Home»International»وإن لكم في الإسكافي اليهودي لعبرة

وإن لكم في الإسكافي اليهودي لعبرة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

درج في عرفنا التقليدي , أن الإسكافي إنسان فقير بسيط بساطة حرفته ,لا يملك سوى القناعة بالنزر القليل .فكلما تحدثنا عن حالة الفقر وقلة ذات اليد , استحضرنا الإسكافي كنموذج وضربنابه الأمثال , وجيلنا يحفظ عن ظهر قلب  قصة الأسكافي والغني لأحمد بوكماخ , المنشورة  في الكتاب المدرسي إقرأ, والتي تحمل دلالات إديلوجية تكرس لواقع طبقي ظالم, يؤمن بالتمييز الطبقي على أساس المال والحرفة والعرق {اتبع حرفة بوك لايغلبوك }. كما يقول المثل الشعبي المغربي . إن إسكافي أحمد بوكماخ وأمثاله لا يجدون السعادة والهناء والطمأنينة إلا في الفقر. لأنه قدرهم المحتوم والرضى به واجب .خلافا لما هو وارد في تراثنا الثقافي( إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ,واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) تنسب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ) (و لو كان الفقر رجلا لقتلته .) كماهو منسوب للإمام علي رضي الله عنه, وخلافا لما أمر به ديننا الحنيف, كما هو واضح من دعاء  رسولنا محمد  صلى الله عليه وسلم :( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال )

صحيح أن  نص الإسكافي والغني  يحمل دلالات إيديولوجية ,تكرس لواقع طبقي معين ويضمر خلفه الدعوة إلى تشبث كل طبقة بقدرها .كما يدعو إلى التطبيع مع الفقروالإيمان  بالتراتبية على أساس المال ,وإلا فأي سعادة في الجوع والفقر, وقد استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما فقال :(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ,وَأَعُوذُ بِكَ مِن الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ )وفي حديث آخر قال : (اللهم  …..إني َأَعُوذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ). .ومع ذلك ,فكلنا يستحظر التأثر والوقع الذي تركه في نفوسنا ونحن أطفالا , إسكافي أحمد بوكماخ « إلى درجة أن كل واحد منا كان يتمنى أنه هو الإسكافي  » ,الذي لم يكن ممن يعدون رزقهم بالسنة. بل يعيش كل يوم كما  يسر الله له ، لا يحمل في يومه هم غده , إلا ما كان من هم البطن . ليس له مشروع هادف في حياته, لايحمل هم أمته وصراعها مع الفقروالجهل والمرض والاستعمار …. على خلاف الإسكافي اليهودي الوجدي الذي عرفته منذ ثمان وثلاثين سنة ,والذي كان واعيا بانتمائه على أساس العقيدة لأمته , متمردا على واقعه  كمواطن مغربي بحكم شهادة الميلاد .  جوهر الصراع عنده ليس بين الفقر والغنى ,لا يهمه الصراع الطبقي ولا التراتب الاجتماعي على أي اساس كان , وإنما جوهرالصراع عنده  بين الانتماء لدينه وأمته اليهودية أو لوطنه المغرب ,الذي لا يربطه به إلا مكان الولادة .السعادة عنده ليست في المال بذاته ولذاته , ولا في الرضى بما يسر الله له من رزق ,وإنما في حمل هم بناء كيان أمته اليهودية وتأمين سبل العودة إلى أرض الميعاد المزعومة , في إطارالمشروع الصهيوني لتوطين اليهود في فلسطين .

لم يبق  في سنة 1974 من اليهود ي بمدينة وجدة  إلا بعض الأسر, لأن جلهم هاجر أثناء وبعد حرب 1967 من بينهم : واحدة كانت تقطن فوق مبنى الساتيام وإثنان بشارع الرباط , ورابعة  بطريق المازوزي ,وخامسة  بالقرب من مقبرة النصارى . لهم بيعة يجتمعون بها للصلاة ولمآرب أخرى مقابل مقى المولودية الحالية . كانوا متماسكين يعملون كلهم من أجل المحافظة على الكيان الصهيوني ودعمه كل من موقعه , فموريس الحلاق وأخته ينشران  الفاحشة ويقومان بها , كما يهربان أبناء الزنى إلى مليلية المحتلة , ومن ثم إلى إسرائيل لتقوي بهم جيشها ,وعجوز  درب المزوزي تشتغل بالشعوذة لتطبيب المرضى وخاصة منهم الأطفال …أما الإسكافي اليهودي الوجدي, فقد كان له دكان لا تتعدى مساحته المتر والنصف في دهليز, لا يبعد كثيرا عن القباضة التي كانت تعرف يومها بقباضة وجدة المدينة ,كان يجلس القرفصاء بباب الدهليز ويراقب أرجل المارة ,وكلما رأى حذاء يحتاج إلى الإصلاح ,أو التلميع عرض على صاحبه  خدماته .هل تصلح حذاءك ياسيدي ؟ هل تلمع هذا الحذاء الجميل ياسيدي ؟وأكثر الناس لا يعبؤون به ولا يردون عليه ,وقليل منهم يقول : لا .وهو لايكل ولا يمل من ترديد نفس الكلمات ( هل تصلح ؟ هل تلمع ؟ هل ترقع ياسيدي ؟)

خرجت يوما كعادتي من قباضة وجدة المدينة ,التي كنت أشتغل بها آن ذاك قاصدا بيتي ,فإذا بالإسكافي كعادته يعرض علي إصلاح حذائي ,والحقيقة أنه كان يحتاج إلى ذلك الإصلاح ,فوافقت بدون تردد ,وأتبعته إلى دكانه الضيق الذي لايتسع إلا له ولسندانه ,قدم لي كرسيا صنعه من بقايا الكرطون المستعمل لأجلس بباب الدكان ,ريثما ينهي عملية الأصلاح .وبعد أن أنهى عمله قلت له كم أدفع لك ؟ قال درهما . أخرجت الدرهم وسلمته إليه شاكرا صنع عمله ,فإذا بالرجل يضع ثمانين سنتيما في جيبه ,وعشرين سنتيما في علبة سردين قديمة بجانبه .تعجبت , ثم فهمت ,أن العشرين بالمائة هي ضريبة يفرضها الكيان الصهيوني على كل يهودي العالم .

إن ضيق الحالة وقلة ذات اليد, لم تثن الإسكافي اليهودي  ومعه عذر حال الفقر , من بذل العشرين بالمائة من دخله ولا التهرب من أدائها ,من أجل  أرض الميعاد . ياللعجب , وهو اليهودي الذي يتقن صناعة اختلاس المال وجمعه , والحرس عليه والمتفقه في عبادة العجل , وهوالبعيد والمحمي في أرض المغرب , كمواطن مغربي له جميع الحقوق وزيادة …

بدون  شك كان الإسكافي اليهودي الوجدي وهويصلح حذائي ,يرفع دعواته إلى السماء ليلتحق بأرض الميعاد ,كلما غرز مسمارا في حذائي  بمطرقة ,ويفكر في الالتحاق بيعقوب ابو حصيرة , ذلك الاسكافي اليهودي المغربي  المدفون في محافظة البحيرة ,والذي كتب على قبره الذي أصبح مزارا ليهود العالم »هنا يرقد رجل صالح جاء من المغرب عائدا الى التراب.

لقد آثرت أن أذكر هذه القصة , رغم بساطتها وطرافتها , وبعد أن مرعليها ثمانة وثلاثون عاما,لمافيها من عظة و عبرعميقة , ودروس بليغة , ودلالات على عمق الصراع بيننا وبين بني صهيون بسبب العقيدة والدين .ولعلها تبعث فينا همة   رجال خلد ذكرهم القرآن الكريم  ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً إلا يجدوا ما ينفقون ) سورة التوبة (92آية .

فكم نخصص نحن لقدسنا ؟ولقضية فلسطيننا؟ ولحماية ديننا ؟ فلا نكون أقل همة ولا أقل نصرة لعقيدتنا ولقدسنا من نصرة  الأسكافي اليهودي  لعقيداته اليهودية ….

بقلم عمر حيمري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.