Home»International»شتان بين معارضة هادفة وبناءة للحكومة الحالية وبين حملات انتخابية قبل الأوان

شتان بين معارضة هادفة وبناءة للحكومة الحالية وبين حملات انتخابية قبل الأوان

0
Shares
PinterestGoogle+
 

شتان بين معارضة هادفة وبناءة للحكومة الحالية  وبين حملات انتخابية قبل الأوان

 

محمد شركي

 

في اعتقادي  أن ما تمارسه  الأحزاب المعارضة لحكومة بنكيران  يدخل ضمن الحملات الانتخابية  في غير أوانها  أو قبل  أوانها ،ولا علاقة له  بالمعارضة الهادفة والبناءة  والأخلاقية . وأظن أن على هذه الأحزاب أن تخصص  حصصا للدعم في ما يسمى المعارضة الهادفة والبناءة لفائدة مستشاريها وبرلمانييها من أجل المساهمة في محو أميتهم في هذا المجال .  فالملاحظ في خطاب من يتعاقب من مستشاري أو برلمانيي أحزاب المعارضة على منصة الخطابة في مجلس النواب أو مجلس المستشارين  أنه خطاب سوقي متهافت  ،فلا نسمع منهم كلمة  واحدة يمكن أن  توحي أو تدل على المعارضة المتعارف عليها دوليا، بل كل كلامهم قذف  وتجريح وتجريم  واتهام  مما يستعمل من الكلام السوقي في  الأماكن العمومية خلال فترات الحملات الانتخابية . وهو خطاب  يعرض في الحقيقة  من يستعمله للسخرية ،لأنه  يحاول تلميع صورته من خلال تشويه صورة خصمه زورا وبهتانا ، ولأنه خطاب منافسة من أجل حصد أكبر عدد من الأصوات الانتخابية . أما خطاب المعارضة داخل  مجلس النواب أو مجلس المستشارين فله قواعد وضوابط  وأساسه  مقارعة الحجة بالحجة  ، والدليل بالدليل  والبرهان بالبرهان ، ويكون الحكم فيه  هو الدستور  والنصوص التشريعية والتنظيمية  مع شرط حسن استعمالها  وحسن الاستشهاد بها . فعندما  يقول المستشار من حزب معارض على سبيل المثال لا الحصر : « مرت مائة  يوم على حكومة بنكيران  ولم  تفعل شيئا  بل كل ما فعلته أنها  باعت  الأحلام للشعب  »  يكون هذا  خبرا  يحتمل  الصدق والكذب كما  تنص على ذلك قاعدة الخبر في علم البلاغة ، ويأتي  بعد ذلك السؤال الذي يفرضه المنطق :  » أحقا ما قاله هذا المستشار ؟  » ، وتأتي بعد ذلك أسئلة أخرى من قبيل :  » ما الذي  فعلته  هذه الحكومة  إذن طيلة مائة يوم ؟  وما هو دليل هذا المستشار من الواقع الملموس؟  وماذا يدعم دليله الملموس من نصوص تشريعية وتنظيمية ؟  » فلو أن هذا المستشار ذكر بعض ما أنجزته هذه الحكومة ،فجعل بعضه موفقا  وعززه ، وجعل البعض الآخر فاشلا  ومتعثرا  فانتقده ،وبين عيوبه ومثالبه  وقدم اقتراحات من أجل تصحيحه ،لقلنا إنه يمارس المعارضة المعروفة والمتداولة في  مجالس النواب والمستشارين في كل بلاد الدنيا . أما أنه  يحكم على إنجازات الحكومة لمدة مائة يوم  بلا شيء، فهذا  يدل دلالة واضحة على أنه انساق وراء حملة انتخابية قبل الأوان في مكان  لا يسمح فيه القانون بمثل هذه الحملة . والمثل العربي يقول :  » عين الهوى لا تصدق  » والمستشار الذي  ادعى أن حكومة بنكيران لم تفعل شيئا طيلة مائة يوم  صدر في قوله عن هوى حزبي  والشاعر يقول :

 وعين الرضا عن كل عيب كليلة //// كما أن عين السخط تبدي المساوىء

نتفهم أن حزب هذا المستشار يعارض توجه حزب  رئيس الحكومة  ، ولكن لا نستسيغ بخسه  لخصمه الحزبي  والسياسي  بهذا الشكل  الفاضح ،بل عليه أن يكون نزيها في خصامه الحزبي والسياسي ، ولا يجرمنه الشنآن على العدل في حق  من يخاصم.  وفي اعتقادي أن حكم هذا المستشار كان متعجلا ، والمثل العربي يقول :  » الخطأ  زاد العجول  » . ولا أظن عاقلا مهما كان  يقدم على  أمر وهو  لا يلم به كل الإلمام . فالقول بأن الحكومة لم تفعل شيئا طيلة مائة يوم  يقتضي  أن  يكون القائل قد  اطلع على كل ما قامت به  هذه الحكومة في كل القطاعات ، وسبره أغواره ، وخبره من خلال  عرضه على النصوص التشريعية والتنظيمية ،فوجده لا شيء . أما إذا  كان خطابه مجرد إلقاء الكلام على عواهنه ، فهو  لا شك  ممن يقع في البحر وما هو بسابح . والذي  يتزيد في كلامه  يجدر به وصف المثل العربي :  » من يطل ذيله  ينتطق به  » وهو ما يعني انقلاب السحر على الساحر، أو انطباق الكلام على المتكلم  بمعنى أن المستشار طيلة مائة يوم لم  يفعل شيئا ، ولم يعارض وفق ضوابط المعارضة، بل  كان منهمكا في حملته الانتخابية قبل الأوان . ولو كان هذا المستشار عاقلا  لشاور العقلاء ،فتصير  عقولهم له ، ولعلم  أيضا أن الحكمة تقول :  » لكل حسن  عائب  »  وقد تكون الحكومة قد أحسنت طيلة مائة يوم ، وما هو في حقيقة أمره سوى عائب  . ولو خالف  هواه لرشد ، ولما  فكر في بناء حزب مقابل هدم مصر .

قد يظن بعض من لا يعرفني من قراء هذا المقال أنني أخفي هوى يربطني بحزب رئيس الحكومة ، أو  أخفي عداوة لغيره من الأحزاب  ، والحقيقة  أنني  بعيد كل البعد عن كل هوى حزبي  تأييدا أو معارضة ، وإنما  مارست  حقا تضمنه لي  أولا المواطنة ، وهو إبداء الرأي فيما يجري في وطني  ، وهو بعد ذلك واجب ديني  يفرضه النصح في دين الإسلام لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم . ويشهد هذا الموقع وغيره من المواقع أن رئيس الحكومة يوم  صرح لقناة الجزيرة القطرية بوجود أشباح وعفاريت فساد ولم يكشف عنهم ، وجهت له نقدا بناء وهادفا  ، وقلت ما هكذا  وعدت الشعب يا رئيس الحكومة  قبل التصويت عليك ، بل عليك أن تزيل أقنعة هؤلاء الأشباح والعفاريت ، وألا تجعل منهم بيض الأنوق ، وأن تكون كما قال المثل العربي :  » حر ناجز الوعد « ،  وأن الرجال إنما تدخر للشدائد ، وأن فضح الفاسدين يجلب لك الحمد وهو مغنم ، بينما  السكوت عنهم يجلب لك الذم وهو مغرم . وهذا النقد وإن كان نقد مجرد مواطن بسيط عبر عنه في  وسائل الإعلام فإنه لا يعني  أبدا أن رئيس الحكومة لم يفعل شيئا ، وإنما لم يفعل ما  كان ينبغي  أن يفعله في قضية فضح المفسدين . ولم أدخر جهدا في انتقاد وزير التربية الوطنية في حكومة بنكيران لعلاقته بميدان انتمي إليه ، وأعرف شعابه كما يعرف  المكي  شعاب مكة . ومما أنكرته عليه  التسرع في  بعض القرارات  من قبيل إلغاء  ما يسمى بيداغوجيا الإدماج  لا على أساس  النقد الموضوعي لتنزيلها،  بل  استجابة  لضغوط جماعات الضغط  ، ومن قبيل تعليق عمل أطر التدريس بالمؤسسات الخاصة  ، ومن قبيل رفض مؤسسات التميز ، ومن قبيل  فرض  زمن مدرسي معين  دون مراعاة شروطه. أما سقطات لسانه فلم أسكت عنها  سواء  ما  وصف به المدير وكاتبته  أو ما  صدر عنه في حق تلميذة دون سن الرشد  أو غير ذلك  مما لا يمس القرارات التربوية  بسوء بل  يسيء إلى سمعة الوزير ، وهو حر في الإساءة إلى سمعته إن شاء ، ولكن ليس على حساب كرامة الآخرين . ولما  أحسن الوزير صنعا بالكشف عن المحتلين للسكن الوظيفي ، وعلى أصحاب الريع من موظفي الوزارة ، ولما  طارد  المختلسين وعزلهم  لم نبخسه إنجازه ، بل أشدنا به ، ولا زلنا ننتظر أن  يواصل عملية تطهير قطاع التربية  من كل أشكال الفساد  ، ولا نريد منه  تصريحاته الهزلية  ولا تهديداته المجانية، بل نريد قرارات  قانونية وفعالة ، ولم  يمنعنا الشنآن معه   بخصوص سوقية خطابه أحيانا أن ننصفه  عندما  قدم للمنظومة التربوية خدمات  لا تنكر . فإذا كان هذا موقف مواطن  بسيط  فلا يجب أن  يكون  موقف المستشارين والنواب دونه ، فهم أولى بممارسة المعارضة  القانونية  والمخلقة والهادفة والبناءة عوض  ممارسة التهريج والدعاية الانتخابية الممجوجة والمثيرة للسخرية . ومن الخسة  والدناءة أن تراهن أحزاب المعارضة  على  تحريش  المواطنين ضد الحكومة الحالية من خلال  ممارسة  المعارضة الجوفاء والسخيفة واستغلال  وركوب كل فئات الشعب المطالبة بحقوقها التي هضمت يوم كانت هذه المعارضة في أماكن صنع القرار وليس في عهد  الحكومة الجديدة التي تحاول  تطهير فساد خلفه من خلفته . وعلى المواطنين ألا  يستجيبوا لهذا التحريش ، وألا ينسوا أن الذين  يمارسون التحريش اليوم  هم الذين  أوصلوا البلاد إلى  هاوية الإفلاس بفسادهم . ولا  يعقل أن ينسب  ما اقترفوه من فساد وهم في سدة الحكم والقرار إلى الحكومة الحالية التي جاءت  والفساد يعم كل القطاعات  ، وعوض أن  يقدم لها العون  من أجل القضاء عليه ، صارت تواجه العراقيل  المفتعلة من أجل الإبقاء على الفساد في أوكاره  ، ومن ثم  اتهامها بالعجز عن القضاء عليه ، وتقديم   مفسدي الأمس أنفسهم كبديل ، و كمصلحين استخفافا بالشعب  وإرادته . فعلى الذين تستهويهم  الوقفات الاحتجاجية  والمسيرات  والإضرابات ألا يسمحوا على الأقل لغيرهم  من أحزاب  تمارس الدعاية الانتخابية باتخاذهم دروعا بشرية في معارك انتخابية قبل  الأوان. والشعب المغربي  كما كان عبر تاريخه لا يعوزه ذكاء لمعرفة الباكي على مصالحه من المتباكي  ، وهو عالم بمنابت القصيص كما  يقول المثل العربي، وهو خبير بالغث والسمين ، ولا يخدعه الخب.  

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. مواطن
    31/12/2012 at 00:27

    أنت يا أستاذ ما الذي تريده من هذا التحليل المشؤوم ؟
    هل نصبتك الحكومة للدفاع ؟
    أم تريد كسب رضاها ومن أنت الذي تريد تكميم أفواه المعارظة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.