Home»National»الغيرة على المنظومة التربوية واجب على كل فرد في أسرة التربية

الغيرة على المنظومة التربوية واجب على كل فرد في أسرة التربية

0
Shares
PinterestGoogle+
 

بداية أشكر الأستاذ أو الأستاذة س. أمين درقاوي على مقال يعكس الغيرة الصادقة على المنظومة التربوية ، وأذكر من البداية أنه لا يوجد طرف في المنظومة التربوية فوق المحاسبة ، وفوق النقد ، ولا يوجد حق الفيتو لدى أحد من وزير المنظومة إلى بوابها مرورا بجميع موظفيها. وأذكر بأن حديثي عن نوع الهدر المدرسي المتعلق بجداول الحصص الناقصة ليس نقدا موجها للمدرسين كما فهم البعض لأن المدرسين ليسوا مسؤولين عن جداول الحصص الناقصة وإنما الوزارة الوصية هي المسؤولة ، هي التي تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتعلق الأمر بالهدر المدرسي لهذا حاولت أن أثير انتباه الرأي العام التربوي إلى هذا النوع من الهدر الذي لا يلتفت إليه. فلو قدر لنا أن نحصي عدد الساعات التي لا تنجز في كل المواد الدراسية على الصعيد الوطني ثم قدرنا حجم الهدر الزمني وما يناسبه من هدر مالي لوجدنا أنفسنا أمام مفاجأة مذهلة. وعندما نتحدث عن الجداول الناقصة فهذا لا يعني عدم وجود الجداول الكاملة . وما أثار دهشتي هو بيان نقابي يدعو إلى رفض ساعات الدعم التي صدرت فيها مذكرة تنظيمية خلال الموسم الدراسي المنصرم. فإذا جاز لأصحاب الجداول الكاملة رفض ساعات الدعم فهل من حق الذين يشتغلون بجداول ناقصة ذلك ؟ لقد تعجبت من الذين يعتبرون الجداول الناقصة مكسبا شرعيا ومطلبا يدافعون عنه باستماتة، وهنا أتساءل عن الغيرة عن المنظومة وعن الضمير المهني الحي ؟
وبعد ذلك لست ممن يتعصب للتفتيش لمجرد أنني مفتش فأنا ضد كل من يخل بواجبه أو يقصر فيه ، وهي قناعتي الراسخة.

فإذا صح ما ذكره الأستاذ أو الأستاذة س. أمين درقاوي في شأن بعض مفتشي التعليم الابتدائي بنيابة الناظور فأنا أول من يدين هذا الأداء غير المشرف ليس مجاملة لصاحب أو صاحبة المقال وإنما قناعة وإيمانا. لقد عقب على مقالي حول الهدر بعض المعلقين مطالبين بالكشف عن الهدر الزمني عند هيئة التفتيش ، وقد فهمت قصدهم وتفهمت موقفهم ، ففيهم من فهم أن المقال ضد المدرسين فأخذته العزة بإطار التدريس ضد إطار التفتيش، ومنهم من انطلق من واقع معيش للتعبير عن تدمره من هدر مسكوت عنه يمس هيئة المراقبة. وكقناعة وإيمان راسخ أقول المفتش كغيره من أطر وزراة التربية الوطنية مطالب بمهام ووظائف تحددها النصوص التنظيمية والتشريعية من بداية الموسم الدراسي إلى نهايته . والمفتش لا يستفيد من عطل خلال السنة إلا العطلة المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية وهي شهر واحد ومفروض عليه في شهر غشت ، وهو شهر عطلة حتى بالنسبة للمصالح المركزية للوزارة والأكاديميات والنيابات في حين قد يختار موظفو الوزارات الأخرى ما يريدون من شهور السنة كعطلة سنوية. واستثاء قد يستدعى المفتش لمهام حتى في شهر غشت كما حصل هذه السنة في الجهة الشرقية حيث استدعي المفتشون منتصف شهر غشت ، وفي يوم عطلة رسمية لتصحيح امتحان التوظيف المباشر الخاص بالمدرسين في أسلاك التعليم الثلاثة ولا زالت مسطرة تعويضهم عن التصحيح معقدة وطويلة وشاقة خلاف كل التعويضات وهذا موضوع آخر لا أريد الخوض فيه الآن. وعمل المفتش يحصى عليه كل دورة دراسية فإذا كان فيه تقصير فعلى الجهة المسؤولة استفساره ومحاسبته . ففي نهاية كل دورة دراسية يكون المفتش ملزما بتعبئة مطبوع يتضمن عدد الزيارات والتفتيشات والندوات والدروس التجريبية والتطبيقية والكفاءات والمجالس التعليمية ، ومهام أخرى من قبيل التكوين المستمر ، ومصاحبة وإقرار رجال الإدارة في مهامهم ، ولجان الزيارات الميدانية ، والمشاركة في تصحيح المباريات الخاصة بقطاع التربية ، وحضور اللقاءات الجهوية والإقليمية المختلفة ، والسفر إلى مركز التكوين المستمر بالمصالح المركزية ، وحضور اللقاءات الخاصة بقضايا التربية بمختلف جهات المملكة ، وإنجاز البحوث التربوية. والمفتشون ليسوا سواء في هذه المهام فتحركهم يكون بناء على مراسلات من الجهات المسؤولة إقليميا وجهويا ومركزيا. وإذا وما أخل مفتش مهما كان تخصصه بمهامه فإنه سيفتضح عندما يعبأ مطبوع أنشطته الدورية الذي يطلع عليه المسؤولون الإقليميون والجهويون والمركزيون فإذا كان دون المستوى فالمسؤولية تعود إلى المسؤولين الذين غضوا الطرف عن تهاونه وتقصيره. وهنا أقول كل موظف في وزارة التربية الوطنية ، وفي كل الوزارات قد يقصر في أداء الواجب بدءا بالاستفادة من التغيب خلال أوقات العمل وانتهاء بأكل المال العام ومرورا بكل أنواع التقصير في الواجب ، واللوم إنما يقع على من انتدب لمراقبته ثم سكت عنه سكوت الشيطان الأخرس.

وفي اعتقادي أن الخلل أو التهاون الصادر من جهة من الجهات تقع مسؤوليته مباشرة على الجهة المسؤولة عن المراقبة إذ لو كانت يقظة لما حدث الخلل أو التهاون. وقد يحدث أحيانا أن تقوم جهة بالقيام بواجبها في رصد التهاون والخلل ولكن الجهة المسؤولة فوقها تغض الطرف لاعتبار من الاعبارات المصلحية الخاصة بالنسبة لهذه الجهة المسؤولة بحيث تستغل السكوت عن الخلل والتقصير لدى جهة ما حتى لا تتحدث هذه الجهة عن خللها وتقصيرها ويكون ذلك بمثابة طعنة من الخلف للجهة التي قامت بواجبها بضمير مهني حي والحالات الشاهدة على ذلك معروفة ومشهورة ومخجلة. وما أريد أن أنبه إليه الرأي العام التربوي أن هيئة التفتيش تعاني من ظلم كبير تتحمل الوزارة الوصية مسؤوليته ذلك أن الوزارة أعادت ـ يا حسرتاه ـ هيكلة جهاز المراقبة منذ سنة 2004 بوثيقة إطار وبمذكرات تنظيمية من 113 إلى 118 وهو تنظيم ينص على إنشاء بنايات عبارة عن مفتشيات متكاملة وبتجهيزات ووسائل بما فيها وسائل النقل ، ولحد الساعة لا وجود لمفتشيات ولا لتجهيزات ولا لوسائل نقل أو غير نقل ، وكل ما حدث أن بعض المسؤولين الإقليميين عمدوا إلى حلول ترقيعية فوفروا بعض البنايات التي كانت عبارة إما عن مستودعات أو مساكن إدارية ليس فيها أدنى مواصفات المفتشيات وبسقطع متاع مما فضل عنهم من كراسي وطاولات وبنقص فادح في التجهيزات والوسائل ، وبدون وسائل نقل ، حتى أن في بعض النيابات صارت السيارات المحسوبة على هيئة التفتيش رهن إشارة موظفي هذه النيابات يستعملونها حتى لأغراضهم الشخصية وإذا ما طالب بها رجال ونساء هيئة المراقبة قيل لهم لم توفر الأكاديمية ميزانية وقود لهذه السيارات. ولو قدر للرأي العام أن يطلع على المواد المكتبية التي يزود بها المفتشون في بداية كل موسم دراسي لضحك مستلقيا على قفاه فهي لا تعدو وسائل تلميذ في الصف الأول من التعليم الأولي وهي عبارة عن أوراق بيضاء لا تتجاوز ربع أو ثلث علبة ورق وثلاثة أقلام جافة وقلم رصاص وبضع أظرفة صفراء ، وتبقى عدة تلميذ الصف الأول من التعليم الأولي أفضل من عدة المفتش بالمعجون والصباغة والملونات . ومعظم المفتشون يطبعون تقارير التفتيش والزيارات والندوات والبحوث على نفقتهم الخاصة نظرا لافتقار بعض النيابات إلى راقنات. أما التعويض عن الإطار فلا زال المفتشون يناضلون من أجل هذا المطلب المتقادم إذ لا تتميز أجرة المفتش عن أجرة غيره من موظفي قطاع التعليم في سلمه ، وهو في كثير من الحالات خاسر في الصفقة إذ تحمل عبء مباراة الدخول إلى مركز تكوين المفتشين بامتحان الدخول الكتابي والشفهي وامتحان السنة الأولى الكتابي ، وامتحان التخرج الكتابي ، وانجاز بحث كان من المفروض أن يستفيد من معادلته لدبلوم الدراسات الجامعية العليا ولكن ذهب عناؤه أدراج الر ياح وترك مقر عمله كمدرس بجدول حصص مخفض لينتقل إلى مقر عمل بعيد عن مقر سكناه بمئات الكيلومترات وفي منطقة شاسعة ولسنوات طويلة وبوسيلة نقله الخاصة التي تحولت إلى مقاتلة من مقاتلات تهريب البترول المعروفة في الجهة الشرقية ، وبتعويض عن التنقل زهيد لم يتجاوز طيلة عقد من السنين 1500 درهم في أحسن الحالات . وفي المقابل لم يتغير مرتبه عن مرتب زملائه في نفس سلمه . فهذه صفقة خاسرة لا يقدم عليها إلا مجنون خصوصا وأنه محط اتهام الجميع لأنه يقوم بعملية المراقبة ، وويل له ثم ويل إن حاول القيام بواجبه على الوجه المطلوب. وأعتقد أن حال رجال ونساء هيئة بهذا الوضع المزري سيدفع بالبعض إلى اليأس وإلى الخمول .

وإن البعض أحيانا يتعذر عليه التنقل لضيق ذات اليد بوسيلة نقله الخاصة حيث يكلفه تنقل واحد لإجراء زيارة واحدة مصروف أسبوع كامل مما تطعمه أسرته ، وقد يصل إلى مكان الزيارة فيجد من زاره في رخصة لم تعد الإدارة التربوية قادرة على التبليغ بها لأنها لا تملك أيضا وسيلة نقل ولا حتى قسيمات بريد. ولو قدر للرأي العام التربوي أن يرى المفتش وهو في المناطق النائية يستظل بشجرة أو في العراء التام على اختلاف فصول السنة الدراسية ،وهو يتناول علبة سردين وقطعة خبز ، وجرعة ماء في انتظار الفترة الزوالية للقيام بمهامه لعرف درجة المهانة التي تلاحق هذا الإطار والذي حق له ألا يعوض على إطاره لأنه ذل ورضي بوجبة قد يأنف منها حتى المشردون الهائمون على وجوههم ، وأقسم بالله العظيم غير حانث أنه استجداني أحدهم يوما فاقترحت عليه وجبة علبة السردين في رغيف خبز فرفض ما رضيت به كمفتش في العراء ،والحمد لله على نعم الله . أقول للفضلاء الذين لا يترددون في انتقاد المفتشين إنهم ليسوا سواء في الهموم وفي الضمائر وفي العمل ، تماما كما أن غيرهم من أطر الوزارة ليسوا سواء في الهموم والضمائر لهذا لا بد من تحري الحقائق قبل إصدار الأحكام ، وتبقى الرقابة الإلهية هي أفضل الرقابات فكل سيعود إلى ربه وفي حيز لا يتجاوز شبرا من الأرض ليسأل من طرف من لا تأخذه سنة ولا نوم ، وهو عالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور.

فمن أكل سنتيما واحدا دون أن يقدم مقابله ما يجب من عمل فسينال جزاءه الأوفى بموجب محكمة العدل الإلهية التي تزن الأعمال بمثقال الذرة وهو أصغر وأدق وأعدل مثقال. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.