Home»International»سورة الفتح وبلاغة تكسير قاعدة الغلبة للقوي

سورة الفتح وبلاغة تكسير قاعدة الغلبة للقوي

0
Shares
PinterestGoogle+

تتميز سورة الفتح العظيمة المرتبة في المرتبة 48 في المصحف الشريف والتي يبلغ تعداد آياتها 29 آية و560 كلمة و2456 حرفا بالوجود النصي للمصطفى /ص/ داخل فهرسة المعاني  القرآنية للسورة الكريمة أو بين ثنايا الخطاب القرآني  الموجه لشخص النبي /ص/  أوالخطاب النبوي  المكلف  بالتبليغ في السور المتجاورة في إطار بلاغة السابق واللاحق. ففي السورة السابقة تسمت السورة  باسم محمد /ص/ وذكر فيها  اسم محمد /ص/ بشكل صريح مرة واحدة وتردد لفظ الرسول/ ص/ مرتين وقصد النبي /ص/ بالخطاب بواسطة  الضمير المباشر في أربعة مواضع كما مهد لسياق الفتح بتحريض المؤمنين من أهل الجنة على قتال الكفار من أهل النار  والاستبسال في نزالهم.أما في السورة اللاحقة سورة الحجرات فحضور شخص الرسول /ص/ مؤكد بتعزيز مكانته بين المؤمنين من خلال الالتزام بقواعد التأدب مع الرسول /ص/ كما تردد لفظ الرسول /ص/ ست مرات وتوجه الخطاب المباشر لشخصه في موضعين ووطئ لسياق الفتح بالتذكير بمبدأين مبدأ طاعة الرسول الأكرم  ومبدأ نزوع الإسلام نحو السلم  وإصلاح ذات البين. هذا وتقارب سورة الفتح العظيمة  مفهوم الفتح  من داخل النص القرآني مع إحالة أساسية على سورة الأنفال لتأطير ه ضمن علاقة  تربطه بمكة المكرمة عبر خيط ناظم  من المعاني يهم دلالات   الدخول الناشر للإسلام في  المكان و تطهير المكان و التأييد الإلاهي للمجاهدين لفتح المكان  والنصر المادي والمعنوي للسيطرة على المكان وإقامة شرع الله في المكان … كما تتناول مفهوم الإرهاب الذي تصوغه   منظومة الزمان المتفرعة عن  زمان التهييئ الرادع    وزمان التدخل المقيم للعدل وزمان الحسم لفرض السيادة الإسلامية  وتوسيع هامش التعايش وتحرر مضمونه شبكة القيم   الموطدة لقيمة الرجوع إلى الفطرة وقيمة الصلاحية للإسلام  وقيمة  السلم وقيمة الصلح وقيمة  التسامح  … بيد أن مساقات سورة الفتح العظيمة  تطرح قضايا أساسية ترفع من درجة الإعجاز البياني ومن مستويات البلاغة القرآنية  من قبيل الفتح و بيعة الرضوان أثناء صلح الحديبية ، والجهاد بتبعاته الجزائية والعقابية، والإرهاب، والأماكن المقدسة…  التي تشترك جميعها في صياغة موضوع القيمة للخطاب القرآني لسورة الفتح : » سيادة الإسلام كدين لله وارتباطه بالمجتمع الإنساني الإسلامي و ارتهان نصر المولى  للمؤمنين الفاتحين بالامتثال لشرعه والتقرب منه بشتى الطاعات »

هذا وتعرض السورة العظيمة  مفهوم الفتح في الإسلام من خلال دال التحاور والاتساق على قاعدة مرجعية التجاور بين الفتح والنصر الإلهي ومرجعية الارتهان بين الفتح والمغفرة ومرجعية الاختبار بين الفتح والإيمان. إذا كان النص القرآني يحرر إعجازه من داخله و إعجازه لاينتهي فإن الآية النصية  المؤشرة على تساوي أضلاع  المثلث المفاهيمي الإسلامي : الفتح والجهاد والإرهاب تعد هي المتحكمة في منطق  بيان الخطاب القرآني. فالفتح مرتبط بالجهاد في سبيل الله، وهو مشروط بحالات التسويغ المقيدة باعتداء الكفار على المؤمنين كما وقع للرسول /ص/ وجماعة المسلمين الذين أرغموا على ترك ديارهم وأرزاقهم وأهلهم من طرف أشراف قريش أو بمنع الملأ المكي  للمسلمين من نشر الإسلام وتوسيع خطاب تعميم الدعوة ليشمل  كل أطراف شبه الجزيرة العربية والانتقال بها من  السر إلى الجهر. والجهاد في الإسلام أيضا  يعني مقاتلة الكفار بالسيف أو بتمويل الغزوات والسرايا والفتوحات بالمال كما يعني تطهير النفس  وزجرها وضبطها وتزكيتها لتكون ممتثلة لشرع الله و تخرج من دائرة النفس الأمارة بالسوء أو اللوامة إلى دائرة النفس المطمئنة بل قد يعني كذلك  المحاربة بالقلم والفكر في مجالات الدعوة والمناظرة والإعلام…والجهاد في الدين الإسلامي  فرض عين عندما تتعرض بلاد المسلمين للاعتداء و هو فرض كفاية يشمل القادرين على القتال لما يتعلق الأمر بنشر الإسلام خارج بلادهم . هذا ويعرض داخل النص لسورة الفتح مفهوم الجهاد  عرضا مفحما وداحضا لتصورات الغر ب الخاطئة و بشكل مواز مع  مفهوم الإرهاب الذي يعني فيما يعنيه الاستعداد الجيد للعدو عددا وعدة فالرسول الأكرم استعد لمعركة الفتح الأعظم  طويلا بعدما خاض وأصحابه رضوان الله عليهم تجربة الهجرة- التي كانت تلبية لأمر إلهي-  بكل ما تمثله  من تضحية وانتصار للدعوة الفتية  وما تحمله من قساوة الفراق وصعوبة  الرحلة ومخاطر الطريق

. ويكشف منجز الرسول/ ص/ في المدينة المنورة بعضا من هذا التهييئ بدءا من بناء المسجد النبوي لهدم قواعد الشرك وتوطيد دعائم التوحيد وتأسيس الدولة القوية  ومرورا بإحداث القطيعة مع ممارسات العهد الجاهلي البائد من نبذ للوأد ونسف لمبررات الأخذ بالثأر وتحريم الربا ووضع منظومة القيم الإسلامية  وانتهاء بتقويض نظام القبيلة وإرساء نظام الأمة وفق منظور المجتمع الإنساني الإسلامي. ورغم أن الله وعد نبيه الكريم بكف أيدي الكفار عن القتال فإن الرسول الأكرم جهز جيشا عظيما ومنظما ومقسما إلى كتائب وألوية  يقودها قادة كبار ومحنكون يأتمرون  بخطط  حربية فعالة تحسن تدبير المكان وتصريف الزمان وتتحكم في إدارة المعارك على كل الواجهات  في أفق تطويق المدينة المقدسة من كل مداخلها… ولعل في هذا الاستعداد نوعا من الإرهاب بالمفهوم القرآني الذي    تجليه الإحالة على سورة الأنفال الآية59  : » وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم  لاتعلموهم  الله يعلمهم  » ومنطق الآية الكريمة يكشف  عن مفهوم متقدم في مجال التحليل الاستراتيجي الحربي فالقوة باعتبارها إعداد العدة والعدد لكف العدو عن الاعتداء  وترهيبه عن المباغتة أو المبادرة بالحرب  من خلال تخويفه بالتحضيرات البشرية واللوجستية   لها صورتان صورة تجسدت في فتح مكة الذي كان من دون سلاح ولا إراقة دماء  وبما يليق بقدسية المكان الذي يشكل مركز  الهداية والبركة  في الإسلام  بموقعه وسط الكرة الأرضية  بمقاييس كمال هندسة المستوى ودقة معيار  النسبة الذهبية المقدرة ب1.618 بشكل يتناغم مع الآية 96 من سورة آل عمران التي انفردت بذكر اسم مكة المكرمة  عن سائر الخطاب القرآني  والتي تتضمن 47 حرفا إذا قسمناه على النسبة الذهبية 1.618  حصلنا على رقم 29 الذي يمثل  عدد الحروف التي تسبق كلمة مكة المكرمة  في الآية الكريمة المشار إليها  وبما يكفل الحرمة والأمن والأمان لأم القرى التي حماها الله –دائما- من غزو أبرهة ومن كل اعتداء وحرسها بعنايته من كل طارئ أو مكروه بل أمنها  مثلا لا حصرا بارتفاع درجة حرارتها الباطنية من كل  زلزال أو بركان أو كارثة طبيعية وما خفي عن هذه المدينة المقدسة أعظم …

 و صورة اللين هذه  هي الصورة المهيمنة على موضوعة الفتح في أغلب الفتوحات الإسلامية التي عمت معظم أرجاء المعمورة من حيث المبدأ. أما الصورة الثانية فهي صورة القوة المتمظهرة في العنف واستعمال السلاح كما حدث في غزوات بدر وأحد وحنين وغيرها… حيث اضطر الرسول الأكرم لقتال المشركين لاعتدائهم على المسلمين وانتهاكهم لحرمة الإسلام وفي هذه المعارك يتكسر المنطق العسكري  : الغلبة للقوي الذي تقره الدراسات الحربية الإستراتيجية والحسابات التكتيكية التقليدية والحديثة. فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله لأنها مؤمنة وتنتصر للحق  وكان جهادها من أجل جعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى . وفي المقابل كم من فئة كثيرة عددا وعدة  كانت منتصرة ثم انهزمت لأن جهادها كان من أجل المغنم أو الصيت أ والعجب بالنفس . فالجهاد في الإسلام إذن  مرتبط بالإرهاب باعتباره استعدادا للعدو وبالامتثال لأمر الله والتقرب إليه بشتى أنواع الطاعات لذلك ترهن السورة الكريمة الفتح بالمغفرة. فما كان الله ليوفق رسوله الكريم وأصحابه رضوان الله عليهم وجماعة المسلمين لفتح مكة سلميا وتطهيرها من الشرك  لولا رجوعهم إلى الله وأوبتهم إليه للاستمداد  وطلب المغفرة والصفح منه سبحانه . فالقرب و التوبة  من الخطايا والتسامي عن  النزعات الدنيوية هي مفاتيح التوفيق الإلاهي  لفتح مكة المكرمة أقدس مكان على الأرض فيه بيت الله الحرام الموصول ببيته المعمور ومقام  إبراهيم ومسقط رأس المصطفى /ص/ وهي نفسها مفاتيح فتح القدس الشريف –اليوم- وتطهير أقداسه من الخبث الصهيوني. فما على الإخوة في فلسطين إلا الأوبة إلى الله جميعا وتحكيم شرع الله ورأب الصدع و لأم الصف والنأي بالجسد الفلسطيني عن النظام الديمقراطي الغربي المغشوش  المستغرق  في الإيهام  بربح رهانات المستقبل وتطمين الشعوب  بالتأمين و التنمية بالمديونية وتحرير الإنسان بإشاعة ثقافة حقوق تكيل بمكاييل…وهو في العمق يستبطن داخله  العلمانية والإلحاد ويطفئ جذوة الانتماء إلى الإسلام ويضاعف من إذكاء التقاعس عن الإخلاص في الدين ويكرس التفرقة والتمييز والتشرذم .. .

 من هنا وجب على الفلسطينيين الاحتكام إلى مفهوم الجهاد  في الإسلام في ارتباطه بدال الإرهاب كما ورد في القرآن و الذي يحتفي بفعل  التخطيط  للعدو ويهيئ العدة والعدد له  وينبذ الصراع حول السلطة الموهومة والتهافت على الثروة المستخلصة من المساعدات الإنسانية أومن حركية القوة العاملة في الاقتصاد الفلسطيني ويحول المواجهة إلى صراع ديني وإلى قضية وجود لاصراع حدود شعاره إعلاء كلمة الله ومن ثم يتحقق الفتح الإلالهي إن شاء الله للقدس الشريف ولسائر أرض فلسطين المباركة  اختبارا لدرجة إيمان الفاتحين ومحكا لصدق إخلاصهم في التعاطي مع قضيتهم ذات البعدين  الإسلامي والوطني معا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *