Home»International»اتحاد كتاب المغرب : قيمة مضافة للسياسة أم للثقافة؟

اتحاد كتاب المغرب : قيمة مضافة للسياسة أم للثقافة؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

رمضان مصباح الإدريسي

ماذا بعد نصف قرن من  خيار الاتحاد؟
هذه الانطباعات لا تنتصر الا للفعل الثقافي الوطني؛لأن كاتبها-وقد أدركته حرفة الكتابة ,والنشر,بدءا من منتصف الثمانينات-لم يقتنع أبدا أن يكون للكتاب تنظيم يوحي بموقف ما من التفرد,وهو قوام الإبداع؛وهو التفرد نفسه الذي حاربه الفكر الاشتراكي, عموما؛كما أنزرع في بيئته الأولى , وكما صُدِّر إلى المحيط,على مدى سنين الحرب الباردة .
وما دام الرأي الآخر يستقوي  بحق الكتاب ,المشروع, في تنظيم يرعى جانبا من مصالحهم , ويخاطب الداخل والخارج باسمهم؛قلت بيني وبين نفسي:أصبر وأنتظر بزوغ القيمة المضافة ؛عساها تكون شمسا لهذا الوطن الجميل الذي ترتديه الأمية الذميمة,أو يرتديها؛ وهما أمران كلاهما مر.
لم تراودني أبدا الرغبة في الانخراط؛وليس بين يدي اليوم سوى بطاقة شرفية,حديثة جدا, من الاتحاد الذي يحبل به المستقبل:
اتحاد كتاب الأنترنيت المغاربة؛وهو الاتحاد الذي اختار أن ينخرط في الفعل الثقافي قبل  ارساءالتنظيم؛ويكفي أن نتصفح مجلته الإلكترونية لنقف على صلابة هذه البدايات: بناء المشروعية أولا.
أقول هذا وأنا أحمد الله أن الأستاذ عبده حقي ليس من المرشحين لرئاسة اتحاد كتاب المغرب؛وإلا لاتهمت بمناصرته.
من خلال تتبعي لإرهاصات , ونذر, الجمع العام لاتحاد كتاب المغرب؛من خلال بعض الكتابات الصريحة,والتصحيحية(ذ بودويك),ومن خلال بعض الحوارات التي لامست العمق(يقطين) ؛بدا لي أن أسئلة البدايات ,وعمرها نصف قرن لا تزال
تبحث عن أجوبة ميدانية؛وليس نظرية:
وماذا بعد؟ أين أثر الاتحاد ؛في الشقين معا:المصالح والواجبات؟
وعليه فقناعاتي الأولى المناوشة لفكرة « اتحاد ما لا يتحد »  لم تكن فقط مصيبة ؛بل استشرافية.
كما أن اتهامي لنفسي بأنني بالغت ,حينما اعتبرت أن للاتحاد أساسا ايديولوجيا ,كان ظالما لأن هذا الأساس تبرهن عليه المشاكل التي يتخبط فيها الاتحاد؛دون أن أؤسس على إعادة انتخاب العلام رئيسا ,ألاًّ تجاوز لهذا الوضع.
ان المسألة أعمق من انتخابات وأصوات ,يحكمها الحضور والغياب ليس إلا. حتى الحكومة الحالية يسيرها مليون صوت فأين الباقي؟
لقد انتهى الاتحاد إلى أن تخبو فيه الجذوة المشتعلة التي ألهبت البدايات ؛على الواجهتين:الكتاب والسلطة المعارضة .
لعل في هذا شيئا من « نهاية التاريخ »ل »فوكوياما ».
حينما وصل اليسار إلى السلطة,بكيفية توافقية بعيدة عن التنافسية الشفافة؛وهي شرط في الديمقراطية؛ارتخت عضلاته
لأن عليه أن يرد على الهدية بمثلها.
هكذا لم يعد يجدي البديل الثقافي الذي نادى به رواد الاتحاد من اليساريين.لم يمت ,طبعا, لكنه فتر ؛كما المعارك حينما تميل فيها فئة الى المغانم, تلحق بها الفئات الأخرى.لِمَ تواصل الاقتتال؟
ومن الطبيعي أن يقابل هذا الفتور بفتور الخطاب المعارض ؛وبالتالي تضعف الدينامية وتموت.
لا يمكن فصل مشاكل الاتحاد عن التوافق السياسي ؛وقد انتهى باليسار إلى ما نعرف.
إن ما تأسست عليه البدايات من دفع الاتحاد الى الاشتغال السياسي اليساري ؛المغلف بثوب الثقافي ؛وصولا الى التكتلات, والانزالات, حتى يسودَ تيار فكري ويُرْذلَ آخر ؛دون انتباه إلى أن تدجين الإبداع يقتله؛هو السحر الذي انقلب على الساحر:
انتهى الاتحاد هامشا من هوامش السياسة اليسارية المندحرة ؛لأنها قبلت بالتوافق ,منقلبة على كل مقولاتها التصحيحية,أو الثورية, السابقة.
لم يَسْعَ الاتحاد إلى إضافة قيمة سياسية ,في الساحة,تُحسب له, لأنه كان مفعولا به وليس فاعلا.
ولم يضف قيمة تنظيمية يَرفع بها الكتاب الى المكانة التي يستحقونها ؛كما يرفع النور ليعم المكان كله,ويبدد الظلام.
لا زلت أتألم حينما أذكر ما رواه ابن الشاعر عمارة؛حينما قصد الوزيرَ الشاعر الأشعري عساه يتوسط في دواء لوالده؛
ولم يدر أن الوزير نسي الشعر وأهله, وعاج على المنصب يَنظُم بريقَه نظما.

وهل أضاف قيمة ثقافية؟
أعاني من حساسية مفرطة إزاء كل اللقاءات والأنشطة التي أشتم منها أنها مقصودة لذاتها ؛إيهاما بفعل ,أو تلميعا لصورة ..
معياري ,دائما, وأنا مرتبط بمجتمع البادية أكثر من ارتباطي بالمدينة,هو ماذا يصل العالم القروي من كل مشاريع الدولة وأنشطة المجتمع المدني .
من هذه الناحية ؛وفيما يخص أنشطة الاتحاد أسجل الغياب التام ؛وإياكم أن تواجهوني بسؤال ميت: وهل في البادية غير الفلاحة والفلاحين؟   لا تضيقوا موسعا فثقافة الشفوي ولادة,و هي الأصل.المكتوب لاحق.
اليكم المثال:
حبا الله قرية مستفركي بواد ظليل :جنتين عن يمين وشمال.هذا الوادي أعشقه عشق جبران خليل جبران لجداول وغدران جبل لبنان.
خلت أنني الوحيد في هذا الحب الرومانسي إلى أن أصبح ذات صباح ,مدير المعهد الفرنسي بوجدة,ومعه فريق من الشعراء الفرنسيين والكتاب؛نَظَّم لهم رحلة إلى الوادي لإلقاء قصائدهم مشيا فيه ,وصولا إلى عاليته بكل الصفصاف الذي يحنو عليها »حنو المرضعات على الفطيم « كما يقول الشاعر الأندلسي.
لا تسألوني هل فكر اتحاد كتاب المغرب-وليس فقط فرعه بوجدة- في قراءة الشعر بوديان المغرب وغاباته.
لا تسألوني هل دخل كتابنا الى أسواق البادية ليشموا روث البهائم والبصل والعرق؛ ويستمعوا الى « أكاديميها » وهم يبيعون- بمكبرات صوت لا وجود لها عند الكتاب- الأدوية والحِكِي وكل الغرائب.
أطلب منكم ألا تسألوني لأنكم تعرفون أن روائع الأدب العالمي ؛ولن أذكر سوى « مائة عام من العزلة  » و »ثلاثية نجيب محفوظ »  و الأدب الروسي ,تنبت بذورا وسط الشعب البسيط؛ وهو يمارس انخراطه اليومي في الحياة.
ذات احتفال لمهندسين يا با نيين بقريتي ؛بعد أن نجحوا في الوصول الى المياه الجوفية, من خلال ثقب أنجزوه ,هدية من اليابان الى المغرب  ؛سألوا أهل القرية:ماذا تفعلون حينما تستخرجون الماء؟ طبعا نذبح خروفا ونُولِم ونتسابق لشرب الماء الجديد تبركا.
فعلها اليابانيون ,بكل التفاصيل ؛بفرق واحد:منعوا الناس من الشرب حتى وصلتهم نتيجة تحليل الماء في المختبر.
أليست هذه الأمثلة مما يمكن أن ينخرط به اتحاد كتاب المغرب ؛في هذه البوادي التي لولاها ,ولولا طيبوبة أهلها وبساطتهم ,لما أمطرت السماء ماء ورحمة.
ان الكثير من فنانينا القرويين,من أمازيغ وغيرهم, يخدمون ثقافة هذا الوطن ويقدمون له ما لم يقو عليه اتحاد كتاب المغرب  على مدى خمسين عاما؛لأنه لم يستحضر منذ البداية الاشتغال على قيمة ثقافية مضافة.
بمعنى: قيمة لولا الاتحاد لما تأتت؛لأن الكتاب فرادى قدموا الكثير ؛حتى للعالم القروي.
الآفاق:
أعتقد أن تجاوز وضع الركود لا يتأتى إلا بانخراط في الشأن الثقافي العضوي ,الذي يفك العزلة الفكرية عن الناس؛ويقنعهم بأن الثقافة من حق الجميع ؛وليس من الضروري أن تكون الثقافة عالمة دائما.
حتى عمي عبد القادر الذي شرح لي علاقة القبيلة بالمخزن مثقف.
حتى عمال البناء ؛وهم يهللون ويكبرون أثناء وضع  » الدالة » مثقفون.
حتى تنظيم « سربات » الخيل ؛والتمهيد لانطلاقها بزجليات يعشقها الفرسان ,كما الخيول ؛والوصول إلى ما يشبه الرعشة المدوية والمضمخة بارودا ونقعا, ثقافة.
وحينما تصدح الراعية المراهقة في الجبل: آنَوْرِي يا الغابة نَوْرِي      نوري دَرْكِي ذاك آلغزال
ألا تستهل قصيدة عشق ,دونها شعر الصالونات؟
ويرد عليها هو:  آ طلعي الوَادْ الواد والحاظي الله
لاأقول اتركوا السياسة للسياسيين ,فلا خير في  اشتغال الإبداع ,والثقافة عموما ,إذا لم يحدثا التغيير المطلوب على مستوى القيم والتمثلات ؛وهي خميرة العمل السياسي .
أتمنى أن أرى اتحاد كتاب لا يقوده الساسة ؛كما تقاد الإبل ,حينما يكون الراعي حطمة.
حينما تشتغلون- كاتحاد وليس كأفراد- في الخطوط الخلفية للسياسة,والأمامية للثقافة, يمكن أن تؤثروا .
وقتها فقط سأطلب منكم أن تقبلوا انخراط كاتب ستيني.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.