Home»National»حول مفهوم الوطنية

حول مفهوم الوطنية

1
Shares
PinterestGoogle+

إذا  كان  أجدادنا  قدموا  أرواحهم  فداء  للوطن  وفي  سبيل  نيله  حريته  وكرامته  في  ظرفية كانت  الشجاعة فيها  عملة لا  تقدر  بثمن وكان  هذا الوطن في حاجة  إلى  أبنائه  المخلصين فإن ذلك بمثابة درس  بليغ  في  الوطنية،وهل  يمتلك الإنسان  شيئا أغلى  يمكنه  التضحية  به  أكثر  من  حياته؟  إن حب  الوطن هي  تلك  الرابطة العاطفية القوية التي  تجعل  المواطن  في ارتباط  شديد  معه  يفرح  لأفراحه  ويحزن لأتراحه ،ويشعر أنه  مستهدف في ذاته   كلما  تعرض  الوطن إلى تهديدات أو تحرشات  الأعداء.إنه  أكبر بكثير من مجرد رموز نرفعها وشعارات  نرددها تزيينا  وتزويقا لخطاباتنا واجتماعاتنا  …ولجاذبيته  وقدرته  على  سلب  مشاعر  الناس  ووجدانهم  فهو غالبا  ما  يجعل  منه  قناعا لستر وإخفاء  كل  الممارسات  الخادشة للحس  الوطني ،ولقضاء  المارب الشخصية  …
الأحزاب :إن كانت الأحزاب  السياسية لا  تكف  عن  التبجح بالوطنية بل  استعملت  هذا  المصطلح لدرجة الإستنزاف ،بينما هي في  الواقع  تشكل  أكبر  عائق يحول  دون  سير هذا  الوطن إلى  الأمام  وارتقائه  مدارج  التقدم …المتتبع للشأن الحزبي  المغربي  يقتنع بما  لا  يدع مجالا  للشك  أن العقلية الحزبية تعاكس مصلحة الوطن ،أن  الأحزاب  في  واد  والوطن  وهمومه  في  واد  اخر .حتى  -في نظر المواطن البسيط الحزب ليس  أكثر  من كائن معفون إنتهازي لا يفكر في المواطن إلا  في  الموسم الإنتخابي ولا  ينظر إليه حينها  إلا كصوت إنتخابي يجب استغلاله .إذا كان الحزب في  الأصل  إطارا لتعبئة  المواطن وتثقيفه وجعله  مساهما  و مشاركا في  الحياة السياسية وفي خدمة الوطن ،  فإنه في  عرف  المغاربة  ليس  للأسف  سوى مجالا  تمارس  فيه  شتى أصناف  الشعوذة  السياسية ،لا تتقيد أبدا  بما  ترفعه  من  شعارات  ولا  تحكمها في  الواقع  أخلاق ولا  قوانين  بل أجندات سرية ترسم   في الكواليس .

داخل  النقابات  الأمر  ليس  بأفضل حال من الأحزاب فهناك  قناعات  بعدم جدواها داخل أوساط العمال وحاجتها الملحة  إلى  إصلاح  بنيوي، وكلنا شاهدنا  إبان الحراك  الإجتماعي  والعمالي  الأخير  ظاهرة الترحال الجماعي نحو التنسيقيات  …
مظاهر  اللاوطنية   تكتسح جل  مظاهر  حياتنا الإجتماعية  وكادت  تصبح داء يتعذر  استئصاله .وهي  تأخذ  أشكالا  متعددة ، يتهاون الموظف مثلا عن  أداء  واجبه  أو يأخذ مقابلا عوض   خدمة يؤديها رغم أن القانون  يجبره على  أدائها  مجانا ورغم ذلك يتفنن  في  تبرير  وتذريع  سلوكاته …حين  تستخف  بالقانون  وتضرب  عرض الحائط  القيم والأخلاق  الإجتماعية  كأن تتجاوز حريتك لتؤذي  الاخرين  أو تستغل غياب  المراقبة لخرق  القانون كعدم التوقف  عند اشتعال  الضوء الأحمر مثلا  مستغلا  غياب  الشرطي   الخ…
حب الوطن  إذن هو أن  يكرس الإنسان  حياته  وجهده  من  أجل خدمته وينخرط في  مشروع  نمائه ، ويجتنب ما  يمكن  أن يرسم  عنه  صورة  سلبية ،إنه إذن ممارسة وتطبيق أكثر مما  هو كلاما  وشعارات …
شيء  جميل أن  يموت  الإنسان من  أجل  وطنه ، ولا شيء  أجمل أن  يحيى من  أجله كما تقول أحد  الأمثال الأوروبية . وليس  هناك  ما  هو أبشع  وأخبث  من  أن  يأتي  المرء بتلك السلوكات  الدنيئة التي تضرب  الوطنية في  الصميم والتي بدل أن  تجعل منه  إبن  الوطن  البار يصبح  عدوه  الأول .نحتاج  اليوم مواطنين يعيشون  من  أجل  وطنهم  لا  على  حسابه ،فكل الدلائل تشير  إلى  وجود أزمة عميقة في  قيم  المواطنة تؤكد  بعض  مظاهرها تقارير وخلاصات منظمات وهيئات  أجنبية .
من  المسؤول  عن  هذا  الوضع؟كمدرس  أرى  أن  المدرسة  تتحمل قسطها المهم من  المسؤولية ،فمنظومة القيم  في منهاجنا  الدراسي تعاني من عدم  وجود رؤية واضحة لتدريس  القيم .وجل  ما نفعله هو  اختزال هذه القيم  في شكل  معارف ،علما  أن  لا  قيمة لها في  هذه  الحالة لأن  الغرض  من القيم هو »تأطير « سلوك  المتعلم وجعله يتوافق  معها .
التلميذ  يتعلم  بشكل أفضل خارج المدرسة وفي  السياقات  الغير  المنظمة ،وتأثير  المؤسسات  التربوية الأخرى  التي يقبل  عليها بمحض إرادته  ويتفاعل  معها  بكل  جوارحه ،أكبر  بكثير  مما  يتلقاه  في  المدرسة .
هذا  معناه  ألا ننتظر  من  المدرسة معجزات حتى لو امتلكت أفضل البرامج والمناهج ،لأن  التربية  هم الجميع وتحتاج  إلى  تنسيق  وتظافر جهود كل الفعاليات  والحساسيات :سياسيين (يجب  أو  يعطوا  النموذج)،جمعويين  ،اباء،وسائل  الإعلام ..الخ

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Hello
    29/12/2014 at 06:13

    فقط اريد معرفة من هو كاتب هذا المقال الأكثر من رائع والذي يعطينا دروساً في الوطنية
    أقول لها او له لا تربت يداك ولا فض فوك

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *