Home»International»من حق المواطن المغربي أن يعرف السر وراء تأخر تشكيل الحكومة

من حق المواطن المغربي أن يعرف السر وراء تأخر تشكيل الحكومة

0
Shares
PinterestGoogle+

من حق المواطن المغربي أن يعرف السر وراء  تأخر تشكيل الحكومة 

محمد  شركي

أخوف ما يخافه  الشعب المغربي أن تكون عملية الإصلاح السياسي الأخيرة برمتها مجرد مسرحية هزلية من أجل الالتفاف على ظاهرة ما يسمى الربيع العربي  الذي عرف اندلاع ثورات شعبية  سلمية تطالب برحيل الفساد بكل أشكاله ، بعدما ملت مسرحيات صراع الأنظمة العربية الشمولية  مع ما يسمي الإرهاب  إلى جانب قوى العالم الغربي ،الذي يتحمل مسؤولية تسلط الأنظمة الشمولية على رقاب الشعوب العربية المغلوب على أمرها . ولقد تفاءل الشعب المغربي خيرا لما سارع نظامه إلى مبادرات الإصلاح السياسي خلاف أنظمة عربية أخرى راهنت على العنف ضد التظاهرات الشعبية السلمية ، فسقط منها من سقط ، واضطر منها من اضطر لتغيير أسلوب التعامل مع الانتفاضات الشعبية . وارتاح الشعب المغربي  لعملية التوافق مع نظامه بخصوص تغيير الدستور ، الذي تغير بشكل إيجابي قياسا مع كان عليه من قبل  ، مع أنه لم  يف بأحلام الجميع  خصوصا الذين يتخذون مواقف متطرفة يمينا أو يسارا . وارتاح الشعب المغربي لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جاءت مشابهة لما أفرزته انتخابات البلاد العربية التي مرت بمرحلة العنف قبل أن  تصل إلى مرحلة التوافق التي جنبت المغرب العنف ،حيث برزت رغبة الشعوب في تجريب الأحزاب الإسلامية بعدما جربت غيرها من الأحزاب القومية ، واليمينية،واليسارية ،  وأحزاب الأنظمة المطبوخة ، والتي تكرس في فترات قيادتها الفساد بكل أشكاله . والغريب أن يتأخر  مخاض تشكيل حكومة  مغربية برئاسة حزب محسوب على التيار الإسلامي ، وتعسر ولادتها. فالتأخر له دلالتان : الأولى أنه ربما دل على حكمة ،وبعد نظر لأن الأمر يقتضي ذلك من أجل أن يكون الأداء الحكومي مسايرا لرهان الشعب  وملبيا لآماله ، ونأمل أن تكون هذه الدلالة هي سبب تأخر تشكيل الحكومة . أما الدلالة الثانية ـ لا قدر الله ـ أن صراعا خطيرا ،وخفيا يدور في الكواليس بين الأطراف المعنية بتشكيل هذه الحكومة ، وهذه هي المصيبة إن لم تكن الحالقة التي ستحلق  أمل الشعب المغربي . ولقد كثرت التكهنات  ، وستبقى التكهنات مجرد رجم بالغيب إلى أن  يؤكدها الواقع الذي لا يمكن أن يكذب .

ومن المؤسف بل من المحزن أن  تصدق بعض التكهنات من قبيل رفض هذا الاسم أو ذاك  في تشكيل الحكومة ، بناء على تقارير الفسوق الذي قال فيه الله عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ  فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) . والمغاربة يعرفون جيدا  تقارير الفسوق خصوصا الذين كانوا ضحاياها منذ بداية الاستقلال ، وخلال ما يعرف بسنوات الرصاص ، حيث تم خلق جهاز عتيد لتلفيق تقارير الفسوق والكاذبة والباهتة . وكان  على سبيل المثال مجرد  حضور صلاة الصبح ، أو حضور حلقة ذكر ، أو إرسال لحية ، أو لبس عباءة ، أو إلقاء التحية على مشتبه فيه  دينيا ، أو مصافحته  ، أو مصاهرته ، أو مرافقته في سفر ، أو مجرد حمل نفس اللقب أو الاسم  الذي يحمله ….إلى غير ذلك من الأمور من هذا القبيل كافيا  لتسويد  تقارير الفسوق  التي ضربت بسببها أعناق خلق  ، وغيب بسبب خلق كثير في غياهب السجون  ، ونفي بسببها  آخرون ، وعانى من تحقيقاتها في مراكز التحقيق  الرهيبة البؤساء من خلق الله  ، وكان الله بكل شيء عليما. ولقد توسم المغاربة خيرا في العهد الجديد  مع الملك الشاب  الذي جسد مرحلة انفراج  كبير ، وقطع مع عهد تقارير الفسوق القاتلة . ولا يمكن لأصحاب  تقارير الفسوق أن  يستسلموا بسهولة بعدما ارتزقوا بها لعقود ، وأرهبوا بها العباد ، وأكثروا في البلاد الفساد ، وكان لهم الله عز وجل بالمرصاد. وقبيح بمغرب يستشرف آمال المستقبل أن  تكون تقارير الفسوق هي السبب وراء تعثر تشكيل حكومة ينتظر منها الكثير .  فإذا ما ظل المغرب  كما كان  تعتمد فيه تقارير الفسوق  ، ويحاكم في الناس من خلال  هيئاتهم ، وأحوالهم الشخصية ، وقناعاتهم  الفكرية …. إلخ دون  النظر إلى كفاءاتهم ، ومواطنتهم  ، وحقوقهم ،  فسلام على المغرب في الغابرين .

ولعل المحك الصحيح الذي توزن به التجربة المغربية الديمقراطية هو أن يصل  حتى من كانت تقارير الفسوق تصنفه ضمن  لوائحها السوداء . فطالما  ظل الناس  يحرمون من  تقلد  المسؤوليات في بلادنا  اعتمادا على  تقارير الفسوق ، فلن تقوم للمغرب قائمة أبدا .  وتقارير الفسوق لن تكون أكثر من وشايات كاذبة مغرضة من داخل الوطن أو من خارجه ، وهو ما يفوت الخير على الوطن ،لأنه رب مكروه  يجعل الله فيه خيرا كثيرا ، ورب محبوب يكون فيه شر مستطير . وإذا ما تأكد فسوق  المسؤولين عن تقارير الفسوق  ، فلا ينتظر منها إلا الشر المستطير . وأخيرا نأمل أن يكون تأخر تشكيل الحكومة  بسبب روية وبعد نظر ، وحكمة  ، لا بسبب عراقيل تقارير الفسوق . ونأمل أن تنجح التجربة الإصلاحية المغربية لتكون نموذجا يحتذى في الوطن العربي ، وغير العربي . أما ـ لا قدر الله ـ إن كان الأمر لا يعدو مجرد مسرحية  للالتفاف على آمال الشعب ، فإن الحالقة  حالة بنا لا محالة ، ولا يعلم حجمها إلا الله عز وجل ، ونسأل الله العافية منها  ، وأن يجعل الموت راحة لنا  إذا ما حلت بنا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. المكي قاسمي
    01/01/2012 at 15:20

    نجاح التجربة الحكومية الجديدة متوقف ليس على العدالة والتنمية لوحده، بل على كل أحزاب التحالف الحكومي، وبالخصوص حزب الاستقلال الذي وبحكم نتائج التشريعيات له الوزن الأثقل الثاني في التسيير الحكومي.إلا أن هناك جوانب في مواقف هذا الحزب خلال صيرورة التشكيل الحكومي تثير حقا الانتباه وليست ذات طبيعة مطمئنة. سأكتفي بجانب واحد لتوضيح الأمر.فكيف لحزب تشكل، رسميا، في أربعينيات القرن الماضي وكون المئات من الأطر الكفؤة، إن من حيث مستوى التحصيل الأكاديمي أو الخبرة الميدانية المراكمة، أن ينتهي به الأمر إلى اقتراح أسماء للاستوزار ليست فقط مغمورة، ولكن، وأهم وأخطر من ذلكـ، واضح أن أصحابها، ومع احترامنا لهم ومن اقترحهم، لا يتوفرون حتى على ذاك الحد الأدنى الحيوي لتحمل مسئوليات حكومية، وفي ظرفية يعلم الجميع مدى حساسيتها بالنسبة لمستقبل المغرب. فهل افتقر حزب الاستقلال إلى الأطر إلى حد أرغمه، مثلا، على اقتراح اسم ليس لصاحبه مستوى الباكلوريا، ولا تجربة تدبيرية له على مستوى الشأن العام؟ هل كان فعلا ضروريا للحزب أن يقترح اسما أخر غير ذاك الذي لا يتقن صاحبه أية لغة خارج لغته الأم،وفي زمن ميزته العولمة؟أكتفي بالمثالين المطروحين لأقول لمن، لربما، لا رغبة حقيقية لديه لنجاح التجربة الحكومية الجديدة: هذا من حقك في آخر المطاف. لكن وبالمقابل، حتما من حق الشعب المغربي عليك أن تتواجد في المعارضة، وليس في الحكومة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *