Home»National»وطني بلا أسوار

وطني بلا أسوار

0
Shares
PinterestGoogle+

 السور جدار يحيط بالمدينة وما بداخلها من منازل، ومراكز هامة، وظيفته الدفاع عن المدينة وحمايتها من الغزاة، واللصوص ، ومن كل ما يتوقع منه شر … كما يحميها من الكوارث الطبيعية، كالفيضانات، والريح العاصفة، العاتية، المحملة بالغبار، والعقارب… وبناء الأسوار حول المدن، وخاصة المكشوفة منها، كتلك التي تقع في السهول، وعلى الشواطئ، ولا تتمتع بحماية طبيعية، يعتبر ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، عند الأمم القديمة. ولقد شكلت ظاهرة تاريخية ،عمت كل الحضارات القديمة . والواقع أنها استطاعت أن تلعب أدوارا مهمة، ورئيسة في حماية مراكز الحضارات، و كانت في وكثيرا من الأحيان السبب الرئيسي في إلحاق الهزيمة بالعدو ودحره.قد يصل علو السور، إلى ثنى عشر مترا، وربما يتجاوز ذلك. تعلوه أبراج ، وأماكن خاصة للمراقبة، يتناوب عليها الحراس ، ليل نهار. يعد سور الصين أشهر بناء، وأطوله، عرفه التاريخ . بني خصيصا لحماية الحدود الشمالية للصين من الغزاة . هذا النوع من الأسوار بدأ يعرف الخراب ،ويتعرض للهدم والاندثار، ولم تعد له قيمة، إلا القيمة الأثرية.لأن ظهور الآليات الحربية المدمرة، كالمدفعية، والدبابات والجارفات، والطائرات، والقنابل الذكية والكيماوية والنووية… أفقدت الأسوار دورها، ووظيفتها الأساسية، المتمثلة في حماية المدينة والدفاع عنها.
 وهذا ما أكدته وتؤكده يوميا ، الكمية الهائل من القنابل ،التي استخدمت في حرب العراق وأفغانستان وما خلفته من دمار ، فكان لا بد من التفكر في نوع جديد من الأسوار تقي الأنفس، والعرض، والمال، والمراكز المهمة، وتقلل من حجم الخسائر ، وتفوت نشوة النصر على المعتدي الظالم ،وتشككه في فعالية آليته الحربية ،وعلمه التكنولوجي .هذا النوع الجديد من الأسوار، الذي اهتدى إليه ألإخوة الفلسطينيون في غزة ،هو إستراتيجية الخنادق، والأنفاق ،التي اتبعتها حماس في حربها مع إسرائيل ، فأرغمتها على وقف إطلاق النار من جانب واحد ، الشيء الذي لم تفعله إسرائيل في تاريخها الحربي ، ثم الانسحاب دون أن تحقق أي هدف من الأهداف ،التي قامت من أجلها الحرب ، وأهمها إسقاط حكومة حماس ، مع أسر أو قتل رموزها ،وتدمير منصات الصواريخ ، أو على الأقل إسكاتها ، وإعادة الثقة إلى الجيش ورفع معنوياته ، بعد أن عرفت تدهورا كبيرا على يد حزب الله في حرب لبنان..إلا أن الأسوار الجديدة ، التي تضرب في باطن الأرض ، لم تمكن إسرائيل من مقاصدها ، وبالعكس كانت ناجحة جدا، وأبانت عن فعالية كبيرة في حماية البلاد والعباد من الدمار المحقق . إذ امتصت الضربات الموجعة ، وقللت من الخسائر في الأرواح والعتاد ، وأحدثت توازنا ، في الحرب بين المقاومة والجيش الإسرائيلي …
 صحيح أن العدو له قنابل تستطيع اختراق الخنادق والملاجئ المحصنة على عمق ثلاثين مترا أو يزيد تحت الأرض ،ولكن المغارات والكهوف والسراديب ،قد يصل عمقها إلى مئات الأمتار تحت طبقات الأرض ، كما هو الشأن بالنسبة لكهوف طورابورا في أفغانستان ، ومغارة فريواطو بمدينة تازة (بالمغرب)، التي يصل عمقها على حسب بعض الخبراء، إلى مائتين و واحد وسبعين مترا (271مترا) وتمتد على مساحة 2178 مترا ، ومغارة هرقل قرب مدينة طنجة حيث توجد بها سراديب يقال أنها تمتد إلى ثلاثين كيلو متر (30كلم) في جوف الأرض. هذا النوع من المغارات تعجز أقوى القنابل على اختراقه ، ويمكن أن يكون ملجئا آمنا للناس، ومخزنا للمؤونة ،والذخيرة ،والسلاح …وكهوف طورابورا تؤكد هذا الطرح . ووطني المغرب حباه الله بسلاسل من الجبال، أهمها سلسلة الأطلس و الريف. إلى جانب الجبال الصخرية الشامخة ،التي لا تكاد جهة من جهات المغرب ،أن تخلو منها ، والتي تتوفر على كهوف عميقة ، تصلح أن تكون أسوارا طبيعية من النوع الجديد ، أي أسوار تحت الأرض لا فوق الأرض . يمكن إصلاحها وتحصينها لاستغلالها كمخابئ في حالة العدوان لا قدر الله،أو مصانع لآلة الحرب، أو مخازن للمؤن في حالة السلم …وفي تقدير أن الأموال المخصصة للتنمية البشرية ، لو أنفقت على إقامة مدن تحت الأرض (نموذج غزة ) أو شق الأنفاق والكهوف ،التي تضرب في عمق الأرض، والتي يمكن استغلالها كممرات وطرقات تحت الأرض ، في الظروف العادية ، ومخابئ ، وملاجئ ، ومصانع لآلة الحرب ، ومراكز للأبحاث العلمية المرتبطة بصناعة أسلحة الدمار الشامل (نموذج فرنسا في جبال الألب )… في غير الظروف العادية، لكانت أهم وأنفع بكثير من تزيين واجهات المدن.إن بناء الأسوار تحت الأرض أهم وأجدى، من ترميم الأسوار فوق الأرض، فلنختر لأنفسنا الأسوار التي تحمي أرضنا، وتطعم أهلنا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *