Home»National»شبكة تقييم الأداء المهني للمدرس الخاصة بالمفتش : أسئلة التطبيق بين المنطق والمنطوق

شبكة تقييم الأداء المهني للمدرس الخاصة بالمفتش : أسئلة التطبيق بين المنطق والمنطوق

1
Shares
PinterestGoogle+

شبكة الأداء المهني للمدرس الخاصة بالمفتش :
أسئلة التطبيق بين المنطق والمنطوق

أثارت شبكات الملاحظة التي طرحت للتنفيذ ، في سياق تطبيق معايير جديدة للتنقيط والترقية من أجل تقييم الأداء المهني لموظفي قطاع التعليم المدرسي ، جدلا واسعا في صفوف المعنيين مقيمين (بتشديد الراء وكسرها ) كانوا أو مقيمين (بتشديد وفتح الياء ) . يدل هذا الجدل على أن ثمة أسئلة أولية تحتاج إلى أجوبة واضحة ومحددة وأن ثمة غموضا لم تتمكن لا المذكرة رقم 04 الصادرة بتاريخ 12 يناير 2009 ولا الدليل المرفق بها من طرده وتبديده . الآن ، وبعد تعليق الاشتغال بهذه الشبكات خلال الموسم الدراسي الحالي ، فإن الفرصة تبدو ، في اعتقادنا ، ملائمة لتعميق التصور حول مضامينها وشروط وكيفية تطبيقها . يمكن أن نميز بين ما يمكن أن نسميه أسئلة المشروعية ، أي مشروعية وجود هذه الشبكات أصلا ، وما يمكن أن يوصف بأسئلة التنفيذ والتطبيق في الميدان . سينصب اهتمامنا في هذا المقال ، على الشبكة الخاصة بالمفتش دون غيرها ، على اعتبار أنها ، ربما ، الشبكة الأكثر إثارة لأسئلة التنفيذ والتطبيق .

كما أننا سنتوقف عند هذا النمط من الأسئلة لما يثيره الاشتغال الميداني بهذه الشبكة من اختلاف في الفهم والتصور مقارنة بأسئلة السياق والأهداف والمشروعية .
لا أحد ينكر القيمة والأهمية المنهجيتين للشبكات في ملاحظة الأداء المهني للمدرس وتقييمه . فمما لا شك فيه أن الشبكة ، كأداة ، تجعل الملاحظة مجهزة équipée مما يساعد على التحرر من التلقائية والاعتباطية والاتصاف بالموضوعية في إصدار القرارات . ولا أحد يمكن أن يجادل في ضرورة التأسيس العلمي الموضوعي ، ما أمكن ، لتقويم الأداء المهني في الوظيفة العمومية وفي اعتماد نتائج هذا التقييم واستثمارها في تدبير الموارد البشرية ، مع أن بعض الممارسات في إسناد المهام ومناصب المسؤولية تخرج أحيانا عن هذه المنهجية لتتسم بنوع من المباغتة كما حدث في تعيينات سابقة على رأس نيابات وأكاديميات . غير أن ما تستدعيه أسئلة تنفيذ شبكة التقييم الخاصة بالمفتش في تقييم أداء المدرس من أجوبة ليست بديهية وواضحة بذاتها كما هو الحال بالنسبة لأسئلة المشروعية وأجوبتها . ولعل هذا ما أدى بأحد الزملاء المفتشين في أحد اللقاءات التواصلية حول هذا الموضوع إلى المناداة بضرورة إمداد المفتشين بنوع من  » كيفية الإستعمال  » mode d’emploi  » خاص بهذه الشبكة .
يتعلق السؤال الأول ، إذن ، من أسئلة تنفيذ هذه الشبكة بزمن التطبيق والاستعمال :

متى يكون المفتش ملزما باستعمال هذه الشبكة : بمناسبة الترقيات فحسب أي عندما يزور أستاذا مرشحا لترقية ، كما يمكن أن نستشف من مرجعيات تشريعية حول تنقيط وتقييم موظفي الإدارات العمومية ، أم في كل زيارة ينجزها لأي أستاذ ؟ لم يستقر الفهم والقراءة لمنطوق المذكرة رقم 04 حول موضوع  » دليل تقييم الأداء المهني لموظفي قطاع التعليم المدرسي  » والدليل المرفق بها على رأي وحيد . ويبدو أننا ، لكي نجيب إجابة معقولة عن هذا السؤال ، في غياب جواب رسمي واضح ، نحتاج ، ليس إلى قراءة المنطوق والمكتوب في المذكرة والدليل فقط ، بل وإلى نوع من مراعاة منطق الأشياء أيضا . إن الناظر إلى المكتوب في رأس الشبكة في الصفحة 33 من الدليل المذكور وما يتضمنه من معطيات حول : تاريخ الزيارة ، الدرس ، القسم ، عدد التلاميذ … وإلى الجملة الأخيرة في المذكرة القائلة  » ويعمل بهذه المذكرة ابتداء من تارخه وتنسخ بموجبها جميع المذكرات الصادرة من قبل في موضوع التنقيط وتقييم الأداء المهني لموظفي وزارة التربية الوطنية  » ، يستنتج أن المطلوب هو تطبيق الشبكة في كل زيارة صفية . لكن هل هذا معقول منطقيا ؟ عمليا ، يصعب تطبيق الشبكة بمعاييرها الخمسة ومؤشراتها البالغ عددها 55 مؤشرا يضاف إليها ثلاث مساحات خاصة على التوالي ب  » ملاحظات أخرى مبينة في ملف الأستاذ صادرة عن الإدارة  » و  » اقتراحات لمساعدة الأستاذ على تحسين مردوديته  » و  » رأي الأستاذ وملاحظاته حول نتائج التقييم  » . كم من الوقت يحتاج المفتش والمدرس ، بعد ملاحظة إنجاز المدرس للدرس ، لمناقشة هذه المؤشرات كلها والملاحظات الأخرى خاصة إذا علمنا الكثير من هذه المؤشرات ليس من السهل قياسها ولا يوجد ما يضبط بدقة تنقيطها بعلامة كاملة أو نصفها أو أقل من ذلك ؟ مما قد يجعل زمن المناقشة أطول مما نتصور . يجب ألا يغرب عن البال أن هذا الوقت سيقتطع من الزمن المتاح لإنجاز البرامج والمقررات وهو حق ونصيب للتلميذ والذي يقول عنه المدرسون إنه غير كاف لإتمام إنجاز هذه البرامج والمقررات . ثم ، إذا كان المطلوب تطبيق الشبكة في كل زيارة وإذا علمنا أن هذا التطبيق يعني أوتوماتيكيا التنقيط ، ففيم ستفيد النقطة أستاذا متدربا لم يرسم بعد ؟ ألا نكون ، في هذه الحالة أمام هدر للوقت والجهد بدون فائدة ؟ والحال أن المدرس هنا في حاجة أكثر إلى تقرير زيارة يتضمن تغذية راجعة من شأنها أن تساعده على تطوير أدائه المهني وممارسته داخل الفصل الدراسي .

يقتضي المنطق إذن أن نفهم أن تطبيق شبكة المفتش يقع في حالات الترقية وأن منطوق المذكرة القائل  » وتنسخ بموجبها ( أي بموجب هذه المذكرة ) جميع المذكرات الصادرة من قبل في موضوع التنقيط وتقييم الأداء المهني لموظفي وزارة التربية الوطنية  » لا يعني بالضرورة إلغاء تقارير التفتيش . لأن السياق العام بالنسبة لهذه المذكرة هو التنقيط والتقييم أما عمل التفتيش وما ينتجه من تقارير فلا يعقل ، برأينا ، أن يختزل في التنقيط فقط . وإذا كان الإشكال الذي أنزل الشبكة هو إشكال التنقيط والتقييم و الترقية ، فإن الترقية بالنسبة للمدرس ليست سنوية كما أن تنقيط المدرس من طرف المفتش لا يتم بالضرورة كل سنة كما هو حال تنقيطه من طرف مدير المؤسسة . فالفرق كائن إذن بين التنقيط التربوي والتنقيط الإداري ولا بد من أخذه بالاعتبار حرصا على تفادي التداخل والخلط .
إذا اقتنعنا بهذه الإجابة عن سؤال التنفيذ الأول ، ينتصب أمامنا سؤال موالي يتعلق بالطابع التراكمي لمعايير الشبكة الخمسة ومؤشراتها . منطقيا ، يستحيل حضور كل المؤشرات المستعرضة في الشبكة في حصة واحدة . من هنا نتساءل : هل المطلوب قياس وتنقيط مدى حضور كل المؤشرات في حصة واحدة أم الاقتصار فقط على ملاحظة وقياس مؤشرات محددة مستهدفة في كل زيارة على نحو تراكمي وصولا إلى التقييم الشامل وترجمته إلى نقطة قابلة للاستثمار أثناء الترقية ؟ لماذا لا يكون التعامل مع مؤشرات الشبكة على قاعدة التلاؤم مع خصوصية كل مادة دراسية ؟ فالظاهر أن مؤشرات الشبكة ، الكثيرة من حيث العدد ، ليست كلها صالحة لقياس الجودة في كل المواد والمجالات والتخصصات . فمؤشر إعمال المنهج التجريبي في الدرس ، على سبيل المثال ، غير مطلوب في كل المواد الدراسية ، والمؤشرات الملائمة لبعض المواد الدراسية كالتربية البدنية والفنية والأسرية ، غير حاضرة بالكفاية اللازمة في الشبكة .

إلا أن هذه ملاحظات تتعلق بالتفاصيل وتقتضي منا وقفات خاصة .
حسبنا الآن أن نستمر في طرح التساؤلات بهدف الدعوة إلى التفكير في بلورة الصيغة الأفيد والأسلم لاستعمال هذه الشبكة ، خاصة وان تعليق الاشتغال بها إلى حين ، من طرف الوزارة ، قد يكون فرصة مناسبة كما أشرنا ، ليس فقط لتلمس الإجابات الملائمة عما تثيره من تساؤلات وملاحظات بهدف التدارك والتجاوز والتحسين ، وإنما أيضا لمزيد من التفكير في المعايير الخمسة المعتمدة في التقييم من أجل تكييف المؤشرات مع المهام ومع المواد الدراسية . إن الملاحظة بالشبكة ليست أمرا جديدا بالنسبة لجهاز التفتيش ، فالإستئناس بشبكات ملاحظة الدرس مسألة معتادة بالنسبة للمفتشين . إلا أن مقتضيات الاستئناس مختلفة عن مقتضيات التطبيق الحرفي . كما أن الشبكات المستأنس بها من طرف المفتشين تبدو أقرب إلى الوظيفية من شبكات الدليل الحالي لسببين على الأقل هما : الملاءمة و الاقتصاد في المؤشرات . هي ملائمة لأنها تعتمد معايير ومؤشرات خاصة بكل مادة من المواد الدراسية وقابلة للملاحظة والقياس .

فهي تأخذ في الاعتبار ليس الأداء المهني للمدرس فحسب ، كما هو الشأن بالنسبة للشبكة المتضمنة في دليل التقييم الحالي ، بل تراعي أيضا خصوصية كل مادة دراسية . وهي مقتصدة في المؤشرات لأنها تركز على المفاصل واللحظات الأساسية في الإنجاز مما يجعلها ، كأداة للملاحظة والقياس ، عملية ووظيفية ، تفي بالغرض دون الاستغراق في التفاصيل .
ننتهي إذن إلى خلاصة أساسية هي أننا لسنا في حاجة إلى اختراع العجلة كما يقال . فالعجلات موجودة وبكثرة ، نحن في حاجة ، ربما ، إلى ضبط دوران بعض العجلات . نقول هذا لأنه إذا كانت  » الإدارات العمومية تمنح جل موظفيها ، وبكل سخاء ، أعلى نقطة متاحة … » كما جاء في تقديم  » دليل تقييم الأداء المهني  » لمديرية الموارد البشرية بقطاع التعليم المدرسي وإن كانت هذه الملاحظة لا تنسحب أوتوماتيكيا على عمل التقويم والتنقيط الموكول لجهاز التفتيش بدليل عدد القضايا المثارة داخليا حول هذا الموضوع بل والمرفوعة أيضا إلى المحاكم الإدارية ، فإن السؤال هو : إلى أي حد سيتيح استعمال الشبكات في تقويم الأداء المهني للموظف إحداث التغيير المنشود ؟ بعبارة أخرى هل التقييم بالشبكة وحده ضمانة كافية لتجاوز ثغرات الممارسة الحالية في تقييم أداء الموظف العمومي ؟ 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. ملاحظ مهتم ومعني
    13/03/2009 at 22:18

    من المفروض أن تعمل الأطراف المعنية بتطوير أساليب تقييم الأداء المهني للموظفين على استخلاص الخلاصات والنتائج من كل المقالات التي كتبت حول هذه الشبكات .والأطراف هي بالدرجة الأولى الوزارة الوصية والنقابات من أجل أخذها بعن الاعتبار في المستقبل .

  2. إطار إداري
    21/03/2009 at 15:00

    نتمنى هذه المرة أن تفكر الوزارة جيدا في مسألة من يقوم من ؟ فهل يعقل مثلا أن يقيم رؤساء مصالح في النيابة أطرا إدارية تعمل مع رئيس مباشر هو المدير ؟ثم ألا يحتاج هؤلاء أيضا إلى تقييم ؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *