Home»Enseignement»الخط الهاتفي الأخضر تشكيك مكشوف في الضمائر المهنية والإدارات وأجهزة المراقبة

الخط الهاتفي الأخضر تشكيك مكشوف في الضمائر المهنية والإدارات وأجهزة المراقبة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الخط الهاتفي الأخضر تشكيك مكشوف في الضمائر المهنية والإدارات  وأجهزة المراقبة

 

محمد شركي

 

فكرة الخط الهاتفي الأخضر التي  تفتقت عنها عبقرية وزير التربية الوطنية عبارة عن تشكيك مكشوف وغير مبرر في الضمائر المهنية لأطر الوزارة المختلفة ، وفي إداراتها المختلفة تربوية وغير تربوية ، وفي أجهزة مراقبتها المختلفة . فالوزير انطلق من سوء نية وسوء ظن حيث فقد الثقة في كل أطر وزارته ، وظن أنه الوحيد الغيور على المنظومة التربوية وعلى قطاعها . وفكرة الخط الأخضر تدل على غباء واضح لأن الوزارة تملك ترسانة كبرى من الآليات التي  تحرس المنظومة التربية  ، وهي ترسانة  توازيها ترسانة مماثلة من النصوص التشريعية والتنظيمية التي تسد مسد الخطوط الخضراء والحمراء على حد سواء . ففي هيكلة  وزارة التربية الوطنية منذ  إنشائها  مفتشية عامة  تشرف على  كل أنواع التفتيش والمراقبة ، ولا تحتاج إلى خط أخضر أو بتعبير دقيق  إلى وشاية إلا أن الوزارات المختلفة كانت دائما متوجسة من جهاز التفتيش والمراقبة  ابتداء من المفتشيات العامة إلى المفتشيات المختصة ، وهذا ما جعل  هذه الوزارات  دائما  تتهرب من مطلب  استقلالية المراقبة والتفتيش على غرار استقلالية القضاء ، لأن ذلك يعني أن جهاز المراقبة والتفتيش لن يكون أداة وشاية  طيعة في يدها تتصرف فيه كما تريد،  بل  هو جهاز حراسة المنظومة من كل ما يهددها حتى لو كانت مصدر التهديد هو الوزارة نفسها أو من يمثلها في الجهات والأقاليم . ولهذا دأبت الوزارات المتعاقبة على قطاع التربية على مغازلة جهاز المراقبة  والتفتيش بالقول : أنت الوزارة يا جهاز المراقبة ،  وهي تعرف أن الأمر ليس كذلك، بل هو جهاز حراسة المنظومة  المعطل . ومخترع فكرة الخط الهاتفي الأخضر لم ينتبه إلى أنه  كما مر بنا  يشكك في الضمائر المهنية ، وهي  أفضل جهاز مراقبة على الإطلاق  وصدق من قال :

ما عاتب المرء الكريم كنفسه //// والمرء يصلحه الجليس الصالح

كما يشكك في الإدارات وأجهزة المراقبة ، وفي نفس الوقت حين  تصله وشايات خطه الهاتفي الأخضر يعتمد على الإدارات وأجهزة المراقبة التي شكك فيها  من قبل  . وعجبا لمن  لا يأكل الميتة والجيف، ولكنه  يغمس خبزه في مرقها  أو يسقي بمرقها كسكسه أو يفوره عليها كما يقول المثل الشعبي المغربي . فإذا صدق سوء ظن الوزير في الإدارات وأجهزة المراقبة، وهو ما دعاه إلى اعتماد خط الوشاية الأخضر ألا يعتقد أن هذه الإدارات وأجهزة المراقبة ربما خدعته فدلست عليه عكس ما تبلغه الوشايات حتى لو صحت ؟  ألا يمكن أن   تدفع فكرة التشكيك في الإدارات وأجهزة المراقبة إلى الانتقام من الراغب  في التجسس،  فتتعاطف أو حتى تتواطؤ  مع  المتجسس عليهم حتى في حال صحة التجسس نكاية في سوء ظن الوزير بها  ؟  ومن المعلوم أن  آليات المراقبة والافتحاص لدى الوزارة كثيرة ومتعددة ومتنوعة ولا تحتاج إلى وشايات الخطوط الهاتفية على اختلاف ألوانها . ولقد  أثبتت الوزارة نفسها أن  العديد من مكالمات الخط الهاتفي الأخضر الذي  افتخرت به  كانت محض وشايات كاذبة لا  أساس لها من الصحة . وكان يكفيها أن تكتشف وشاية كاذبة واحدة لتطعن في خطها الهاتفي ،وتستغني عنه مرة واحدة  لأن من كذب مرة لا يتردد في الكذب مرات ، وفي ديننا ما يزال العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، كما أنه في  حكمنا حبل الكذب قصير . ولو احترمت الوزارة  إجراءاتها  واعتمدت تقارير أجهزة المراقبة  ولم تلق بها إلى سلات المهملات كعادتها لوجدت فيها ما يغنيها عن الخطوط الهاتفية المتجسسة من حقائق دامغة وشهادات موثقة  . فكم من تقرير حررته أجهزة المراقبة المختلفة وفيه الفضائح بل الفظائع إلا أن الإدارات  التي تمثل الوزارة جهة أو محلا  تطمر هذه التقارير كما تتخلص الأم العازبة  بلغة  العصرالمطبعة مع الرذيلة ، والأم  الزانية أو المومس بلغة واقع الحال من جنينها مخافة العار والفضيحة  . وقد تصل تقارير أجهزة المراقبة إلى  المصالح المركزية  نفسها ، فتعمد هذه الأخيرة إلى الكشف عنها لمسؤولي الجهات والأقاليم مع أنهم  هم الخصام وفيهم الخصم والحكم  وتتخلص منها بهذه الطريقة على غرار طريقة من تحيلها عليهم  وقد طمروها من قبل  ولم يبلغوا عنها . والمضحك في فكرة الخط الهاتفي  الأخضر أن صاحبها  يفترض أن تكون قد وصلته الوشايات الكاذبة وشهادات الزور والبهتان إلى جانب شهادات صحيحة وصادقة  قد أتيت على وجهها  الشرعي، ولكنه عندما يتحدث عن الدخول المدرسي وعن حال  المنظومة التربوية فإنه  يمتدحها أيما امتداح ، وكأن بأسا لم  يحصل حتى في حال  الشهادات الصحيحة  ، فيكون بذلك مناقضا لنفسه من حيث لا يشعر، ذلك  أنه من جهة  يتحدث عن شهادات كشفت الاختلالات ، ومن جهة  أخرى يغض الطرف عن هذه الاختلالات ، ويقول العام زين دفاعا عن أحقيته بالمنصب الوزاري  ومصداقية  تقلده  له ، لأنه إن كشف عن الاختلالات قيل له  بادر يا معالي الوزير بالاستقالة كما يفعل وزراء البلاد المتحضرة  عندما  تختل  أمورهم ولا تستقيم  كما يجب  . ومشكلة خط الوزير الأخضر أنه يستعمل للتجسس على تطبيق قراراته المرتجلة التي لا تراعي واع الحال  كما هو الحال بالنسبة  لقضية الزمن المدرسي وزمن التعلم الذي  يواجه في الواقع ضعف البنيات التحتية أمام فائض الموارد البشرية مقارنة معها ، الشيء الذي  يفرض أزمنة دراسية وتعليمية استثنائية  تنعت بالمكيفة والمناسبة للفيافي  والقفار

. والوزير لا يستخدم خطه الهاتفي الأخضر لتصحيح الاختلالات، بل  يستخدمه  للتهديد بالويل والثبور وعواقب الأمور حتى  صار النائب  عنده يجمع معه بسبب وشاية من  وشايات الخط الأخضر، وصار مدير الأكاديمية يعزل لدقيقة واحدة  دون أن يراعي فيه  الوزير إلا ولا ذمة ، ولا يشفع له ظهير شريف . وشأن الوزير مع خطه الأخضر كشأن من اقتنى مسدسا فظن أنه لا بد أن يطلق منه النار على الناس  ولو بطريقة عشوائية  ودون تسديد ، ودون ذنب اقترفوه أو جر م اجترحوه . لا يا معالي الوزير  والله ما محصك النصح  من أشار عليك بالخط الهاتفي الأخضر ، وأخشى أن يكون ذلك من وسوسة الشيطان ومن سوء الظن الذي نهى عنه الله عز وجل . ولقد كان عليك يا معالي الوزير ـ إن كنت تقدر دلالة نعت معالي  ولا تنطق بمخارم المروءة المطلوبة في المعالي ـ  أن تكون إسوة حسنة  لأطر وزارتك  ، وتشيع بينهم الثقة  فيما بينهم  وبين  الآباء والأولياء عوض أن تجعلهم موضوع اتهام  وشك وريبة  وسوء ظن لا يغني من الحق شيئا . وكان عليك أن  تعطيهم  المثل الأروع في الخطاب المؤدب والمسؤول عوض خطاب السوقة والرعاع  الذي ينال من سمعة  كل من ينتسب إلى وزارة وصية على التربية ـ يا حسرتاه ـ   ووزارة تعلم التربية لجميع صغارا وكبارا   ، ومنها  يتخرج كل من في  باقي القطاعات بزاد تربية  يكون نبراسا لهم  في مهامهم وحياتهم  . وخير لك من الخط الأخضر الذي فتحته للتجسس أن تحسن الظن بأطر وزارتك ، ففيهم  الأخيار والصالحون وحتى أولياء الله الصالحين الذين  يراعون الله تعالى في سرهم وعلانيتهم ، ويخشونه ولا يخشون أحدا من خلقه حتى لو كان معالي الوزير المتوعد بالويل والثبور وعواقب الأمور.  وكان يكفيك يا معالي الوزير أن تحسن الظن بنفسك أولا دون أن تركب غرورها وتحسن الظن  بحاشيتك  وبمن يليها في الجهات والأقاليم ، وبمن يحرس المنظومة التربوية بعيدا عن الوشاية والاغتياب  والبهتان العظيم . وأفضل ما ترد به الفعاليات التربوية على زلة الخط الهاتفي الأخضر هو الضمير الحي الذي يخشى الله في السر والعلن  و كفى به حسيبا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. أستاذ
    27/09/2012 at 21:17

    أسألك بالله مابال السادة مفتشي التعليم الابتدائي الذين أرادوا فرض استعمال الزمن بالمدن على العالم القروي وضربوا روح المراسلة الووزارية التي تصرح بأن المدير ومجلس التدبير لهم الصلاحية في وضع صيغة مناسبة حسب العوامل المطروحة وتقدم للسيد المفتش للمصادقة ثم إخبار النيابة نريد منك تمحيص هذه المراسلة وأن تكون حكما وشكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.