Home»National»فن التدريس

فن التدريس

1
Shares
PinterestGoogle+

ترجمة وتلخيص كتاب « فن التدريس »
« l’art d’enseigner »
« the elements of teaching » de James M .Banner et Harold C.Cannon .
Traduit de l’americain par Marie- France Pavillet . (Paris 2OO2)

لخصه وترجمه الى العربية :
محمد الزهــــوري : مفـتـش في التوجيه التربوي
–مكناس –

تقديم :
يهتم هذا الكتاب بالخصائص الشخصية والسمات التي يجب ان تتوفر في المدرس ، او يعمل على اكتسابها من اجل القيام بتلك الرسالة المقدسة ، وتجعل منه مدرسا جيدا .
بالاضافة ان التدريس علم من العلوم له مناهجه وطرقه ووسائله ، فانه كذلك فن من الفنون يجب الالمام بتقنياته .وليس من السهل ان يمارس المدرس هذا الفن اذا لم تكن لديه مؤهلات وميولات ، تسهل عليه عمله ليقوم به باحترافية عالية ومهنية فائقة …
ان المدرس الذي يشتكي من تدني مستويات تلاميذه طول السنة الدراسية ، ومن عدم قابليتهم للتحسن والاجتهاد ، مدرس تنقصه بعض السمات الشخصية والكفاءات المهنية ، التي يمكن ان تجعل منه ، الانسان القادر على سبر اغوار شخصيات المتعلمين ، وجعلهم ، كل حسب قدراته و ميولاته واهتماماته ، يشارك باقتناع في العملية التعلمية ، ليتحقق ذلك التقدم المعرفي والكفائي المرغوب ، كل حسب طاقته ، لانه من غير المقبول ان يبقى التلميذ ، طول السنة الدراسية التي تمتد حوالي ثمانية اشهر في وضعيته الاولى ، او ربما ينحدر الى ما دون لذلك ، ليفكر في الانقطاع عن الدراسة ، واختيار مسار الجهل والجهالة ، على مسار العلم والمعرفة .
ولا يمكن تحميل كل تبعات الهدر الدراسي ( مستوى التحصيل – عدم الرغبة في الدراسة – الفشل الدراسي – التكرار –الانقطاع .. ) الى المدرس وحده .

ابدا . بل يمكن القول ان وظيفته ومهنته تتطلب منه حتما ،اضافة نوعية ، تغير من التصورات الخاطئة والسلبية نحو العلم والتعلم ، وتشجع على المنافسة والاجتهاد وتحدي الصعاب
وان هذا الكتاب ليس موجها للمدرسين فقط ،بل للمهتمين بمجال التعليم من باحثين ومقومين ، ومن مربين ، او الساعين لجودة التعليم
وهذا الكتاب ، ثمرة تجارب عديدة ، انطلقت من مدرسة ابتدائية في احياء فقيرة من لندن الى دورات تكوينية للسلك الثالث في احدى الجامعات الاميركية
وفي علمنا، لايوجد شخص كامل في صفاته وسماته ومزاياه ، ولكن من الضروري ان يعمل كل من يرغب في القيام بمسؤولياته في هذا المجال ، ان يكون على بينة من ضخامة هذه الاعمال ومن متطلباتها الحقيقية .
وان التعليم من اقدم المهن واشرفها واعظمها مسؤولية . ومن حق الذين يقومون بها احراز مختلف الاوسمة والتشجيعات من طرف كل مكونات المجتمع . بتواز مع رفع للدافعية وللحافزية ونكران الذات للاطر قصد الاداء الجيد والانجاز الفعال للرفع من المردودية وبلوغ القمم في العلم والعمل .

مقدمة :
غالبا ما ينسى المدرسون ان مهنة التدريس هي فن من الفنون . فهم يركزون على جانب نقل المعلومات بتطبيق بعض المبادئ في علم
النفس ، ويستعملون عبارات الشرح والتعليمات والبراهين والاستدلال ، عوض القناعة الراسخة بممارسة التدريس كفن يرمي الى مساعدة
التلميذ على استيعاب المعلومات التي تتيح له فرصة معرفة فهم الحياة وغناها ، ومعرفة سبل العيش بنوع من التمام والكمال .

ان الخصائص الملازمة لشخصيتنا هي بالفعل المكونات الأساسية لكل تعليم ، فهي عناصر منبثقة من الروح البشرية على فطرتها ، تضاف اليها مختلف التقنيات والمعارف . لذا أضحى من الضروري القيام بعملية استنهاض لتحديد هذه الخصائص وتطويرها وتطبيقها . فبضل المجهودات النفسية والفكرية التلقائية وبفضل دعم اخلاق التربية والتجارب المتنوعة ان نصل إلى إبداعات جديدة ومفاجآت لا حصرولا حدود لها .
فاذا كانت الالوان والاشكال والوسائل المستعملة معبرة عن الابداع ، فان الجانب المعرفي وسلطة المدرس واخلاقياته ، والنظام المتبع ، والتصورات ، والشفقة ، والصبر ، والمزاج ،والانشراح ، هي اشكال هي من اشكال ومظاهر عملية التدريس .

الفصل الاول : المعرفة Le savoir
من المعروف ان كل مدرس يعمل على نقل المعلومات والمعارف والافكار والتقنيات واساليب التفكير الى تلاميذه كما تنقل (الشعلة الاولمبية ) من يد الى يد ومن بلد الى بلد . والمدرس الذي يفتقد ( الشعلة المقدسة) يخلق للمتلقي مشكلا في انعاش الشعلة والهابها لينقلها بدوره الى غيره .

فالمدرس الجيد يقوم باستمرار بتجديد معلوماته ومعارفه ، لاغناء رصيده الفكري والاطلاع على المستجدات في دروسه ومقرراته ، لان العلم والمعرفة لا يستقران على حال بفضل نموهما المستمر وحجمهما الذي لا حدود له .
ان المعرفة تجعلنا دائما في تحد كبير « اننا لا نتعلم الا بالمعاناة والمكابدة souffrance »
( Eschyle dans Agamemnon)
وبدورهم فان المتعلمين ، يستطيعون بسهولة ، ان يميزوا بين المدرس المهتم بمهنته ، ويمتلك الذوق الاصيل للعلم والتعليم عاملا على توصيلهما بطموح في جميع انشطتهم ، من المدرسين الذين يعتبرون مهنتهم وسيلة للرزق ، ولا يمتلكون الاحاطة الشاملة بدروسهم وباعماقها مما يفقدهم السيطرة والضبط في فصولهم الدراسية … فنقص الالمام بكل الجوانب يهدد راحة الاستاذ واستقراره وطمانينته ! فعملية ترسيخ التعلمات ليست بالامر الهين ، فعلينا اذن ان نكون دائما في حالة الركض المستمر للبقاء ضمن الكوكبة ، متسلحين بالمفاهيم والمعلومات المتجددة عوض الاقتصار على الحوافز المادية والترقيات العاجلة .
ضرورة المعرفة واهميتها للمدرس

1-التحكم في الموضوع :
ان التحكم في المادة الدراسية ومعرفتها يتيح للمدرس امكانية الخوض في كل موضوع مزودا بتنوع الطرق والاتجاهات ، وبتوقع مختلف المفاجآت ، ووضع الافتراضات اللازمة .

2-تجسيد فعل التعلم :
يعتبر المختصون في المجال التربوي، الرغبة في التعلم ، او التعطش للمعرفة بمثابة عدوى يمكن للمدرس ان يهيء لها ظروف الانتشار بين التلاميذ ، بحركاته وتشجيعاته وحماسه لمختلف التدخلات ،
وعندما تتوقف المعرفة او تنحصر ، فان المدرس يركن الى السكون والاستقرار ، وبذلك يفتح باب الجهل على العلم ، ويقطع المسافة بين الامل والياس ، وكانه يوحي لمتعلميه بالهم والغم من كل درس موضوع التعلم والاكتساب .

3-التماسك وسط التيار :
ولوج مهنة التعليم هو الدخول في تيار متجدد ومتحول ، فكل تباطؤ فكري مرتبط بالمادة الدراسية قد يجعل المتعلم في غفلة من اهدافها وعملياتها وربما في نوم عميق يعجزه عن الاستيقاظ المطلوب لانجاز الواجبات والاختبارات .وهذا لايحتم على المدرس ان يعتكف وحيدا في مكتبه او مكتبته ، بل من الضروري ان ينسق مع زملائه ، والعمل الجماعي معهم ، وحضور الملتقيات ، والمشاركة الايجابية في كل مجال تربوي او تعليمي .

4-تبليغ (الشعلة المقدسة ):
المعلمون هم رسل المادة التي يقومون بتدريسها ، والمطلوب منهم ان يقبلواعليها بولع وشره ، لجعل التلميذ في انجذاب منقطع النظير الى درس كان في بدايته غير جذاب وغير مفيد ، الى مادة دسمة ممتعة ونافعة تغري بالتتبع والمشاركة .

5-الانفتاح على معارف التلاميذ :
المعرفة والبحث عنها هي عملية جماعية ترتكز على المشاركة والتعاون ، وتقاسم المعلومات بين مختلف التلاميذ امر مفيد لمسارهم . وهذا ما يجب على المدرس ان يعلمه لابنائه ، اضافة الى ضرورة الالمام بما لايعرفه التلاميذ عوض ما يعرفون ، وماذا لايفهمون عوض ما يفهمون ، فالتركيز على الصعوبات اولى من التركيز عما هو سهل ويسير .

6-التمتع باستقلالية الفكر :
قد يتوفر المدرس على المعلومات التي تجعل منه مفكرا كبيرا ، وهذا يشكل تحولا فعليا ومهما في حياته المهنية ، لانه في اقتحام عالم جديد من الكفايات والمعارف اللامحدودة ،التي يستطيع بفضلها تحديد متطلبات متعلميه وما يلائم قدراتهم وحاجياتهم .

7-المعرفة تبرر المعرفة :
لابد من الاقتناع بالقيمة الجوهرية للمعرفة . انها حجرة الزاوية لكل تعليم ، وعليه فمن المحتوم على المحترفين في هذا الميدان ، تبيان الممرات والمسالك التي تربط بين ما ندرسه ومتطلبات الحياة اليومية ، فعندما يطرح التلميذ السؤال : « لاي شيء يصلح هذا ؟ او ما هو الغرض من هذا الدرس ؟» فمن الحكمة ان يتجنب المدرس تجنب الجواب : « ان هذا في المقرراو ستحتاجونه فيما بعد ..» ، بل عليه ان يشرح لهم وبكل اقتناع وتاثير ان عليهم اقتحام العقبات ، وان هذا الدرس سيجعلهم يطلعون على افاق جديدة للحياة او في الحياة ، وسيكتسبون طرقا جديدة للتفكير والتساؤل .ومن المتع التي يجدها المدرس تتبع تلاميذته بشغف وعناية لايجاد الحلول المفاجئة ، او استثمار الاعمال . فهو الذي يشاركهم في عطشهم المعرفي والتحصيلي وفي البحث والتعبير …
الفصل الثاني : السلطة L’autorité
« السلطة هي التاثير الشرعي والمبرر لشخص على الاخرين »

1 – معارف المدرس :
فلا يمكن لاي مدرس ان يقوم بمهامه على الوجه الصحيح الا اذا تمكن من ارساء سلطته وعمل على ترسيخها . ولا نقصد هنا المفهوم القدحي للسلطة الذي يجعل منها مرادفا للدكتاتورية الفصلية او هي القمع والتسلط ، بل هي علاقة تتجلى في نوعية معارف المدرس وفي شخصيته وتصرفاته لينال احترام تلاميذه ورضاهم
وهذه العلاقة بين المدرس والتلميذ لا تشوبها الظرفية ولا المصلحة المادية ، كعلاقة المحامي بزبونه ، او الطبيب بمريضه .

بل هي سلطة تربوية تتيح للتلميذ تعلم واكتساب ما يحتاجه ، لا ما يريد التلميذ تعلمه فقط ا، ذلك لان المدرسين هم حماة الثقافات ومبلغو القناعات والعادات والتقاليد
ان سلطة المدرس تفرض خلق ذلك الجو الملائم للتعلم الجدي والرصين ، ولا يمكن افتعالها او الارتباك عند اصدار الاوامر والتعليمات ، لان التلاميذ اذكى من ان يكتشفوا زيفها وهوانها .
( اجلس ! لا تشاغب ! سافعل كذا …..) كل هذا لايثبت النظام بقدر ما يثبت الفوضى !
ان سلطة التدريس تفرض بالجدية في العمل وعدم ترك الفراغ ، وبطرق التشويق التي ينهجها المدرس في عمله لاستثارة فضول المتعلم عوض حثه على بلع المعارف .
فلا يكفي ان نقول باهمية مادة كذا وكذا ، بل جعلهم يهتمون بها تلفائيا ، وليس هذا بالامر الهين !

2 – الهيئة والمظهر مؤثران مهمان في السلطة :
المظهر العام للاستاذ ، وفصاحته وذوقه ، له تاثير كبير على نفسية التلاميذ وسلوكهم ، ومن الطبيعي كذلك ان تبقى هناك مسافة بين الاستاذ وتلاميذه ، ولا يجب الخلط بين الشعبية والسلطة ، اذ ان هذه السلطة تكون كذلك رهينة بتجرده ونزاهته لتكون توجيهاته ونصائحه وانتقاداته ، مقبولة من طرف الجميع لانها خاضعة للنزاهة والعدل امام نظرات الجميع !

3- الفوارق المعرفية بين التلميذ والاستاذ مصدر للسلطة :
لا يطلب من المدرس ان يكون بطلا مصارعا او سياسيا كبيرا او اكبر سنا من تلاميذته ، انما يتميز بتفوقه في مادته وتفاصيلها واهدافها وتطبيقاتها ، وفي تفننه البيداغوجي ، وهذا ليس بالسهل لانه يتطلب المزيد من التواضع لاكتساب تقنيات السيطرة على الفصل الدراسي الذي يعج بالخلافات والاختلافات ، كما يتطلب الحكمة والحكامة ، وهذا ما لايتوفر عند مختلف المهنيين وحتى الاداريين في نفس المجال .
اضافة الى هذا فان الاعتراف بعدم علمه بمسالة او معلومة ما قد يزكي امانته ويبين للاخرين لاحدودية العلوم والمعارف . ومن الافيد كذلك تعويض قولة لا اعرف بقول « هيا نبحث في القاموس او .. ».
ان السلطة التي تحتاج في فرضها الى عناية دقيقة هي التي تسهل مهمة المدرس كمكون ومرشد ومحاضر ومخاطب ، ولايمكن باي حال من الاحوال ان يصير المدرس رفيقا لتلميذه او صديقا له !

الفصل الثالث : الاخلاقيات L’ethique
قال احد الكتاب النازيين عن احد شخصيات روايته
« عندما اسمع كلمة ثقافة ، أٌخرِج مسدسي ! »
ربما توحي كلمة الاخلاق بنوع من التصنع والحشمة والنفاق وكل ما يوحي الشك والقلق لحرية تصرفاتنا .
ولكن الاخلاق تتجلى في التعليم ، في جعل حاجيات التلاميذ ومصالحهم وتعليمهم فوق كل اعتبار ، مما ييسرتبادل جو الثقة والتفاهم بين المدرس والتلاميذ
للتمكن من تركيز الانتباه على ميولاتهم واهتماماتهم .
ان المدرس مثال حي وحارس امين للقيم النبيلة فلغته لغة المسؤولية لان امامه تصطف مجموعات كبيرة تنتظر منه الشيء الكثير .
اولا : تجنب الاجحاف prejudice تجاه التلاميذ :
ان الاستعمال المفرط او الخاطيء للسلطة في القسم كالاحكام المسبقة ، او تفضيل البعض على البعض او غير ذلك ، يهدد توازن الشباب وسلامتهم النفسية .
لهذا فان مهنة التدريس تتطلب نوعا من المسؤولية العليا ، ربما اكثر من التي تربط الاب بابنه .

ثانيا : اعطاء الاسبقية للتوازن
يسخر المدرس وقته وطاقته للتلاميذ ، فهذه المهنة هي مهنة العطاء . وبذلك يضحي المدرسون حتى باهتماماتهم الشخصية …

ثالثا : وضع الطموحات في مرتبة اعلى :
يرفض جل التلاميذ كل شيء صعب الادراك والفهم ، لكن عليهم تذوق طعم المجهود المبذول من اجل تنمية الرصيد الفكري والمعرفي .« لن نتراجع ، سنبحث جميعا عن طريقة لتذليل المصاعب وايجاد الحلول الملائمة »

رابعا : تجسيد وترسيخ المبادئ :
يقلد الشباب نموذجهم الامثل ، ولعل النموذج الجاهز امامهم على الصعيد العالمي والذي يقضون معه اهم اوقاتهم ، وان نموذج القدوة من اهم ما يجب على المدرس ان يفكر فيه فافعاله ابلغ من الحكمة احيانا والخلق الحسن ابلغ من الموعظة الحسنة .

خامسا : تعليم القيم
بالاضافة الى القدوة الحسنة ، فانه يجب على المدرس تلقين معاني الخير للناشئة رغم اختلاف التيارات التي تتناول القيم .واود ان اذكر ثلاث اولويات اساسية :
الحقيقة – الامانة – العدل . فالغش في الامتحان مذموم لانه يكبح النمو الفكري والعلمي بالدرجة الاولى . على كل حال يجب ان نميز بين الخير والشر .

سادسا :احترام عقليات وتقاليد ومعتقدات المتعلمين :
وذلك بدفع المتعلمين الى ابداء ارائهم وتفسير تصرفاتهم وقناعاتهم وذلك بغية اغناء معلوماتهم ، فالحمولة المعيشية والعائلية للتلاميذ هي اللبنة الاولى التي يجب على المدرس اغناءها او ترميمها ، وكل اقصاء لها او اهمال ، له تاثير كبير في المسار التعلمي .
سابعا : التمييز بين الواقع والخيال
يجب ان نتعلم التمييز بين الواقع والخيال

(fait et fiction ) وبين الفرضيات والنظريات ، وبين الممكن والمحتمل ، وبين الحكمة والتهور
فلا يجب على المدرس طرح ارائه الشخصية او قناعاته على انها حقائق مطلقة لا تحتاج البرهان . بل عليه تغذية النقاش باعتبار مختلف الاراء ووجهات النظر المختلفة … وذلك بغية تنمية قدرات التفكير والتعمق في كنه الاشياء ، واعطاء الادلة القاطعة لكل راي وفكرة . وهكذا يتم الحث على قبول القناعات الشخصية بعد فحصها وتعييرها ليتبين الحق والحقيقة .
الفصل الرابع : النظام L’ordre
يقال بان الثقافة الانسانية هي نظام مبني على التبعثر الطبيعي .ولتحقيق النظام وتثبيته لابد – احيانا – من نهج اساليب قوية او سلطوية صارمة ، لان عدمه وسريان الفوضى يتطلبان مجهودات كبيرة لاعادة الامور الى نصابها .
وفي النظام التعليمي يفترض في البداية ان تكون الفوضى هي الاساس ، فلابد اذن من بذل المجهود لتحقيق ذلك النظام البديع ، بتوضيح اهداف كل الدروس والفقرات وتفسيرها للتمكن من انجاز مختلف الانشطة وتحقيقها .

وبالنظام يلتزم التلاميذ انفسهم بخلق ظروف العمل داخل الفصل كالتزام الهدوء واحترام الاخرين والتادب معهم باسلوب اللياقة والاحترام .
ان الانضباط يفرض النظام ، ليس باصدار العقوبات او القوانين الزجرية ، بل هو انضباط الادارة التربوية والمدرس والتلميذ ، وكل خلل في هذا العقد المنتظم سيجر الجميع الى ظروف غير مقبولة من اللامبالاة والاستهتار .
ان فرض التنظيم اللائق من طرف المدرس واجب لتفادي الانهيار الذي يهدد كل فصل دراسي .
وهذه ليست دعوة الى نهج اساليب القمع والقهر والديكتاتورية والتسلط ، لان التوازن بين القسوة المفرطة والتسامح المهين يعطي للتلاميذ معنى للمجال الذي لا يمكن تجاوزه من اجل التقدم الى الامام في طريق اعمالهم وانجازاتهم .

1-لانظام بدون سلطة :
السلطة هي الوسيلة الاساسية لفرض النظام خلال الدروس ، فالمدرسون الغير المستقرون او الذين يساوون انفسهم بتلاميذهم ، لن يستطيعوا القيام بمهامهم على احسن وجه ، لان جل التلاميذ ينتظرون بشوق فرض النظام وباية طريقة ! ولهذا يعتبر اللقاء الاول مع التلاميذ ذا اهمية قصوى ، ولا يفرض النظام بقول الاستاذ مثلا « نحن هنا للعمل فقط وارفض كل تجاوز » او الاستاذ المبتسم في البداية ، بل يفرض النظام بسلطة العمل والجدية والمنهجية المحكمة .وتفادي كل ما يمكن ان يزعزعه من تلعثم او هيئة غير لائقة …

2-معرفة مجموعة القسم
على المدرس ان يفرض النظام لوحده ، فهذه مهمته ،فـدرجة تحكمه في القسم هي الدليل على تجسيد الرغبة في العمل وتحقيق الاهداف المرغوبة .

3-النظام يتجلى ايضا في تنظيم الوقت لانهاء ما هو مقرر :
يجب العمل على انهاء جميع مراحل الدرس ، فلا يطلب من التلميذ انهاء درسه عند زميله او في الكتاب وغير ذالك ، ولا يجب الطلب من التلميذ الصبر بضع دقائق اضافية لاتمام العمل لان هذا لن يفيد في شيء .

4-النظام يفرض الهدوء :
هناك لحظات في الفصل الدراسي ، تستدعي بعض الضجيج او بعض التحركات من طاولة الى طاولة ، من اجل التنسيق او البحث ، او ضحكة هنا او هناك ، فهذا طبيعي ومقبول ، اما الفوضى الدائمة وعدم الامساك بزمام الامور فهي عرقلة واضحة لعملية التعلم . لهذا على المدرس ان يكون هادئا بطبعه ، متزنا في تصرفاته ، لبقا في تعابيره .

5-العدل والتادب
الانتظام والانسجام والعدل هي اسس الانضباط .فكل ملاحظة توجه الى التلاميذ جراء سلوك مشين يجب ان تتبعها بعض التفسيرات والارشادات لتفادي السلوكات المشينة وسلبياتها .
كل هذا بجدية المدرس وصبره وانضباطه وامانته ووضوحه ومثابرته ومصداقيته واعتباره وتقديره للاخرين .

6-النظام يحتم فرض بعض المقتضيات :
النظام احترام للمعرفة واحترام للمدرس والاستاذ واحترام للادارة والمؤسسة ،والفوضى هي عدوة النظام وغريبة عن التعلم والمعرفة ، وبالنظام يستطيع كل تلميذ تذوق حلاوة البحث والدراسة المستمرة طول حياته !
الفصل الخامس : التصور L’imagination
ان المدرس الجيد هو الذي يمتلك القدرة على وضع نفسه في مكانة تلاميذه حيث يمكنهم ويدربهم على تصور انفسهم في ازمنة وامكنة ومواقف لم يعرفوها من قبل .
يقول ويليام جامس William James في احدى مداخلاته تحت عنوان «talks to teachers »
اي ( كلمات الى المدرسين ) :
« عندما تدرسون ، عليكم ان توقظوا لدى تلاميذكم اهتماما خاصا ،بحيث تستطيعون ابعاد كل موضوع اخر عن عقولهم . فستمنحونهم موضوعكم ودرسكم وهم في اشد الانتباه وسيتذكرونه حتى اخر ايامهم . وستزرعون فيهم الفضول العميق تجاه كل ما اكتشفتموه معهم »
ذلك بالفعل لان دفع التلميذ للتعلم العميق هو جزء من ايصال المعرفة ، وتهيئهم لاستيعابها وتصور كل ما يمكن للعلم ان يحقق لهم ولغيرهم .
ان الاختلاف والتنوع في التصورات سيمكن من تقديم المادة الدراسية في اطباق مجددة وجديدة ومغرية .

1-التصور يبدأ من القناعة بانتقال المعارف :
لا يمكن للمدرس القيام بمهامه اذا لم يكن مقتنعا بان التلاميذ سيصبحون قادرين بفضل مجهوداته ان يحسنوا مستواهم ويكتسبوا المستجدات المعرفية والمنهجية .

2-تصور وسائل التنشيط والاثارة
كل تلميذ وكل قسم وكل مادة او درس هو محفز للمدرس ان يتصور الطريقة المثلى لانجاز مهمته . هذه التصورات تشكل مكونا اساسيا في العملية التعليمية التعلمية ، فالتعرف الجيد على التلاميذ ونضجهم وقدراتهم واستعداداتهم واتجاهاتهم ، وفهم العمليات الذهنية ، وحدود تفكيرهم وهفواتهم هي المرتكزات المهمة في كل تصور . لان هذه المعارف المستوعبة لابد ان تكون ذا تاثير في حياتهم .

3-تصور لمستقبل التلاميذ
التعليم ليس هدفا في حد ذاته ، بل هو مجال لولوج عالم الامكانيات المتعددة واساليب التفكير المتنوعة والرؤى المتعددة ، والمعرفة اضافة الى كونها وسيلة لتنوير العقول وتفتق الملكات ، فهي وسيلة للتعرف على مختلف الامكانيات المتاحة لمستقبل كل طالب للعلم .

4-تصور للحاجيات وردود الفعل
« التصور يعطي الشكل والجسد للمجهول »
Shakespear :le songe d’une nuit d’été
فرغم ان المجهول يولد الخوف اكثر مما يبعث الامل ، فينبغي للاستاذ تقديم ما يجهله التلاميذ بايجابية وبشكل جذاب وفتان .

5-التصور مسهل لتعديل وتقديم الدروس :
الكتاب المدرسي لايستطيع ان يهيء المدرس للمفاجات والمستجدات ، فباكتساب التصور السريع يستطيع المدرس تدارك الهفوات والاخطاء وتدبير المفاجات واثارة الميول والاهتمام ، فلابد من المغامرة وحذف المستحيل عند التعامل مع الطلاب لزرع الثقة في نفوسهم . فالتصور رهين بطاقة المدرس وهو رؤية وقناعة يجب البحث عنها .
«apprends a aimer ce que tu detestes le plus »

الفصل السادس : الشفقة والرأفة

La compassion
عندما نتحدث عن شخصية الاستاذ، غالبا ما نمتنع التحدث عن المشاعر والأحاسيس ، أو نعتبرها خارجة عن الموضوع ولا علاقة لها بمهمة التدريس
الشفقة هي أساس الصبر والتأني ، وهي التي تمنع من الازدراء والاحتقاروالاستخفاف ، او من التعجرف والغطرسة ، عندما يتضح غباء مجهود تلميذ او بلادة تفكيره !
ان تقاسم المشاعر بين الاستاذ وتلميذه غاية في الاهمية فهي ليست بالاحسلس الخفيف ، وانما انعكاس قوي امام متاعب الاخرين .
فالشفقة :

1 – تبدأ من التعرف على التلاميذ وعلى ظروفهم المعيشية وواقعهم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي .

2 – تعني القيام بالواجبات ، وتعني ان على التلميذ مسؤولية ، فعليه اذن ، وبعد تحفيزه وتوضيح الغموض لديه ، ان يقوم بما هو مطلوب منه . ولا تعني بتاتا التصدق والتساهل المفرط ، فالسهولة القصوى ليست هي الشفقة .

3 – هي ان نتموضع في مكان التلميذ . ( هذا الجواب خاطئ ، لكني اعرف سبب وقوعك في هذا الخطا ) ! هكذا يتصرف المدرس المشفق مع تلميذه لانه العارف لمشاكلهم واسباب اخطائهم ، ومن الخطا يتعلم الانسان .وانتقاد التلميذ ضروري في كل ممارسة بيداغوجية ، لكن المديح والمشاركة في فرحة كل انجاز يبقى اساسيا في حياة التلميذ .

4 – هي تقدير وضع العصا والجزرة بعناية فائقة
لذا يجب تجنب توبيخ التلميذ امام اقرانه مثلا ، اما تشجيعه امامهم فهو جائزة ثمينة . فاصلاح الاخطاء والهفوات لا يتم ابدا على حساب الكرامة الشخصية.

5 – هي تجنب التمييز
لان التمييز منبوذ بين التلاميذ اما مدحا او ذما . فمن التلاميذ من تنقصه الثقة في نفسه ويحتاج الى اعادتها ،ومنهم من ينجح بالزجر والمراقبة الصارمة … والمهم هو ان لا يبقى اي منهم على الهامش منسيا او ملغى . ولابد ان نفرق بين التلميذ وسلوكه ، فالسلوك الخبيث يجب ان يجتث ، والتلميذ الخبيث يجب ان يصلح .

6 – هي تفادي ازدواج الشخصية :
المدرس الناضج تكون له شخصية معطاءة حتى في المجال العاطفي ، وهذه الحياة العاطفية تدعم وتؤازر التعاقد المهني للمدرس ، اما الذين يتركون عواطفهم في العتبة ، فهم في نظر الطلاب غشاشون وماكرون
انه من الخطا ان نعزل العواطف عن الجدية وعن العمل ، او نعتبرها مضرة بالجدية والعقلانية ، فاذا تركنا احاسيسنا الانسانية ، فانه من الصعب خلق جو الامان والاطمئنان لتلاميذتنا .

7 – الاهتمام بمستقبل كل تلميذ :
ليس الهدف هو البحث دائما عن رفاهية التلميذ وترفه ، وانما الهدف المنتظر من الشفقة ، هو عكس ذلك ، اي تقديم العمل والمهمة المنتظرة كتحد كبير يجب اقتحامه .
يجب اذن على كل من وجد نفسه في ميدان التربية والتعليم ان يدرك ان ثمن المجهود الجسدي والفكري والعاطفي ليس له مقابل .
الفصل السابع : الصبر La patience
في (Nuits des rois ) مثل شيكسبير الصبر (على تمثال مبتسم للألم والتألم ) ، فهو تقبل الصفح والمعذرة والمغفرة في عالم الاحزان والماسي .
عكس التصور والمعرفة ، فان الصبر يحتم علينا ان نتريث . Helen Keller ) ) كمثال .

وعكس السلوك الاندفاعي للشباب ، فان مهنة التعليم تفرض النضج والاصطبار . فالدروس التي تبدو يسيرة في نظر الاستاذ ، لا تبدو كذلك في نظر المتعلم الذي يحتاج الى وقت كاف ومصاحبة مستمرة ، والصبر اساس الثقة ، والفاقد للثقة كالعارض بدون جمهور !
والصبر هو :
1 – ان تعطي وقتا للاكتساب والاستيعاب :
يجب ان يكون الوقت في مصلحة التلميذ ، وعلى المدرسة مساعدة التلاميذ على استدراك ما فاتهم استيعابه معتبرة في ذلك تفاوت قدراتهم ومؤهلاتهم .
2 – اعتبار نقط الضعف لدى الشباب :
من الخطا ان نظن بان الشباب يتصرفون بحذر او يميزون ماذا يفعلون ، فلهم من الضعف الشيء الكثير ، وحيويتهم المتميزة وضحكاتهم ، غالبا ما تفوت عليهم فرص التعلم والكفاءة ، لذا بكل صبر واصطبار نحاول اقناعهم ببلادة تصرفاتهم .
3 – الحرص على ان يكتسب التلاميذ نضجهم :
«الصبر يساعد على تحمل ما لا نستطيع تصحيحه»
Horas dans ses odes
عدم الصبر لن يكون ابدا حلا لطيش الشباب ، ولا يمكن وضع عقلية طاعن في السن على اكتاف عقلية طاعنة في الشباب !

4 – تخصيص فترة للدعابة :
المدرس يعرف فترات المزاح ونوعية المستملحات التي يمكن الانتعاش بها ، لتوجيه النفوس الى العمل دون خنق سرورهم وابتهاجهم ، لان ادخال البهجة على النفوس يحبب الاقبال على الابداع والابتكار .
ان للمدرس الدور الاساسي في الشرح الرصين والارشاد الهادئ لمناهج التفكير السليم ، فصبره يتجلى دائما في اعمال النصح والتهديء التي يقوم بها .
التعليم تمارين وتداريب على سكة الصبر الطويلة ، هو صبر على مشاكل ابنائنا ، وصبر على عدم تحمله من جهتنا .
الفصل الثامن : الطبع والمزاج Le caractere
كانت جل امزجة المدرسين القدامى رهيبة ، وكانت القسوة هي السائدة ، بحيث لايمكن الحديث عن قاعة الدرس والمدرس وادواته دون الحديث عن العصا والسياط والمسطرة …
وقد وصف اوليفر كولدسميث ( الرجل الشرس ذو الوجه القاسي ) في كتابه
The Deserted village»»
Je le connais bien,les autres cancres aussi
Tremblant ,nous avons appri à deceler
Les desastres du jour ds son visage du matin
تلك هي بعض سمات المدرس القديم الفظ القاسي !
على المدرس اذن ان يعي ويفكر في الطريقة المثلى ليستفيد منه تلاميذه ومن قدراته الابداعية والفكرية والمعنوية الملازمة له ولشخصه ، فمهما كانت الطريقة البيداغوجية والمهارة الديداكتيكية ، فانها لاتستطيع تعويض ما يخالج النفس وما يكمن في الباطن وفي الاعماق .
ومن الجانبيات الهامة لممارسة مهنة التدريس :

1 – عدم تقمص شخصية وهمية
على المعلم اذن ان يكون هو نفسه ! فعندما اكون لينا وهادئا فلا يجب ان اتقدم بعكس ذلك الى طلابي ، فسرعان ما يكتشف امري وتظهر حقيقتي وافقد كل شيء .

2 – التحكم في العواطف :
ينتظر الطلاب من استاذهم ان يكون هادئ الطباع محبوبا.فباستقراره ووضوح تصرفاته يشعرون باهمية العمل الجاد . فعليه اذن وضع مشاكله الشخصية في عتبة القسم راضيا بقدره .

3 – الاعتراف بامكانية الوقوع في الخطا :
يجب الاعتراف ببعض الهفوات والنقائص التي تعترينا كمربين لنا علاقة مستمرة مع التلاميذ ، والاعتذار على ما هو خارج عن ارادتنا امر ضروري ، وهذا ليس من الامانة الفكرية فقط ، بل هو فرصة لنا لبذل المزيد من المجهودات لتفادي كل ما هو سلبي في عمليات التعليم المتنوعة .

3 – المدرس شعبي الشخصية ومتطور
لا يجب ان يكون المدرس صديقا حميما لتلاميذه ، ولكنه يجب ان يكون هينا ،لينا ،حذرا في نفس الوقت ومهتما بانشطتهم وهواياتهم .
المدرس الجيد لا يبقى متشبثا بتصرفات قديمة ثبت افلاسها ، بل عليه اكتساب شخصية جديدة وتغيير فكره ومنهجيته كلما تقدم الزمن واختلفت الاجيال ، مع التشبث بمبادئ الشرف والقيم النبيلة .
علينا ايضا تفادي السخرية وكثرة الفكاهة والانانية والكسل وعدم الوفاء بالعهود ، لان الاصل دائما هو العمل او الاستعداد له .

الفصل التاسع: المتعة Le plaisir
من الصعب جيدا ان نقبل استاذا جيدا يشعر بقيمة واهمية مادته ، او لايحب تلاميذه ، او لا يتوق الى تزويدهم بما ينمي افكارهم وقدراتهم .
ان شرايين العقل كشرايين القلب من حيث التعددية والنوعية ، فالمتعة من اهم هذه السبل . وهي التي تدفع التلاميذ الى العمل والبحث في مواضيع متشعبة ومتنوعة بكل حماس واجتهاد .
احسن تعليم اذن هو عبارة عن انشطة فكرية وعقلية .

ان متعة التعليم متبادلة ، فكما يستمتع الطلاب بتلبة اوامر مدرسهم وامتاعه ، فان المدرس يجد المتعة في معاملة تلاميذه .
ان كل استاذ يمتاز بالمرح يهدف بدون شك الى تحقيق اهداف نبيلة ، ذلك ان من وراء كل نكتة او مستملحة ، حكمة يريدها او رسالة يرغب في تبليغها كما ان المدرس المداعب يكون في الغالب ماسكا بزمام امور قسمه ، متحكما في مجريات اموره . وهذا ليس بالامر الهين التدريس الممتع يتطلب مجهودات قياسية خلال جميع المراحل .

1 – بالمتعة يمكن خلق جو رائع ومغري للعمل :
من الاكيد ان الفتوحات الفكرية المترسخة هي نتاج مجهودات جبارة لا حصر لها . وان خلق جو مناسب للتعلم لن يتأتى بالعبوس والقنوط ،او بالتكشير والقلق ، بل على العكس بالطمانينة والنشاط والمتعة والاسترخاء .
وان ما نجده من عناء ومشقة او حرمان وتذمر من اجل التعلم ، هي متاعب عادية ، تنتهي اخيرا بالسعادة والراحة ، وبنتائج سارة تنسينا كل المشاكل ، وتحفزنا للمزيد .

2 – الاعتراف بالمشاكل الدراسية امر وارد
لان بتقدير هذه المشاكل حق قدرها ، نساعد التلميذ ان يتقبلها ، ويستمر في بذل المزيد من المجهود والمثابرة لتخطي مختلف العثرات والصعوبات …

3 – لا ننسى متعة كبرى رغم ابتعادها الزمني ، تلك هي متعة المدرس بعد ان يرى تلاميذته القدامى في مختلف المناصب والوظائف ، وهم يحملون ذكريات الماضي ، مع استاذ ، كان لهم ، نعْم السند ،يرى ما لايرون ، يرى مستقبلهم ويتمنى ان يكونوا خيرا منه …
رسالة البير كامو لاستاذه لويس جيرمان بعد تلقيه جائزة نوبل 1957:
« الغالي سيدي لويس جرمان
لقد قرروا منحي شرفا عظيما ، لم اكن ابحث عنه ولم اكن اطلبه .

وعندما تلقيت الخبر كنتم اول من فكرت فيه بعد أمي ، انه بدونكم وبدون اليد الحنونة التي مددتموها لي وانا طفل صغير فقير ، انه بدون تعليمكم وبدون اقتدائي بكم ، لن يحصل هذا ابدا . ليس هذا كل شيء ، وانما هذه مناسبة لاقول لكم كيف كنتم وما تزالون بالنسبة لي ، ولاطمئنكم على ان مجهوداتكم واعمالكم وقلبكم الكبيرالسخي الذي تزرعونه فيهم ، ما تزال حية في ذاكرة متمدرس صغير، ظل ، رغم عامل السن ، معترفا بجميلكم . اقبلكم بكل قواي »
خاتمة :
تلك اذن بعض المواصفات التي يجب لكل منخرط في هذا الميدان ، ان يعيها ويستوعبها ويفصل فيها . ورغم ان ترجمة هذا الكتاب من الانجليزية الى الفرنسية ليست بالبعيدة زمانيا ، فان هناك كتب عديدة من مختلف الثقافات تناولت الموضوع تحت عناوين متعددة ، اذكر منها على سبيل المثال كتاب
«تذكرة السامع والمتكلم وادب العالم والمتعلم»
لابي اسحاق ابراهيم بن جماعة المتوفى سنة 733 هجرية
عن نسخة مخطوطة في متحف برلين بالمانيا
وساحاول – لاحقا – تلخيص بعض الفصول من هذا المخطوط لتعميم الفائدة وايجاد مواضيع كانت لها وما زالت ،اهمية مستمرة ، في مجال التعليم ، والتي تضفي نوعا من القدسية على هذا المجال . وربما ستفتح مرة اخرى فرصة اخرى للمقارنة بين مختلف التوجهات والمدارس التربوية …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. استاذة
    16/01/2011 at 12:03

    شكرا على المقال ومجهود صاحب المقال
    يبدو أن الكتاب مهم جدا ولو أن العديد من الأفكار المطروحة معروفة
    لكن أي فصل دراسي سيحفز الاستاذ أن يكون مرحا نشيطا ومحبا لعمله؟
    هل فصل فيه 50 تلميذا أو ما فوق؟
    ثم فكرة حضور الملتقيات. كيف؟ ومتى؟ اذا كان الاستاذ مرميا في البادية ولا يستطيع التنقل ولا أحد يسأل
    عنه
    ان الاكتظاظ سيدي يعرقل عمل حتى الجن داخل القسم مما يجعل العديد من الاساتذة يتعبون تعبا شديدا و يترددون على الصيدليات لاقتناء المهدئات حيث يعملون في ظروف قاسية ومع نهاية السنة لا يحفظون حتى أسماء كل التلاميذ
    أتمنى أن يبدأ التغيير بمحاربة الاكتظاظ حتى ينشرح الصدر ويتهوى القسم وبذلك تصبح علاقة التلميذ بالاستاذ ممتازة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *