Home»International»خيانة الأمانة: قاصمة الظهر لسفينة المجتمع

خيانة الأمانة: قاصمة الظهر لسفينة المجتمع

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

خيانة الأمانة: قاصمة الظهر لسفينة المجتمع           بقلم: عبد المجيد بنمسعود

اشتد ألم المخاض على سفينة الشعب المغربي المكدود، في بحر الربيع العربي، لتضع مولودها الموعود،في محطة تاريخية فارقة،و يوم مبارك  مشهود، هو يوم الجمعة25نوفمبر2011 ، وقد جاء المولود هذه المرة يحمل قدرا طيبا من قسمات الأجداد والآباء، وخصائص ميراثهم الأصيل، بعد تشريق وتغريب وتسكع طويل، عبر محطات للزمن الرديء، تمخضت عن مواليد تحمل قدرا كبيرا من التشوه والتعويق، فضلا عن خلق كثير أودت بهم ما حملته رياح التجارب العابثة الهوجاء، من سموم ناقعة سوداء.

استبشر المغاربة الأصلاء، بهذا المولود على علاته خيرا، ورأوا فيه إرهاصا بالغد المشرق المجيد، يوم أن تصفو مشارب السفينة من السموم والأكدار، ويتنفس ركابها الصعداء.

تعرضت ألواح السفينة عبر متاهات البحار، لكثير من الخروق ومحركاتها لكثير من الأضرار والحروق، بسبب عبث الربابنة وغفلة أهلها عن حقيقة المسار، وخريطة الإبحار. لم يكن هناك مفر من ذلك الحصاد الوبيل: قتلى بالألوف، لفظتهم السفينة التائهة ليكونوا طعاما سائغا للحيتان، وضواري الوحوش والعقبان، وجرحى بالملايين، يشكون من جروح بليغة غائرة، تركوا لأنينهم المكتوم، عبر الأرصفة المنثورة في مجاهل الفراغ السحيق.

ها هي ذي السفينة قد أقلعت عشية الثالث من يناير بعد تفكير وتدبير، وصراع مرير، أطلقت صفيرها المدوي الجهير، وقد توزع القوم إزاءها بين محبين مشفقين يرجون لها السداد والتوفيق، وشانئين حاسدين يتمنون من الأعماق، أن تغوص في الأعماق. صادف انطلاق السفينة في عهدها الجديد، إجدابا من الماء، فخرج الناس يستسقون ويجأرون لرب السماء،أن يمدهم بفيض العطاء، وقدموا عند بابه من وابل الاستغفار وخالص الثناء، رأوا عجبا من القائد الربان، رأوا عينيه تذرفان، فأيقنوا أن أوان السقيا قد حان، بفضل الواحد الرحيم المنان، وما أكثر مارأوا أعينا ناطقة بالخيانة، ناضحة بالفجور والعصيان، ذبحت عند أقدامها الأخلاق، فضجت الأسواق بالشقاق والنفاق.

تبحر السفينة الآن في لحظة تاريخية عصماء،، زادها الصدق والإيمان، وعنوانها الأمل الكبير في استعادة الكرامة وتحرير الإنسان، تبحر وعلى طاولة ربابنتها ركام من الملفات التي ظلت مطمورة في دهاليز الاستخفاف والنسيان، فلم تحض بمن يحسن قراءتها وفك رموزها، فتحول مدادها إلى أصداء من الأنين، وأنهار من الدموع، لفقدان جوهر عزيز،اسمه الأمانة، وصنف عزيز من الناس، هم الأقوياء الأمناء.

تبحر سفينة 25 نوفمبر وسط الأعاصير والأنواء: جحافل من الحاقدين الأعداء، لا يضيرهم أن يروا شرائح الشعب المخدوع مفرقة الأهواء ممزقة الأشلاء، إذا لم يكن بين أيديهم بقرة حلوبا أو شاة جلحاء.

على متن السفينة المثقلة بالأعباء، تزاحمت أمانات تنوء بثقلها رواسي الجبال: تعليم منخور وصحة جرباء، إعلام موبوء وميزانية خرقاء، سكن مهزوز وثقافة شوهاء، فساد طام وفتن هوجاء، تداهم المدن والقرى،وتقتحم المداشر والأحياء، خطوب ودواهي، تدع الحليم حيران، فمن لكل هذه البلايا غير الأيادي النظيفة البيضاء، والعزائم الأكيدة القعساء؟

لقد صح في سليم القرائح والأذهان، أن لا صلاح لحاضر أمة العدنان، إلا بما صلحت به، يوم أن استدار الزمان، كهيئته يوم خلق الله الأكوان.

لا شرقية، ولا غربية، إنما هي إسلامية،بهية قدسية، ترسل أنوارها في كل الآفاق، فإليها لا لغيرها ترنو العيون، وتشرئب الأعناق، شعارها الخالد الميمون: » ما عندكم ينفد وما عند الله باق » .

في غياب تطبيق شريعة الرحمن، تولت الغربان، وجفت الوديان، واختلت الألحان، وانهدت الأركان، وصالت النسوان، وعمت الأحزان.

في غياب شرع الله، استأسد الحمل، واستنوق الجمل، وساقها هبل، فضاقت السبل، وعزت الحيل.

في غياب شرع الله غابت الأمانة، وانقضت الخيانة، فضاعت الأعراض،

وجارت الإهانة، وخيم الوجوم وغارت النجوم، واجتاحت الهموم، وهبت السموم، ولم يبق للسفينة غير مخرج وحيد، يحرر البلاد والعبيد: أن تغتسل من الأدران والأوضار، وتخلص وجهتها للواحد القهار، لم يبق أمام أهل السفينة المكلومين، إلا التمسك بالكتاب المبين، طوقا للنجاة، ونهجا لليقين.

 كفى ارتكاسا وانتكاسا إلى أسفل سافلين، كفى ارتماء في أفواه الأفاعي والثعابين.

ليرعك الله يا سفينة المستضعفين، وأنت تبحرين نحو المرفأ الأمين، تحفك عناية رب العالمين، ولا يصرفنك عن همك الدفين، مكايد الكائدين، ولا أراجيف المرجفين، ولا يستخفنك أولو النعمة من المترفين، فكلمة الله هي العليا، والحق أبلج ظاهر ولو بعد حين، وليكن رائدك يا سليلة الصادقين: قول رب العالمين: » فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين »

طوفي يا سفينة اليمن في كل العوالم والبقاع، وزعي أطباق التمر والحليب، على الأطفال والأرامل والأيتام، وازرعي بذور الخير في كل الأنام، وانشري الكتب والدفاتر والأقلام، كوني بفضل ذي الملك الذي لا يرام، والعزة التي لا تضام، سفينة الرحمة التي تضمد الجراح، وتكشف الآلام، بفضل الواحد العلام.

                             وجدة في 08 يناير2011  

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. محمد السباعي
    03/02/2012 at 13:45

    بسم الله مجراها،وبسم الله مرساها.سوف تصل السفينة إلى بر الأمان بإذن الله، كما وصلت سفن طارق بن زياد إلى الأندلس شمالا وقوافل المولى إسماعيل ويوسف بن تاشفين إلى إفريقيا جنوبا. المهم هو النوايا الحسنة ثم التوكل على الله ثم إعطاء القدوة في الزهد والتعفف والعمل الصالح. الشعب اختار المصباح وانحاز إلى نبراس الحق بعدما مل منى ظلام الإلحاد والعناد. الربابنة الجدد يسألونكم الدعاء والدعم يا صلحاء الأمة. تحية للأستاذ والمفكر والشاعر عبد المجيد بنمسعود.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *