يعتبر الروتين من أسوأ مظاهر التخلف الاداري في الشعوب، وغالبا ما يتأتى الروتين من شيوع النهج البيروقراطي في إدارة مؤسسات ودوائر الدولة، وجانب الخطورة يتمثل بتكريس الفساد الاداري من مستويات أدنى ثم أعلى وأعلى، أي صعودا متدرجا من قعر القاعدة الى قمة الهرم الاداري.
وفي ظل التراجع الاداري الخطير تصبح الكفاءات في مهب الريح،فيتم تهميشها او إلغائها كليا في ظل السيطرة البيروقراطية على المفاصل الادارية لمؤسسات الدولة الانتاجية والخدماتية وغيرها، ويصبح الروتين وعقد الصفقات الفردية والجماعية نهجا اداريا مستديما يثقل كاهل الدولة ويقضي على تكافؤ الفرص التي تحاول أن تنهض بإدارة المؤسسات الرسمية بصورة قوية وواضحة، تعتمد الحداثة والنزاهة والشفافية في تفعيل أنشطتها كافة.

فحين يقوم مدير فاشل على إدارة مؤسسة ما، ممن وصلوا الى هذا المنصب بعيدا عن مقاييس الاستحقاق العلمي والعملي كتوافر الشهادة العلمية او تحصيل الخبرة والاختصاص العملي، فإنه لابد أن ينعكس ذلك سلبا على التسيير الاداري وتخليق المرفق ، وهكذاستبقى الادارة تدور في حلقة مغلقة تعيد انتاج الفساد والبيروقراطية وتعيق الكفاءات التي تشكل خطرا على مناصب ومصالح المدراء الذين وصلوا بطرق مشبوهة لهذه المهمة غير آبهين الى ما تلحقه هذه الاعاقات من أضرار جسيمة بالمنظومة الادارية التي تقود البلد إداريا وانتاجيا في المجالات كافة.
ولذلك غالبا ما تتعرض الكفاءات في بلد المحسوبيات الى التهميش والمحاربة، وغالبا ما تجد ترديا واضحا في القطاع الاداري بسبب نقص الخبرة وفقدان القدرات العلمية المناسبة، وتقف المحسوبية والعلاقات المغرضة والحزبية وما شابه وراء مثل هذه التجاوزات على حقوق الكفاءات ومواقعهم وأدوارهم التي ينبغي أن تدير القطاع الاداري للدولة وفق أحدث الطرق الادارية وأكثرها دقة وتحديثا..

.ان كثيرا من الكفاءات الوطنية اصطدمت بعنف مع هذا الواقع الاداري المرير فوجدت نفسها مكبلة وسط ثلة من المتسلطين الفاسدين والذين همهم الوحيد هو الكراسي وريع الصفقات وليس امام الكفاءة الا الانصياع لمثل هؤلاء او المعاكسة التي ستفتح عليه ابواب جهنم .