Home»International»الذين لا يتكلمون؛ هل تستمع إليهم الحكومة؟

الذين لا يتكلمون؛ هل تستمع إليهم الحكومة؟

0
Shares
PinterestGoogle+

الذين لا يتكلمون؛ هل تستمع إليهم الحكومة؟
رمضان مصباح الإدريسي
مخيرون أم مجبرون؟:
عرفت سنة 2005 إحالة عشرات الآلاف من الموظفين, من مختلف أسلاك الإدارة المغربية, على التقاعد ؛في إطار ما
عرف وقتها بالمغادرة الطوعية ,التي سبقتها حملة دعائية مكثفة تحت عنوان »انطلاقة »:
صوب ماذ؟
قيل :صوب « عالم جديد يناديكم » عالم المقاولات والأعمال الحرة ؛بحفنة ملايين من السنتيمات ؛كان وهم الكثيرين
يجعلها ثروة حقيقية .
لم تكن مغادرة طوعية ,بالنسبة لعدد كبير من الأطر ,بل فرصة للتخلص من قسوة إدارة ,لم ترع فيهم إلا ولا ملة؛
وهي تقابل إخلاصهم وجديتهم بظلم ملفوف بكل ظلماته..
كان عليهم أن يكدوا ليستفيد الآخر .وكان عليهم أن يلازموا رتبهم وأسلاكهم ؛في الوقت الذي يترقى غيرهم بسرعة هدهد سليمان.
مهندس زراعي يصبح عامل إقليم.؛ضدا على أطر وزارة الداخلية المخلصين ؛والذين وجد الكثيرون منهم أنفسهم مدعوين لتعليم هذا الوافد الغريب أصول المهنة.
مدير ثانوية إعدادية يصبح مدير أكاديمية ؛في وسط تربوي وإداري يعج بالمؤهلين إداريا لهذا المنصب ؛ومنهم من يزيد على إطاره العالي, دكتوراه الدولة؛ وما أكثرهم.
معيد في مركز للتكوين يصبح مدير ديوان,يلازم الوزير حيثما حل وارتحل.
مفتش تعليم يترقى إلى مدير مركز تربوي ,ثم نائب اقليمي,ثم مدير أكاديمية في ظرف ثلاث سنوات فقط.
والأمثلة كثيرة على إدارة  ظلت لعشرات السنين إدارة ريع وفيء, بالنسبة للبعض, ورحى تطحن لحم وعظم الكثيرين.
ثم صدر مرسوم المغادرة الطوعية ,وخسرت إدارتنا آلاف الأطر ,من ذوي الكفاءة العالية في كل المجالات ؛ومن ذوي الإخلاص الكبير  .
غادروا ولسان حالهم يردد مع الشاعر:  » وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ».
أما أحاجي شهرزاد عن « الانطلاقة » فقد أسكتها الصباح.

وتستفحل الأزمة الإدارية:
البعد التدبيري:
إن متوالية الأعباء الإدارية  صاعدة ؛في مقابل متوالية الموارد البشرية النازلة؛بفعل المغادرة « الطوعية » وبفعل
المراهنة على تفليص كتلة الأجور ,وشح التوظيفات الجديدة.
هذا بعد كمي يمكن تجاوزه إذا جست الحكومة الجديدة نبض التدبير الإداري ,في جميع القطاعات ؛بنية خالصة في
إبداع حلول تحقق التأهيل والنجاعة الإدارية المطلوبين.

عمليات  » الأوديت » التي أنجزت سابقا؛كانت تبدو وكأنها مقصودة لذاتها,  وليس لاعتمادها في إقرار حلول واقعية.
على غرار ما يقع أثناء الحروب ,فتعمد الدول الى تعبئة كل طاقتها القتالية ,بما فيها جنود الاحتياط ,والمتقاعدون المؤهلون ؛يمكن التفكير في الاستعانة- الظرفية- بمتقاعدي جميع القطاعات ؛لتحقيق انطلاقة جديدة للادارة حتى تستجيب لما سطره-على الأقل- البرنامج الحكومي.
أعتقد أن نسبة كبيرة من المتقاعدين- خصوصا المغادرين طوعا- ,المؤهلين, لن « تردها في وجه إداراتها  » ولو أن إحساسها بالغبن لا يزال حيا.
اليكم بعض الأمثلة على الخصاص:
كان على وزارة التجهيز والنقل أن تفكر في مواردها البشرية ,قبل الإقدام على وضع جدولة زمنية لا ستبدال رخص
السياقة ؛ وقد أحرجت معها حتى وزارة الصحة- المثقلة أصلا- في ما يخص وثيقة الأهلية البدنية.
ان طوابير المواطنين أمام مصالح القطاعين تثير الاشمئزاز.كم من العنت, وكم من ساعات العمل الضائعة ,وكم من مصاريف وتنقلات من أجل استبدال شهادة لا شيء –قانونا- يسقط عنها كونها دائمة.
وزارة التربية الوطنية تستند بدورها ,في وضع خططها الاستعجالية أ والمتأنية لا صلاح التعليم, الى قدرة تأطيرية لم تعد تتوفر عليها؛اذ غادرتها نسبة مهمة من أطر الإدارة والمراقبة التربوية ,في جميع التخصصات.
تزايد الحاجيات يقتضي تزايد الأطر المؤهلة للاستجابة؛لكن العكس هو الذي يحصل.
في ظل هذا الوضع ,حيث ينعكس الخصاص على المتمدرسين النظاميين,كيف يمكن الحديث عن محاربة أمية الكبار؟
أمية تقوم عائقا لكل الطموحات التنموية,في جميع المجالات ؛بما فيها تحقيق الديمقراطية.
خصاص وزارة الصحة مزمن ,حتى قبل مغادرة أطرها؛فكيف الحال اليوم؟ أكثر من يعرف حقيقة الوضع ساكنة العالم القروي.
والأمثلة كثيرة على الخصاص ,ومن المفارقات أن يكون خصاصا إراديا.
إن جرأة المغادرة الطوعية التي تحلت بها حكومة إدريس جطو – دون دراسة للحاجيات- يجب أن توازيها جرأة مماثلة
لحكومة بن كيران ؛لاستعادة العديد من الأطر ؛بكيفية تعاقدية مؤقتة ؛في انتظار « تمكين الفم من كل ما يحتاجه من أسنان.  »
البعد الأخلاقي:
إن الذين غادروا تخلصوا على الأقل من ظلم الإدارة؛أما الذين صمدوا لإغراء الانطلاقة وواصلو عملهم أصبحوا
يعانون من ظلم مزدوج:
تحمل كل الأعباء التي تخلص منها المغادرون ؛إضافة الى الاستمرار في المعاناة من ظلم الإدارة ,في ما يخص إسناد المهام والمناصب.
حتى حينما تعتمد مسطرة للتباري تظل « مدخولة » في جوانب منها ؛ويعرف الضحايا ما أعنيه؛ولا تعوزني الأمثلة الواقعية.
نفس ثقافة الريع الإداري لا تزال سارية؛ ضدا على مبدأ تكافؤ الفرص.
لقد سمعت من يقول: إني أنتظر زلة حكومية أخرى ,تسمح بموجبها بالمغادرة الطوعية ؛لأغادر ولو بدون ملايين.
لعل الحكومة الجديدة ,وهي ترفع شعار – حتى لا أقول سيف- محاربة الفساد عليها أن تبدع ,وأن تكون شجاعة ومقدامة في تطهير الإدارة من مرض الريع.
ان البرنامج الحكومي الذي استمعنا إليه طموح لكن لن يتحقق اذا كانت الإدارة –وهي التي ينتهي إليها التنفيذ والمتابعة- غير مؤهلة وغير فعالة.
مظلومون من نوع خاص ؛لكنهم لا يتكلمون:
هم فئة من قنافد رجال السلطة والقضاء والأمن ,الذين لم يستسلموا لكل الإغراءات المحيطة بهم؛صدقوا ما عاهدوا الله,وأنفسهم عليه فواصلوا القيام بواجبهم أتم قيام ,بدون طمع ؛وبدون أن يلتفتوا الى قطارات الذهب التي تمر أمامهم ,كما قال المرحوم الحسن الثاني ؛وهو يتحدث عن القضاة.
هذه الفئة مبغضة في إدارتها لأنها تشكل نشازا لا يرتاح له رؤساؤها.بل منهم من همش وقلصت مسؤولياته وسلطته الى الصفر.
هذه الفئة يعرفها القاصي والداني لأن انجازاتها وصداماتها تسير بحديثها بها الركبان .ولا يمكن للأجهزة المختصة أن تغيب عنها مثل هذه الأمور.
على الحكومة الجديدة أن تبحث عن هؤلاء ؛ليس باللجوء الى خدمات المسؤولين المشكوك في نزاهتهم ؛اذ لا يمكن أن يكون الخصم هو الحكم.يجب البحث عنهم بوسائل أخرى تعرفها الدولة ,ويجب إنصافهم لأنهم القاطرة الحقيقية للإدارة
في الوقت الذي تظل قاطرتهم الشخصية معطلة دائما؛لأنهم لا يأكلون الكتف ؛ليس جهلا في أساليب أكلها بل تعففا
ومخافة يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت.
هذه انطباعات متقاعد ستيني ,راكمتها عشرات السنين من مخالطة الإدارة والناس ؛ورجائي أن تتعامل معها حكومتنا ,بكل جدية وعزم ,لصلتها ببرنامجها المعلن.
Ramdane3@gmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. khadija el moutaouakil
    21/01/2012 at 22:14

    السلام عليكم بالتوفيق لسيد بنكيران

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *