Home»Enseignement»الاثر الايجابي لتكنولوجيا المعلومات على جودة التواصل التربوي وتيسير التعلم

الاثر الايجابي لتكنولوجيا المعلومات على جودة التواصل التربوي وتيسير التعلم

0
Shares
PinterestGoogle+

الاثر الايجابي لتكنولوجيا المعلومات
على جودة التواصل التربوي وتيسير التعلم
نتائج مشروع بحث ميداني

بقلم : ذ/ السعيد ريان ابو خير الدين

لن تكون لغتنا في هذا التقرير لغة المرجعيات او المصادر الديداكتيكية التي راكمت تجربة ما في مجال التدريس الرقمي و اشكالاته و آفاقه و رهاناته، و لكن على الاصح سننطق في نص تقريرنا هذا على اساس لغة تجريبية اختبارية تشكلت في ضوء خطة تتعلق بمشروع بحث ميداني يقوم بالكامل على فرضية اساسية طرحناها للتجريب و الاختبار : تفترض ان استعمال تكنولوجيا المعلومات و الاتصال أو ما يسمى بـ (( التدريس الرقمي )) له اثر ايجابي ملحوظ على مستوى تحسين جودة التواصل و تيسير التعلم داخل الاقسام الدراسية و بين صفوف المتعلمين مهما اختلفت المادة المدرسة ، و ذلك نظرا لكون اليات التواصل و التعلم في مجال كمجال التربية و التكوين هي نفسها لا تختلف باختلاف المواد و طبيعة المعارف و المحتويات الدراسية . و بالتالي فهو مجال موحد و متماثل يتلاقى عند ما يمكن أن نسميه بــ (( تقنيات النقل الديداكتيكي للمعارف)) بالرغم من وجود بعض الخصوصيات التي تقتضيها طبيعة مادة او اخرى . مما يجعله مجالا قابلا بكيفية مشتركة لملاءمته  مع الامكانيات الديداكتيكية و اللوجيستية  التي يؤمنها التدريس الرقمي و تكنولوجيا المعلومات لفائدة الفاعلين التربويين الذين  اليهم  تدبير اشكال التواصل و دعم امكانيات التعلم في المجال المدرسي   .
و انطلاقا من تجربة ميدانية امكننا توجيهها ضمن البحث عن نموذج رقمي لتدريس التربية الاسلامية تحديدا تأكد لنا بالملموس مدى صدق الفرضية حول الاثر الايجابي لتكنولوجيا المعلومات على جودة التواصل و التعلم  .  فماذا كانت النتائج المستخلصة في حدود هذه الفرضية موضوع التجربة على مستوى الاثر المتولد عن استخدام تقنيات التدريس الرقمي ؟
في البداية نشير الى ان الاختبارات التي قمنا بإجرائها مع عينة تجريبية من اقسام التربية الاسلامية تمثلت في خمسة اقسام مختلطة من السنة الاولى باك : اربعة منها ادبية و قسم واحد علمي . من اجل استخلاص النتائج و فحصها في الاتجاه الذي ينسجم مع الفرضية المطروحة ، اتاحت مجموعة من النتائج و الملاحظات الايجابية التي يمكن البناء عليها في بلورة سيناريوهات جديدة للعمل التربوي في الشق المتعلق بأشكال التواصل و التعلم غيرت الكثير من المفاهيم الروتينية ، كما بدلت جملة غير يسيرة من الملامح التي كانت تطبع اسلوب الفعل و رد الفعل على مستوى العلاقة التواصلية أستاذ/ تلميذ ، و اجواء العمل التي تخيم عادة على نشاط زبناء المدرسة الباحثين عن جودة التعلم . و من ناحية اخرى ، فقد شجعتنا تلك النتائج و الملاحظات على التفكير بأكبر ما يمكن من الجدية في امكانية تثبيت (( عدة رقمية لوجستية )) للاشتغال  يتم تبييؤها و توطينها ضمن برنامج عمل اعتمدناه منذ ما يزيد على اكثر من سنة في اطار تطوير مقاربة تهم ارساء تقنيات للتدريس الرقمي .
و على كل حال ، فإنه بالعودة الى استعراض النتائج و الملاحظات التي تم رصدها و استخلاصها من خلال الاختبارات فقد جاءت معبرا عنها طبقا لمؤشرات التحسن الآتية :
اولا ـ فيما يخص مؤشرات التحسن على مستوى جودة التواصل
انطلاقا من التعريف الذي يجعل من التواصل التربوي : عملية تفاعلية تجري بين اطراف ثلاثة رئيسية : المدرس و التلميذ ثم العلاقة التواصلية (= طبيعة الارساليات و التدخلات المتبادلة بين الطرفين )، فقد صنفنا مؤشرات التحسن لفعل التواصل التي تم رصدها الى ثلاثة اصناف أو  مستويات :  مستوى اول يخص تدخلات الاستاذ /المدرس، و ثان يخص تدخلات و استجابات التلاميذ ، و ثالث يخص جودة الارساليات و فعاليتها . فماذا كانت النتائج المرصودة على هذه المستويات الثلاثة ؟
1ـــ على مستوى مؤشر تحسن تدخلات الاستاذ /المدرس
فقد لوحظ على هذا المستوى تحسن ملموس لمجمل مكونات فعل الاستاذ و تدخلاته ، و اذا ما رمنا تلخيصها فسنجدها تتحدد في :
أ ــــ تحولات ايجابية شملت تطور الخطاب الديداكتيكي لدى الاستاذ من خطاب يكثر فيه استعمال اللفظ و التجريد في نقل المعارف الى اسلوب يكثر فيه التشخيص و الوثائق المرئية ، و يعتمد المحتوى البصري في تكييف المعلومة البيداغوجية . و لا يخفى ما في هذا النوع من التحول في خطاب التدريس من امكانية في اتجاه الزيادة من نسبة ((  بصرنة )) المعارف التي تضفي على عمليات التكوين المزيد من الجاذبية و الحيوية و التشويق .
ب ـــ تحسن طريقة عرض المعلومة البيداغوجية في قوالب من الابداع التشكيلي مما يتيح للأستاذ مزيدا من استثمار الجانب الفني لديه و قدرته  على الابداع التشكيلي لفائدة التربية و التكوين و تعزيز  امكانيات التعلم لدى التلاميذ .
ج ــ  تحسن في نسبة حيوية الاستاذ نتيجة التخلص من دورة الروتين التي يفرضها اسلوب العمل التقليدي باعتماد السبورة الخشبية و الطباشير ذات الامكانات المحدودة على مستوى التفاعلية و القدرة على الابداع الفني و التشكيلي .

2 ـــ على مستوى مؤشر تحسن تدخلات و استجابات التلاميذ
مسألة تدخلات التلاميذ و استجاباتهم اعتبرناها في مشروع بحثنا هذا هي الهدف الاساس الذي يجب ان نسلط عليه اكبر قدر من الملاحظة و العناية و الاهتمام، و ذلك لكون التلميذ يبقى بالنسبة لكل عملية تعليمية /تعلمية البوصلة المعتمدة لقياس مدى نجاح اية استراتيجية او مقاربة في التدريس سواء كانت من النوع الرقمي أو اللارقمي . و انطلاقا من هذه القناعة فقد سجلنا النتائج التالية :
أ ـــ  شدة انجذاب التلاميذ نحو المعلومات المعروضة على شاشة العرض الرقمي ، و ذلك للأسباب التي تمت الاشارة اليها سابقا في سياق استعراض مؤشرات التحسن على مستوى تدخلات الاستاذ و طبيعة المثيرات الجديدة التي تسمح بها الادارة الجيدة للعدة الرقمية و تكنولوجيا المعلومات . فالتلاميذ تراهم مشدودين الى مختلف مقاطع الدرس الذي اصبح يقدم لهم في مشاهد فنية تعتمد الاضاءة و اللون و التشكيل ، و كأن الدرس يتحول مع العدة الرقمية الى نوع من السينما ترسم قصتها  تتابع احداثها مراحل الدرس  المختلفة و نوعية المشكلات المطروحة للدرس و الحوارات المثيرة التي تتناسل مع قوة التشيخص التكنولوجي .
ب ـــ مسألة اخرى و تتعلق هذه المرة بسرعة اجوبة التلاميذ عن اسئلة الاستاذ ، و هو ما امكن ملاحظته بالشدة في اطار شبكة الرصد . و لعل السبب في ذلك هو قوة الدينامية التي تنبعث مع المؤثرات البصرية لشاشة العرض التي تبدو و كأنها السبورة الساحرة ، التي لم يتعود عليها التلميذ من ناحية ، و من ناحية اخرى لقدرتها على خلق نوع من المتعة الفنية لدى التلميذ بما تحمله من اشكال فنية  اذا احسن الاستاذ توظيفها في الاتجاه الذي يثير التلميذ و يحرك رغبته نحو التعلم و المشاركة .
ج ـــ و اذا كانت سرعة الاستجابة لدى الكثير من التلاميذ تصبح سمة اساسية  في ظل ادماج تكنولوجيا المعلومات لأغراض التكوين و الادارة الجيدة لها ، فإنه بالمقابل يجب ألا ننسى الجانب الاخر من هذه استجابات ، و هو كثافة اجوبة التلاميذ على الاسئلة الاستاذ ، خصوصا مع تقدم تجربة التدريس الرقمي و تعود التلاميذ و استئناسهم بهذا النمط من التدريس الذي يصبح بالنسبة اليهم عاملا جديدا يخرجهم من الروتين الذي تفرضه طبيعة اجواء العمل بأقسام التعليم الادبي و الفكري خاصة و الذي يتسم غالبا بشدة التجريد و المحتويات ذات الطابع النظري .
د ـــ تجدد السلوك التواصلي لدى التلاميذ و هي نتيجة اخرى على جانب من الاهمية ، و قد تم رصدها بشكل متكرر ، فسلوك التلاميذ ما فتئ يتجدد على مستوى العلاقة التواصلية التي تربطهم بالأستاذ و بالدرس و مسارات التعلم التي تنشط من خلال المراحل المختلفة و نمط المشكلة و الفرضيات المقترحة للدراسة و النقاش . و حسب التجربة ، فان تقويمنا لوتيرة المشاركة لدى التلاميذ تؤكد أن اسايب العرض التربوي لتكنولوجيا المعلومات تعتبر قيمة مضافة و تضفي على الاداء التعليمي المزيد الحيوية سواء في جانب التلميذ و هو المهم او في جانب الاستاذ المدرس .

3 ــــ على مستوى مؤشر تحسن جودة الارساليات و فعاليتها
مؤشر آخر من مؤشرات التحسن الذي يتحقق مع التدبير الجيد و الاستعمال الملائم لتكنولوجيا المعلومات ببرامجها و إمكانياتها الديداكتيكية الواعدة و الغنية ، و يتعلق الامر بجودة الارساليات و فعاليتها التي تتتابع منساقة بين الاستاذ المدرس و تلاميذه عبر حصة درس محدد ، و مصدر ذلك ــ حسب الاختبارات التي خطط لها و انجزت في سياق مشروع البحث الميداني المتحدث عنه ــ يعود بالأساس الى (( نسبة الرفع من عامل العرض البصري )) للمعلومات و المعارف المراد نقلها الى شركاء القسم ــ فالتعليم الرقمي بعدته التكنولوجية اصبح يوفر للفاعلين التربويين بالمؤسسة التعليمية اصنافا من (( الرسائل الاتصالية الرقمية ))  ذات المحتوى البصري و كذا السمعي . بل و في احيان اخرى رسائل اتصالية سمعية/ بصرية مندمجة من خلال اشرطة الفيديو المختلفة التي يمكن جلبها من شبكة الانترنيت ، و هي ارساليات او رسائل تحتوي على قدر كبير من التأثير على التلميذ المتلقي لاستعمالها الصورة و الصوت و اللون و تشكيل ، و بالتالي فهي لهذه الاعتبارات  تساهم الى حد بعيد في سرعة الفهم و الاستيعاب الدراسي لشركاء القسم، و كما تحفزهم  على جدية المشاركة و الانخراط في النقاشات الدائرة عادة حول مشكلة الدرس و فرضياته
ثانيا ــ مؤشرات التحسن على مستوى تيسير التعلم
انه من منطلق المؤشرات السابقة حول استقراء امكانية التحسن في مجال التواصل التربوي ، و التي اعتمدت في شبكة الرصد ، امكننا بالتالي حصر مجموعة من النتائج الايجابية فيما يعود الى مؤشرات التحسن على مستوى تيسير التعلم ،  خصوصا انه لا يمكن في مجال الممارسة التربوية الفصل بين مما هو تواصلي و ما هو تعلمي و ذلك لتداخل الحاصل بينهما ، بل اذا كان التواصل يعد الوسيلة و الاداة فان التعلم يصبح هو الغاية و الهدف لأي جهد تواصلي يحدث بين الاستاذ و جماعته .. و بالجملة فان مؤشرات التحسن على مستوى تيسير التعلم تمثلت على وجه التحديد في:
أ ــ ازدياد سرعة وتيرة الفهم لدى التلاميذ و القدرة على التمثل مقارنة مع حالات التعليم التي يغيب فيها استعمال ادوات التدريس الرقمي و تكنولوجيا المعلومات .
ب ــ  زيادة نشاط التلاميذ و حافزيتهم  نحو التعلم و الدراسة ، كما لوحظ ايضا ازدياد الرغبة لديهم في الانخراط في مشاريع العمل التي تقترح عليهم في اطار ما يسمى بدروس الانشطة و التعلم الذاتي .

ذ/ السعيد ريان ابو خير الدين
من علماء خريجي دار الحديث الحسنية
استاذ سابق بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان
باحث في قضايا الشأن التربوي
assadrian@yahoo.fr

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *