليب قد نجح في صنع طوابيره الخامسة في عالم الهلال

0
Shares
PinterestGoogle+

يبدو أن عالم الصليب  قد نجح في صنع طوابيره الخامسة في عالم الهلال

محمد شركي

لا يمكن الفصل بين حلقات تكون سلسلة التاريخ . وعلى ضوء هذه المسلمة لا يمكن فهم الواقع العربي والإسلامي أو واقع عالم الهلال الحالي  بمعزل عن حلقات سلسلة تاريخه الطويل . ومما يجب استحضاره من هذه الحلقات حلقة الصراع  بين الصليب والهلال الذي أخذ أشكالا متنوعة تلونت بألوان الحقب التاريخية دون أن يتغير جوهره . ومحاولة نفي استمرار تأثير خلفية الصراع بين الصليب والهلال في العلاقة بين الغرب من جهة  والعالم العربي والإسلامي من جهة أخرى إنما هي محاولة للتمويه على  حقيقة لا غبار عليها . ولا يستطيع أحد أن ينكر أن حركات الاحتلال الغربي لبلاد العالم العربي والإسلامي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين لم تكن استمرارا للصراع التاريخي بين الصليب والهلال. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن  غزو الغرب لبلاد العروبة والإسلام بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر لم تكن حلقة من حلقات صراع الصليب مع الهلال مع وجود فلتة لسان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إبان حملته العسكرية كدليل صارخ ، وشهادة لا يمكن التنكر لها أيضا . وعندما ترصف حلقات سلسلة التاريخ المشترك بين  بلاد الصليب وبلاد الهلال بشكل منطقي  يمكن فهم واقع العالم العربي والإسلامي الحالي . فتقسيم بلاد الهلال إلى عالم إسلامي وآخر عربي هو نتيجة من نتائج صراع الصليب مع الهلال ، ذلك أن سياسة الصليب  تتمحور حول تفتيت لحمة عالم الهلال  من خلال النفخ في النعرات الطائفية والعرقية لبلاد هذا العالم المتنوعة الأعراق.  والأنظمة في بلاد الهلال نفسها تكرس إرادة عالم الصليب ، وهي إرادة تهدف إلى تفتيت عالم الهلال إلى كيانات مختلفة وفي نفس الوقت متناحرة، الشيء الذي لا تعرفه بلدان عالم الصليب . فما يعرف اليوم بالعالم الإسلامي عبارة عن عالم لقوميات غير عربية ، بينما العالم العربي  عبارة عن عالم لقوميات أغلبها عربية مع وجود أقليات غير عربية . والعالم الإسلامي الأعجمي منقسم على نفسه بسبب الطائفية حيث تتقاسم الطائفية السنية والشيعية  هذا العالم ، وهو أمر  يقدم خدمة جلى لعالم الصليب الذي يجعل على رأس أولوياته تفتيت عالم الهلال إلى أكبر عدد من الكيانات المختلفة ، والقابلة للتصادم والتناحر. والعالم الإسلامي العربي هو الآخر منقسم على نفسه بسبب المذهبية  حيث تتقاسم المذاهب الفقهية هذا العالم ، وهو أمر يخدم أيضا عالم الصليب  الذي  يروم تشتيته. وفضلا عن نفخ عالم الصليب في النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية في عالم الهلال فقد نجح في صنع طوابير خامسة له في عالم الهلال  ، وهي  طوابير ما يسمى الليبرالية والعلمانية واليسار تحت ذريعة الحزبية السياسية ، وهي طوابير رافضة لعقيدة بلاد الهلال  بحكم إيديولوجياتها التي تنهل من ثقافة  وحضارة عالم الصليب . ولقد نجح الغرب أو عالم الصليب  في تكريس انعدام الثقة  بين الفرقاء داخل عالم الهلال . فطوابيره الليبرالية والعلمانية واليسارية تسوق لإيديولوجياتها داخل بلاد عالم الهلال ، وهي ترتبط بشكل مباشر  بأصولها ومرجعياتها داخل بلاد عالم الصليب ، وتصرح بولائها لهذه الأصول والمرجعيات . ويوظف الغرب هذه الطوابير لخوض حربه داخل مجال عالم الهلال . ولنضرب على ذلك  مثالا واحدا على سبيل التمثيل لا الحصر في مصر  حيث تمخضت الثورة المصرية عن وصول حزب هلالي إلى السلطة بعد عقود طويلة من حكم  مستبد لحزب ليبرالي بصناعة  وعلامة غربية ، وحماية ورعاية صليبية ، فثارت ثائرة الغرب بسبب ذلك لأن عودة الهلالية إلى الساحة السياسية في أرض مصر وهي القلب النابض لبلاد الهلال سينسف  ما حققته الصليبية خلال أكثر من قرنين في جسم عالم الهلال من تفتيت  وتشتيت . وهكذا كشف النقاب عن تورط الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية في محاولة نسف ثورة مصر من خلال  صنع ثورة مضادة عن طريق توظيف الطوابير الخامسة الليبرالية والعلمانية من أجل إعادة الوضع في أرض الكنانة إلى ما كان عليه قبل الثورة أو أسوأ منه . ولن  يدخر الغرب جهدا في توظيف  طوابيره الخامسة الليبرالية والعلمانية واليسارية في كل رقعة من رقع عالم الهلالي   سواء الأعجمية أو العربية من أجل  أن  يبقي على علة التشتت في هذا العالم . وفضلا عن ذلك لن يدخر الغرب جهدا في النفخ في النعرات  الطائفية والمذهبية داخل رقع عالم الهلالي بشقيه الأعجمي والعربي . وإذا ما أردنا أن نلمس دور الغرب الصليبي في تشتيت رقع عالم الهلال علينا أن نعود إلى حقب تاريخية مضت ، ونحاول أن نستعرض الجغرافية الطبيعية والبشرية التي  صاحبتها  يومئذ . فهل كانت الجغرافية الطبيعية والبشرية  لعالم الهلال  على ما هي عليه اليوم ؟  ويكفي  أن  نشير إلى التغيير الذي طال رقعة تيمور ، ورقعة السودان  حيث صنع عالم الصليب رقعا جديدة له  فيها . ولن يدخر جهدا في صناعة رقع صليبية أخرى داخل  رقع عالم الهلال . وموازاة مع صنع الرقع الصليبية داخل حيز عالم الهلال ، نجد الغرب  يصنع الطوابير الخامسة  التابعة له سواء كانت أنظمة أم طوائف بشرية وأحزابا سياسية . ألم   يتدخل الغرب عسكريا لفرض  أنظمة على رقع عالم الهلال كما حصل في العراق حيث استنبت نظاما رافضيا طائفيا ، وكما حصل في أفغانستان أيضا ؟ والغرب  حريص على خلق وضعيات داخل الرقع الجغرافية  الطبيعية والبشرية لعالم الهلال تكرس  تشتيتها  وتطيل  عمره أقصى مدة ممكنة ، لهذا  تبدو سياسة الغرب  صارخة التناقض  حيث يصرح  بالعداء للنظام الطائفي  برقعة إيران ، وفي نفس الوقت  يصنع نظاما طائفيا من نفس النوع  برقعة العراق المجاور ، ويسكت عن نظام طائفي دموي برقعة سوريا  مخافة  أن تصير هذه الرقعة هلالية  أيضا على طريقة الهلالية المصرية في أرض الكنانة. ولن يسكت الغرب عن  هلالية  الحكومات في كل بلاد الهلال  العربية لأنها  ستفسد عليه  مخططات تشتيت رقع  هذا العالم  ، وهو تشتيت  ضروري من أجل بقاء عالم الصليب موحدا ومجتمعا وقويا ومهيمنا على العالم بأسره . ولعل البعض لم  يستسغ  وصف  الحملة الفرنسية في الصحراء الكبرى بالحملة الصليبية التي هي تمويه مكشوف عن سياسة عالم الصليب  الذي لا يستهدف  كما  يدعي عصابات اللصوص وقطاع الطرق ومن يسميهم الإرهابيين الهلاليين  بقدر ما  يناور من أجل  إفشال وصول  الحكومات الهلالية  في المنطقة العربية إلى مراكز صنع القرار ، والتي من شأنها أن تنجح في جمع شتات رقع عالم الهلال العربي المشتتة . ولقد نجحت الحكومات الهلالية العربية  في الوصول إلى الحكم عن طريق اللعبة المفضلة  والمقدسة عند الغرب ، وهي اللعبة الديمقراطية ، ومع ذلك لم يقبل الغرب بنتائج هذه اللعبة التي أفرزت  هذه الحكومات الهلالية غير المرغوب فيها صليبيا حتى بشكلها المحتشم . وكان من المفروض أن  يساند الغرب هذه الحكومات الهلالية التي  التزمت بطقوسه الانتخابية  المقدسة  ،وبقواعد لعبته الديمقراطية  إلا  أنه  خلاف ذلك جند لإفشالها بعد نجاحها كل طوابيره الخامسة الليبرالية والعلمانية واليسارية ، وفي نفس الوقت يخوض حربا ضد الجماعات الهلالية المسلحة ، وهي حرب أصر على توريط حتى بعض الحكومات الهلالية المسالمة  فيها  فضلا عن استعانته  بأنظمة طابورية دموية   كل ذلك من أجل  المحافظة على ما حققه من تفتيت  وتشتيت لرقع عالم الهلال  المؤهلة لهذا التفتيت والتشتيت في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى.  وأخيرا يبدو أن الغرب  قد نجح بالفعل في صنع طوابيره الخامسة  المختلفة في عالم الهلال ، وأنه  ماض نحو تكريس تشتيت وتفتيت  وتوزيع تركة الهلال المريض .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *