Home»National»مفهوم المصلحة الوطنية في السياسة الخارجية المغربية

مفهوم المصلحة الوطنية في السياسة الخارجية المغربية

0
Shares
PinterestGoogle+

محمد بوبوش: باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي-جامعة محمد الخامس-أكدال-الرباط

تعتبر المصالح الوطنية بمثابة القوة الدافعة والمحددة لاتجاهات السياسات الخارجية للدول،وكل اختلاف في تفسير مضمون المصالح الوطنية من جانب أجهزة اتخاذ القرارات المسؤولة، لابد أن يترتب عنه بالضرورة تغييرات مماثلة في مضمون هذه السياسات الخارجية.
إن أصل هذا المفهوم يعود إلى قيام نمط العلاقات الدولية القائم على « نموذج الدولة –الأمة » كفاعل أساسي وككيان موحد ومستقل وذي سيادة. وقد طرح مفهوم المصلحة الوطنية على الصعيد الأكاديمي وكذا العملي بعض الصعوبات المتعلقة بتحديد مضمونه وإشكالية اتخاذه كأداة عملية لتحليل وتفسير السياسة الخارجية للدول.

وهكذا نجد أن « المصالح الوطنية » تمثل المقام الأول في مركب علاقات الدولة الخارجية، وإن إدامتها وتعزيزها هي غاية السياسة الخارجية.وبذلك أصبح مفهوم « المصلحة الوطنية » من أكثر المصطلحات شيوعا في القاموس السياسي والدبلوماسي يستخدمه السياسيون، وصانعو القرار، والمحللون، والمعلقون، وحتى الجمهور غير المختص عند الحديث عن العلاقة بين دولتين.
لكن إذا أمعن المرء في استخدامات السياسيين وصانعي القرار لمفهوم المصلحة الوطنية فإنه يجد نفسه أمام تناقض أو ارتباك في استخدام هذا المصطلح. ولايزول هذا الغموض أو التناقض إلا بتذكر مبدأ الازدواجية في التعامل مع مفهوم المصلحة الوطنية نفسه،فمن جهة يستخدم مفهوم المصلحة الوطنية كمعيار لتقويم حالة سياسية معينة أو قضية معينة،ومعرفة ماهو في الميزان تجاه قضية وطنية أو مجموع قضايا، الموقف أو السلوك الذي يجب على الدولة أو صانع القرار اتخاذه حيالها.ومن جهة ثانية كثيرا ما يستخدم مصطلح المصلحة الوطنية بشكل لاحق من أجل تبرير قرار اتخذ بشأن مسألة بناء على أهداف أو رغبات زعيم أو قيادة أو حسابات شخصية لقائد أو مصالح حزبية ضيقة لفئة، أو أقلية ذات نفوذ في الدولة والمجتمع.وفي هذه الحالة يكون مفهوم المصلحة الوطنية عبارة عن فتوى نفسية لتلك القيادة أو جزء من آلة الدعاية لزعيم أو مسؤول معين أو حزب أو فئة.
من هنا فإن مفهوم المصلحة الوطنية قد يكون وصفا موضوعيا لواقع سياسي استراتيجي أو لمصلحة يجب تقديرها واختيارها من بين غيرها، وقد يكون إسقاطا ذاتيا أو تبريرا شخصيا لسياسة تم تبنيها بشكل عفوي وبناء على مصالح أو تصورات ليست وطنية ولا تحظى بالدعم الوطني ولايوجد إجماع عليها.وضمن المفهوم الموضوعي-فإن المصالح الوطنية تكون هي المحددات الأساسية والحاجات الجوهرية(الصميمة) أو المعايير النهائية التي بموجبها تصيغ الدولة أهدافها ومقاصدها،وترسم سياستها الخارجية وإستراتيجيتها وتكتيكها الدبلوماسي عبر مؤسساتها الدستورية وعلى أساس مشاركة أكبر قطاع ممكن من الأجهزة المختصة،والرأي العام في الأنظمة الديمقراطية.وإذا ما قمنا بتحليل مصطلح مصالح وطنية فإننا نجد له تجليات ودلالات كثيرة.
فهناك مصالح مشتركة أو متكاملة أو متطابقة، وهناك مصالح متضاربة متناقضة وأخرى متفاوتة شيئا ما، وهناك مصالح أساسية للدولة، وأخرى ثانوية.ثم هناك مصالح حيوية وأخرى مشروعة، وكذاك يوجد مصالح جوهرية وأخرى محدودة أو محددة، وأخرى ضرورية.وفي محاولة مقاربة مصالح الدول فإن النجاح أو الفشل في تحقيقها محكوم بعوامل كثيرة من أهمها: طبيعة المصالح التي في الميزان ومدى شموليتها، وكذلك درجة ثباتها أو ديمومتها.
ولايمكن الحديث حول مفهوم المصلحة الوطنية بشكل عام دون الإشارة إلى البعد الأخلاقي للمصلحة الوطنية وعلاقة المصلحة بالقوة.

إن تعريف المصالح الوطنية القومية للدولة أو الأمة على أساس التمسك بمثل عالمية، وأفكار ومعايير إنسانية كونية، وحماية مبادئ سامية أمر غير عملي، ولن يقود إلا إلى فشل السياسة الخارجية للدولة المعنية وربما التوتر في علاقاتها مع الدول الأخرى.فلابد من أن يستند تحديد المصالح الوطنية على مبدأ أعلى للدولة وهو تأمين البقاء للأمة ولمؤسسات الدولة.
وفي العلاقات الدولية تنتعش روح البقاء الوطني من خلال القوة.فالقوة هي أوكسجين المصلحة الوطنية والدم الذي يغذيها. وهذا ما يقودنا إلى الإشارة إلى العلاقة التكاملية بين المصلحة الوطنية والقوة، فكلاهما متمم للآخر ومكمل له.فالقوة من جهة هي وسيلة لحماية المصالح الوطنية للدول، مثلما هي غاية بحد ذاتها للمصلحة الوطنية،أي أن أعلى مرتبة للمصالح الوطنية في المطلق هي تعزيز قوة الدولة الوطنية في المفهوم الشامل.ولكن نجد على الصعيد العملي أن هناك باستمرار تفاوت بين القوة والمصلحة الوطنية حتى لأكبر الدول وأغناها.
فحاجات الدول ومجتمعاتها وتطلعاتها لانهائية.ولا توجد دولة تتمتع بعناصر قوة كافية لتحقيق تلك الحاجات أو الرغبات.لذلك لابد من وضع سلم أولويات للمصالح والمفاضلة بينها.وتتميز قيادة أي بلد عن غيرها من خلال درجة الفهم الذي تبديه لأولويات الأمة والمجتمع وقدرتها على توفير القوة لحمايتها،ومدى تحقيق التناغم بين القوة والمصالح الوطنية تلك.
ومن المعروف أن مفهوم القوة نسبي ديناميكي مثلما أن المصالح الوطنية متغيرة من حيث المضمون والأولوية.ولهذا نجد أن ثبات المصالح الوطنية خلال فترة من الزمن هو أمر نسبي ويعتمد على:

–طبيعة المصالح الوطنية نفسها،خاصة السياسية منها.
–درجة ثبات البيئة السياسية التي تصاغ من خلالها السياسات والبرامج والخيارات المتاحة لمتابعة المصالح الوطنية للدولة وحمايتها وخدمتها.
–مدى توفير خيارات سياسية جديدة أمام صانعي القرار والمخططين أم عدمه من أجل إدامة المصالح تلك.وبما أن البيئة السياسية أو الدولية التي تؤثر في تحديد تلك المصالح وترتيبها متغيرة، مثلما أن توفر الخيارات السياسية أمر يخالف من حين لآخر، فإننا نجد أن المصالح الوطنية الأساسية الثابثة نسبيا قد تتغير مع الزمن.
إن مفهوم المصلحة الوطنية مفهوم غامض وملتبس ومتبدل ويصعب تحديده تحديدا مجردا خارج التصورات الفعلية لدى الدول، وخارج ظروف وملابسات هذه التصورات.كثير من البلدان النامية المدينة تقبل بتوصيات صندوق النقد الدولي، فهل هذا من مصلحتها؟لماذا تفضل تحقيق أهداف اقتصادية (إعادة جدولة الديون مثلا) على الحفاظ على استقلال قرارها الداخلي؟ ما السر في تمسك إيران ببرنامجها النووي وإصرارها على تخصيب اليورانيوم؟ ما مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في بقاء جيشها بالعراق؟
في 13غشت سنة 1984 عقد معاهدة اتحاد مع الجماهيرية الليبية، وفي سنة 1986 رأى أن مصلحته تقتضي إلغاء هذه المعاهدة؟
لقد حدد الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجالاة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلاء جلالةع عرش البلاد ستة مصالح وطنية في السياسية الخارجية:

1-قضية الصحراء والبناء المغاربي.

2-التضامن مع قضايا وهموم العالم العربي والإسلامي.

3-تعزيز التعاون والشراكو مع الدول الإفريقية الشقيقة.

4-مضاعفة الجهود للتفعيل الأمثل للوضع المتقدم مع الإتحاد الأوربي.

5-الإنخراط في المبادرة الواعدة للاتحاد من أجل المتوسط.

6-الانخراط الفعال في الأجندة متعددة الأطراف،وفي حل القضايا العالمية الشمولية.
تحتل مسألة الوحدة الترابية للمملكة المغربية مصلحة وطنية عليا ولها الأولوية على كل القضايا الأخرى، فقضية الصحراء الملف الأكثر أهمية في السياسة الخارجية المغربية، والمتتبع لهذا الملف يرى كثرة الحلول التي كان يقبلها المغرب تبعا لمصلحته الوطنية، فلماذا قبل المغرب الاستفتاء في الصحراء عقب مؤتمر نيبروبي سنة 1984؟ ثم لماذا تراجع عنه؟ما مصلحة المغرب في طرح مبادرته حول الحكم الذاتي لجهة الصحراء وقبول التفاوض حول هذه المبادرة؟
إن إجراء الاستفتاء لم يعد ممكنا بسبب العراقيل والمعوقات التي وضعتها جبهة البوليساريو والتي جعلت تطبيقه مستحيلا على أرض الواقع،وبات البحث عن حل سياسي واقعي ومتوافق بشأنه أمرا محسوما لإخراج قضية الصحراء من المأزق الذي وضعت فيه،وبالتالي فإن المغرب رأى أن من مصلحته تقديم نوع من التنازل، وإمساك العصا من الوسط، ونهج دبلوماسية هجومية بدل التفرج وانتظار الحلول الخارجية وهذا ماكانت تريده الجزائر، لذلك تقدم المغرب بمبادرته حول الحكم الذاتي القائمة على الديمقراطية والشرعية الدولية،والتي لاقت استحسانا وتفهما من قبل المجموعة الدولية،لأنها مبادرة بناءة وواقعية تقوم على إشراك سكان الأقاليم الجنوبية في تدبير أمورهم بكل حرية عبر هيآت تنفيذية وتشريعية وقضائية وتحترم الخصوصيات المحلية والجهوية.
يقول صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الخطاب السامي بمناسبة الذكرى 32 للمسيرة الخضراء-خطاب 6 نونبر2007:
« .

…وإن المملكة لمستعدة لمواصلة التفاوض العميق، في انفتاح على كل الاقتراحات البناءة، عاملة على توفير الثقة اللازمة لتسفر المفاوضات، مع كل الأطراف المعنية، عن إيجاد حل نهائي لهذا النزاع المفتعل. كما أننا لن ندخر أي جهد لإنجاحها، غايتنا تفعيل الاتحاد المغاربي وتسخير طاقات شعوبه، لتحقيق التنمية ورفع تحدياته الحقيقية التنموية والأمنية، الجهوية والدولية، في إطار الوئام والتضامن والاندماج.
وكيفما كانت صيغة الحل التوافقي، الذي سينبثق عن التفاوض الجاد، وفق منظور استراتيجي شامل، فإن المغرب، ملكاً وشعباً، لن يقبل إلا بالحكم الذاتي، في نطاق دولته الواحدة الموحدة، ولن يتعامل مع أي طرح مدسوس أو اتجاه ينتقص من سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية غير القابلة للمساومة أو التجزئة ».
إلى جانب قضية الصحراء يعد البناء المغاربي مصلحة وطنية جوهرية في السياسة الخارجية المغربية، ولاغرو في أن يتمثل المغرب هذا المشروع،ويسعى منذ استقلاله إلى تحقيقه،فبالنسبة للملك الراحل محمد الخامس، فإن الشمال الإفريقي يكون وحدة في الجغرافيا والجنس والدين واللغة والتقاليد ولذلك فمصيره كما كان ماضيه واحد » ويقول في موضع آخر:.. »ويتعين علينا أن نولي عناية خاصة لإقامة اتحاد بين أقطار المغرب العربي،يعزز جانبها ويؤهلها للقيام بدورها على مسرح السياسة العالمية.. »
وقد أخذ التشبت بهذا المشروع المغاربي مكانة خاصة في تفكير العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.فهي « وحدة متراصة تنبع من القلوب وتحتمها ضرورة العصر ويفرضها ترابط المصير، وتمليها وحدتنا التاريخية الكبرى نساهم بها في تركيز دعائم الحرية والسلم وتثبيت أسس التآخي بين المجموعة البشرية.لن تكون وحدة عدوان ولا توسع ولا استغلال، ذلك لأنها وحدة اختمرت في أعماق ضمائرنا،ونحن نخوض الكفاح ضد العدوان والتوسع والاستغلال.. ».

بل إن الاتحاد المغاربي يتردد بشكل مستمر في الخطب الملكية السامية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في رسائل التهنئة بمناسبة إنشاء اتحاد المغرب العربي:
« ….وفي هذا الصدد، فإن المغرب يعتبر أن الخلاف المفتعل حول الصحراء، لا زال، مع كامل الأسف يعيق بناء اتحاد المغرب العربي، ويعرقل الاندماج الاقتصادي الذي تتطلع إليه الشعوب المغاربية الشقيقة . وإنني لأجدد استعداد المغرب لمواصلة العمل، بكل صدق وعزيمة مع الأمم المتحدة وجميع الأطراف المعنية، من أجل إيجاد حل سياسي تفاوضي ونهائي، في نطاق الشرعية الدولية، يضمن للمملكة المغربية سيادتها ووحدتها الوطنية والترابية، ويكفل لسكان أقاليمها الجنوبية التدبير الذاتي لشؤونهم الجهوية في إطار الديمقراطية والاستقرار والتنمية المندمجة.
وإن من شأن هذا الحل تجنيب تحول المنطقة إلى فضاء للتوتر وتأهيلها ليس فقط لتحقيق اندماج الاتحاد المغاربي وإنما أيضا تمكين هذا الاتحاد من النهوض بدوره على الوجه الأكمل في محيطه المتوسطي، وعلاقاته مع دول الساحل الإفريقي، لتحصين منطقة غرب الشمال الإفريقي برمتها، من مخاطر البلقنة والإرهاب الدولي.. »

.
أما في خطاب العرش ل 30 يوليوز 2009 فقد أكد ما يلي:
…ومساهمة من بلادنا في توفير ظروف تفعيل العمل المغاربي المشترك،كخيار استراتيجي،لتحقيق تطلعات شعوبه الخمسة للتنمية المتكاملة،والاستجابة لمتطلبات الشراكة الجهوية،وعصر التكتلات الدولية،نؤكد إرادتنا الصادقة لتطبيع العلاقات المغربية-الجزائرية.
وذلك وفق منظور مستقبلي بناء،يتجاوز المواقف المتقادمة،والمتناقضة مع الروح الانفتاحية للقرن الحادي والعشرين. ولاسيما تمادي السلطات الجزائرية في الإغلاق الأحادي للحدود البرية.
إن هذا الموقف المؤسف،يتنافى مع الحقوق الأساسية لشعبين جارين شقيقين،في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية،في التنقل والتبادل الإنساني والاقتصادي.
إلى جانب هذه القضايا يعد التضامن العربي والوحدة العربية من المصالح الوطنية الإستراتيجية للمملكة المغربية،يقول صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي الموجه إلى القمة العربية العشرين بدمشق في 29 مارس 2008:
 » …فخامة الرئيس، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي، حضرات السيدات والسادة، تظل القضية الفلسطينية في صدارة اهتماماتنا، لذلك نؤكد موقف المغرب الثابت، الداعم للسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، بقيادة أخينا المناضل فخامة الرئيس محمود عباس، وبالأخص في ظل الظروف العصيبة التي يعانيها الشعب الفلسطيني الشقيق، والتي تتطلب منه وحدة الصف.
وإننا لندين بشدة الأعمال العدوانية، التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولاسيما ما يعرفه قطاع غزة من حصار ظالم، كما نشجب العنف الذي يستهدف المدنيين الأبرياء ، وخصوصا الأطفال والنساء، في خرق سافر للمواثيق الدولية وللقانون الدولي الإنساني.

وفي هذا السياق، ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى التخلي عن سياسة الاحتلال والعقاب الجماعي التي تنهجها ضد الشعب الفلسطيني والتي تنذر بوأد كل المبادرات السلمية البناءة، وفي مقدمتها مبادرة السلام العربية التي تمثل خيارا واقعيا ومتوازنا، خياراً يفتح الآفاق أمام حل عادل وشامل ودائم لقضية الشرق الأوسط، حل يكفل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، دولة قابلة للحياة. حل يقوم على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة الفلسطينية والسورية واللبنانية، مجددين استعدادنا لبذل وتأييد كل الجهود والمبادرات السلمية، لإنهاء الاحتلال.
كما ندعو جميع الأطراف، لحسن استثمار المناخ الذي هيأه مؤتمر أنابوليس، من أجل تفادي ما من شأنه جعل شبح اليأس يحل محل بريق الأمل الذي فتحه هذا المؤتمر أمام إحياء مسلسل السلام في الشرق الأوسط، مما يتطلب من الجميع الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب من شأنها الإخلال بالتزاماتها، بموجب الاتفاقيات المبرمة، وبنود خارطة الطريق وغيرها من التعهدات.
وفي نفس السياق، نعبر عن تطلعنا إلى أن تسرع الدول والمنظمات والمؤسسات المالية الدولية وتيرة توفير الموارد المالية لصالح السلطة الفلسطينية، تنفيذا لقرارات مؤتمر باريس للمانحين. فمن شأن ذلك بعث روح الأمل في نفوس الشعب الفلسطيني لكي ينخرط في مسلسل السلام الذي ينشده الجميع.
وبصفتنا رئيسا للجنة القدس الشريف، فإننا نوجه نداء إلى القوى الدولية الفاعلة، لبذل ما يلزم من الحزم تجاه إسرائيل للحفاظ على الوضع القانوني لهذه المدينة المقدسة والتخلي عن مخططاتها الرامية إلى تغيير معالمها الدينية والثقافية والحضارية.
وفي هذا السياق، ومع ترحيبنا بجميع المبادرات الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة، فإننا نعتقد أنه قد آن الأوان، لكي يأخذ العرب المبادرة، ليس فقط لتأكيد رغبتهم الصادقة في تحقيق السلام، ولكن أيضا لتأكيد عزمهم على الخروج من نفق انتظار الحلول، التي قد تأتي أو لا تأتي. ولن يتحقق ذلك إلا برص الصف العربي والتشبث بموقف موحد ومشترك والانخراط الجماعي في مواجهة المعضلات الحقيقية للأمة، بدل هدر طاقاتها وجهودها في نزاعات مفتعلة وتصرفات متطرفة يائسة سئمتها شعوبنا، ويتخذها خصومها ذريعة للنيل من قيمها الثقافية والحضارية أو مطية لمحاولة بغيضة لتشويه الجوهر السمح لديننا الإسلامي.

وبنفس الروح المفعمة بالوئام ولمّ الشمل وجمع الكلمة ، في مواجهة المشاكل الحقيقية، فإن المغرب، الذي كان من رواد اتفاقية الطائف، لعلى استعداد كامل لبذل كل الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل توافقي، انطلاقا من الخطة التي أقرها مجلس الجامعة العربية، والتي تضمن مصالح لبنان وتكفل صيانة وحدته الوطنية والترابية وسيادته واستقراره وأمن وازدهار جواره والمنطقة برمتها.
كما أن الظروف المأساوية التي يمر بها الشعب العراقي الشقيق، تعد مصدر ألم وانشغال كبيرين، مؤكدين على ضرورة استرجاع العراق الشقيق لسيادته كاملة والحفاظ على وحدته الترابية. ولهذه الغاية، نوجه نداء إلى كل القوى والأطياف السياسية والدينية، للتحلي بالحكمة وبذل الجهود الصادقة لتجاوز الأزمة ووقف دوامة العنف والدمار والإرهاب، جاعلة المصالح العليا للشعب العراقي الشقيق وتطلعاته للوحدة والوئام والأمن والسلام، فوق كل اعتبار.
وبنفس الإرادة الوحدوية، نؤكد انخراطنا ودعمنا للمساعي الحميدة لمسيرة السلام والوفاق والوحدة بالسودان والصومال وجزر القمر الشقيقة، غايتنا المثلى في كل الظروف والأحوال، الالتزام بمبدأنا الراسخ المتمثل في الحفاظ على السيادة والوحدة الترابية للدول العربية وتجاوز الخلافات والصراعات الظرفية.
فخامة الرئيس، إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي، ستظل المملكة المغربية دائمة الاستعداد، بكل صدق وإخلاص، لاتخاذ والإسهام الفعال في كل المبادرات الهادفة إلى وضع الأسس القوية لشراكة عربية مندمجة وبناء نظام جماعي حيوي يهدف إلى تطوير آليات العمل العربي المشترك، نظام متجدد وفعال، يوفر الشروط الموضوعية للتعاون البيني وتشجيع الاستثمار وتأهيل الاقتصاد والإنسان العربي وتحسين أدائه، نظام حديث كفيل برفع تحديات العولمة والانخراط في مجتمع المعرفة والاتصال، وتكريس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، في مراعاة لخصوصيات ومقومات كل بلد وشعب بإرادته المستقلة وحسب وتيرة تطوره.
وهذا ما أكده مجددا خطاب العرش لـ30 يوليوز 2009 :
« 

.. وبنفس العزم،سنواصل جهودنا لتعزيز أواصر الأخوة العربية والإسلامية،سواء بإعطائها مضمونا اقتصاديا وتنمويا فعليا،أو من خلال نصرتنا الدائمة،للقضايا العادلة لأمتنا.
وفي طليعتها،عملنا كرئيس للجنة القدس على صيانة هويتها،ووضعيتها كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة،كاملة السيادة; مؤكدين انخراطنا،في إجماع المجتمع الدولي،على رؤية الدولتين،ومرحبين بالتزام الإدارة الأمريكية بالحل العادل،بما يقتضيه من مستلزمات وتوافقات. »
يستخلص المحلل من هذه السطور المنظور الملكي لمصالح المغرب الوطنية.ويأتي في مقدمة هذه المصالح الدفاع عن الرسالة العربية القومية والتي جوهرها،بالنسبة للمغرب الدفاع عن فلسطين وعروبة القدس، والعمل على تحرير الوطن العربي من الهيمنة والنفوذ الأجنبيين، وكذلك العمل من اجل التوافق العربي سواء أخذ ذلك شكل الوحدة أو التضامن العربي أو تنقية الأجواء العربية وإحياء العمل العربي المشترك.
إن النظرة التي عبر عنها الملك محمد السادس تمثل ما يسمى بالمنظور الإيديولوجي لمصالح المغرب الوطنية. وهذا المنظور متجذر في السياسة المغربية لاعتبارات عديدة،ويتبدى في المصطلحات السياسية لمختلف ألوان الطيف السياسي المغرب باعتباره العمل من أجل مصالح الأمة العليا يعزز شرعية الحكم، ويتجاوب مع تطلعات القطاع الأوسع من الرأي العام المغربي، ويعبر عن مشاعر الجمهور أيضا.كما أن صياغة مصلحة المغرب الوطنية من منظور إيديولوجي وبشكل ينسجم مع تطلعات الشعوب العربية الأخرى يعزز مكانة المغرب والمواطن المغربي في الدول العربية والغربية، ويشكل قاعدة لمزيد من الدعم المادي والسياسي للمملكة المغربية،خاصة في ضوء ضعف قاعدة الموارد المادية في البلاد وضخامة التحديات الخارجية التي واجهت المغرب بعد الاستقلال.
فمن مصلحة المغرب تحرير فلسطين وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية فوق ترابه الوطني الفلسطيني في غزة والضفة الغربية .
ومثل تحرير فلسطين وإنقاذ حقوق الشعب الفلسطيني فإن تحقيق أقصى درجة من الاندماج والتفاهم بين الدول العربية مصلحة وطنية أساسية.لذلك نجد أن أكثر السياسيين وصانعي القرار في المغرب يرون أن تحقيق أي شكل من أشكال الوحدة العربية الكلية أو الجزئية يصب في مصلحة المغرب.
وعلى صعيد أوسع، وخلال العقود الماضية قبيل انهيار النظام الشيوعي وتفكك الاتحاد السوفيتي،كان المغرب يرى أن من مصلحته عدم انتصار المعسكر الشرقي في الحرب الباردة باعتبار أن الشيوعية خطرا يهدد العقيدة الإسلامية، والهوية العربية الإسلامية،والنظام في البلاد فيما لو سادت عالميا.ولذلك كان مفهوما ضمنا لدى صانعي القرار أن انتصار المعسكر الغربي يمثل أهون الشرين بالنسبة للمغرب والعالم العربي رغم دعم الولايات المتحدة وبريطانيا البارز للدولة العبرية،والالتزام ليس فقط في بقائها ضمن حدود معترف بها دوليا بل وبتفوقها العسكري كما ونوعا على الدول العربية مجتمعة.

وبسبب الخلافات العربية التاريخية الناجمة عن الكيفية التي نشأ فيها النظام العربي الحالي، وجراء وجود اتجاهات إيديولوجية ومحاور سياسية وعسكرية عديدة في العالم العربي،ونتيجة تفاوت سلم الأولويات بالنسبة إلى مختلف الأنظمة العربية عبر السنين وتدخلات القوى الخارجية التي تمكنت من اختراق النظام العربي بسبب ذلك كله انقسمت الدول العربية في فترات الحرب الباردة إلى معسكرين، وتعمقت تلك الانقسامات لتأخذ شكل تجمعات إقليمية ومحاور نجم عنها تناقض في سياسات الدول العربية واختلافات جذرية تأثرت منها مصالح جوهرية للشعوب العربية.امتدت هذه الخلافات لتطال كيفية مواجهة الخطر الصهيوني في الستينات والسبعينات.ثم كيفية التعامل مع القوى الدولية المؤثرة وخاصة قطبي الحرب الباردة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.كما حصل تفاوت في مصالح الدول العربية على الصعيد الفعلي،وتغلب ماهو كائن والمتمثل بالاختلافات العربية على ما يجب أن يكون وهو التوافق أو الاتفاق العربي حول مختلف المسائل الحيوية التي تهم الوطن العربي والأمة العربية.لذلك تبنى المغرب سياسات ومواقف لايمكن فهمها ضمن التعبير الإيديولوجي للمصلحة الوطنية،ولكنها كانت ضرورية وفي صالح الأمة العربية(الاتصالات السرية مع بعض المسؤولين الاسرائليين بالمغرب).
لكن ما أهمية ذلك بالنسبة إلى مفهوم المصلحة الوطنية المغربية الذي نحن بصدده؟
إن أحد الدروس المستفادة من اللمحة المختصرة أعلاه يشير إلى محدودية المنظور الإيديولوجي في تفسير المصلحة الوطنية في سياسات المغرب الخارجية وكذلك الحال في سياسة أي دولة،ولذلك لابد من البحث عن منظور آخر أكثر قربا إلى الواقع لفهم جوهر المصلحة الوطنية المغربية دون استبعاد المنظور الإيديولوجي.
والمنظور الآخر الذي لابد من النظر إليه لفهم تطور صياغة مصالح المغرب الخارجية وحمايتها هو المنظور الجيوسياسي. وحسب المنظور الجيوسياسي فإن جوهر العلاقات الدولية وسياسات الدول الخارجية،بما فيها عملية تحديد مصالحها الوطنية،ووسائل إدامتها يتمثل بالصراع من أجل البقاء وعماده الأساسي والوحيد هو القوة.

إذن وحسب المنظور الجيوسياسي فإن العلاقات الدولية في واقع الحال هي صراع وتنافس بين الدول من أجل القوة.ومصالح الدول تحدد ويتم تبويبها من خلال علاقاتها بقوة الدولة.وقد يكون الهدف أو الغاية الأساسية للمصلحة الوطنية هو تعزيز قوة الدولة(بقاؤها) كما ورد سالفا.كما قد تكون القوة وسيلة إدامة لمصالح الدولة،وحمايتها لاسيما الحيوية منها،التي تسعى الدولة للمحافظة عليها بأي ثمن،وعدم التنازل عنها أو التفاوض بشأنها بإرادتها.ويأتي على رأس هذه المصالح حماية الوجود المادي للأمة والكيان.
ونتيجة لهذه العلاقة الجدلية بين المصالح الوطنية والقوة يعمل كلا المفهومين على إضاءة الآخر.فالقوة تسهم في عملية تعريف المصالح وكذلك وضع سلم أولويات لها.كما أن المصلحة الوطنية تحتم على الجميع في المجتمع والدولة العمل على تعزيز قوة الدولة لأن ذلك يعزز بقائها ويخدم مصالح المجتمع العامة.كما أن منظومة المصالح الوطنية و عملية ترتيبها حسب أهميتها يفصح عن طبيعة قوة الدولة،لكن هذا الرابط بين مفهوم القوة والمصلحة الوطنية صحيحا فقط عندما يكون مفهوم المصلحة الوطنية قد استخدم بمدلوله الموضوعي الواقعي الجيوسياسي وليس الذاتي،أو الإيديولوجي، أو الأخلاقي الإنساني.
لقد كان الزعيم الألماني بسمارك يقول إن الجغرافيا هي العنصر الدائم في السياسية، كما أن المنظور الجيوسياسي حاضرا وبقوة في السياسة الخارجية المغربية، وهذه الحقيقة يؤكدها البعض الآخر عندما يعتبر أن الدول والأفراد،إذا كان بإمكانهم تغيير التاريخ،فليس في مقدرتهم تعديل الجغرافيا.

وهذا التصور نتلمسه بوضوح عند العاهل المغربي بقوله: « ليس بإمكاني تغيير موقع كل من المغرب والجزائر.ويجب أن يتذكر المغاربة والجزائريون دائما أنهم لن يقدروا على تغيير موقع بلديهم ».لقد استخدم المنظور الجيوسياسي لحماية المصلحة الوطنية المغربية.فالمغرب يقع في أقصى العالم العربي ويطل في نفس الوقت على أوربا،علاوة على ذلك فهو يشاطئ البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.وهو ملتقى القارتين الإفريقية والأوربية، وبالتالي فهو حلقة وصل بين حضارات مختلفة،حيث بات بمثابة مختبر حقيق،فهو المتوسطي والإفريقي والعربي والإسلامي والمشبع بتراث مزدوج شرقي وغربي،أهلته لذلك وضعيته الجغرافية الاستثنائية التي يحتلها من العالم.
ولاريب أن هذا الموقع الجغرافي المتميز،قد حكم على المغرب بنهج سياسة الانفتاح على كثير من الفضاءات،ومن بينها الفضاء الأوربي،حيث إن الجوار الجغرافي وإفرازات المرحلة الاستعمارية،والإغراءات الأوروبية،جعلت المغرب يعتبر الارتباط العضوي بالمجموعة الأوروبية مصلحة وطنية جيوسياسية،وصل إلى حد تقديم طلب رسمي للانضمام إلى المجموعة الأوربية سنة 1985، وقد حصل المغرب بعد تبني الاتحاد الأوربي لسياسة الجوار مع الضفة الجنوبية للمتوسط، على وضع متقدم « أكثر من الشراكة وأقل من العضوية ».

طبعا لا ننسى هنا الإشارة إلى الدعوة المغربية للجارة الجزائر بفتح الحدود بين البلدين لما فيه من مصلحة الشعبين الشقيقين.
إلى جانب المنظورين الإيديولوجي والجيوسياسي للمصلحة الوطنية،هناك منظور ثالث،وهو ما يمكن أن نطلق عليه المنظور القانوني المؤسسي أو العالمي.
ينظر أصحاب هذا الاتجاه في معرض تحديد مصلحة الدولة الوطنية إلى العلاقات الخارجية كالنظرة إلى السياسات الداخلية أو الوضع الداخلي في الدولة من حيث خضوع سلوك الدول إلى مفهوم القانون والمرجعية القانونية التي تحكم السياسة الداخلية.وهذا المفهوم يرى أن العالم ليس بغابة، البقاء فيه للأقوى بل هناك أسس ومبادئ قانونية عالمية تحكم سلوك الدول وعلى الجميع مراعاتها عند تحديد مصالحه الوطنية. ومن أصحاب هذا المنظور من أسهم في وضع مواثيق المنظمات الدولية كعصبة الأمم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ووريثتها منظمة الأمم المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وبشكل عام تنم ممارسات المملكة المغربية في نطاق السياسة الخارجية عند تحديد مصالحها الوطنية عن تقدير بارز لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ الشرعية الدولية.كما يحترم المغرب باستمرار ميثاق جامعة الدول العربية،وكيف الكثير من مواقفه وسلوكه السياسي لينسجم مع قرارات المنظمات الدولية الإقليمية،وخاصة منظمة الأمم المتحدة التي يلتزم دائما بقراراتها المتعلقة بملف الصحراء.كما صادق المغرب على المعاهدات الدولية في مجالات حقوق الإنسان والبيئة ومكافحة الإرهاب وغيرها…
وكان المغفور له الحسن الثاني على وعي تام بأهمية موائمة مصالح المغرب بما يمكن أن يوصف بالمصالح العامة للبشرية وتحمل مسؤولية فعلية تجاه ذلك،وليس أدل على ذلك من مشاركة المغرب في قوات حفظ السلام الدولية (كوسوفو،البوسنة، الصومال،الكونغو..).

كما وظف المغرب الدبلوماسية لحل كثير من المشاكل التي تؤثر على مصالحه الحيوية والهامة لتعزيز هذه المصالح،وخاصة على الصعيدين الدولي والعربي. فقد نهج المغرب أسلوب التفاوض لاسترجاع سيادته على أراضيه المحتلة من طرف فرنسا منذ 1956 وإسبانيا سنة 1958 ولازال المغرب يرى في التفاوض أسلوبا ناجعا لاستكمال وحدته الترابية وتحسين علاقاته مع الجارة الجزائر واسترجاع الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وتأسيس دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وبتبوء جلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم في البلاد ركز المغرب على ما يمكن تسميته بالدبلوماسية التنموية.فمع أن مصالح المغرب الحيوية والأساسية لم تتغير من الناحية الفعلية فقد جرى إعادة ترتيبها في فترة العهد الجديد،حيث احتلت التنمية البشرية،ومعالجة المعضلة الاقتصادية الصعبة في البلاد المقام الأول في النشاط الدبلوماسي المغربي.ولتوفير فرص نجاح معقولة لهذه الدبلوماسية،لبلوغ غايتها هذه برز دور المنظور الأخلاقي العالمي مجددا في تحديد المصلحة المغربية،وإن كان ذلك ليس بدون عقبات كان على الدبلوماسية المغربية معالجتها والتغلب عليها،وقام المغرب بجهود مركزة في إطار مسلسل برشلونة والوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي،إلى جانب إبرام اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية واتفاق أكادير.
أما في المرحلتين الحالية والمقبلة فيمكن النظر إلى المصلحة الوطنية المغربية على النحو التالي:
1

–المصالح الأساسية: وتتمثل في حماية الثوابت الأساسية والجوهرية للبلاد وهي الإسلام والملكية وحماية الوحدة الترابية للبلاد وحدودها الإقليمية .

2-مصالح حيوية: وتشمل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة فوق ترابه الوطني وحل المشكلة الفلسطينية حلا عادلا على أساس الشرعية الدولية،بما فيذلك حل قضايا اللاجئين والقدس والمياه والاقتصاد.كما تشمل هذه اللائحة من المصالح تفعيل علاقات الأردن الهامة الإقليمية لحصوله على دور أساسي وفعال له في محيطه الجيوسياسي،وعدم قيام تحالف أو تجمع إقليمي أو قومي يكون المغرب خارجه،وكذلك تفعيل التضامن العربي وإحياء العمل العربي المشترك بصورة مؤثرة،وإنهاء الحصار المفروض على العراق.كل ذلك من أجل تحقيق الرفاه والتنمية الاقتصادية للمجتمع المغربي.

3-مصالح ثانوية: تشمل هذه القائمة من المصالح الوطنية تعزيز علاقات المغرب الخارجية بالدول الغربية،وفي الإقليم لتأمين الدعم السياسي والاقتصادي للمغرب،وخاصة تأمين الدعم المستمر للقوات المسلحة الملكية تدريبا وتسليحا،وفتح أسواق تجارية جديدة أما الصادرات المغربية، إيجاد أسواق لليد العاملة المغربية وخاصة في دول الخليج، وحل المشكلة العراقية بما في ذلك عدم تجزئة العراق وعدم قيام نظام في بغداد معاد لأهداف ميثاق جامعة الدول العربية،وكذلك تحقيق الاستقرار والتوازن الإقليمي،واكتساب التكنولوجيا المتقدمة.

4-أخيرا هناك مصالح وطنية مغربية متغيرة،وأخرى متفاوتة، وأخرى ضرورية،وغيرها آنية قد تنشأ،ويحددها صانعو القرار والنخبة والمؤسسات المعنية حسب تغير البيئة السياسية، وحسب توفر الخيارات أمام القيادة الملكية الرشيدة مثل تفعيل دور الأمم المتحدة، وتقديم الصورة الصحيحة للإسلام والمسلمين عالميا،وتحاشي الصدام بين الإسلام والغرب.

خاتمة:
هناك مصالح غير منظورة للمغرب تتمثل بما تتوقعه وتطمح إليه القيادة الملكية على صعيد الأوضاع الإقليمية والتوازن الإقليمي وعلاقات البلد بالدول الشقيقة والصديقة وعلاقات تلك الدول بعضها البعض لا يتسع المقام لتفصيلها، ولكنها تبقى هامة في تحديد تحركات الدبلوماسية المغربية اليومية. ويبقى السؤال الأساس هو كيف يتم تحديد المصلحة المغربية؟،وتحديد سلم يشمل أولويات تلك المصلحة،ومن أي منظور يمكن رؤية هذه المصلحة، وكيف يتم حمايتها،وعلى أي أساس يجري اختيار الوسيلة أو الوسائل المناسبة للدفاع عنها، وتحقيق الانسجام بين هذه المصالح وأهداف الأمة الأساسية، وكذلك وضع السياسات والبرامج لحماية تلك المصالح.
وفي الآونة الأخيرة وبعد الانفتاح الديمقراطي أخذ يبرز دور المؤسسات التشريعية (البرلمان) ومؤسسات المجتمع المدني في تحديد المصلحة الوطنية المغربية وإدارتها.كما أخذ يظهر دور الرأي العام،ومراكز البحث والدراسة في عملية بلورة مصالح الأردن الأساسية مما يستدعي نظرة جديدة ومنهجية لتحقيق التوافق الوطني وتفعيل الحوار المؤسسي بشأنها.

وأخيرا يبقى السؤال الأهم وهو عدم السماح لسيطرة الجانب المزاجي الفئوي على تحديد المصلحة الوطنية ووسائل خدمتها من سياسات وبرامج وخطط والعمل في هذا المجال على أساس مؤسسي انطلاقا من إجماع وطني واحترام لقواعد اللعبة الديمقراطية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *