Home»National»مشكلة المنظومة التربوية المغربية تكمن في تنزيل مشاريع الإصلاح وليس في هذه المشاريع في حد ذاتها

مشكلة المنظومة التربوية المغربية تكمن في تنزيل مشاريع الإصلاح وليس في هذه المشاريع في حد ذاتها

0
Shares
PinterestGoogle+

مشكلة المنظومة التربوية المغربية  تكمن في تنزيل مشاريع الإصلاح وليس في هذه المشاريع في حد ذاتها

 

محمد شركي

 

جرت العادة  أنه كلما ارتفعت الأصوات منتقدة ، و شاكية من اختلال المنظومة التربوية  من خلال مخرجاتها ، فكر أصحاب القرار السياسي في مشاريع من  أجل إصلاحها ، فأوعزوا إلى أصحاب القرار التربوي بذلك ، فتأتي مشاريع الإصلاح مقتبسة من الغير أو معدلة أو خليطا من الاقتباس  والمغامرة. وأصحاب القرار السياسي في الغالب  يفكرون في إصلاح المنظومة التربوية من خلال تصور أشكال مخرجاتها ، بمعنى يسطرون لأصحاب القرار التربوي الغايات الكبرى والأهداف العامة ، و يتركون لهم ما دون ذلك من إجراءات. وأصحاب القرار التربوي بدورهم  يلقون بالمسؤولية إلى أطراف المنظومة التربوية بعد  استيراد مشاريع إصلاح اقتضتها ظروف منظومات تربوية غريبة عن منظومتنا . وقد تكون مشاريع الإصلاح في حد ذاتها مهمة من الجانب  النظري ، إلا أنها حينما يراد تنزيلها عمليا يكون لها شأن آخر . وأصحاب القرار التربوي في الغالب  يمتدحون المشاريع التي يقتبسونها ، ويحرصون على التصريح بأنها قد خضعت للتجربة ، وأتت أكلها بإذن ربها في  مواطنها، إلا أنها حينما نقلت  إلى بيئتنا  لم تناسبها التربة والمناخ فذبلت ولم تؤت أكلا . ولا أحد  يستطيع أن يقنع أصحاب القرار التربوي بأن ما يستوردونه  من مشاريع  إصلاح  من عند الغير  يعتبر مغامرة قد لا تكون غير محمودة العواقب، لأن ما  نجح في بيئة معينة ليس بالضرورة أن يكون ناجحا في غيرها  نظرا لخصوصيات كل بيئة.  ومن هنا لا يمكن أن يعتبر الحكم على مشاريع الإصلاح النظرية مناقضا للحكم على تنزيلها وتطبيقها . فعندما اقترح مشروع إصلاح العشرية بدعاماته  قدم نظريا على أنه مشروع إصلاح في المستوى ، إلا أنه عمليا وفي التنزيل والتطبيق  ثبت فشله. وكذلك الأمر بالنسبة لإصلاح رباعية المخطط الاستعجالي ،فنظريا  كان من السابق لأوانه الحكم عليه بالفشل قبل التنزيل  والأجرأة. ولا يمكن القول بأن  الحكم على المشروعين نظريا يناقض الحكم عليهما بعد الأجرأة والتنزيل ، ولا علاقة لهذا الأمر بمحاباة الوزارة أو أصحاب القرار التربوي أو غيرهم،  ولا علاقة له بالنفاق أو غير ذلك من التهم التي يحاول البعض تلفيقها لمن يفرق بين  نجاح نظري ، وفشل عملي أو إجرائي . وأذكر  أن جهاز المراقبة التربوية عندما راهن أصحاب القرار التربوي على استيراد ما سمي بيداغوجيا الإدماج في إطار أجرأة بيداغوجيا الكفايات،  وتحديدا  عناصره المخلصون الذين  يؤرقهم اختلال المنظومة التربوية توجسوا  منها ، وعبروا عن توجسهم في حضرة  مقاولها كزافيي روجرز الذي تبرأ في جلسة بمقر أكاديمية الجهة الشرقية من مسؤولية تنزيل بيداغوجيته ،  مع أنه  تشبث بمصداقيتها وفعاليتها ، ونتائجها في شتى البيئات الغربية والافريقية  والأسيوية. فشتان بين  هذه البيدغوجيا نظريا ، وبين تنزيلها إجرائيا وعمليا . ولقد نبه أطر المراقبة التربوية صاحب  هذه البيداغوجيا إلى أن ظروف تنزيلها غير مناسبة ، ونبهوا  أصحاب القرار التربوي الذين يتحملون وحدهم مسؤولية تنزيل هذه البيداغوجيا ، لأن هاجسهم كان هو استكمال  إصلاح المنظومة بشكل مستعجل في سنته الرابعة ، لهذا غامروا بتعميم  هذه البيداغوجيا في  سلك التعليم الابتدائي والإعدادي  دفعة واحدة ، وتم تنزيل هذه البيداغوجيا على مناهج  وبرامج ومقررات جاهزة وغير مواكبة لمقتضيات هذه البيداغوجيا .، وقد لمس  المؤطرون التربويون ذلك من خلال  ما  سماه صاحب هذه البيداغوجيا التخطيط لأسابيع الإدماج ، وهو تخطيط  اقتضى أن تحصل تعديلات  كبرى في المناهج والبرامج والمقررات لتناسب طبيعة هذه البيداغوجيا. وكان هذا التناقض بين مناهج  وبرامج ومقررات غير طيعة لبيداغوجيا الإدماج هو السر وراء رفض فعاليات المنظومة التربوية لها خصوصا عندما  يتلقى المتعلم  موارد قد  لا يتأتى  إدماجها  لما بينها من  تفاوت سببه  اختلال  التخطيط الذي يحقق الانسجام بينها ويمنحها  القابلية للانخراط في  عملية الإدماج . وفي هذه الظروف تحولت بيداغوجيا الإدماج من خلال الكراسات التي  أهدرت في طبعها الوزارة الوصية المال الكثير ، كما أهدرت في  التكوينات الخاصة بها المال الكثير أيضا سواء على  مصوغاتها أو ممضوغاتها إلى مجرد عبث لا معنى له . وفي هذه الظروف اختلط من بكى من تنزيل هذه البيداغوجيا ممن تباكى. فصار الذي رفضها لاستحالة تنزيلها   كالذي  لم ينخرط في تنزيلها أصلا ،لأنه اعتبرها مجرد عبء وزيادة متاعب ليس غير . وصار الذين تهيبوا  من تنزيلها  بدافع التخلص من تعبها فقط  دون أدنى علم  بما لها وما عليها يحملون المسؤولية  للذين انتقدوها  من مواقع الخبرة والتخصص لا  من مواقع الفضول وإلقاء الكلام على عواهنه . وبدا  لبعض  المتملصين بشكل مفضوح من مجرد الانخراط في  تجريب  هذه البيداغوجيا حتى بنية إثبات عدم جدواها انتقاد من  ميز منذ البداية بين هذه البيداغوجيا نظريا ، وبين تنزيلها العملي في ظروف يتحمل مسؤوليتها أصحاب القرار التربوي وحدهم ، وبشهادة صاحب هذه البيداغوجيا نفسه ، وشهادته مسجلة إعلاميا للتاريخ . وما حدث في ظرف تعديل الدستور والانتخابات ، ووصول حكومة جديدة في أجواء الربيع المغربي هو ركوب  وزير التربية الوطنية الحالي  الكوب المكشوف  لرغبات الرافضين لهذه البيداغوجيا كسلا ليس غير ، واتخاذ قرار إلغائها كأسلوب مبتذل  ومكشوف لامتصاص غضب هؤلاء الرافضين ، وتجاوز الأمر هذا الحد حيث لعبت نقابة حزب  الوزير دورا  في قراره ، الشيء الذي يعني استغلاله المكشوف لمنصبه من أجل  امتيازات لفائدة حزبه  ونقابته . علما بأن أطر المراقبة التربوية كانوا يراجعون باستمرار من يسمون خبراء  بيداغوجيا الإدماج وكانوا في واقع الأمر مجرد مرتزقة همهم المال مقابل شهادة الزور ولم  ينصت إليهم أحد وتم تجاهلهم بل اتهامهم بعدم الانخراط في مهزلة كانوا واثقين منها كل الوثوق  . ولما خضع الوزير لابتزاز نقابة حزبه  وألغى  بيداغوجيا  الإدماج قيل  لمن رفض  قراره ألم تكونوا ضد ها من قبل  ؟  ولماذا الآن تنتقدون من ألغاها . ولقد كان نقد من انتقدها عن خبرة بخصوص تنزيلها مؤسسا على خبرة ومبررا ،لأنه  كان متعلقا بظروف تنزيلها التي يتحمل أصحاب القرار التربوي وحدهم مسؤوليتها ، ولم يكن ذا علاقة  بشعر صاحبها الذي عرض به الوزيرساخرا  » بوشعكوكة  »  على طريقته الهزلية المقتبسة من ثقافة جامع الفنا  حيث تهيمن أجواء المسرح الساخر، و التي  انتقلت إلى وزارة تقوم أساسا على الجد لأنها  تتعامل مع أغلى رأسمال ، وهو الرأسمال البشري ، وهو عملة صعبة في اعتبار الأمم الراقية ، ولا مجال  لمن يتعامل معها للهزل . وكان إلغاء الوزير لها عبارة عن حق أريد به باطل ، ولو كان يريد بالفعل اتخاذ القرار المناسب  لحاسب أصحاب القرار التربوي الذين غامروا بتنزيل بيداغوجيا الإدماج دون توفر ظروفها وشروطها المناسبة كما نصح بذلك  مقاولها ، و الذي حمله أطر المراقبة التربوية،  وكنت من ضمنهم مسؤولية السكوت عن المنكر مقابل الحصول على ثمن الصفقة مع أنه  يدعي  البعد الإنساني في بيداغوجيته ، وهو أمر صحيح نظريا إلا أنه في سكوته عن تنزيلها عندنا دون توفير شروطها غابت إنسانيته، وكلف ميزانية الدولة المغربية  ثمنا باهظا ، و ألحق ضررا جسيما بالمنظومة التربوية ستكون لها تداعيات لسنوات . واليوم  ومع وجود القرار السياسي  المعبر عنه في خطاب عيد الشباب ، والمتعلق بضرورة إصلاح المنظومة التربوية المختلة لعقود عن طريق  خيار بيداغوجيا الكفايات دائما أصبح أصحاب القرار التربوي أمام مسؤولية جسيمة، لأنهم مطالبون بمشاريع إصلاح لا يوجد  فيها انفصام بين جانبها النظري وجانبها الإجرائي ، وإلا ستتكرر حكاية بيداغوجيا الإدماج من جديد،  وستكلف الدولة المغربية ما لا طاقة لها به ، وتظل المنظومة التربوية حيث هي من اختلال لا تبارحه . وأول ما يجب التفكير فيه هو التغيير الجذري والراديكالي  في صفوف أصحاب القرار التربوي الذين يتحملون مسؤولية اختلال هذه المنظومة ، بل  ومحاسبتهم ومحاكمتهم باسم قانون يجب أن يسمى قانون  متابعة أو ملاحقة الفساد في  قطاعات الدولة .و نريد أن نرى الذين  غامروا بمصير المنظومة التربوية وراء القضبان  ، وقد قيل لهم  أخرجوا ما في بطونكم من مال عام من أفواهكم لا من أدباركم . وإذا ما استمر الوزير الحالي في مسرحياته الهزلية، ولم  يسرح بإحالته على المعاش ، فلن تقوم للمنظومة التربوية المغربية قائمة . وللذين يشككون في هذا أقول : اتقوا فراسة الغيورين على هذه المنظومة، فإنهم لصدق غيرتهم عليها لا تخطىء لهم فراسة ، وموعد هذه الفراسة الغد القريب  أو الصبح ، أليس الصبح بقريب ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. hossin
    20/11/2013 at 13:55

    madmon jaied , logha fiha ba3d e9tibasat mn 9oran

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *