Home»International»اليمنى للمدر, واليسرى للوبر

اليمنى للمدر, واليسرى للوبر

0
Shares
PinterestGoogle+
 

  رمضان مصباح الإدريسي

المصطلح:

أهل المدر: هم العرب المستقرون وقد عرفوا بذلك لأن أبنية الحضر إنما هي بالمدر.
والمدر في اللغة : قطع الطين اليابس
أهل الوبر: هم أهل البادية، وإنما قيل لهم » أهل الوبر » لأن لهم أخبية الوبر، تمييزا لهم عن أهل الحضر الذين لهم مبان من المدر.

المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام » 4/ 271

كبوات طباقا:
الكبوة الأم:
شاء مكر التاريخ ؛أو سياسيون لهم أعناق زرافات, أن يكون العقل المنظر ,والمدبر للحركة الوطنية ,عقلا  « مدريا » :حضريا؛من « قيساريات فاس ,ومدارسها,أولا ,ثم بعض المدن العتيقة الأخرى ,التي لم تستطع قوة البلع الفاسية ابتلاع كل بيوتاتها؛أو ارتأت فيها نصرة عاجلة أم آجلة.
ولم يبخلوا على أهل الوبر إذ جعلوا منهم – إعمالا للفقه البيولوجي والسياسي-الفتية الأشاوس ,الصابرين على البرد القارس ,و الليل الدامس ,ونصب الكمائن والمتاريس ,في اليوم العابس؛ لإخراج عدو فرنسي أتى على الأخضر واليابس.
وكبرى الدسائس التي أسست لهذه الكبوة الأم ,وبناتها ,وهن كبوات طباقا ,يتذكرها المغاربة جيدا:
للأشاوس : » بيعو الأرض وشريو السلاح »
وللموعودين بجنان الأرض:  » بيعو ديوركم وعلمو ولادكم »
هكذا تكلم زرادوشت.
أما الشاعر العربي فقد رضي بالقسمة الضيزى:
كتب الحرب والقتال علينا                 وللغانيات جر الذيول
لم يجروا ذيولا ,فقط,بل تحيفوا جل الوزارات والسفارات ,كما تحيف وادي سبو قرية جوطة القديمة,على حد عبارة المؤرخين ؛ و حلبوا السبع السمان والعجاف .
حين كنا نتغنى معهم ؛بكل براءة وعفوية أهل الوبر:
« المغرب لنا لا لغيرنا »       كنا كديك جامع الفنا,بمراكش ,الذي جعل منه صاحبه « الحلايقي » راقص جفان فذ؛على الطريقة الاسبانية.
استغرب أحد السياح الأسبان لكل هذه  » الحيدسة » المبهرة ؛ولما اقترب من الجفنة الحديدية ولمسها ,كادت أصابعه تلصق بها ,من شدة حرارتها:
كان تحتها « مجمر زاند « .  ماذا يفعل الديك ,إزاء هذا غير أن يكون راقصا اسبانيا ,لا يشق له غبار.
ضحك السائح وقال للحلايقي : »أميكو ,هوللي ديلمورو ».
آخر من رقص ,رقصة هذا الديك ,بتدبير  فاسي – يفوق المراكشي-هو رئيس حكومتنا المحترم.
وأتوقع أنه سيطلب للرقص أكثر ؛في محطات مقبلة.
لولا التنادي الاستقلالي  لإسقاط عباس الفاسي ؛وثقافة الأقرب فالأقرب, ما قلبت هذه المواجع.
أهل الوبر ؛حتى لا تكبو البدايات أيضا:
*المفهوم الجديد للسلطة ؛كما نادت به الملكية الثالثة ,بعد الاستقلال.
*حراك الشارع – في نفس الاتجاه- معلنا أن ساعة الفساد أزفت.
*إقرار دستور يستجيب- بكيفية مقبولة- لمتطلبات المرحلة:وطنيا ,إقليميا ودوليا.
*انبثاق حكومة »شعبية » – ولا أقول ملتحية- ينتظر أن تشتغل في البر والبحر والجبل؛بكل التوازن المطلوب.

كلها بدايات حبلى ؛لكن إن لم تقطع مع ثنائية  » الجبلي والفاسي » التي أسست لثنائيات لها نفس الاشتغال الماكر:
لعروبي ولمديني » , »العالم القروي والعالم الحضري » , »المغرب النافع وغير النافع »؛ المغرب العبوس ,كما عند ابن خلدون,في مقابل المغرب الضاحك…ربما.
وان لم تقطع – وهذا هو المهم- مع السياسات التدبيرية التي تمتح من هذه الثقافة التقسيمية  ؛فستكون بدايات
لغير ما نريد جميعا لهذا الوطن الحبيب.
ان ما نلاحظه اليوم من احتجاجات قروية ؛وصلت إلى حد الترامي على ملك الغير وتقسيمه بقعا بقعا؛واعتراض قطار
بخيمة ,ودوار غاضب ؛و تنادي قبيلة للهجوم على قبيلة أخرى…كلها بدايات يجب أن تنظر إليها حكومتنا كما تنظر الى
حركة العشرين فبراير المدينية؛التي لا يفهم القرويون معنى لمطالبها ؛لأنها مطالب  » أصحاب لفشوش » » تقع فوق ما يحلمون به. ولو علموا أن ضمنها من يقولون حتى بالحريات الدينية والأخلاقية- مما تعلمون- لداهموا شوارعنا بجمال وبغال وحمير ؛ولألهبوا ظهورا بالسياط …
قد يتفهم بن كيران بعض هذه المطالب-ضدا على برنامج حزبه- لكنها بالنسبة لأهل أنكاد ودكالة والشاوية والرحامنة…… ؛وحتى لأمازيغ بني ورياغل وآيت عطا وحاحة والزكارة وبني يزناسن….(من الوبريين) تعتبر: « تخسار الهدرة » ودليل على أنه  » ما بقى مخزن ».
ان « سربات الخيل » التي متعنا بها أخنوش السوسي « لعروبي » –أكرمه الله- في أسابيع الفرس ؛لا تتقن التبوريدة  الفولكلوية فقط؛فأسلاف هؤلاء الفرسان الأشاوس هم الذين حافظوا على وحدة هذا الوطن ؛الذي يبدو لي دائما كقلب كبير.
تفوق هذه « السربات » كل سربات الفبرايريين؛لكنها ظلت ,دائما, تفضل أن تتوجه الى السماء ,وتستسقيها ؛بدل
انتظار الخير من وزراء « ما حرثو تراب ,ما شطبو نادر و لا غبار ».

هل ستظل حكوماتنا تحمل العالم القروي باليد اليسرى فقط؟
هل يخلص بن كيران هذا العالم من بين اللسان والأسنان؟
يأتينا غذاؤنا من وبريين ؛لكننا نمضغهم – في ما نمضغ- وتجود لهم ألستنا بألوان من العرقوبيات.
يحملون الدولة باليمنى ؛وتحملهم باليسرى.
استقر في أذهانهم أن في تعليم الأبناء مفسدة كبرى ؛ما داموا يعودون الى قراهم ؛بدون وظائف ,وبكل كسل المدينة.
أما البنات فيزدن » جر الذيول » .
وألفوا ألا يتذكروا أوجاعهم إلا يوم السوق؛ حيث يزورهم-مكفهرا- طبيب عين مقيما لديهم؛يسمعهم بنات غضبه وكأنهم المسؤولون عن عدم تعيينه في شارع محمد الخامس.
واستقر لديهم أنهم خدم للمخزن وليس العكس ؛ولهذا لا يرفضون لممثليه طلبا ؛ولا يتصورون ألا يكونوا شرسين في التعامل معهم « المخزن كي النار » « المخزن بسنيه ». ولا يتصورون أن يسألوا الموظف الجماعي:لم الأسبوع والأسبوعان في ما يقضى في الدقيقة والدقيقتين.
انتهى بهم الأمر بنكا انتخابيا يتذكره الساسة, أوان الحراك المعلوم ؛حيث لا يتأفف أحد من تقبيل رؤوس لا تعرف الماء إلا لماما؛وحيث يحلوا للزعماء أن يهاجروا صوب الخشونة , طلبا للكراسي الوثيرة.
المفهوم الجديد للسلطة,الدستور وتنزيله,ملكية برلمانية أو دستورية,أن تكون الحكومة ملتحية أو مشوربة,الأغلبية,المعارضة,العدل والإحسان,الفزازي,سعيد لكحل,الضر يف,وحتى عصيد وعصائده؛كل هذا الكلام يقع خارج الزمن الوبري ؛خارج نصف الخريطة,خارج نصف المغاربة.
ألا يحتاج هذا العالم الى حكومة خاصة؟
انه نصف ساكنة المغرب؛ نصف ال45في المائة ,وأكثر؛لأنه لم يسمع بالمقاطعة ,وحتى ان سمع بها لم يفهمها.ولا يمكن أن يفهم خطابا فبرايريا, شابا أو شيخا.وأكثر من هذا لا يتصور نفسه خارج طاعة المخزن.
ألا تخول له هذه المناصفة أن يناصف بن كيران في حكومته؟ أن يكون له نصف الوزراء؛من غلاظ البادية ,المتعلمين الأشداء؛أشاوس علال الفاسي ؛الذين لا يمضغون حروفهم وهم يتكلمون ؛ولا  يتهيبون الكلاب وهم يعبرون الدواوير.
وان لم تكن هذه المناصفة متأتية؛ ألا تتأتى مناصفة البرامج التنموية:
في مقابل كل الطرق السيارة التي شقت عالم الوبر ,واقتطعت من أراضيه لتصل بين الجهات الأربع للمملكة ؛ألا يقنع هذا العالم بمسالك ,معبدة وغير معبدة,حتى يستريح ,مسافرا,وتستريح منه البغال والحمير؟
في مقابل القطار فائق السرعة,الذي لن يركبه الوبريون,  غالبا, ألا يقنع هذا العالم بتسريع برامج المغرب الأخضر ؛وتتبعها حتى تصل سليمة الى أراضيه .
في مقابل كبوات صندوق المقاصة ,المعروفة,أليس الحل في ترييف هذا الصندوق ؛أو بعضه ؟
ألم ننشرح- ولو الى حين- ونحن نرى مؤسسة محمد الخامس تخترق السهول ,وتصعد الجبال لملاقاة مغاربة من عالم آخر؛من مستوى آخر ,وبحاجيات أخرى.
يفرحون لبعض الأغطية , وكيلوغرامات من المواد الغذائية ,وكأنها ضمن مائدة مباركة ؛هبطت من السماء.
 » لو كان الفقر رجلا لقتلته »  لعل الفاروق حين قالها استحضر عقول الفقراء وكرامتهم وليس بطونهم.
ينتظر من حكومة الشعب أن تفكر في ميثاق للنهوض بالعالم القروي ؛يؤطر عمل مجلس ليس للاستشارة ولكن للعمل الميداني  » بالعتلة والبوط » حتى لا يسير المغرب الا بسرعة واحدة ؛في كل مكان وفي كل زمان.
مغرب لجميع أبنائه.
Ramdane3@gmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.