Home»International»الأنفلوانزا القادمة

الأنفلوانزا القادمة

0
Shares
PinterestGoogle+

   أصبح الانسان هذه السنوات الأخيرة كذلك الوعاء الفارغ الذي يتم ضخه يوما بعد يوم بجرعات مستمدة من روح الإنقياد،   وكميات كبيرة على طاقة الوعاء نفسه من المعلومات  التضليلية، عبر أجهزة الإعلام المكتوبة والمرئية والإلكترونية..فالإعلام العالمي في حقيقة الأمر إعلام قهري استبدادي يركز على الإنسان كموضوع، جامد لتصريف إيديولجيته و مخططاته الإقتصادية والسياسية والإجتماعية..إذ  لا يمت للشعوب بصلة مادام  يخدم أجندات  في الكواليس مطبوخة بعناية فائقة..

  إن شبكة الإتصالات العالمية سرعت من حركية العالم ولم تتركه على طبيعته البطيئة ..وجعلت الإنسان الموضوع كأيقونة  ورمز بخس لرسالتها ..يتحرك بالكونطرول الذي  يوجهه غصبا لحقائق لا توجد إلا في الأوهام، ولعل المثقفين الغربيين من ذوي الضمائر الحية استفطنوا لتضليلات الإعلام المتكررة وذلك عن طريق الملاحظة والتجربة والإستنتاج ، من خلال نماذج بعض الدول قبل الحرب الإعلامية والعسكرية وما بعدها…فقد لقي شريط على موقع اليوتيوب متابعة كبيرة  وهو  مسجل من إحدى القنوات الفضائية يفضح فيه صحافي فرنسي حقيقة الغرب وتفسيرهم  للعربي الجيد والعربي السئ بمقاسهم طبعا…وهنا يسوق مثالا حيا لذلك ….(( ذهبت إلى العراق لأدرس تأثيرات القنابل التي رميتموها على المدنيين ، أتذكر أنه في العراق كان هناك أشياء كثيرة لم تكن على مايرام  لكن كان هناك تعليم وصحة ممتازة ..ورأيت نساء في الوزارات ، مدراء على الرجال…ويستدرك متسائلا هل  هذه الدول التي قصفتها أوروبا  والولايات المتحدة الأمريكية في حالة جيدة الآن ..طبعا لا فقد انتقلت إلى الأسوء؟؟  العراق تخلص من الأمية في الثمانينات، الآن تصل نسبة الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة إلى 40في المئة ولديكم01 من كل 06 أمي ..وفي إطار حديثه عن  هذا التضليل الإعلامي  يقول: عندما هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية  فيتنام ، قالت حينها أن الفيتناميين هجموا على سفينتهم  وتبين  فيما بعد أن ذلك كذب…وعندما تم غزو العراق زعمت الدول الغربية بأن هذا البلد يتوفر على أسلحة الدمار الشامل وصدام متواطئ مع  تنظيم القاعدة وتبين بعد ذلك  كذب هذه الإدعاءات ونفس الشيء بالنسبة لأفغانستان ودول أخرى……))

لقد شهد شهود من أهلها لذلك لم هذه التبعية المطلقة و التطبيق الأعمى للرسائل الملغومة يوميا؟؟ 

 مع حلول شتاء هذه السنة وتوالي العطس ونوبات الحمى بنوعيها الباردة والساخنة والأنفلوانزا الإعتيادية في مثل هذه التقلبات المناخية  ، قد يباعثنا الغرب بفزاعة جديدة تحمل إسم أنفلوانزا الذئاب مادامت الأبقار والطيور والخنازير  قد تم استهلاكها في وصفات مربحة سابقا..لأنهم هم من يكتشفون الداء والدواء على حد سواء…ليعيدو الدفئ والسيولة المالية إلى شركات التصنيع الأمريكية كشركة هوفمان لاروش وجلعاد.. ويعيدون  لدونالد رامسفيلد  و عقاره التامفلو الباهض الثمن ، الذي انتهت صلاحيته خرجة أخرى من خلال هذه الذئاب البشرية..وبالتالي  ضخ المزيد من الأموال في الإقتصاديات الغربية المتهالكة لأنها  في ظاهر الأمر تعاني من الآثار الإفتراضية لأمراضها الشهيرة كالجمرة الخبيثة والحمى القلاعية والسارس…

 

  هذه الأنفلوانزا وحمى الشوارع ، انتقلت إلى شوارع أمريكا والدول الاوربية كاليونان ،إسبانيا، فرنسا إيطاليا ….فأطاحت بزعماء  على غرار بنعلي ومبارك والقذافي.. لكن الفرق أنهم أكثر ديموقراطية.. كرئيس الوزراء اليوناني(( غيورغيوس باباندريو)) وحكومته..  وبلغت هذه الحرارة أقصى درجاتها بسقوط الرجل القوي في إيطاليا سيلفيو برلسكوني ، أما في فرنسا البلد الذي كان إلى وقت قريب حصنا منيعا في وجه الأزمة الإقتصادية العالمية فقد عملت الحكومة على تجميد رواتب الرئيس نيكولا ساركوزي وكل وزراء الحكومة، وذلك في إطار خطة شاملة تهدف  إلى تقليص ميزانية الدولة وتطبيق فعلي لسياسة التقشف الليبرالي …هذا إلى جانب ظهور حركات احتجاجية على غرار الربيع العربي  كما وقع في عدة مدن  بريطانية و خروج الأمريكيين إلى الشوارع في إطار حركة  احتلوا وول ستريت.. وقد نشأت هذه الفكرة انطلاقا من مواقع التواصل الإجتماعي تويتر والفيس بوك  وهي تدعو إلى احتلال بورصة وول ستريت  بلوس أنجلس لكونها تلخص رمزا للإحتكار الذي تمارسه شركات المال والأعمال  الكبرى  …فهذه الحمى الآخذة في الإنتشار هي دليل  على معاناة السكان من البطالة وارتفاع تكاليف العيش ،في المقابل تغتني النخب المالية بطريقة وحشية..وأمام  كل هذه  المعاناة والمشاكل الإقتصادية والإجتماعية  يقوم الغرب بلعبته القديمة في تصريف الأزمة خارجيا وتمويه الصراع  والتدخل في شؤون دول إسلامية، لأنه أولا وأخيرا يبحث عن مصالحه الإقتصادية….مستعملا  أجهزته الإعلامية المتطورة وأبواقه التي تبرمج العقول وتتحكم في  مسارات وميولات الأفراد…فحري به البحث عن حلول لأزماته لا النظر في أزمات الغير؟؟

  إن المصل الحقيقي للأنفلوانزا القادمة ،هو  فهم ماوراء سطور هذا الإعلام الذكي ..لا دفن رؤوسنا في الرمال وتمزيق الجرائد والمجلات وتعطيل الأجهزة الإلكترونية وخدمات النت، التي نستقبل بها كل ثانية معلومات جديدة ،إذ بإمكاننا تعزيز إيجابيات هذه الوسائل  بإنماء  الإستخدام الواعي والمسؤول للتقنيات المتوفرة والتدقيق في عيوب غيرنا التي لا تعد ولا تحصى  .. حيث تبدو واجهته الجميلة آخذة في الذبول والتساقط بشكل متسارع….

محمد بوعلالة

BOUALLALA7@GMAIL.COM

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *