Home»National»من الامتحان التجريبي إلى الامتحان التخريبي

من الامتحان التجريبي إلى الامتحان التخريبي

0
Shares
PinterestGoogle+

ما بين لفظ التجريب والتخريب لا يوجد إلا فرق نقطة توضع فوق أو تحت حرف الخاء والجيم ، ولكن ما بين دلالة اللفظتين مسافة بعيدة جدا . وإن يعجب المرء من أمر الامتحان التجريبي فعجبه من بعض الإدارات التربوية التي كانت تشتكي من هذا الامتحان فيما سبق ، وتراه مضيعة للوقت وللجهد ، وتخريبا للموسم الدراسي لا تجريبا لجاهزية المتعلمين واستعدادهم لخوض غمار الامتحانات الحقيقية . ولما كان جهاز المراقبة التربوية يحث في الماضي على إنجاز هذا الامتحان التجريبي بالجدية المطلوبة ، كانت بعض هذه الإدارات تتلكأ وتتذرع بكل الذرائع ، ولولا الخوف من سوء الظن المنهي عنه شرعا لقلت ربما كان بعضها يدفع نحو مقاطعة المتعلمين لهذا الامتحان دفعا . ولقد عاينت بصفتي مراقبا تربويا إعراض المتعلمين عن الامتحان التجريبي حيث كانوا يسجلون حضورهم في مدة لا تزيد عن 10 دقائق ثم ينصرفون أمام أعين الإدارة التربوية التي لا تحرك ساكنا ولا متحركا. وكم عانيت مع من كان يريد تحويل الامتحان التجريبي إلى فرض مراقبة مستمرة ، وخالفته الرأي في ذلك نظرا لما بين طبيعة التقويم التكوينية لفروض المراقبة المستمرة وبين طبيعة التقويم الإجمالية في امتحان أبيض شبيه بالامتحان الأسود .

وكانت ظروف الامتحان التجريبي تعرف أقصى درجات التسيب ، وقد سجلت هذا التسيب في تقارير بصفتي ملاحظا وكان مصيرها سلة المهملات في مكاتب المسؤولين المحليين والمسؤول الجهوي . ولما جاء الامتحان هذا الموسم في ظروف استثنائية بكل المقاييس أبدت بعض الإدارات التربوية استعدادها وتجندها لتمرير امتحان رفض جهاز المراقبة تمريره في وقت غير مناسب حيث لا تتجاوز أسابيع الدراسة 11أسبوعا بالتمام والكمال والعد الدقيق خلال الدورة الثانية ،وليس 17 أسبوعا كما ينص على ذلك الميثاق الوطني ، ولما تنجز مقررات الدورة الثانية الضخمة والمكثفة بالنسبة لبعض المواد الدراسية ، فضلا عن كون المذكرة التي نصت على هذا الامتحان لم تمهل المنخرطين المدة الزمنية الكافية من خلال تحديد الأسبوع الأول من شهر مايو موعدا لإجراء هذا الامتحان ، في وقت كان التوصل بالمذكرة بعد العطلة البينية الثانية خلال الأسبوع الثاني من شهر أبريل علما بأن مدة أسبوعين لا تكفي المدرسين والمفتشين والإداريين لإنجاز كل عمليات الامتحان التجريبي وفق مواصفات المذكرة المنظمة له .

لقد أرادت بعض الإدارات التربوية إظهار الشطارة للمسؤولين ، والطعن في قرار المراقبة التربوية عكس ما كان موقفها من قبل فسبحان مبدل الأحوال ومقلب القلوب . أرجو أن ينجح الامتحان التجريبي فلا يغادر التلاميذ قاعات الامتحان بعد مرور وقت قصير ، ولا يغادرون الدراسة قبل إنهاء المقررات ، ويصح تكذيب جهاز المراقبة والذي مع الأسف الشديد انخرط بعض عناصره في أكذوبة الامتحان التجريبي لإعلان البراءة من زملائهم المقاطعين للامتحان أمام الإدارة المقتنعة كل الاقتناع باستحالة إجراء هذا الامتحان ، ولكنها تفضل أسلوب الكذب عليها على أسلوب الصدق معها لتكذب بدورها على المصالح المركزية التي ترتاح للكذب المبهرج ولا تقبل الصراحة الجارحة . ولعل التسمية اللائقة بهذا الامتحان هي الامتحان التخريبي لأنه يخرب إنهاء المقررات ، ويخرب نقطة السلوك والمواظبة بالنسبة لتلاميذ السنة النهائية حسب منطوق المذكرة المنظمة للامتحان التجريبي علما بأن معدلات الامتحان الجهوي في الحضيض ، والجاهزية لخوض غمار الامتحانات الحقيقية أضعف ، والمعول عليه هو قصاصات الغش والشعار هو النجاح ، والتميز ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. مهتم بقضايا التعليم
    05/05/2010 at 23:46

    السلام عليكم أستادنا الكريم.وبعد لقد صح ما قلتم ولطالما نبه اليه مجموعة من الأساتدة الغيورين على مصلحة التلاميد بصفة خاصة ومصلحة الوطن بصفة عامة والمتخوفين على مصير المدرسة العمومية التي تساق الآن الى المقبرة محمولة على أكتاف الدين كانوا بالأمس يدعون الدفاع عنها وهمهم الوحيد هو التخلص من هده الجثة بأقرب وقت ممكن وتوزيع ارث الهالكة على المستفيدين وما أكثرهم.وعودة الى موضوع الامتحان التجريبي التخريبي الأبيض الأسود -تعددت الأسماء والنتيجة واحدة: العبث, الهدر, الفشل- أريد أن أؤكد لكم بأن لا شيء تغير:وقع التلاميد ثم انصرفوا.أظن بأن التلاميد رغم صغر سنهم ولا مبالاتهم في بعض الأحيان اقتنعوا تماما بانعدام الجدية لهدا الاجراء, بقي أن يفهم الكبار هدا ويتصرفوا بعقلانية بعيدا عن الاستبداد بالرأي .فلينصتوا الى الأستاد والى المؤطر التربوي لأنهما أقرب الى الواقع التربوي من أي شخص آخر وكفانا شعارات جوفاء.مدرسة النجاح لن تنجح ادا كانت المعطيات التي ترتكز عليها خاطئة.قيل في البادية لسيدة ان ابنك قد سقط في الطريق فقالت لهم لقد خرج من الخيمة أعرجا.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *