Home»National»إذا كان الشعب يريد …. فعليه أن يعرف أولا ماذا يراد منه ؟

إذا كان الشعب يريد …. فعليه أن يعرف أولا ماذا يراد منه ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

إذا كان الشعب يريد …. فعليه أن يعرف  أولا ماذا يراد منه ؟

محمد شركي

عبارة :  » الشعب يريد كذا ….  » عبارة أطربت وتطرب الشعوب العربية ، وقد صارت لحنا يغنى ، ويثير الحماسة في النفوس ، ويلهب المشاعر . وسحر هذه العبارة أنسى الشعوب عبارة مقابلة  لها ، وهي عبارة مقلقة جدا لا تطرب أحدا ، وهي عبارة : « يراد من الشعب كالذي يريد « . وإرادة الشعب من إرادة الله عز وجل كما جاء في شعر أبي القاسم الشابي في قوله : « إذا الشعب يوما أراد الحياة // فلا بد أن يستجيب القدر « . والشاعر الشابي صاحب الثقافة الزيتونية  الإسلامية يعي جيدا أن الله عز وجل أراد للإنسان الحياة  ، ولم يرد له الموت ، لأنه خلقه ليمتحن في الحياة ، لا ليموت ، لهذا فعندما يريد الشعب الحياة ، فهو إنما يجسد إرادة خالقه . والتعبير الشاعري للشابي لا  يقصد باستجابة القدر تبعيته لإرادة الشعب، بل يقصد بذلك تجسيد الشعب لإرادة الله عز وجل . وفي الحديث القدسي :  » عبدي أنت تريد وأنا أريد ، فإن سلمت لي فيما أريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ولا يكون إلا ما أريد  » فبموجب هذا الحديث القدسي  لا إرادة فوق إرادة الله عز وجل ، وكل ما يكون مع إرادته سبحانه هو التسليم له لتوافق إرادة العباد إرادته  الماضية  فيهم مضاء لا راد له. وعليه فعندما يرفع الشعب عبارة أو شعار :  » الشعب يريد كذا …. » وجب على هذا الشعب أن يضع في حسابه  إرادة خالقه جل وعلا ، وأن يسلم له فيما يريد ، وإلا أتعب الخالق سبحانه هذا الشعب فيما يريد ، ولا يكون إلا ما أراد خالقه جل جلاله. فعندما يريد الشعب مثلا إسقاط الفساد ، فلن تعاكسه إرادة الله عز وجل التي اقتضت أن يكون الكون صالحا لا فساد فيه . والمشكلة أن يرفع شعب من الشعوب شعار  » الشعب يريد إسقاط الفساد  » ولكنه يكون شعبا متورطا في الفساد ، أو يرعى الفساد ، أو يرتزق، أو يستفيد من الفساد . فهنا لا يمكن أن توافق إرادة الله عز وجل إرادة هذا الشعب المطبع مع الفساد في سلوكه مع أنه يرفع شعار إسقاط الفساد . وعلى كل شعب في هذا العالم أن يريد ما شاء ، ولكنه عليه أن  يعرف مقابل ذلك ما يراد منه  لتستقيم إرادته ، وإلا وقع هذا الشعب في تأليه نفسه ، حيث يريد ، ولا يراد منه ، مع أن نأن الله عز وجل هو وحده سبحانه الذي يريد ، ولا يراد منه . أما الشعب  فيراد منه أن  يكون أولا في مستوى ما يريد . والشعب الذي يريد على سبيل المثال إسقاط الفساد  ، عليه أن يكون في مستوى هذه الإرادة ، وأن لا يكون مطبعا مع الفساد  يمارسه ، ويقره  ، ويرضاه لأن مصالحه الخاصة تقتضي ذلك . والشعب قد يوحده هذا الشعار الرنان :  » الشعب يريد إسقاط الفساد  » ولكنه  ينقسم على نفسه طرائق قددا أو شذر مذر  كما يقال عندما يتعلق الأمر بالتطبيق ، فيكون من ضمن الشعب من  يوصل الفساد الصراح إلى مراكز صنع القرار من خلال المغامرة بالعملية الانتخابية التي  تأتي بالمفسدين مع علم  أصناف من الشعب بسابق عهده بالفساد .  فالله عز وجل لن يبارك  إرادة هذه الأصناف  من الشعب التي تتعمد احتضان الفساد ، وهي على علم ويقين به ، وبأهله من المفسدين  . وكل شعب لا يقوم بواجبه على أحسن وجه لا يحق له أن يرفع شعار :  » الشعب يريد كذا  » لأن هذا الشعار نفسه  يتبرأ منه ، ولأنه لا يصدق في إرادته  بالفعل كما يرفعها شعارا يطربه . فمن أراد كذا ، وجب أن يفكر في ما يراد منه مقابل ذلك . والشعب عندنا اليوم يريد أشياء كثيرة من حكومة جديدة ، ولكنه لا يخطر بباله أبدا أن يسأل نفسه : ماذا يراد منه لتتحقق إرادته ؟  على شعبنا إن أراد شيئا أن  يبدأ أولا في السؤال عما يراد منه ، لأن إرادته رهينة بما يراد منه . على شعبنا أن يغير الكثير مما ألفه من سلوكات فاسدة خصوصا التراخي في القيام بالواجب قبل  أن يرفع شعار : الشعب يريد الحقوق ، ذلك أن الحقوق  مرتبطة بالواجبات  ، ولا حقوق بلا واجبات . وعلى كل من تطربه عبارة :  » الشعب يريد كذا  » أن يسأل نفسه عما إذا كانت عبارة  » الشعب يراد منه كذا  » تطربه أيضا  ، ولا تقلقه ،أو تغصبه،  فإذا تساوى الطرب في سماع العبارتين معا  كانت الحالة صحية ، وإلا  كانت الحالة مرضية. وعلى العديد من فئات الشعب التي دأبت على التجمهر من أجل الإضراب اليومي الذي صار عادة، بينما صار العمل أو الدراسة استثناء مع رفع عبارة :  » الشعب يريد كذا  » أن تقلب المعادلة ليصير العمل ، وتصير الدراسة عادة ، والإضراب استثناء ، لأن ذلك يعني أن الشعب بدأ يعي ما يراد منه قبل أن يريد من غيره  شيئا . والشعب إنما يراد منه أن يكون في مستوى ما يريد . وإرادة الله عز وجل  تكون مع إرادة شعب يعي جيدا ما يراد منه، وإلا أتعبه الله عز وجل فيما يريد ، ولا يكون إلا ما يريد سبحانه .   

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. مواطن
    12/01/2012 at 22:41

    شكرا لك على هذا التناغم النشيط

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *