مفهوم المواطنة في عرف وزارة المالية
إن نظرة
التمييز بين المواطنين,عرفتها مجتمعات كثيرة ,فالمجتمع اليوناني اعتبر الفرد الحر الذي يدفع الضرائب ويصوت
في الانتخابات, هو الذي يستحق
لقب مواطن, على خلاف العبد والمرأة. و في عرف مجتمع
إسبرطا , المواطن هوالذي يحمل السلاح . أما في أثينا فالمواطن , هو الذي يفكر ويسير ويحكم المجتمع . في حين أن الاستعماريين , وعلى رأسهم إسرائيل , فالتمييزفي عرفهم بين المواطنين شيء طبيعي جدا , فهناك المواطن من الدرجة الأولى {من كانت أمه يهودية }والمواطن من الدرجة الثانية {من كان أبوه يهوديا } والمواطن من الدرجة الثالثة {الأهالي…}. والفيلسوف أرسطو يرى أن المواطن هو ذلك الشخص الذي يملك الأرض ويساهم في السلطة .وفي العصر الحديث , يرى الفيلسوف روسو , أن المواطن مساو تماما مع جميع أفراد المجتمع الذي ينتمي إليه ويساهم في نفس الوقت , في تشكيل الإرادة العامة.
ولقد جاء في قاموس أكسفورد : « المواطن هو الشخص
الذي يحب بلده وعلى استعداد أن
يدافع عنه «
أما الأسلام‘ فينظر إلى المواطن من زاوية {… إن أكرمكم عند الله أتقاكم } »سورة الحجرات 13″
فهو يرفض التمييز بين بني آدم على
أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الانتماء القبلي أو السياسي أو الفكري … « كلكم لآدم وآدم من تراب » .إن الإنسان في الإسلام
مطلق التكريم . {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر
والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير
ممن خلقنا تفضيلا …} »الأسراء 70 « وهذ التكريم الإلاهي
الجامع بين بني آدم , يبدو واضحا في أول دستور لدولة الإسلام , الذي أسس على وحدة الأمة ‘والتعددية الدينية ‘ وعلى
المساواة في الحقوق والواجبات
بين المتعددين في الدين والمنتمين لأمة واحدة . كما نصت عليه صحيفة
دولة المدينة .
إن المواطن في تصوري ‘هو كل فرد ينتسب إلى مجال جغرافي معين ‘في زمان معين, ويتقاسم مع المجتمع
الذي يعيش فيه مجموعة من الحقوق والواجبات , على أساس
المساواة المطلقة ‘ويستجيب لنداء بلده بدون أي تردد.
قادتني سذاجاتي الطفولية إلى تصديق ما كان يردده المعلم
على مسامعنا : »نحن المغاربة
إخوة نقتسم اللوزة الواحدة بيننا, ولا يوثرأي مغربي
نفسه على أخيه بشيئ « . ويستدرك المعلم , هذا المبدأ علمته لنا المقاومة . كم كنت أسلي نفسي آن ذاك , بتمنياتي وتخيلاتي كوزير في المستقبل ,لأنني كنت مؤمنا بمبدإ اقتسام اللوزة , وشعار المقاومة . ولكن بعد رشدي اكتشفت أن اللوزة ,لم تعد قابلة للانقسام , وشعار المقاومة غير صالح للتطبيق , وأن المواطنة مختصرة في البطاقة الوطنية وجواز السفر, وفي كثيرمن الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض.
إن وزارة المالية , توزع سنويا ملايين الدراهم كعلاوات على موظفيها ورؤسائهم ,وكان من الأجدر بها أن تخصص هذه العلاوات والمكافآت للعاجزين والأيتام والعاطلين ومن في حكمهم .[نموذج حكومة كندا التي توزع الفائض من الميزانية سنويا على الفقراء , دون أي تمييزبين مواطنيها ] . إن المواطنة تقتضي التساوي من دون أي تمييز في الحقوق والواجبات, مع كل الآخرين , الذين يعيشون فوق تراب البلد أو الوطن الواحد , وأن لا يقتصر دفع الضرائب على الموظفين دون كبار التجار والفلاحين , الذين , يتهربون من دفع الضرائب و قد يتسببون أحيانا في عزل مراقب الضرائب .كما تقتضي المواطنة إقامة العدل والمساواة بين كل المواطنين , وأن لا تسمح لوزارة المالية ومن وراءها إدارة الجماريك , بمحابات المتقاعدين من أصحاب جوازات السفر الحمر, فتخفض
لهم 85 في المائة من قيمة
الضرائب على السيارات المستعملة والمستوردة من أوربا, ربما بحجة تشجيعهم على العودة إلى الوطن , أو بحجة مساهمتهم في تنمية وخدمة الوطن , وعلى عكسهم المواطنين المقيمين ,المتقاعدين , من غير
المهاجرين , والذين ساهموا في
خدمة الوطن العزيز لسنين عديدة وصلت عند بعضهم إلى 40 سنة , تفرض عليهم مصلحة الجمارك ضرائب تفوق قيمة السيارة
المستعملة والمستوردة من أوربا
بحوالي 10 مرات . فأي عدل وأية مساواة هذه يا إدارة الجماريك وياوزارة
المالية ؟
Aucun commentaire