Home»International»فظاظة المشتغلين بالدعوة إلى الله عز وجل دليل على فشل منهجيتهم وأساليبهم

فظاظة المشتغلين بالدعوة إلى الله عز وجل دليل على فشل منهجيتهم وأساليبهم

0
Shares
PinterestGoogle+

لا يكاد كلام داعية من الدعاة إلى الله عز وجل يخلو من ترديد قوله تعالى: ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) أو قوله تعالى : (( اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)) وكثير من هؤلاء الدعاة لا تغادرهم فظاظتهم وغلظتهم ، ولا يعرفون شيئا اسمه القول اللين ، بل أشداء على الناس كافرهم ومؤمنهم سمتهم العبوس والتجهم ، ويحيطون أنفسهم بهالة وهمية من التقديس بحيث يتصرفون ويتكلمون وكأنهم قد اطلعوا على اللوح المحفوظ وكشفت لهم حجب الغيب فرأوا أنفسهم من المقربين ومن المقبولين ومن الأطهار المقدسين ، وغيرهم من المدنس الأنجاس المبعدين . وتكاد أحيانا قسمات وجوه بعضهم تشي بقناعة زائفة مفادها أنهم أطهار مقدسون يعيشون وسط مدنسين أنجاس. ومشكلتهم أن أقوالهم تناقضها أحوالهم خصوصا عندما يتحدثون عن التواضع والرحمة والرأفة وما لا يعرفونه من أحوال الدعاة إلا قولا . وهذا لعمري هو الغرور الذي يهوي بأصحابه في هاوية الخسارة. ولست أدري ألا يدين هؤلاء أنفسهم إدانة الأكياس ؟ ولا يسألونها بأي حق يحيطون أنفسهم بهالة من التقديس ، وهم مجرد خلق من خلق الله عز وجل ينتظرهم سؤال القبر والحشر والحساب ؟ ألا يخطر ببال هؤلاء لحظة أنهم ربما كانوا أقل شأنا مما يعتقدون في أنفسهم غرورا ؟ وأين هم من قول الصديق رضي الله عنه عندما كان الناس يمدحونه :  » اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون  » .

كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بالحديث عن غيرهم حديث إدانة واتهام في دينهم ، وقد يصل الأمر أحيانا حد التفسيق والتكفير؟ وكيف تستقيم على ألسنتهم عبارة  » أعداء الله  » التي يصفون بها الموحدين الذين يشهدون لله تعالى بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، وهم لا يستطيعون شق الصدور لمعرفة ما لا يطلع عليه إلا علام الغيوب ؟ ألا يخطر ببالهم أن وصفهم الموحدين بهذه العبارة لا يعدو أحد أمرين : إما أن يكون الناطق بها صادقا فتجب لغيره ، وإلا وجبت له إن كان كاذبا ؟ ألا يخجل هؤلاء من تنصيب أنفسهم قضاة يحاكمون غيرهم ، ويوزعون شواهد الإدانة وشواهد التزكية كما يحلو لهم ؟ وإذا كان الموحدون لا يظفرون منهم بالقول اللين الذي اشترطه الله تعالى في مخاطبة الفراعنة الطغاة فكيف يكون حالهم مع هؤلاء الفراعنة الطغاة ؟ وهل من الدعوة إلى الله عز وجل أومن الحكمة أن يكون هؤلاء جماعات وطوائف منغلقة على نفسها تتعاطون ادعاء الطهر والتقديس على حد زعمهم ، ويرمون من لا ينضوي تحت طائفيتهم بالدنس وينظرون إليه بازدراء وقد ركبهم غرورهم أو ركبوه ؟ وهل من الدعوة إلى الله عز وجل أن ينفض الدعاة أيديهم من قوم لم يلبثوا فيهم ما لبث نبي الله نوح عليه السلام في قومه ، وهم يستشهدون في كلامهم بقوله تعالى : (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )) ؟ ألا يخشى هؤلاء أن يسألهم الله عز وجل يوم القيامة لم جعلتم أنفسكم زعماء جماعات وطوائف تخضعون الناس لسلطانكم ،وتصنفونهم حسب أهوائكم وأمزجتكم ؟ ألا يجدر بهؤلاء أن يرقعوا وهيهم ، ويشغلهم عيبهم عن عيوب غيرهم ؟ فإذا كان نوح عليه السلام قد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز وجل ليل نهار، فإن دعاة زماننا هذا لا تزيد دعوتهم عن ألف ثانية لأقوامهم ،وهو ما لا يزيد عن ربع ساعة زمنية حتى يبادروا إلى ما ختم به نوح عليه السلام قرون دعوته من دعاء على قوم .إن فظاظة وغلظة الدعاة دليل على فشل دعوتهم ، وهو ما يتطلب مراجعة أساليبهم وإلا فعليهم أن يسموا ما يفعلون ما شاءوا ولكنه لن يكون دعوة أبدا بل مجرد ادعاء الدعوة بلسان المقال يكذبه لسان الحال .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبد الله ع
    20/05/2011 at 19:59

    لقد اتفق العلماء على مجموعة من صفات العالم الرباني والداعية الصادق والواعظ المخلص ومما ذكروه في هذا الشأن:
    ـ إذا دخل العالم الرباني المسجد ووجد شخصا آخر قد حل محله ليعلم الناس فإنه يفرح ويستبشر خيرا ويقول الحمد لله الذي جعل لهذه الأمة من يقوم مقامي إذا مرضت أو مت أو سافرت.
    ـ لا تصدر عن العالم الرباني فتوى أو نصيحة الا إذا عمل بها هو أولا وقصة الحسن البصري معروفة في هذا الشأن.
    ـ العالم الرباني لا يصدر عنه شيء من خوارم المروءة والتي قد تقبل من غيره من الناس العاديين.
    ـ أخوف ما يخافه العالم الرباني أن يمد يده الى مال الزكاة لأن أصحاب الحقوق في الزكاة متعددون، ومد يده للزكاة ليس من باب السرقة فهذا محال وإنما سوء تصرف.
    ـ العالم الرباني لا ينشغل بالأمور الصغيرة التي ينشغل بها العامة، فهو لا يسب أحدا ولا ينتقم من أحد ولا يحقد على أحد.
    ـ يتساوى الناس جميعا عنده العابد لطاعته والعاصي لحاجته والمنكر لإرشاده والغني والفقير والكبير والصغير والذكر والأنثى فهو رحمة للجميع لا ييأس أحد من رحمته وفضله.
    ـ باب العالم ينبغي أن يظل مفتوحا يستفتيه الناس ويتعلمون منه ويأخذون عنه ويتبركون بالنظر الى وجهه لأن العلماء ورثة الأنبياء.
    ـ العالم الرباني لا ينشغل بأمور الدنيا الا في حدود ما يقيم به حياته وحياة أسرته.
    ـ يختار العالم الرباني جلساءه من أهل العلم والخبرة يستعين بآرائهم، ويكلفهم بالبحث عن أبواب من العلم الشرعي ليكونوا له عونا على معرفة حكم الشرع وتبليغه.
    ـ الأخلاق قبل العلم ونصيحة أم إمامنا مالك لولدها أن يأخذ من خلق ربيعة الرأي قبل الأخذ من علمه معروفة في هذا الباب.
    ـ التواضع وحسن الاستماع والتماس العذر من الأسس المفروضة في العالم الرباني.
    وهناك أحوال وشروط أخرى موزعة في كتب الأخلاق والرقائق وصفات العلماء. وأنصح بالرجوع الى كتاب صفحات من صبر العلماء

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *