Home»Enseignement»الوضعية الحالية لجودة التعليم

الوضعية الحالية لجودة التعليم

0
Shares
PinterestGoogle+

مفهوم الجودة مصطلح عام ينطبق على كل منتوج مادي جيد ، متقن الصنعة ، خال من العيوب والنقائص، يستجيب لحاجيات المقتني بدون أي صعوبة . كما ينطبق على المنتوج الفكري إذا كان واضحا ، بينا ، سهل الاستيعاب ، خال من التناقضات العقلية والمنطقية ، ،والمغالطات الفكرية ، منسجما مع الأهداف السامية للمجتمع ، لا يدس بين طياته على المتعلمين ، ما يتعارض مع دينهم ، وأخلاقهم ، وثقافتهم، وأعرافهم …بل يبذل لهم النصيحة ، ويوجههم ويرشدهم إلى طريق الخير، ويحثهم عليه ،عملا بقوله صلى الله عليه وسلم :[الدين النصيحة ثلاثا . قلنا لمن يا رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ]( أخرجه مسلم) .وابن منظور يعرف الجودة في لسان العرب بقوله : [جود : الجيد نقيض الرديئ …وجاد جودة وأجاد : أتى بالجيد من القول والفعل. ] (الجزء الثالث ص 135)أما المهندس الأمريكي إدوارد ديمنج المعروف بالأب الروحي لجودة الإنتاج ورقابتها، وصاحب دائرة ديمنج : ( خطط – نفذ – أفصح – تصرف ) فقد عرف الجودة بقوله : (إن الجودة هي تحقيق احتياجات وتوقعات المستفيد حاضرا ومستقبلا . )وفي الإسلام يعتبر إتقان العمل وإجادته، واجبا شرعيا، وضرورة اجتماعية، تنموية، على أساسه تستقيم الحياة، وتتقدم الأمة، ويعم الرخاء… لقوله تعالى:{ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.}( سورة الملك آية 2) وقوله :{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون }وقوله :{ إن أحسنتموا أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } (سورة الإسراء آية 7 ) .إن أي عمل خالطه شيء ما، رديء ،أو فاسد ، فهو مغشوش .

والغش محرم في ديننا الحنيف بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المروي عن مسلم :{ مر النبي صلى الله عليه وسلم ،على صبرة طعام فادخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال أصابته السماء يا رسول الله . قال : »أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غش فليس منا ، وفي رواية من غشنا فليس منا ، وفي رواية ثالثة ليس منا من غشنا }(رواه مسلم) . على هذا الأساس يكون الذي يغش في البناء ليس منا ،والذي يغش في الإنتاج المادي، والصناعي ليس منا ،والذي يغش في التعليم والتربية ليس منا ،والذي يغش في المراقبة ليس منا ،والذي يغش في الامتحان ليس منا ، والذي يغش في النصيحة ليس منا … إن مفهوم الجودة مفهوم اقتصادي بالأساس ،حاول القائمون على التربية والتعليم من أصحاب القرار، إسقاط مبادئه التي وضعها ديمنج، على التربية والتعليم ،أملا في الرفع من مستوى التعليم ونوعيته .واستجابة لرغبات الشركات ،وحاجيات سوق الشغل . ولقد خصص الميثاق الوطني ، جزءا هاما للحديث عن الجودة ، وعن المنتوج المدرسي الجيد ، باعتباره انطلاقة ضرورية للتنمية .الشيء الذي أدى إلى تشييء التربية والتعليم ، وتجريده من القيم الروحية والإنسانية ، والأخلاق السامية ، وساهم في إذكاء ظاهرة العنف، وانتشارها بين التلاميذ .وجعل من المعرفة مجرد بضاعة أو سلعة ، خاضعة لمتطلبات السوق ،ولقانون العرض والطلب ، يستخدمها المستفيد من اجل تحقيق منفعة يبتغيها .إ

ن سياسة ربط التربية والتعليم بالمنفعة المادية ، حتم على الوزارة فتح ورشين من أهم أوراشها الإصلاحية ، لمراجعة البرامج والمناهج، وإصلاح الكتاب المدرسي في بداية الموسم الدراسي 2001- 2000وفق ما يتطلبه مبدأ الجودة . فكانت النتيجة : إحداث مواد جديدة كالمواطنة ، والديمقراطية ،وحقوق الإنسان، واللهجة الأمازيغية ، والإعلاميات ، وتدريس مادة الفلسفة في جميع المستويات، دون مراعاة البنية التحتية الضرورية ، من قاعات خاصة بالإعلاميات ،مجهزة بالأعداد الكافية من الحواسب ،والأساتذة المختصين في الإعلاميات ،والأمازيغية ، والفلسفة ، والقانون …( في كثير من الأحيان يستنجد التعليم الثانوي التأهيلي ، بأساتذة التعليم الابتدائي ،أو الثانوي الإعدادي ، في تدريس بعض المواد ، كاللغة الفرنسية ، والإنجليزية ، والرياضيات، والفلسفة … دون أي تكوين أساسي أو مستمر. وتجدر الإشارة، إلى أن هذه المواد أقحمت في المقررات استجابة لرؤية سياسية، أو لضغط سياسي داخلي أو خارجي، وليس بهدف تحسين الجودة، أو الرفع من مستوى التعليم. إن كثرة المواد، وعدم توافقها مع مستوى التلاميذ، وسنهم أحيانا، مع طول المقر، إلى جانب كثرة الواجبات المنزلية، التي يكون ضحيتها الآباء. فقد يذهب الطفل لينام، ويقضي الأب وقتا طويلا لينجز له التمارين التي سيحظرها للأستاذ في الغد دون فهم أو استفادة. إلى جانب عدم التوظيف الأمثل للمناهج البيداغوجية ، لعدم استيعابها من طرف الأساتذة ،نظرا لعدم اعتمادها لمدة طويلة . فما إن يستأنس الأستاذ بمنهجية معية ، حتى تأتي مذكرات جديدة ، تطلب منه اعتماد منهجية جديدة . فمن البيداغوجيا التي تتمحور حول سلطة الأستاذ والإلقاء، إلى طريقة الحوار ، إلى التدريس بالأهداف ، إلى منهجية الكفايات ، واليوم بدأ الحديث عن التعلم عن طريق التدبير بالنتائج ، وبداغوجيا الإدماج ، والمقاربة التفا رقية … هذا التراكم الكمي الهائل من التجارب عن طريق المحاولة والخطأ، والتعديلات الفاشلة للمناهج، ومحاولة التوفيق بينها أحيانا، ولد صعوبات، عرقلت تحسين مستوى التعليم، وطرحت علامة استفهام وشك، حول إمكانية تحقيق الجودة التعليمية، والارتقاء بها . أما بالنسبة لإصلاح الكتاب المدرسي، فأهم ما ميزه، هو التعددية على مستوى الكتاب، والمنهجية التربوية. وهذا يتعارض مع القدرة الشرائية للتلاميذ ،ويشجع على الهدر المدرسي بنوعيه : الانقطاع ،والغياب .

كما أن الآباء، غالبا ما يرفضون اقتناء أكثر من كتاب واحد، لتعودهم على سيطرة الكتاب الوحيد. (تجدهم يرددون باستمرار، نحن في زماننا كان الإخوة، والأقارب، وأبناء الجيران… يتوارثون كتاب بوكماخ ، جيلا بعد جيل ،ومع ذلك كان مستوانا ممتازا وجيدا . بلوحة أردوازية ، ودفتر واحد ، حققنا ما عجزت عنه ترسانة الكتب والدفاتر والأدوات … ) وأشير هنا إلى أن مؤسسة محمد الخامس، وبعض الجمعيات، إلى جانب بعض المحسنين. آزروا التلاميذ المعوزين في إطار مليون محفظة.لموسم 2008/2009 . وإن كان بعض التلاميذ، لم يتوصلوا إلا بمحافظ رديئة و فارغة من الكتب والأدوات.إن إصلاح الكتاب المدرسي، اصطدم كذلك مع التنافس الشرس ، بين المؤلفين والناشرين ،من أجل الربح المادي السريع ، وكثرة الأخطاء،واختلاف المصطلحات والمفاهيم ، والطرق والمناهج التربوية ،و النصوص الغير ملائمة لثقافة وواقع التلميذ ، مع تعارضها مع قيمه الاجتماعية ،خاصة في اللغة الفرنسية والإسبانية ، والفلسفة ، وحقوق الإنسان،والطفل ،والمرأة ،والأسرة … التي أوصى بها مؤتمر بكين ، والقاهرة ،و نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية ،وصادق عليها المغرب . زيادة على الضعف في المستوى الديدكتيكي لدى بعض المؤلفين وجهلهم بالمستجدات التربوية ،و سيطرة فكرة الربح ، والمنفعة المادية على الناشرين ، والتشدق بحب الوطن ،وإن كانت المواطنة ،لا تعني عند الكثيرين منهم ، سوى البطاقة الوطنية ، أو جواز السفر، أو حق الانتخاب والترشح . أما التضحية والمشاركة في تنشيط الحياة الاجتماعية فلا . إلى جانب كل ما سبق ذكره من الأسباب، التي تعترض الرفع من مستوى الجودة هناك غياب للرؤية الفلسفية الشاملة ، لله ، وللإنسان ،والكون ،والتي تتبنى فكرا تربويا، يستجيب لخصوصيات وحاجيات تلامذتنا، انطلاقا من مقوماتنا الدينية ،والثقافية ، والاجتماعية ،والإنسانية

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Ahmed
    26/03/2009 at 13:14

    موضوع ممتاز ولكن لا حياة لمن تنادي فهم في واد وحاجيات ومتطلبات هذا البلد في واد آخر

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *